الجبلاوي: الرئيس السيسي حافظ على سيناء بالنهضة والتعمير ومحاربة الإرهاب    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    استمرار انعقاد الجلسات العلمية لمؤتمر كلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ    البداية من فجر الجمعة.. تعرف على مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024    محافظ القليوبية يوجه باستغلال الجزر الوسطى بإقامة أنشطة استثمارية للشباب    برلماني: مصر تبنت خطة تنموية شاملة ومتكاملة في سيناء    وزير التنمية المحلية يتابع مع البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    انقطاع الاتصالات والإنترنت عن وسط وجنوب غزة    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يستخدم أساليبًا إجرامية بحق المدنيين العزل    عمارة: كلمة الرئيس فى ذكري تحرير سيناء حملت رسائل قوية من أجل الاستقرار والسلام    صحيفة: ليفربول يعلن سلوت مديرًا فنيًا للفريق نهاية الأسبوع    النيابة تأمر بتفريغ كاميرات المراقبة فى ضبط عصابة سرقة الشقق السكنية ببدر    إهناسيا التعليمية ببني سويف تنظم مراجعات شاملة لطلاب الثالث الثانوي (تفاصيل)    «بنات ألفة» يحصد جائزة أفضل فيلم طويل ب«أسوان لسينما المرأة» في دورته الثامنة    إيهاب فهمي عن أشرف عبدالغفور: أسعد أجيالًا وخلد ذكراه في قلوب محبيه    تامر حسني وأنغام نجوم حفل عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية    «الرعاية الصحية» تستعرض إنجازات منظومة التأمين الصحي الشامل بجنوب سيناء «انفوجراف»    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: دماءٌ لا دموع..!

في إحدى أجمل قصائده (ظلام)، كان الدكتور إبراهيم ناجي يصف كيف فعل الحب في نفسه كشاعر، يقول:
ذلك الحب الذي علّمنى أن أحب الناس والدنيا جميعا
وأراني الكون في أعماقه أعينا تبكي دماء لا دموعا..
هذا البيت الثاني هو ما يطغى على تفكيري في مصر هذه الأيام، فجميع أحوالها لا ترضي إلا أعداءها، وما حدث ويحدث فيها لا يقارن بأي حال بحب إبراهيم ناجي الذي علّمه أن يحب الناس جميعا، ولكنه أراني الكون في أعماقه أعينا تبكي على مصر دماء لا دموعا..


تعلمنا في علوم الإدارة أن حل أي مشكلة، يبدأ أولا بالاعتراف بوجودها، ثم دراسة طبيعتها وأسبابها، ثم استعراض طرق الحل وتقييم كل طريقة، ثم اختيار الطريقة التي نراها الأمثل للحل، ثم تطبيق الطريقة، ثم متابعة ما ينتج عن التطبيق، ثم إعادة تقييم النتائج والطريقة في ضوء ما يستجد من أحداث ومعطيات، حتى نصل إلى حل عملي للمشكلة من جذورها..


ومصر الآن في مشكلة، ولكن أطراف المشكلة الذين بأيديهم مفاتيح الحل؛ لم يتبعوا الأسلوب الأمثل في علاجها، لأنهم ببساطة ليسوا متفاهمين ولا متفقين على أي مما ذكرت من أركان حل المشكلة، فمنهم من لا يرى مشكلة من الأساس، وكل منهم يراها بعينيه هو، من زاويته هو، وبناء على رؤيته يفترض طرقا للحل، تأتي بالطبع غير متوافقة مع رؤى الأطراف الأخرى، وبذلك تجهض احتمالات حل المشكلة في مهدها، ويترك الأمر للشعب؛ صاحب الأمر، ومانح ومانع السلطة لأيٍ كان، والشعب منقسم على نفسه، ويرى أبناؤه الصورة بنفس الطريقة القطبية الحادة، تماما كما يراها عرّابوهم وقادتهم وإعلامهم الذين يتبعونهم، ويؤمنون بأفكارهم..


وتلخيص ما حدث في مصر بأقل الكلمات هو: في 25 يناير 2011، خرج ملايين المصريين دون قيادة – أو هكذا بدا خروجهم للعالم – مطالبين بإسقاط نظام حسني مبارك، وكان ذلك الخروج الكبير تأسيا واقتداء بثورة تونس التي سبقتنا وأطاحت بزين العابدين، وكانت (ثورة) 25 يناير..


رأى بعض أقطاب السياسة من الليبراليين والعلمانيين واليساريين أن الإخوان؛ كممثلين للإسلام السياسي، قد فشلوا في إدارة البلاد عبر عام كامل، تدهورت فيه كل مناحي الحياة في مصر، فعملوا عاما كاملا، بكل جد واجتهاد لإثبات رؤيتهم، واستثمروا في ذلك أخطاء الرئيس مرسي الضخمة، والبسيطة التي ضخموها، ورأي قطاع عريض من المصريين نفس رأيهم، فخرجوا إلى الشوارع والميادين، يطالبون بإسقاط الرئيس مرسي وحكم الإخوان.. وكانت (ثورة) 30 يونيو..

