جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب    مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به    رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام    وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين    تعاون مشترك بين الهيئة العربية وXGY الصينية في تصنيع الرنين المغناطيسي    مصر تدشن مشروعًا وطنيًا لتصنيع أكياس وقرب الدم بالشراكة مع اليابان.. استثمارات ب1.4 مليار جنيه في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    طفل مصري يحصد المركز الأول عالميًا في تكنولوجيا المعلومات ويتأهل لمنافسات الابتكار بأمريكا    الصحفيون المصريون يتوافدون فى يوم عرسهم لإجراء انتخابات التجديد النصفى    كامل الوزير عن أزمة بلبن: تلقيت توجيهات من الرئيس السيسي بحل المشكلة بسرعة    كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا    كامل الوزير: 2700 قطعة أرض صناعية خُصصت عبر المنصة الرقمية.. وأصدرنا 1439 رخصة بناء    الرئيس السيسي يشهد احتفالية عيد العمال بالسويس    وزير الإسكان يتابع تنفيذ المشروعات التنموية بمدينة السويس الجديدة    قفزة مفاجئة في أسعار الذهب اليوم في مصر: شوف وصل كام    روسيا تحث أوبك+ على المساهمة بشكل متكافئ في توازن العرض والطلب    النواب عن تعديلات الإيجار القديم: مش هنطرد حد من الشقة والورثة يشوفوا شقة بره    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    السيسي يوجه الحكومة بالانتهاء من إعداد مشروع قانون العمالة المنزلية    حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا    سوريا: قصف الاحتلال الإسرائيلي للقصر الرئاسي تصعيد خطير وسعي لزعزعة استقرار البلاد    مصر : السياسات الإسرائيلية تستهدف تقويض الوضع الإنساني بغزة وتؤجج الوضع الإقليمي    ترامب لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي لفترة قصيرة في أمريكا    رئيس الوزراء يُشارك في حفل تنصيب الرئيس الجابوني بريس نجيما    مكتب نتنياهو: لم نرفض المقترح المصري بشأن غزة وحماس هي العقبة    تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة    الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف    إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو    نادي الهلال السعودي يقيل مدربه البرتغالي.. ويكشف عن بديله المؤقت    رسميًا.. الأهلي السعودي بطلًا لدوري أبطال آسيا    الإسماعيلي يطالب بإعادة مباراة سموحة وسماع تسجيل الفار    بورنموث يحقق مفاجأة بالفوز على آرسنال بهدفين    مصر تحصد 11 ميدالية في البطولة الأفريقية للسباحة بالقاهرة    طقس اليوم الأحد.. موجة أمطار تضرب القاهرة وباقي المحافظات    الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير    «إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية    مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان    ضبط 39.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الأرصاد الجوية تحذر: أجواء شتوية وأمطار رعدية حتى الأحد    توجيه وزاري باتخاذ الإجراءات العاجلة لاحتواء تلوث بترولي قرب مدينة أبورديس    سبب حريق الأتوبيس الترددي علي الطريق الدائري| المعاينة الأولية تكشف    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : ردا على غارات تزوير عبدالناصر    كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه    50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو    تامر حسني ينعى المنتج الراحل وليد مصطفى برسالة مؤثرة على إنستجرام    الرئيس السيسي يتابع مستجدات مشروع تطوير محطة «الزهراء» للخيول العربية    كشف أثري جديد عن بقايا تحصينات عسكرية ووحدات سكنية للجنود بسيناء    ابجد ..بقلم : صالح علي الجبري    قصة قصيرة بعنوان / صابر..بقلم : محمد علي ابراهيم الجبير    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    أزهري يكشف: ثلاثة أماكن في المنزل تسكنها الشياطين.. فاحذر منها    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : هيّا معا نفر إلى الله ?!    "ماتت من كنا نكرمك لأجلها".. انتبه لخطأ كبير في هذه العبارة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المعركة لازالت مستمرة?!    رسميًا| خالد البلشي نقيب للصحفيين لفترة ثانية والمسلماني يهنئ    عاجل| موعد امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 في الجيزة    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2000 أستاذ يديرون معركة الإخوان في الجامعات
نشر في الدستور الأصلي يوم 23 - 10 - 2013

5 رؤساء جامعات وعشرات النواب والعمداء ووكلاء الكليات ورؤساء الأقسام كلهم من الإخوان.. ورغم ذلك تصر جماعة الإخوان المسلمين على ترويج أكذوبة اضطهاد أعضائها وحرمانهم من التعيين فى الجامعات على مدى العقود الخمسة الماضية.

