صوت المطرب الكبير على الحجار يذكرنا بالأحجار الكريمة التى تزداد قيمة وثراء كلما مر الزمن عليها. فهو عامًا بعد عام يزداد لمعانا ويعيد اكتشاف نفسه بعمل جديد. قيمة الحجار تكمن فى أنه أحد الأصوات المصرية التى تحارب من أجل بقاء الغناء الجاد فى عصر أصبح الردئ من الأصوات هو المسيطر على الساحة لكنه مازال يقاوم رغم شدة التيار. خلال رمضان الحالى عاد على للدراما التليفزيونية بمسلسل «السائرون نياما»، حيث يجسد دورا ليس بعيدا كثيرا عن شخصيته الحقيقية وهو دور مطرب الثورة الذى يرفض الفساد والظلم ويسخر صوته للدفاع عن رأيه وقضيته. وخلال هذا العمل أدى 52 أغنية فيها الثورة، والرفض والرغبة فى الأفضل. لكن الغريب عن شخصيته أنه يقدم دور مطرب كفيف. رغم أنه اعتبر أن هذا الأمر ليس غريبا عليه لأن هناك الكثير من أصدقائه مثل عمار الشريعى وعمرو سليم لا يرون، لذلك فهو عاش معهم فترات كثيرة من هذه الحياة. فى البداية سألته كيف كان استعدادك لهذا الدور؟ قال بالفعل الدور كان مرهقا للغاية لكن معرفتى بالكثير ممن يعانون فقدان البصر مثل عمار الشريعى وشلته وعمرو سليم وشلته سهلوا كثيرا من مهمتى لأننى أخذت منهم كيف أتحرك، وأتعامل مع الناس وهو الأمر الذى يتطلب ذكاء معينا. خاصة أن الدور يتطلب ضرورة أن تكون العين مفتحة ومطرب الثورة فقد بصره وهو فى سن 20 سنة. وما الشىء الفنى الذى أخذته من عمار وعمرو سليم؟ أولا الفنان الأعمى يتصرف بكرامة أكثر من الإنسان العادى لأنه دائما يريد أن يقول للناس إنه مكتمل ولا ينقصه شىء. يعنى مش أعمى والصوت عنده هو عينه. هذه الأمور الفنية استرشدت بها أثناء أداء الدور. وما الذى أضفته من عندك للشخصية التى اقتبستها من أصدقائك؟ فى العمل فقدت بصرى وسنى 20 عاما، وبالتالى كنت أتصرف باعتبارى أعلم شكل الإنسان فى حين أن عمار مثلا كان يقول لى إنه ربما يتصور الإنسان وكأنه مثل الشجرة. قدمت شخصية المطرب وأرى أن هناك تشابها بين على الحجار وعم حمدان فى المسلسل لكن ما هى أوجه الاختلاف بين الشخصيتين الواقعية والدرامية؟ فى الحقيقة أن عم حمدان أكثر حكمة من على الحجار الذى يفتقد هذه الصفة فى حياته العادية. أما باقى الصفات فكما قلت هناك تشابه فيما أغنى لأننى أمتلك رصيدا كبيرا من الأغنية السياسية، بصراحة التشابه الذى جمعنى بهذه الشخصية هو أحد أسباب قبولى لأدائها. هل ترى أن المطرب يجب أن يكون له دور سياسى فى الحياة؟ المطرب ليس صوتا فقط. يجب أن يكون له رسالة وفكر، وأنا شخصيا فعلت ذلك، نعم أنا لست مارسيل خليفة أو الشيخ إمام لكننى على الأقل قدمت أغانى سياسية حتى ولو كانت مدارية خلف الأغنية العاطفية. أحداث العمل التى كتبها سعد مكاوى تدور فى فترة المماليك لكنها غير واقعية، فهل كان يقصد عمل إسقاطات معينة لم يرغب فى أن ينسبها للزمن الذى عاشه؟ سعد مكاوى استند إلى شخصيتين من التاريخ منهما قايتباى. وبالفعل حاول أن ينسب الواقع الذى عاشه لفترة المماليك. حيث كانت الناس تعانى الفقر والفساد، وهى أمور عاشها فى حياته ونفس الظروف مرت بها مصر خلال حكم المماليك. العمل دراما غنائية ألا ترى فى ذلك مغامرة؟ ليس مغامرة لأن العمل بالفعل دراما غنائية لكن مساحة التمثيل كبيرة. إذا ما تمت مقارنتها بالغناء. كما أنها بالعامية المعاصرة لذلك لم يشعر الناس معها بغربة. المسلسل من إنتاج قطاع الإنتاج التابع للتليفزيون المصرى الحكومى والتصوير تم فى سوريا ألا ترى فى ذلك تناقضا؟ أولا لابد أن أشكر قطاع الإنتاج لأنه أنتج عملا بهذا الشكل يناقش الفساد، وكل أغانيه مسيسة. لكن ما يتعلق بالتصوير فى سوريا هو أننا وجدنا أن التصوير هناك أسهل وأرخص. لأن التصريح الذى تحصل عليه هنا فى أيام تأخذه هناك فى ساعة، هناك يحبون الفن ويرفضون الروتين. وهم مؤمنون بأن الفن جزء من السياسة. هذا يعنى أن حماس الدولة عندنا للفن تراجع؟ أعتقد هذا. رغم أن الفن يفعل ما تعجز عنه جامعة الدول العربية. لأن أم كلثوم وحدت العرب، واللهجة المصرية انتشرت بسبب السينما. فى سوريا الآن فاهمين جدا أهمية ذلك. ونحن للأسف نعقد الأمور مما قد يؤدى إلى تراجعنا. هل هذا معناه أننا فقدنا الريادة؟ حتى الآن لا والدليل أن الكثير من النجوم العرب مازالوا حريصين على المشاركة فى أعمالنا. وهذا يعنى أن الريادة مازالت بين أيدينا. لماذا تمت الاستعانة بماكيير من إيران ومصمم ملابس من سوريا؟ السبب الوحيد أن قطاع الإنتاج أعطى شركة سورية حق إدارة العمل هناك مقابل 10 فى المائة وتم اقتراح إسناد الماكياج والملابس إلى هذين الشخصين، وعندما تمت مشاهدة السيرة الذاتية لهما وافق المخرج محمد فاضل على الاستعانة بهما. غنيت فى المسلسل 52 أغنية ألا ترى أن ذلك عدد كبير ومرهق؟ ربما يكون الأمر مرهقا للمؤلف والملحن أما بالنسبة لى فهو شىء ممتع. وأنا لا أجد متعة فى حياتى أكثر من متعة الغناء. وبالمناسبة الأغانى من أشعار جمال بخيت وهو شاعر له تاريخ كبير فى الأغنية وألحان حمدى رءوف وهو ملحن له شخصيته. الأغانى تحمل طابع الثورة ألم تخش من هذا الأمر ونحن فى وقت نمر فيه بمرحلة سياسية مختلفة؟ هى أغان وليست أناشيد حماسية كما أن البلد اليوم يستوعب أن نقول أى شىء. لأن الحكومة تفعل ما تريد وبالتالى تترك للناس تفعل ما تريد. ولا أتصور أنهم سيمنعون هذه الأغانى وسبق لى غناء أعمال ضد الفساد والظلم، ومنذ أيام غنيت فى القلعة أمام 25 ألف مشاهد وغنيت سياسة. وكان من بين الحضور د.أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة الذى يمثل الحكومة. ولم يحدث شىء. فى مسلسل شيخ العرب همام كان لك تجربة ناجحة فى غناء التتر مع ألحان الموسيقار الكبير عمار الشريعى وأشعار عبدالرحمن الأبنودى؟ أنا سعيد بهذه التجربة لأننى أغنى مع عمار والأبنودى وهى المرة الثانية التى التقى بهما بعد عودة التعاون الفنى بينهما. وكانت المرة الأولى فى مسلسل الرحايا، كما أننى كنت سعيدا أيضا بالتعاون مع المؤلف عبدالرحيم كمال والمخرج حسنى صالح. والعبقرى يحيى الفخرانى قائد الدفة. والجميل أن العمل غنائى أبدعه عمار وخرج كما أنه تراث رغم أن كل نغمة من إبداع الشريعى. وما كتبه الأبنودى شىء عبقرى. أصبحت تغنى الصعيدى بشكل فريد؟ اللهجة الصعيدية فى حاجة لخروج الحروف وفتحة الفم بشكل معين والحمد لله أنا أؤديها بشكل جيد. مغنى التتر ما مواصفاته؟ أهم من الغناء أن يغنى معنى الكلمة. وبداخله ثقافة كبيرة. ويرى أمورا أخرى فى الموسيقى غير التى يراها أى مطرب آخر. لماذا لم تغن المربعات المغناة داخل العمل؟ هذه رؤية المخرج وعلينا احترامها. لأنه كان يريد عازف ربابة تقليديا. واصلت الغناء والثورة فى مسلسل أكتوبر الآخر؟ نعم فى هذا العمل كتب سيد حجاب أشعارا جيدة تقول للناس انتوا عملتوا إيه بالنصر. المصادفة جعلتك تغنى أغلب تترات هذا العام فى إطار السياسة؟ هذه مصادفة وأنا أحب ذلك رغم أن هذه المنطقة والنوعية من الغناء لا تجلب للمغنى أموالا لكننى مرتاح لذلك. ألبومك الدينى أعطيت حق تداوله لشركة تليفونات أليس فى ذلك مغامرة؟ هم الذين طلبوا منى طرح العمل وأنا وافقت. لكن ليس لديهم خبرة فى مجال الغناء؟ قالوا لى إن لديهم اتفاقا مع شركة لها باع فى عملية توزيع الألبومات. ماذا عن ألبومك الجديد؟ انتهيت من تسجيل خمس أغنيات وعندى أغنيتان من الألبوم الماضى، وحاليا أسجل أخريين من توزيع ابنى أحمد والثانية من توزيع أحمد حمدى رءوف، وسوف يطرح خلال الشتاء المقبل. الألبوم من إنتاجك؟ هذا صحيح لأننى تعودت على غناء ما أريده كما أن الشركات أغلقت ولم يبق من أصل 380 شركة مصرية سوى شركتين هما عالم الفن لمحسن جابر وفرى ميوزيك لنصر محروس. إلى جانب شركة روتانا العربى. ومنذ أيام استمعت إلى محسن جابر فى أحد البرامج وهو يطالب بتدخل الرئيس مبارك لحماية الصناعة من الانهيار بسبب القرصنة. وأضم صوتى إلى صوته.