برافو وزير خارجية بريطانيا.. فقد لدغ إسرائيل المدانة بارتكاب جريمة تزوير وقتل القيادي في حركة حماس محمود المبحوح أثناء إقامته في الفندق في دبي يوم 19 من يناير الماضي. فقد وقف وزير خارجية بريطانيا في مجلس العموم ليعلن أن حكومته قررت طرد الدبلوماسي الإسرائيلي من لندن بعدما أثبتت التحقيقات أنه يعمل لحساب الموساد وتورط في تزوير عدة جوازات سفر بريطانية، دخلت عصابة الموساد بواسطتها إلي دبي بالإمارات العربية بحجة السياحة، وإذ بها ترتكب جريمتها الإرهابية بخنق القيادي الفلسطيني.. ولولا يقظة جهاز الأمن العربي لكانت الموساد قد هربت بجريمتها، فانطبق عليها قول ربنا سبحانه وتعالي «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» (الأنفال:3). لقد فضح الله الإسرائيليين الماكرين وسجلت كاميرات الفندق صور وتحركات عصابة الموساد، وتتبعتها أجهزة التحقيق في دبي وأخطرت بريطانيا وأستراليا وغيرهما بجريمة تزوير جوازات السفر المستخدمة في جريمة القتل، وانتهت أجهزة التحقيق البريطانية والأسترالية إلي صحة الاتهامات التي وجهتها دبي لعصابة الموساد وتورط الدبلوماسي الإسرائيلي في سفارة إسرائيل بالعاصمة البريطانية في تزوير جوازات السفر البريطانية، وهو تصرف غير مشروع من الممثل الدبلوماسي استحق عليه الطرد من بريطانيا باعتباره قد أصبح شخصاً غير مرغوب فيه، «persona non grata»، وهي عبارة في اللغة اللاتينية ولكن شاع استخدامها في اللغتين الفرنسية والإنجليزية وغيرهما للإفصاح عن ضيق حكومة الدول التي توجد بها السفارة من تصرفات السفير أو أحد الدبلوماسيين بها بسبب ارتكاب أفعال تخرج عن مهمة الدبلوماسية السامية وتهبط لمرحلة الجريمة أو الإخلال بقوانين الدولة وأمنها إخلالاً يستحق عليه الطرد كما فعلت حكومة بريطانيا مع الدبلوماسي الإسرائيلي في لندن. ولم يكن تصرف بريطانيا مجرد عقاب شخصي للدبلوماسي الإسرائيلي، بل هو عقاب لدولة إسرائيل المتهمة دائماً بانتهاك القوانين والأعراف الدولية وارتكاب جرائم بشعة مثل تلك التي وقعت أثناء حملتها العسكرية بعنوان «الرصاص المصبوب» علي غزة في المدة من 27 من ديسمبر 2009 حتي 18 من يناير 2010، واستخدمت فيها الأسلحة المحرمة دولياً وقتلت وهدمت علي نطاق واسع، والتي جعلت الأممالمتحدة توفد لجنة لتقصي الحقائق برئاسة القاضي العادل جولدستون الذي أصدر مع اللجنة التقرير الشهير الذي يقع في 575 صفحة ويتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بشعة وجرائم ضد الإنسانية وطلب محاكمة قادتها السياسيين والعسكريين أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بهولندا، وقد ثارت إسرائيل ومعها أمريكا ضد التقرير وحاولتا إجهاضه في مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، ولكن المجلس صادق علي التقرير ثم صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة وطلبت من مجلس الأمن أن يتخذ الإجراءات اللازمة طبقاً للفصل السابع من الميثاق، وهو فصل العقوبات والمحاكمات الدولية، واحتفظت الجمعية العامة بالقيادة في هذه القضية بمعني أن مجلس الأمن لن تكون له الكلمة النهائية في الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية إذا ما استخدمت أمريكا الفيتو كعادتها.. إذ سيعود الأمر إلي الجمعية العامة طبقاً لقرار شهير صدر عام 1950 يطلق عليه «قرار الاتحاد من أجل السلم» وهو يخول للجمعية العامة إجراء التصرف الذي لم يفعله مجلس الأمن بسبب الفيتو، أي أن تقوم الجمعية العامة نفسها بإحالة ملف القضية للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حتي لا يفلت المجرمون الإسرائيليون الكبار من العقاب بعدما أدانهم المجتمع الدولي وأدان إسرائيل علي جرائمها في غزة كما شهدت العديد من المظاهرات المليونية في جميع أنحاء العالم التي هتفت ضد إسرائيل وحرقت أعلامها في إعلان صريح بأنها قد أصبحت في المجتمع الدولي شخصاً دولياً منبوذاً وغير مرغوب فيه «persona non grata». فماذا فعلت القمة العربية المجتمعة في سرت أوائل هذا الأسبوع؟ وماذا فعلت لهذا الكيان الصهيوني الذي أعلن عن بناء 1600 مسكن لليهود مكان سكن الفلسطينيين وإعاشتهم في القدسالشرقيةالمحتلة منذ عام 1967؟ ماذا فعلت القمة العربية لمقاومة ومواجهة مخطط إسرائيل لهدم المسجد الأقصي وبناء الهيكل مكانه؟ لقد صدرت صحف يوم الاثنين بأخبار الجلسة النهائية لقمة سرت العربية التي أطلق عليها قمة «دعم صمود القدس» حيث تقرر زيادة دعم صندوق الأقصي والقدس إلي 500 مليون دولار، وأكدت القمة أن القدسالشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، وأن جميع الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي باطلة ومنعدمة قانوناً وحكماً، ولا يترتب عليها إحداث أي تغيير في وضع المدينة القانوني كمدينة محتلة ولا في وضعها السياسي باعتبارها عاصمة لدولة فلسطين.. وأعرب القادة عن الدعم الكامل لمدينة القدس وأهلها الصامدين المرابطين علي أرضهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل عليهم وعلي مقدساتهم خاصة علي المسجد الأقصي المبارك.. ودعا العرب الرئيس باراك أوباما إلي التمسك بموقفه المبدئي والأساسي الذي دعا فيه إلي الوقف الكامل لسياسة الاستيطان في جميع الأراضي المحتلة بما في ذلك القدسالشرقية.. وعدم قبول الحجج الإسرائيلية لاستمرار الاستيطان والاعتداء المستمر علي القدس لتهويدها والضغط علي إسرائيل للوقف الكامل للاستيطان. هذا ما قاله القادة العرب في قمة سرت التي أخذت عنوان «دعم صمود القدس».. وهو مجرد كلام في مواجهة أعمال تباشرها إسرائيل علي الأرض.. فهي تهدم البيوت وتطرد أهلها وتنشئ كنيس الخراب وتلحق الحرم الإبراهيمي بسلطاتها وتستمر في الحفر تحت المسجد الأقصي حتي تضعف أساساته ويسقط لكي يسارع المتطرفون اليهود ببناء الهيكل مكانه كما يعلنون.. ويتحدي نتنياهو الرئيس الأمريكي ونائبه ويعلن عن بناء 1600 وحدة سكنية في القدسالشرقية ضد إرادة أمريكا.. فامتلك ناصية الأفعال بينما وقف العرب في سرت يتفرجون علي رصيف الأقوال.. ولك الله يا قدس.