القانون يضع العوائق المالية أمام تأسيس الجمعيات ويجعل أموالها أموالا عامة ويحول العاملين فيها الى موظفين فى الجهاز الحكومى - القانون يتناقض مع الدستور ويحول تأسيس الجمعيات بالأخطار إلى تصريح - مشروع القانون جعل من الجهة الإدارية الخصم والحكم ويمنح الجهة الإدارية صفة الضبطية القضائية - اللجنة التنسيقية تقنين للتدخل الأمنى فى نشاط الجمعيات - القانون يمنح الوزارة حق حل الجمعيات ويسمح بالحبس والغرامة
وجهت المنظمة المصرية لحقوق الانسان نقدا لاذعا لقانون الجمعيات الأهلية الذى يناقشه مجلس الشورى حاليا . وأكدت فى تقرير لها، أرسلته الى رئيس مجلس الشورى، أن مشروع القانون بنصه الحالى، جاء ليكبل المجتمع المدنى وليس إطلاق حريته، وأنه يتضمن ماهو أسوأ من القانون الحالى. وقالت التقرير، إن ما ورد في الفقرة الخامسة من المادة الحادية عشر، التى نصت على "إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي أو مشروعات في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقات الجهات المعنية"، يضع موافقة هذه الجهات مجالا لهيمنة الحكومة على كافة أنشطة العمل الأهلي. وأضاف التقرير، أن القانون جاء ليضع العديد من العوائق المالية أمام تأسيس الجمعيات الأهلية، بأن نص على أن تأسيس المؤسسات الأهلية ينعقد من خلال " شخص أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو منهما معا، ما لا يقل عن مائتين وخمسين ألف جنيه عند التأسيس لتحقيق غرض غير الحصول على ربح"، ثم يحول هذا المبلغ إلى مال عام في المادة الثالثة، بما يؤدي إلى تحويل القائمين على الجمعيات وفقا لقانون العقوبات كموظفين حكوميين، وكذلك يجعل إمكانية فرض الحراسة على أموال الجمعية بينما هي في طبيعتها أموال خاصة. وأشار التقرير الى أن النص، فى مجمله، يحرم الكثير من الفئات من حقهم في تأسيس مؤسسة أهلية، وتجعله قاصر على من يمتلك هذه الاستطاعة المالية أو يجبر على أخذ شكل الجمعية الأهلية. وفيما يتعلق بعدد أعضاء الجمعية، قال التقرير " أقر القانون بألا يقل عدد أعضاء الجمعية عن عشرين بدلا من عشرة أعضاء كما كان مقرر في القانون القديم مما يعنى (زيادة أعباء جديدة ) وضرورة اكتمال هذا العدد على الأقل لإنشاء جمعية مما يخلق نوع من الظلم للفئات ذات العدد المحدود التي لن تجد هذا العدد من الأعضاء لإنشاء جمعية ويحرمها من أحد الحقوق التي رعاها الدستور وهو حق تكوين التنظيمات". وأكد التقرير أن مشروع القانون تضمن مادة تفرغ النص الدستوري في الدستور الجديد من مضمونه. وأوضح أن المادة السادسة من مشروع القانون نصت على " أن تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية بحصول هذا القيد أو بمضي ستين يوما من تاريخ الإخطار بتأسيسها، أيهما أقرب"، لكنه يعود في المادة السابعة ويقر حق امتناع الجهة الإدارية عن القيد وعلى المؤسسين آنذاك اللجوء للقضاء، أي أنه في الممارسة العملية يحول الأخطار إلى تصريح، وعلى أرض الواقع تكون الإجراءات ذاتها هي التي تتم في ظل القانون الحالي. وذكر التقرير أن مشروع القانون جعل من الجهة الإدارية الخصم والحكم في ذات الوقت، فقد نصت المادة 20 بأن " لممثلي الجهة الإدارية الذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزير المختص دخول مقر أي من الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والمنظمات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو فروعها لمتابعة أنشطتها والإطلاع على سجلاتها وفحص أعمالها من الناحية الإدارية والمالية والفنية للتحقيق من مطابقتها لأحكام هذا القانون، ويكون لممثلي الجهة الإدارية صفة الضبطية القضائية، ويجوز لهم الاستعانة بأي من أجهزة الدولة المعنية". وهذا يعد تدخلا من الجهة التنفيذية والكيل بمكيالين لإغلاق بعض الجمعيات التي لا يروق لها نشاطها كما يعد منح الضبطية القضائية لها تدخلا في شؤون القضاء. وشدد التقرير على استمرار ذات النهج السابق في فرض العقوبات السالبة للحرية، فقد نصت المادة 42 على أن للجهة الإدارية طلب الحل في حال انضمام الجمعية أو اشتراكها أو انتسابها لجمعية أو منظمة خارجية دون إخطار الجهة الإدارية وعدم اعتراضها خلال ستين يوما، ثم ترتب عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه على تلك المخالفة. ولفت التقرير الى ان مشروع القانون يقنن للتدخل الأمني في نشاط الجمعيات الأهلية، فقد نص مشروع القانون المقترح في متن المادة 57 على أنه "تنشأ لجنة تنسيقية للبت في كل ما يتعلق بنشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر والتمويل الأجنبي، وتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء برئاسة الوزير المختص وعضوية ممثلين للوزارات والجهات الآتية يختارهم الوزراء المعنيون؛ ممثل لوزارة الخارجية، ممثل لوزارة العدل، نائب لرئيس مجلس الدولة يختاره رئيس المجلس، ممثل لوزارة الداخلية، ممثل لوزارة التعاون الدولي، ممثل لوزارة الشئون الاجتماعية، ممثل لوزارة الأمن القومي، ممثل للبنك المركزي". وأضح التقرير أن المادة سالفة الذكر تفتح الباب أمام تدخل الأمن في شئون المنظمات وإعاقة أنشطتها بل ويعترف بدورها صراحة مما يفقد الجمعيات الأهلية الاستقلالية في نهاية المطاف، الأمر الذي يتعارض مع المادة 51 من الدستور الجديد، التي تنص على تأسيس الجمعيات بالإخطار. وقال التقرير " إن المشروع يمنح اللجنة سلطة تعريف الجمعيات وأهدافها، والتدخل في نشاطاتها، وحق رفض أو الموافقة على تمويل أجنبي حسب نوع النشاطات، واتخاذ قرار بحل الجمعيات، ولا يسمح مشروع القانون للمنظمات غير الحكومية الدولية بالاستقرار في مصر أو القيام بنشاطات فيها دون الحصول على موافقة مسبقة، كما أن الحصول على تمويل حكومي أجنبي بشكل مباشر أو غير مباشر ممنوع تماما على كل منظمات المجتمع المدني، وهذا يقوض سبل بقاء الكثير من الجمعيات، وخاصة منظمات حقوق الإنسان، التي تعتمد على المنح العامة ( الحكومية). وطالب التقرير بإطلاق حرية الجمعيات والمنظمات الأهلية في العمل في كافة الميادين والمجالات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والثقافية والفكرية والسياسية العامة غير الحزبية ،على أن يتضمن القانون الجديد تفسير معنى النشاط السياسي والنقابي الممنوع عن الجمعيات بدلاً من اللائحة التنفيذية . وإلغاء سلطات الجهة الإدارية في التفتيش على الوثائق والمستندات ودخول مقار الجمعيات من قبل موظفيها دون إخطار. وشدد التقرير على ضرورة العمل على إعلاء شأن واعتبار الجمعية العمومية باعتبارها صاحبة السلطة الوحيدة داخل الجمعية وتحديد أوجه نشاطها وأنظمتها وتعديلها وتكون قراراتها نافذة، ولايجوز الاعتراض عليها أوعلى المرشحين لعضوية مجلس الإدارة من جانب الجهة الإدارية. وأكد التقرير على حظر حل الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو إيقاف نشاطها بيد الجهة الإدارية، وأن يجعل هذا الأمر من اختصاص القضاء وبحكم استنفذ كافة طرق الطعن عليه . والأخذ بمبدأ تناسب الجزاءات مع المخالفات، ولايجوز توقيع عقوبات جنائية على العمل المدني للجمعيات أوعلى أعضائها، وفي جميع الأحوال لا يمكن أن يقرر أو يحكم بتلك الجزاءات إلا من قبل القضاء ، بعد ضمان حق الدفاع في محاكمة علنية وعادلة. وطالب التقرير أيضا، بحرية المنظمات الأهلية في تلقي التمويل اللازم لأنشطتها بشرط الإخطار والإعلان عن مصادر هذا التمويل وأوجه إنفاقه، مع كفالة حق المنظمات في اللجوء إلى القضاء في حالة اعتراض الجهة الإدارية على تلقيها هذه الأموال، وفي حالة عدم قيام الجهة الإدارية بالرد بالموافقة على تلقي الجمعية التمويل وذلك خلال شهر من تاريخ الإبلاغ يعتبر التموي لساريًا. وأن تضمن الدولة، في قوانينها، إعفاءات للجمعيات من الضرائب والرسوم وأن تشجع المانحين والمتبرعين على خصم قيمة ما يتبرعون به من وعائهم الضريبي بنسبة مقبولة، ولاينبغي أن تتحول هذه المزايا والإعفاءات الضريبية إلى وسائل للتدخل في شئون الجمعيات. وعلق حافظ أبو سعده رئيس المنظمة على على التقرير، مؤكدا أن مشروع القانون المقترح من قبل وزارة الشئون الاجتماعية، بأنه لا يشجع حرية العمل بالمجتمع المدني على الإطلاق، وإنما يفرض مزيدا من القيود على أنشطة الجمعيات الأهلية من خلال حظر إجراء البحوث الميدانية، والأنشطة الحقوقية التقليدية، مثل دعم المطالبة بحقوق أصحاب مهنة معينة في مواجهة أصحاب الأعمال، سواء كان العاملون بالقطاع العام أو الخاص، وبالتالي عدم تقديم المساعدة القانونية للعاملين الذين تتعرض حقوقهم للعسف، أو التضامن مع العاملين المنتهكة حقوقهم في العمل. وأضاف أبو سعده أن القانون الجديد جاء لتكبيل المجتمع المدني بدلا من إعطاءه دور رقابي لها على أداء الدولة في جانب الخدمات التي تقدمها، كما خلي المشروع من التشجيع على ممارسة حرية الجمعيات وتقوية مجتمع مدني مستقل، ناشط وديمقراطي واتخاذه تدابير من شأنها عدم المساس بحرية الجمعيات ومن أمثلة تلك التدابير والتعزيزات التسهيلات والإعفاءات المالية والضريبية التي جاءت دون أن تخلي من القيود والاشتراطات الإدارية المعقدة والمقيدة لاستخدام الحق .