.. وأخرجت لمصر 300 قاض و400 أستاذ جامعي فصول محو الأمية في بني عدي بجهود ذاتية وإمكانيات الأهالي «حكاية قرية مصرية في غرب النيل.. زراعية تجارية مالها مثيل.. غزاها الغاصب المحتل وعقله اختل.. ساعة ماشافها في ساحة الحرب فدائية» أبيات شعرية أبدعها الشاعر عبد الحميد عبد الكافي منذ 11 عاما بمناسبة مرور 200 سنة علي مقاومة ثوار قرية بني عدي بمحافظة أسيوط في مواجهة الحملة الفرنسية وسقوط أكثر من ألفي شهيد في مقاومة وصفها القائد الفرنسي دافو في رسالة لنابليون بونابرت بقوله «واجهنا مقاومة عنيفة وشرسة لم نشهدها من قبل». تقع قرية بني عدي شمال غرب محافظة أسيوط، ويتجاوز عدد سكانها 80 ألف مواطن. خرج ثوارها من مشايخ الأزهر عام 1799 لمقاومة المد الفرنسي لمحافظات الصعيد، فقاموا بعمليات فدائية علي جانبي نهر النيل وتمكنوا من قتل الجنرال بينون بعد أن حاول دك القرية بجيشه إلا أن أبناء بني عدي قاوموه من شرفات منازلهم حتي أردوه قتيلا، واتخذ تاريخ مقاومة ثوار بني عدي عيدا قوميا لمحافظة أسيوط وأصبح رمزا لأبناء، كما اشتهرت القرية أيضا بمقاومة الجهل حتي إنها سجلت أعلي نسبة تعليم وصلت إلي أكثر من 90% بعد أن توارث أهالي القرية كتاتيب تحفيظ القرآن وتعليم الفقه والسنة وبعض العلوم الأخري، ولا يخلو منزل من حفظة القرآن وخرج من هذه القرية العديد من المشاهير مثل الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق والدكتور أحمد كمال أبو المجد الفقيه القانوني والكاتب يوسف السباعي والشيخ صالح شرف والنائب سيد جلال، الذي كان يطلق عليه شيخ النواب وصاحب أكبر مستشفي خيري بباب الشعرية. وتجاهل كبار مشايخ القرية إعانات الحكومات وقاموا بتأسيس أول جمعية تحت اسم جمعية المشروع التعليم والخير والإحسان لأبناء بني عدي والتي بدأ تأسيسها الشيخ حسنين مخلوف والحاج عبدالرحيم العبد والشيخ صالح شرف في حقبة الأربعنييات من القرن الماضي واستمرت الجمعية في إنشاء المعاهد الأزهرية والمدارس بتبرعات أبناء القرية حتي وصل إجمالي ما تم بناؤه 16 معهدا أزهريا ومدارس للبنين والبنات بجميع المراحل التعليمية واستمر اسم الجمعية إلي عام 2005 حتي تم تغييره إلي اسم جمعية أبناء بني عدي ونتج عن هذه الصحوة التعليمية تخرج أكثر من 300 مستشار وقاض وأكثر من 400 أستاذ جامعي مع اعتلاء العديد من مواطني القرية مناصب عليا بالخارجية المصرية وجهاز الشرطة.