الأحداث الأخيرة كشفت أسباب رهان الإخوان على الجامعات لإعادة ضخ دماء الحياة إلى شرايين الجماعة التى توفيت إكلينيكا يوم أن طارد المصريون أعضاءها فى الشوارع وحظروها شعبيا بعد أن ظلت محظورة قضائيا لعقود، مستغلين فى ذلك أن معظم قيادات الجماعة البارزة من المحسوبين على هيئات أعضاء التدريس الجامعية، بدءا من مرشد عام الجماعة، ومرورا بأبرز قياداتها مثل الدكتور رشاد البيومى والدكتور محمود عزت والدكتور محمد البلتاجى والدكتور محمد على بشر والدكتور صلاح سلطان وغيرهم. معركة الإخوان الأخيرة التى جندت لها كل طاقاتها لإشعال الجامعات المصرية أوضحت حجم التغلغل الكبير للجماعة وسط هيئات التدريس ودورهم فى تجنيد طلاب الجامعات.

التبرعات التى كان يتم جمعها بشكل يومى داخل الجامعات تحت مسمى لجان الإغاثة كان يصب معظمها للتخديم على أنشطة الجماعة خارج مصر

تركيز الإخوان انصب على كليات التربية والطب والهندسة والصيدلة والتى تحولت إلى كليات لتفريخ أعضاء جدد للجماعة

تقدير قوة الإخوان فى الجامعات تصل إلى 2000 عضو تدريس بخلاف الآلاف من أعضاء هيئات التدريس المعاونة من درجتى المدرس المساعد والمعيد حسبما يؤكد الدكتور عبد الله سرور وكيل مؤسسى نقابة أعضاء هيئة تدريس الجامعات، الذى أعد دراسة مهمة عن تغلغل الإخوان داخل نوادى هيئات التدريس الجامعية ورصد أساليبهم للسيطرة عليها فى ذات الوقت الذى كانوا يطلقون فيه مزاعم اضطهادهم وحرمانهم من حق التعيين فى سلك أعضاء هيئة التدريس بما يطرح تساؤلا مهما كيف وصل كل هؤلاء إلى مناصبهم الأكاديمية إذا كانت التقارير الأمنية قد وقفت ضد تعيينهم؟ وكيف نجحوا فى السيطرة على مناطق نفوذ مهمة داخل الجامعات وأنشؤوا تكتلاتهم داخل المجتمع الجامعى، بل وكونوا شبكة علاقات واسعة ساعدتهم على تنمية البزنس الخاص بهم خارج الجامعة كما هو الحال فى سلسلة المكاتب الاستشارية الهندسية التى أسسها أساتذة الجماعة فى كليات الهندسة وسلسلة العيادات والصيدليات التى يمتلكها التنظيم ويديرها أعضاء التدريس الإخوان؟

كما يقول الدكتور عبد الله سرور: «هناك عوامل لعبت دورا رئيسيا فى تغلغل الإخوان داخل الجامعات منذ نهاية الستينيات أهمها تقديم أنفسهم كبديل وحيد لوقف المد اليسارى داخل الجامعات ونجاحهم فى إقناع الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإخراجهم من السجون وإعادتهم إلى وظائفهم الجامعية وتعويضهم ماديا عن فترات حبسهم»، مشيرا إلى أن بديع وعزت كانا من بين رعيل الجماعة الأول الذى استفاد من تلك الصفقة مع النظام التى نسقت خلالها الجماعة بشكل كامل مع الأجهزة الأمنية والسيادية داخل الجامعات بما مهد بعد ذلك لسيطرتهم على النقابات ونوادى أعضاء هيئات التدريس تحت بصر ورعاية الأجهزة الأمنية التى باركت تلك الصفقات مقابل خدمات الجماعة داخل الجامعات.

