ربما لا يشعر الكثير منا بالنعم التي يملكها إلا إذا فقد إحداها أو رأى شخص لا يملك ما عنده من نعم ،، ففي معظم الأحوال لا يشعر المبصر ببصره إلا عندما يُصاب فيه أو حين يُقابل أعمى و قياسً عليه باقي النعم ..... و لكنني شعرت بنعمة في الأشهر الماضية لا أعتقد أن كثيُر ممن يعيشون في العالم العربي قد شعروا بها مسبقاً، رغم أن أكثر من 99% منكم يملكون هذه النعمة العظيمة سواء كنت أعمى أو بصيراَ ،غنياً أو فقيراً، عاجزً أو صحيحاَ....ولكن ربما لأنك أعتبرت أن هذا طبيعياً أو لأنك وُلدت بهذه النعمة سواء كنت مسلماً ,مسيحياً أو يهودياً ولم تعش مع آخرين ممن حُرموا من هذه النعمة العظيمة و لذلك لم تشعر بعظمة ما تملكه.
ولكن حدث معي الكثير من الأشياء خلال الأشهر الماضية جعلني أشعر بتلك النعمة و أحسست أنه واجب عليّ إخباركم بعظمة ما تملكون و تنبيه من يحاول منكم رفث هذه النعمة تحت أحد الشعارات المضلة !!
ولكن دعوني أولاً أحكي لكم بإختصار بعض ما حدث معي و دفعني لكتابة هذه المقالة !!
عِشت (أنا و زملائي في المستشفى) الأشهر الماضية مرحلة من الإثارة العلمية فقد إستيقظنا صباح يوم الخامس من أكتوبر الماضي على نبأ فوز أحد أساتذتنا وهو (البروفيسور جاك زوستاك) بجائزة نوبل في الطب لعام 2009 ، فقد كانت لحظة شعرنا فيها جميعاَ بالفخر لأننا نعمل في هذه الجامعة المرموقة (جامعة هارفرد ( في الولاياتالمتحدةالأمريكية وقامت المستشفى (MGH ) بالتحضير لنا للأحتفال جميعاً بهذه المناسبة بعمل أسبوع كامل من الأحتفالات في بداية شهر ديسمبر وأطلقت عليه ( أسبوع نوبل) على غرار ما يحدث فعلياَ في ستوكهولم في هذه الأثناء من المراسم و البروتوكولات و المأكولات السويدية المميزة, فقد كانت فترة تمنيت وقتها أن أراها يوماً تحدث في أحد بلادنا العربية و خاصةً في مصر..اللهم آمين.
وبعدها رجع إلينا بروفيسور جاك ليعطينا محاضرة عمّا يقوم به من أبحاث وما تقوم به مجموعته البحثية الآن و لأنني أعمل في نفس المبنى الذي يعمل فيه فإنني ألتقي معه و غيره من العلماء في المناقشات التي تُقام أسبوعياً لمناقشة أحدث ما توصل إليه كل منا في مجاله و مناقشة النظريات العلمية المطروحة.
و ربما ما سوف أذكره قد يفاجئ البعض وربما يظنوا أنه مستحيل،، و لكن أدعوكم ألاّ نتترك إلى أيّ مناقشة علمية تصرفنا عن الغاية من كتابة هذه الكلمات ألا و هي: أن تشعر بما تملكه من نعمة لا يملكها غيرك !
كانت محاضرة البروفيسور جاك مليئة بالإثارة فما يبحث فيه الآن هو :كيفية ( خلق خليّة عضوية ) !!!!!! أو كما يطلق عليها ProtoCell فبما أن أغلبية العلماء مؤمنون بنظرية التطور (Evolution) ( (الذي أطلقها داروين عام 1859 في كتاب أصل الأنواع ) ، فهو يحاول أن يثبت أنه بالإمكان خلق شئ حيوي من مركب غير حيوي عن طريق تفاعلات تلقائية ( مثل خلق غشاء خلية بتركيبته المعقدة عن طريق وضع بعض الكيماويات و تعريضهم لدرجات حرارة متفاوتة وتركهم يتحدوا تلقائياً ) ليثبت أن أصل الحياة على كوكبنا جاء تلقائياَ !!