على الجانب الآخر، الإخوان المسلمون يرون أنهم هُزموا في تجربتهم الأولى في السلطة، ورؤيتهم لنهايتهم الحزينة هي أن ما حدث في 3 يوليو هو انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية، التي أرست قواعدها (ثورة) 25 يناير، وأتباعهم ومناصروهم يرون نفس رؤيتهم، فنزلوا إلى الشوارع والميادين مطالبين بعودة الرئيس مرسي، ورافضين لما يرونه (الانقلاب العسكري).. وكانت (ثورة) لم نعرف تاريخها بعد..


المهم في هذه (الثورات) الثلاث أن العامل الحاسم في إنهائها؛ على خير للبعض، وعلى زفت للبعض الآخر، هو القوة الوحيدة التي تتحكم في زمام الأمور في مصر؛ الجيش والمخابرات، ومهما حاول البعض تصوير ثمار أي من (الثورات) الثلاث على أنها رغبة الشعب، فلن يستطيع هذا البعض أن يثبت عن أي شعب يتحدث، شعب التحرير أم شعب رابعة العدوية، شعب الاتحادية أم شعب نهضة مصر، شعب الحضر أم شعب الريف، شعب الدخل المحدود والمعدوم، أم شعب هاسيندا ومارينا والسخنة..

لو كان الرئيس مبارك عيّن نائبا له من الجيش في 2005؛ حين (انتخب) أو قبلها؛ لما كنا عرفنا لا ثورة يناير ولا غيرها.. ولسارت الأمور عادية طبيعية كما كانت قبل 2011.


إن معظمنا عزيزي لا يريد أن يفهم أو يعي أن نظرية هربرت سبنسر في أوائل القرن العشرين: البقاء للأقوى والأفضل، هي النظرية المطبقة في عالم اليوم، وبرغم أنها نظرية براجماتية شديدة التحيز للمادية؛ فمن أسف أنها لبّ ما تطبقه أمم الأرض كافة، وهو واقع لا نستطيع – الآن على الأقل – الفكاك منه أو إنكاره، لأن أقوى وأفضل ما في بلادنا هو الجيش، والأحزاب والكيانات السياسية التي قد تظن في نفسها القدرة على الحكم، كلها دون استثناء ورقية رخوة، لا تقدم للشعب إنجازا يُذكر، أو حتى لا تخاطبه بأيديولوجيات ناضجة، فالتجريف السياسي للتربة السياسية المصرية منذ عهد الرئيس عبد الناصر، جعل الساحة السياسية خواء من الشخصيات التي قد تقود الجماهير، وقد يقال عنها أنها أقوى وأفضل..


لقد أنشأ الدكتور نجم الدين أربكان؛ أستاذ رجب أردوغان في تركيا، خمسة أحزاب من عام 1970 حتى توفي عام 2011، وجميع أحزابه حلّها الجيش؛ الأقوى والأفضل في تركيا تلك الأيام، وحين ثبت للشعب التركي أن الحزب ذي المرجعية الإسلامية هو الأقوى والأفضل، بالعمل والإنجاز والنهوض الاقتصادي والاجتماعي؛ انتخب حزب العدالة والتنمية عام 2003، بعد ثمانين عاما من إقرار الدستور العلماني في تركيا !


إن حل المشكلة المصرية لن يكون بالاحتشاد في الشارع في رابعة العدوية وميدان النهضة، والاحتشاد المضاد في التحرير والاتحادية، ولن يكون بشماتة المنتصر في المهزوم في (ثورات) وهمية، أو بمشاهد حفلات الغناء الرقيع احتفالا بانتصار المصريين على المصريين، ولن يكون بالإعلاميين الحربائيين المتلونين الذين يسبون الدين على الشاشات، ولا بإذكاء نار الفتنة بين الناس، ولا بالانتقام والمصادرات والملاحقات القضائية، وهذه الأخيرة ستذكي نار الفتنة إلى حد لا يمكن تصور نتائجه، ولن يعدم من يخططون للفتنة تدبير من يحتاجون من المختلين عقليا، والشاذّين فكريا، أو المتطرفين والإرهابيين من الطرفين، ليقوموا بعملية هنا، أو اغتيال هناك، زجاجة مولوتوف هنا، أو فرد خرطوش هناك، والفاعل متطرف أو إرهابي أو مختل أو شاذ.. وساعتها لا يستطيع أحد أن يتوقع ما قد يحدث..


لهذا عزيزي القارئ أرى عينيّ كأعين كون إبراهيم ناجي؛ تبكيان دماء لا دموعا على مصر هذه الأيام، فاضطراب المشهد مع ضبابية الرؤية، وروح الكراهية التي تولدت بين المصريين، والفتنة التي أطلت برأسها العفنة، ورائحتها الكريهة في ميادين وعلى شاشات مصر، والمشاعر المتضاربة بين أفراد الشعب الواحد تبعا لوجودهم في أي من ميدان يعتصمون، والإعلام الحربائي المتلون تبعا للون المصلحة؛ دولار أو يورو أو درهم، والإعلام الأهبل الذي ادّعى الحديث باسم الإسلام، ولم يخل أيضا من حربائية التلون تبعا للون العملة؛ ريال أو درهم أو دولار، والضحية في النهاية الحزينة هي مصر.. متسلمي يا مصر بقى..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.