فكر الصفقات الدائمة والتنسيق المستمر بين أساتذة الإخوان والجهات الأمنية فى عهد مبارك لم يعدا سرا كما يؤكد الدكتور مغاورى دياب، رئيس جامعة المنوفية الأسبق، الذى يحكى تجربته الخاصة مع الإخوان فى أثناء رئاسته للجامعة، قائلا «كانت هناك سياسة خاصة من أمن الدولة تجاه الإخوان، وكان هناك تنسيق فى كثير من الأوقات ولم يتم الضغط عليهم أو التضييق على أنشطتهم ونفوذهم الجامعى وبخاصة فى نوادى التدريس إلا فى فترات محدودة وحالات معينة»، مشيرا إلى أن كل ذلك كان يحدث بعيدا عن إدارات الجامعات، وأن طريقة تعامل رؤساء الجامعات مع ذلك اختلف من جامعة إلى أخرى.

رئيس الجامعة الأسبق لم يستبعد استمرار التنسيق والتواصل حاليا بين نفس الأجهزة والإخوان قائلا: «كنا نلحظ كرؤساء جامعات صفقاتهم مع الأجهزة الأمنية، وكنا نعتبره نوعا من المواءمة السياسية التى تتطلبها ظروف كل مرحلة، وأعتقد أن تلك المواءمات السياسية ما زالت مستمرة، مستدلا على ذلك بالتواصل مع بعض القيادات الإخوانية من أمثال الدكتور محمد على بشر والدكتور عمرو دراج وعدم تفعيل القانون فى ما يخص موقف عدد كبير من أساتذة الإخوان المنقطعين عن العمل دون أسباب منذ فض اعتصام رابعة العدوية.

دياب أوضح أن الملاحظات الأمنية التى كانت تكتب حول المرشحين للتعيين فى سلك أعضاء هيئات التدريس والهيئات المعاونة لهم كانت مجرد توصيات غير ملزمة، وكان يتم التعامل مع ذلك وفقا لموقف وشخصية رئيس كل جامعة، لافتا إلى أنه وافق خلال فترة رئاسته للجامعة على تعيين المئات من المعيدين وأعضاء التدريس المحسوبين على جماعة الإخوان رغم الملاحظات الأمنية، مستطردا: إن من كان يطلق عليهم خلايا إخوانية نائمة كانوا معروفين للجهات الأمنية بالاسم، ورغم ذلك لم تمانع أى جهة فى معظم الحالات أو تقف لمنع تعيينهم.

واقعة النزاع الشهيرة بين رئيس جامعة بنى سويف الأسبق الدكتور أحمد رفعت والدكتور حمدى زهران عضو مجلس الشعب عن جماعة الإخوان المسلمين من أبرز الأدلة على تلك العلاقة الخاصة بين الإخوان وأمن الدولة، حيث تدخلت الأجهزة الأمنية لوقف وحفظ التحقيق مع زهران وخمسة من زملائه، بعد إحالتهم إليه من جانب رئيس الجامعة، وتزامن ذلك مع تصعيد الدكتور محمد بديع أستاذ الطب البيطرى بنفس الجامعة لمنصب المرشد العام للجماعة.

صفقة الإخوان مع السادات والكلام هنا للدكتور عبد الله سرور كانت البداية الحقيقية لتغلغل أعضاء الجماعة بشكل مباشر ومعلن فى النقابات المهنية ونوادى أعضاء هيئات التدريس والسيطرة عليها تحت بصر وسمع الأجهزة الأمنية، والتى غضت البصر عن تصاعد نفوذهم مقابل خدماتهم فى القضاء على أى معارضة حقيقية داخل الجامعات والقضاء على نفوذ القوى اليسارية والناصرية، مستطردا أن ذلك الدور استمر حتى نهاية عهد مبارك عندما قام أساتذة الإخوان بتأسيس ما يسمى بلجان الحريات الجامعية وحركة جامعيون من أجل الإصلاح، فى محاولة للحد من تصاعد دور حركة أساتذة 9 مارس المطالبة باستقلال الجامعات وإجهاض جميع أنشطتها، وهى الحركة التى أعلنت اقتصار نشاطها على الشأن الجامعى فقط، رغم أن كثيرا من أعضائها محسوبون على التيارات اليسارية والليبرالية والمستقلة.

