كان الناس يشهدون بالحق... ولا يقسمون إلا علي الحق حتي ظهر في الأرض ابن عم الحق... وهو في الواقع يشبه الحق؛ لأنه قريبه طبعاً، لكنه ليس هو الحق ومن هنا فقبل أن يجيبك الإنسان المصري عن سؤالك يبادر هو بسؤالك أولاً عاوز الحق ولاَّ ابن عمه؟!! ومن هنا فإن شباب 6 أبريل في مصر هم الحق الوحيد الذي يعيش فيها الآن، أما الباقي كله فهو «ابن عمه» الذي يحمل ملامح من الحق واسمه قد يشبه اسم الحق ولكنه ليس هو الحق... ويختلف المطالبون بالإصلاح في مصر في درجات قرابتهم للحق، فمنهم من هو ابن عم الحق الشقيق ومنهم من هو ابن عم الحق غير الشقيق... وهكذا ولتوضيح هذا الأمر أنصحكم بالحصول علي نسخة من الدستور المصري كاملة، ذلك أن كثيرًا من النسخ التي تباع في الأسواق ليست كاملة وإنما تم حذف مقدمتها وهي المسماة «وثيقة إعلان الدستور» والتي تبدأ بعبارة «نحن جماهير هذا الشعب في قري مصر وحقولها ومدنها...» وتنتهي بعبارة «إننا نقبل ونعطي ونمنح لأنفسنا هذا الدستور مؤكدين عزمنا الأكيد علي الدفاع عنه وعلي حمايته وعلي تأكيد احترامه». وهذه الوثيقة هي القسم الذي أقسمه الشعب علي حماية مبادئ الدستور والدفاع عنها وقد جاء في الوثيقة التأكيد علي حرية الإنسان المصري والحفاظ علي كرامته وسيادة القانون واحترام القضاء إلي آخر هذه المبادئ العليا... والدفاع عن الدستور وحمايته موكول إلي الجماهير وليس إلي الحكومة... فالحكومة لا علاقة لها بالدستور فهي لم تضع نصوصه ولم تساهم في صياغتها... ويصبح قسم الجماهير بالدفاع عن الدستور حبراً علي ورق، طالما أن الجماهير في صمت ذلك أن الدستور قد تعرض لعشرات الاعتداءات والإضافات من خلال الاستفتاءات التي تمت من ماركة «شيلوا الميتين تحت».. حتي ظهر في الأفق ما يسمي بشباب 6 أبريل فحولوا هذا القسم إلي مقاومة حقيقية... ودافعوا عن الدستور من منطلق القسم الموجود بوثيقة إعلان الدستور وذلك بالاعتراض الحقيقي علي مخالفة الحكومة للدستور، وهو ما عبر عنه العملاق الراحل الأستاذ / فريد عبد الكريم - المحامي الناصري الجميل الذي كان قد كتب بحثاً رائعاً قدمه للأجيال تحت عنوان «حق المقاومة» - وكان رحمه الله يودع هذا البحث في كل قضية سياسية يتطوع للدفاع فيها عن المتهمين بالتظاهر أو الاعتراض من أجل الحرية. ومضمون هذا البحث باختصار أن علي الشعب الذي أقسم علي حماية الدستور أن يقاوم هذه الاعتداءات علي نصوصه، فضرب المواطن علي «قفاه» قبل التحقيق وبعده هو اعتداء علي الدستور وامتناع الحكومة عن تنفيذ الأحكام القضائية التي ليست علي المزاج هو اعتداء علي الدستور واحتكار السلطة ومنع تداولها هو اعتداء علي الدستور... وتزوير الانتخابات هو اعتداء علي الدستور يجب علينا جميعاً أن نقاومه بشتي الطرق، أما في حالة عدم قيام الشعب المصري بالدفاع عن الدستور فيكون قسمه في هذه الحالة مثل قسم «البياع السريح» الذي يقسم بالطلاق في اليوم ألف مرة... بينما هو لم يتزوج بعد... ويحلف لك بالله العظيم أن البطيخ الذي معه أكثر احمرارا من دم «الغزال السيناوي» بينما هو في الحقيقة من كثرة الحلفان نسي أنه يبيع «المشمش»... ويسمي الأستاذ / فريد عبد الكريم هذا الحق للشعب باسم «حق المقاومة» ويصبح كل الذين لا يقاومون ما يحدث للدستور من اعتداء وانتهاك لا يمتون للحق بصلة... ويقترب من هؤلاء الذين يدافعون عن الدستور من خلال المكاتب المكيفة وشعار «شباكنا ستايره حرير» والقنوات الفضائية ماركة «لمعني والمعك» والذي يقسم فيها المذيع والمذيعة مع الضيف قسماً جازماً علي تمييع القضية حتي ولو كانت قضية بيع «عمر أفندي»، ومن هنا يا سادة فإن الذين دافعوا عن دستور مصر ونزلوا إلي الشارع وحصل كل منهم علي «شلوت» أزرق اللون أو ضربة علي قفاه لزوم الذكري التي تدق في عالم النسيان يكون هؤلاء فقط هم الذين صدقوا في قسمهم بحماية الدستور... ويكون هؤلاء فقط هم الحق مش ابن عمه.... مهما حدث لهم من ضرب أو إهانة... وبهذه المناسبة فقد سأل أحد الرتب العليا في وزارة الداخلية ضابطاً صغيراً فقال له... «تفتكر يوم 17 يوافق يوم الخميس»؟ فرد الضابط في حماس.... «لو ضغطنا عليه يا افندم بطريقتنا أكيد حيوافق» وعجبي!!