أكثر من نصف الشعب المصري يعيش الآن تحت خط الفقر ونسبة كبيرة لا تستطيع توفير مجرد العيش الحاف. انهار الجنيه المصري ليساوي اليوم 22% من قيمته عام 1981. استفحل الغلاء وتزايدت أسعار السلع الأساسية بصورة غير مسبوقة كيلو اللحمة وصل 70 جنيها. استشرت البطالة حتي جلس أبناؤنا علي الأرصفة والمقاهي بلا عمل أو أمل في المستقبل. تدهورت الصحة العامة نتيجة السموم والمبيدات المسرطنة. تدهورت الخدمات الصحية المجانية حتي اقتصر العلاج علي القادرين و الوزراء وأعضاء البرلمان. تدهورت العملية التعليمية وازدادت الأعباء التي تتحملها الأسرة حتي أصبح الحديث عن التعليم المجاني نكتة سخيفة، وأصبحت مصر تحتل مركزا متأخرا في مؤشر التنمية البشرية وعادت فتدهور موقعها ليصبح قرب ذيل القائمة! تضاعفت أعداد المعتقلين في 29 عاما. انهار الإعلام المصري حتي أصبح أبناؤنا يشاهدون فقط القنوات العربية والأجنبية. استشري الفساد ليسيطر علي كل أنشطة الدولة ويصل لأعلي مستويات الحكم ويصبح النهب المنظم هو القاعدة وليس الاستثناء. أصبحت الرشوة والمحسوبية هي أساس قضاء الحاجات في المصالح الحكومية. ضعف تأثير مصر الإقليمي عربياً وأفريقياً وهزل وزنها الدولي حتي أصبحت مجرد تابع يروج للسياسات الأمريكية في المنطقة. أصابنا وباء من الفشل العام حتي أصبحنا نحصل علي الأصفار في كل المجالات. وقفت عقارب الزمن مع بطء إجراءات التقاضي وشعور المواطن بغياب العدل. استشرت البيروقراطية حتي خنقت كل نشاط أو مبادرة، وأصبح التعامل مع الحكومة وأجهزتها مصدراً للمعاناة والعذاب الذي يطول لسنوات. وتسببت البيروقراطية والفساد الحكومي في انهيار مركز مصر التنافسي، واستشري الركود الاقتصادي نتيجة لسياسات الجباية والبلطجة، مما أدي لازدياد معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة. نتيجة لطبيعة النظام التي تكرس تجميد الأوضاع وتخليد المسئولين وتوريث المناصب، أصبحت الدولة تعاني من عملية انتخاب عكسي، يطرد أفضل عناصر المجتمع ويحاصرهم ويدفع فقط الأبناء والأقارب والأصهار والمنافقين والفاسدين وضعاف الأداء لمقاعد الحكم والإدارة في كل مجال. أصبحنا نعاني من ازدواجية كاملة في كل جوانب الحياة، ضاعت مواردنا نتيجة للمظهرية التي تهدر طاقات الوطن في رسم صور مزيفة للواقع ومحاولة تجميل الفشل وتصويره علي أنه إنجازات وتكريس الإعلام الوطني في غسيل مخ الشعب وتغييبه عن الحقائق. استشرت العنوسة حتي هددت النسيج الأخلاقي للمجتمع بظواهر مستجدة مثل الزواج العرفي الذي نشأ نتيجة عجز الشباب عن تكوين مستقبلهم وفتح بيوت لهم. استمر الحزب الحاكم في احتكاره السلطة، بينما يتغني بأزهي عصور الديمقراطية ويتشدق بازدهار التعددية، رغم أن الأحزاب محاصرة، والحزب الحاكم يصطنع أغلبية برلمانية زائفة، رغم أن الشعب لم يعطه سوي 38% من مقاعد مجلس الشعب في انتخابات 2000. الاحتكارات الاقتصادية وزواج السلطة والمال في تحالف يعاني الشعب من آثاره المدمرة في كل المجالات. نحن نؤمن أن كل هذه الأعراض التي يعاني منها الوطن يقف وراءها مرض أساسي مزمن، هو الشمولية وحكم الفرد الذي حول 80 مليون مصري من مواطنين ينتجون ويضيفون للعمل الوطني بصورة خلاقة، إلي رعايا يتلقون التوجيهات وينفذون التعليمات دون أن يكون لهم رأي أو تأثير في صناعة القرار أو صياغة مستقبل الوطن. ومن أجل أن نترك حكم الفرد ونتجه إلي تفعيل حكم الشعب، لابد أن نضع دستوراً جديدًا.