مكاسب كثيرة حققها أساتذة الإخوان لجماعتهم من خلال تغلغلهم داخل المجمع الجامعى يلفت سرور إليها النظر، قائلا: إن التبرعات التى كان يتم جمعها بشكل يومى داخل الجامعات تحت مسمى لجان الإغاثة كان يصب معظمها للتخديم على أنشطة الجماعة خارج مصر، خصوصا فى قطاع غزة التى كان يذهب إليها الجانب الأكبر من تلك التبرعات التى ساعدت حركة حماس الإخوانية على إحكام سيطرتها على قطاع غزة بالكامل، لافتا إلى أن بداية تلك اللجان كان فى الجامعات قبل امتدادها إلى عدد من النقابات الخاضعة لهم مثل نقابتى الأطباء والصيادلة والمهندسين التى خرجت عن يدهم فى السنوات العشر الأخيرة فقط.

من بين تلك المكاسب التى أشار إليها وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر تحويل الساحات والمساجد الجامعية إلى معسكرات شبه مغلقة لتأهيل شباب الجماعة وعقد جلسات التربية عن طريق جناح الجماعة الدعوى، وأحيانا للتدريبات العسكرية عن طريق الجناح العسكرى، كما حدث فى واقعة جامعة الأزهر خلال العقد الماضى، مشيرا إلى أن تركيز الإخوان انصب على كليات التربية والطب والهندسة والصيدلة والتى تحولت إلى كليات لتفريخ أعضاء جدد للجماعة، وهو ما التفت إليه وزير التعليم الأسبق حسين كامل الذى حاول الحد من انتقال تلك السيطرة إلى المدارس بإلغاء قرار تكليف خريجى كليات التربية التى تركز فيها الجانب الأكبر من شباب الجماعة فى المحافظات، والتى أنتجت عشرات الآلاف من الإخوان والمتعاطفين معهم ومكنتهم فى الفترة الأخيرة من السيطرة على نقابة المعلمين التى تضم ما يقرب من 2 مليون معلم على مستوى مصر.

مصادر جامعية أكدت أن مكاسب أساتذة الإخوان ونشاطهم الجامعى كان وراء عقد شراكات مالية كثيرة بين بعض أعضاء الجماعة من اساتذة الإخوان وعدد من رجال الأعمال القريبين من مناطق النفوذ السياسى خلال عهد مبارك، وهى العلاقات التى منحت أحد المكاتب الاستشارية الهندسية التى أسسها عدد من أساتذة الإخوان بكلية الهندسة جامعة القاهرة والتى حصلت خلال عهد مبارك على حق المشاركة فى دراسات إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق، بخلاف عدد آخر من المشروعات الإنشائية التابعة للدولة، إلى جانب مشروعات إعمار غزة التى جمع الإخوان على خلفيتها كما كبيرا من التبرعات الجامعية، ثم حاذت شركاتهم ومكاتبهم على الجانب الأكبر من مشروعات الأعمال، فضلا عن القوافل الطبية والمستشفيات الميدانية التى أقاموها هناك والتى لم يقتصر دورها على الإغاثة فقط بل امتد لتأسيس بزنس كبير لبيع المستلزمات الطبية داخل وخارج مصر.

تدخل أمن الدولة لمنع بعض أعضاء هيئات التدريس من السفر خارج مصر كان السلاح الذى استخدمه أعضاء تدريس الإخوان لتشويه عدد كبير من القيادات الجامعية المختلفة معهم خلال عهد مبارك وأحيانا للضغط على تلك القيادات من أجل الحصول على مميزات خاصة لأساتذة الجماعة وتنمية استثمارتهم خارج الجامعة عن طريق المكاتب الاستشارية الهندسية التى أسسها أساتذة الجماعة، ونجحت فى عقد كثير من صفقات البزنس مع إدارات بعض الجامعات، وكذلك شركات توريد المعدات والأدوية الطبية للمستشفيات الجامعية التى كان لأساتذة الجماعة نصيب معقول فيها.

