شهدت دار الأوبرا أول من أمس عودة احتفالية «أم كلثوم» بعد أن توقفت شهورا طويلة بسبب الأحداث التى شهدتها القاهرة مؤخرا، وكانت فكرة استعادة روح حفلات أم كلثوم بما فيها من ذكريات وشجن، بأصوات جديدة وتوزيعات موسيقية متنوعة هى واحدة من أفكار مديرة الأوبرا الدكتورة إيناس عبد الدايم من خلال سعيها لاكتشاف المزيد من كنوز الأصوات المصرية، وإحياء التراث الموسيقى وتقديمه فى صورة جدية للأجيال الشابة، وقد قدمت عددا من الحفلات الناجحة قبل أن تمتد أصابع حكم الإخوان وتحاول إطفاء أنوار هذه الدار العتيقة، وشهد الحفل تطورا عن الحفلات السابقة، فلم يعد الغناء فيه مقصورا على مطربة واحدة، فأغنيات أم كلثوم تمثل عبئا على حنجرة أى مطربة، فما بالك إذا كان الحفل يضم أربع روائع لها وألحانها الثقيلة العيار، لذا اشترك فى تقديم الحفل أربعة من الأصوات الشابة دفعة واحدة، غنت المطربة غادة آدم أغنية «بعيد عنك» من كلمات مأمون الشناوى وألحان بليغ حمدى، وهى إحدى مطربات فرقة سليم سحاب، واقترب غناؤها من حنجرة أم كلثوم بما فيه من مساحة عريضة، وتعدّ هذه الأغنية واحدة من 11 غنية لحنها بليغ حمدى لأم كلثوم وجعلته يحتل المرتبة الثانية بين ملحنيها بعد رياض السنباطى، وقامت إيمان عبد الغنى بأداء أغنية «هجرتك» من ألحان رياض السنباطى، وأجادت تجسيد جو اللوعة والأسى الذى يسود الأغنية، وقامت ريم كمال بأداء أغنية «جددت حبك ليه؟» من تأليف أحمد رامى الذى كتب معظم أغانى أم كلثوم، وخسرته العربية شاعرا فصيحا، وكسبته الأغنية المصرية مؤلفا رومنسيًّا حزينا يعشق دون طائل، أما مفاجأة الحفل فكانت المطرية الشابة «حسناء» التى غنت رائعة إبراهيم ناجى «الأطلال»، وهى أيضا من اكتشاف سليم سحاب، وهو الذى صعّدها من كورال الأطفال إلى عالم الغناء المنفرد، وشدَت هذه الأغنية الصعبة بنوع من التفرد والطرب وأكسبتها مسحة من روحها الشابة، كأنها تغنى للمرة الأولى، وقد قاطعها حضور الحفل بالتصفيق أكثر من مرة ونهضوا واقفين فى نهاية الأغنية، أربع مواهب أعادت الشباب إلى ذلك التراث الجميل، كأن أم كلثوم قد عادت إلى الحياة من جديد لتقف على مسرح «الأزبكية» وتبدأ مشوارها الفنى.