و في مناقشة أٌخرى قام أحد الباحثين في جامعتنا (بالأشتراك مع وكالة ناسا للفضاء ) والذي يبحث تركيب بعض المخلوقات الدقيقة المتعفنة على سطح بعض الصخور (المعتقد أن هذه الصخور آتية من كوكب المريخ) ،بعرض نتائجه لنا والذي يعتقد أنه لو ثبتت نفس هذه النتائج على عينات من الصخور الموجودة على كوكب المريخ ، فهذا سيعطي إحتمالية كبيرة بأن الحياة و أصل الإنسان ربما آتياً من كوكب المريخ !! ثم قرأت في صحيفة الجامعة أن ( كارولين بورسو ) وهي مديرة فريق التصوير والعمليات الجوية لمركبة الفضاء (Cavini) والتي تدور حول كوكب زحل ،،أعلنت في أول شهر ابريل الحالي عن إكتشاف أبخرة مائية و رواسب من غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان علي أحدى أقمار الكوكب ،،مما يعطي إحتمالية عالية لوجود حياة على كوكب زحل والذي يبعد 932 مليون ميل عن الأرض !!
لقد أثارتني الكثير من نتائج هذه الأبحاث مما دفعني إلي النقاش مع الكثير من الباحثين والعلماء عقب معظم هذه المحاضرات ولعل كان هناك سؤال سؤلته أكثر من مرة من أشخاص مختلفة : و هو كيف تعمل في العلم وتعتنق الدين ؟؟ ألا ترى في هذا تناقض ؟؟
ولأنك من الصعب أن تقنع عالم بشئ بدون إثبات علمي فبعد نقاش طويل و جدال حول هل يوجد خالق لهذا الكون أم لا ؟ سألني أحد زملائي :إذا كان هناك خالق كما تقول فما شكله ؟؟؟ فطلبت منه أن يعطيني يده فضرته عليها,, ،ثم سألته ماذا تشعر ؟ قال :أشعر بألم ،فطلبت منه أن يوصفه لي؟؟؟ فقال لي :لا أستطيع ولكنني أشعر به ،فرددت عليه أنه ليس بالامكان وصف كل مانشعر به ,, ومع فارق التشبيه الكبير ولكن كذلك الخالق !!!!! نشعر به ولكن لا نستطيع وصفه !!! ومع ذلك لم يقتنع !!
و ذكرت لمعظمهم ما يحويه القرآن من معجزات علمية مع أنه كتاب يزيد عمره عن 1400 عام ومع ذلك لم يشعروا أنهم بحاجة لقرائته !! وما قام به المسيح وسيدنا موسى من معجزات ومع ذلك قالوا نحتاج شيء نراه !!!
و تناقشت مع من يؤمنون بنظرية التطور و أن الأنسان أصله حيوان و لا وجود لخالق ، فسألت أحدهم إذاَ من خلق الحيوان ؟ و بعد أن رجعنا كل شئ لمرحلته الأولية وصلنا إلى أن أول شئ في الوجود هو الإنشطار الأعظم كما يدعون فسألتها إذاً من خلق الأنشطار الأعظم ؟ لم تستطع الرد .....
ولقد سمعت عن الكثير من علماء الرياضيات و الفيزياء ممن بحثوا عن::: أين هو الله إذا كان موجوداً ؟ ،فانتهى بهم المطاف إلى الجنون أو الهلاك وراء الأوهام ،،لأنهم ببساطة يبحثون عن مكان الله ؟ وهو خالق المكان !!، ويريدوا أن يعرفوا في أي زمان جاء ؟ و هو خالق الزمان !! و ممن خُلق ؟ و هو الخالق !!
رغم أن من أتحدث عنهم هم من أشهر علماء عصرنا ولكنني شعرت أن من أصعب الأشياء أن تجعل شخص يؤمن بشئ دون أن يشعر أنه بحاجة للإيمان به خاصة إذا كنت تعيش حياة مترفة كالتي يعيشها الغرب ،،فإذا كنت تعتقد أن الإيمان يأتي بقوة الحجة فقط فأنت خاطئ::إذا لآمنت إمرأة سيدنا لوط بزوجها ، أوآمن أبو سيدنا إبراهيم بإبنه ، أو فرعون بموسى ، أو اليهود بالمسيح ،أو أبو طالب(عم النبي) بمحمد ...و لكن لابد أن ينير لك الله طريق الهداية !!
ولذلك أقول لكم أنتم في نعمة عظيمة قليل منكم من يشعر بقدرها وهي (معرفة الله سبحانه وتعالى ( ! فإذا كنت من المؤمنين بالله دعني أتسائل :
أين الله الآن في حياتنا ؟ آين الله الآن في عملنا ؟ أين الله الآن في طموحاتنا و أحلامنا ؟ أين الله الآن في معاملاتنا مع بعضنا ؟ أين الله الآن في ضمائرنا و نفوسنا ؟
وإذا كنت ممن لا يؤمنون بوجود الله تحت لواء العلم أرجو أن تبحث عن إجابة لهذين السؤالين :من خلقك ؟ ولم خُلقت ؟
رغم أن أعظم ما يميز كل منا عقله ،و لكنه قد يكون سبب نجاته أو هلاكه !!!!!!