شكوى الإخوان الدائمة من حرمان أعضائهم من المناصب القيادية داخل الجامعات كانت حقيقية إلى حد كبير، حيث فشل أساتذة الإخوان المعروفون للأجهزة الأمنية فى الوصول إلى أى منصب قيادى يتجاوز منصب رئيس القسم داخل الكليات، لكنهم عوضوا ذلك بالسيطرة على معظم مجالس إدارات نوادى هيئات التدريس التى حولوها إلى فروع مصغرة للجماعة، مارسوا من خلالها جميع أنشطتهم واستضافوا فيها عددا كبيرا من قياداتهم التنظيمية والروحية فى أثناء حكم مبارك والسادات، وظلوا على وفاق دائم مع الدولة حتى 2010 حين حاول النظام تأهيل الساحة لتولى جمال مبارك السلطة بإبعاد الفصيل الوحيد الخطير من وجهة نظر رجال الحزب الوطنى، وهى الخطة التى بدأ تنفيذها فى 2007 بالقبض على عدد من قيادات الجماعة داخل الجامعات والتحفظ على أموالهم، ثم إعادة السيطرة على مركز الجماعة الرئيسى داخل الجامعات بحل مجلس إدارة نادى أعضاء تدريس جامعة القاهرة الإخوانى، وهى المراكز التى حرص الإخوان على استعادتها عقب ثورة 25 يناير مباشرة، ليسيطروا على 8 نوادى أعضاء هيئة تدريس جامعية فى انتخابات هزيلة وهزلية شارك فيها أقل من 5% ممن لهم حق المشاركة فى كل جامعة، بسبب إجرائها على عجل فى أثناء فترة الحكم العسكرى.

لكن الدكتور عبد الله سرور يؤكد أن مزاعم الإخوان الدائمة حول تدخل الأمن فى الشأن الجامعى لم تكن كلها صحيحة، مشيرا إلى أن أساتذة الإخوان دأبوا على افتعال المشكلات والأزمات داخل الجامعات لتحقيق مصالحهم الشخصية، ومن بين ما أثاروه كثيرا مشكلة تقارير استطلاع رأى الأجهزة الأمنية قبل سفر أعضاء التدريس للخارج، موضحا أن ذلك الإجراء الروتينى إلى حد بعيد والذى كانت تلجأ إليه الأجهزة الأمنية لحماية الأمن القومى فى بعض الحالات التى تستدعى ذلك تحول إلى قضية أكاديمية كبرى بسبب رفض أساتذة الإخوان ملء الاستمارات الموجهة إلى الأمن قبل سفرهم ورفض كتابة التقارير عن رحلاتهم بعد العودة، علما بأن وزير التعليم العالى الإخوانى السابق مصطفى مسعد الذى تولى المسؤولية خلال عهد الدكتور محمد مرسى أكد خلال لقائه مع المبعوثين المصريين للخارج على جوانب الأمن القومى، وضرورة مراعاة ذلك قبل سفرهم وفى أثناء وجودهم هناك.

الفترة الانتقالية السابقة للانتخابات الرئاسية الماضية كانت أزهى عصور الإخوان الجامعية، كما يقول الدكتور عبدالله سرور، حيث لم يكتف الإخوان بالسيطرة على نوادى هيئات التدريس الجامعية فقط بل أوقعوا قوى المعارضة فى الفخ بتمرير نظام غير عادل لاختيار القيادات الجامعية عن طريق لعبة الانتخابات التى يجيدون لعبها جيدا، والتى استخدموا فيها كثيرا من حيل الحزب الوطنى، سواء عن طريق تنظيم المظاهرات للتعجيل بإجراء تلك الانتخابات قبل الإعداد جيدا لها، ونقل كل المساوئ والحيل الانتخابية للساحة الجامعية عن طريق التربيطات والوعود الانتخابية التى قاموا خلالها بدعم بعض رؤساء الجامعات الذين تظاهروا لإقالتهم قبل ذلك مقابل تعهده لهم بتعيين وكلاء كليات ونواب رؤساء جامعات منهم، كما حدث فى جامعات القاهرة وقناة السويس والمنيا، حينما خرج الإخوان أساتذة وطلابا فى مظاهرات حاشدة لإقالة رؤساء تلك الجامعات، ثم كانوا أول الداعمين لهم فى الانتخابات بعد ذلك.

الانتخابات الجامعية التى يطالب جانب من أعضاء تدريس الجامعات الآن بإعادة النظر فيها بعد أن أدخلت الجامعات طرفا فى اللعبة السياسية نتيجة فوز أساتذة محسوبين على الإخوان بمناصب رؤساء جامعات مثل جامعة بورسعيد والمنيا، وصعود عشرات منهم لمناصب نواب رؤساء الجامعات بخلاف فوز عشرات آخرين بمناصب عمادة الكليات، وتعيين عدد أكبر فى مناصب وكلاء الكليات، كل ذلك كان وراء تحرك بعض القوى الجامعية كما يقول الدكتور مغاورى دياب لإعادة النظر فى آليات اختيار القيادات الجامعية، مشيرا إلى أن الانتخابات الجامعية أفرزت تكتلات مصالح وتربيطات أفسدت الحياة الجامعية وحولتها إلى ساحة للنزاع المستمر، وأنتجت قيادات غير مؤهلة تماما لتولى المسؤولية الجامعية، ولا بد من إعادة النظر فى تلك المسألة فورا إما بتعديل آليات الانتخاب وتحويل المجمع الانتخابى إلى مجمع حقيقى قادر على الاختيار بين المرشحين للمناصب الجامعية وإما تغيير النظام بالكامل.

رحيل مرسى عن الحكم لم يؤثر كثيرا على سطوة الإخوان داخل الجامعات، بل حولوها إلى محطة نزاع أخيرة للصراع، وهو ما حذر منه عدد كبير من أعضاء هيئات التدريس مثل الدكتور وائل كامل الناشط فى تنسيقية مؤتمر 31 مارس لأعضاء التدريس الذى يقول لا بد من تدخل حقيقى لمواجهة ما يحدث داخل الجامعات حتى لا تتحول المدرجات إلى ساحات حرب، متسائلا ما العائق فى منع العمل الحزبى والسياسى من داخل جامعات مصر؟ ليتفرغ الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لما هم موجودون من أجله، مستطردا: «ألم يكف طوال السنوات الماضية وما شاهدناه نتيجة استمرار هذا الأمر وما ينتج عنه من مشاهد وصراعات وربط السياسة والأحزاب بالجامعات وعرقلة العملية التعليمية بسبب تدخلات السياسة والحزبية والأمن فى شؤون الجامعات».

90 أستاذا إخوانيا مقبوض عليهم

لا يوجد حصر دقيق حتى الآن بعدد الطلاب المقبوض عليهم على ذمة قضايا الأحداث الأخيرة بسبب الإفراج يوميا عن البعض والقبض على آخرين مع استمرار مسيرات الشغب اليومية داخل وخارج الجامعات، لكن التقدير الأوَّلى جعل جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس فى مقدمة الجامعات التى تم القبض على عدد من طلابها بتهم الشغب ومقاومة السلطات وتخريب المنشآت الجامعية منذ بدء اعتصامات الإخوان وحتى الآن. أما أعضاء هيئات التدريس الذين أُلقِى القبض عليهم حتى الآن فلا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من أساتذة الإخوان على مستوى الجامعات حيث تم القبض على نحو 90 عضو تدريس فقط من إجمالى 1900عضو تدريس إخوانى على مستوى 20 جامعة حكومية وفقا للحصر الذى قامت به الصفحة الرسمية لاتحاد نوادى أعضاء هيئات التدريس المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين على الإنترنت والتى أشارت إلى أن من بينهم 12 عضوا بجامعة القاهرة و12 عضوا بجامعة الزقازيق و9 أعضاء بجامعة الأزهر وخمسة أعضاء بجامعة طنطا وسبعة بجامعة المنيا وثلاثة بجامعة المنصورة وخمسة بجامعة بنى سويف وأربعة بجامعة أسيوط و6 بجامعة قناة السويس وثلاثة بجامعة سوهاج واثنين بجامعة كفر الشيخ واثنين بدمياط واثنين بجامعة جنوب الوادى وواحد بالفيوم وآخر بجامعة عين شمس.

نوادى التدريس.. الباب الخلفى

منذ إنشائها فى منتصف السبعينيات تثير نوادى هيئات تدريس الجامعات جدلا حول الدور الذى يجب أن تقوم به، حيث تصر مجالس إدارات نوادى التدريس الإخوانية على استغلال النوادى فى التعبير عن وجهة نظر الإخوان فى قضايا السياسة الداخلية والخارجية وتنظيم المؤتمرات والمظاهرات والندوات الداعمة لذلك الموقف وهو ما يعترض عليه عدد من أعضاء التدريس الذين يرون أن مهمة نوادى هيئات التدريس تقديم الخدمات والأنشطة لأعضاء التدريس وأسرهم ومناقشة القضايا المتعلقة فقط بالشأن الجامعى.

ومن أبرز الأندية الجامعية التى برزت فى هذا المجال نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة الذى سيطر عليه أساتذة الإخوان منذ إنشائه حتى الآن باستثناء عام 2010 حين صدر قرار إدارى من وزارة التضامن االجتماعى التابع لها النادى بحل مجلس إدارة النادى «الإخوانى» لارتكاب مخالفات مالية وإدارية وإجراء انتخابات فازت فيها جبهة الاستقلال التابعة لإدارة الجامعة والمحسوبة على الحزب الوطنى المنحل قبل أن يعود الإخوان مجددا لإدارته عقب ثورة 25 يناير.

«دار العلوم».. مقر الإخوان الدائم

ينتشر أساتذة الإخوان عادة فى قطاعات كليات الصيدلة والهندسة والطب والتربية بينما تعدّ كلية دار العلوم جامعة القاهرة مركزا رئيسيا لنشاط الجماعة الدَّعَوى فى الجامعة نظرا إلى تاريخ الكلية الذى انتمى إليها كل من مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا والمفكر الإخوانى سيد قطب والتى يتخرج فيها عادة معظم أساتذة اللغة العربية المحسوبين على جماعة الإخوان.

وتتصدر جامعتا الزقازيق والمنصورة قائمة الجامعات التى ينتشر فيها نفوذ أساتذة الإخوان بشكل كبير حيث تضم جامعة الزقازيق عددا كبيرا من الأساتذة المحسوبين على الجماعة ومعظمهم من قياداتها مثل الدكتور محمود عزت المرشد العام الحالى للجماعة، بينما تعتبر كلية الهندسة جامعة القاهرة ملتقى بزنس الجماعة الرئيسى وهى الكلية التى تخرج فيها الدكتور محمد مرسى الرئيس المعزول، الذى حرص على الاستعانة ب4 من أساتذتها فى مناصب وزارية. وتعد كلية طب جامعة القاهرة منبع الفكرة الرئيسية التى تبناها أساتذة الإخوان لتأسيس ما يسمى بالجمعية الطبية الإسلامية التى تضم مستشفيات وعيادات صغيرة.

العرض العسكرى الذى هزّ الجماعة

يكشف العرض العسكرى الذى قام به طلاب الإخوان فى جامعة الأزهر عام 2007 عن مدى انتشار الجماعة فى الجامعة العريقة، ورغم أن الإخوان حاولوا التنصّل مرارًا من ذلك العرض واعتباره عرضًا رياضيًّا، فإنه كان واضحًا أنه خطوة انفعالية اتّسمت بخطأ تقدير معتاد من الجماعة فى ردة فعل الدولة، ففى هذا اليوم الأحد 10 سبتمبر 2007، قام طلاب الإخوان فى الجامعة بارتداء ملابس سوداء وعصابات على وجوههم، وقد كتبوا على رؤوسهم كلمة «صامدون» قبل أن يقوموا بحركات من رياضات عنيفة مثل الكاراتيه والكونغوفو والقتال اليدوى الشعبى، ردًّا على منع نظام مبارك عددًا من طلابهم من الترشّح فى الانتخابات الطلابية، لكن المشهد كان مزعجًا للغاية ويوحى بأن الإخوان جاهزون لاستخدام العنف، فكانت أن هاجمت قوات من الأمن المركزى المدنية الطلابية قبل أن يتم اعتقال الرجل الثالث فى جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر النائب الثانى لمرشد الجماعة، إضافة إلى قيادات إخوانية تعمل فى المجال الطلابى، كأيمن عبد الغنى، أمين قسم الطلاب فى جماعة الإخوان المسلمين حينها، هذا غير قيادات مالية بارزة كرجال الأعمال حسن مالك ومدحت الحداد وعبد الرحمن سعودى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.