فجأة وعلي حين غفلة.. انتفض التليفون الأرضي في منزلي وصحا من غفوته التي طالت واستطالت.. ودق جرسا طويلا طويلا كأنه جرس إنذار أو جرس إسعاف أو جرس حريق. ليوقظني من شوارد النوم ونواعس الراحة بعد ليلة قلقة قلوقة. قال من أيقظني بصوت ابن العاشرة: معلهش يا عمو.. أنا أحمد اللي اتكلمت عليه في مقالتك ووصفتني بالتلميذ الذي لا يكذب! قلت: أهلا يا أحمد.. قال: أنا آسف.. أصل ماعنديش موبايل زي بقية العيال في بلدنا.. قلت: موش أنت اللي قلبت الدنيا في جهاز التعليم في بلدنا كلها.. ويمكن كمان كنت السبب في إقصاء وزير للتعليم ومجيء وزير تعليم جديد.. بعدما كشفت المستور والمستخبي في انهيار العملية التعليمية كلها.. وقلت عن مهازل الغش في الامتحانات+ ضرب التلاميذ عمال علي بطال بسبب ودون سبب+ إجبارهم يوماتي علي الدروس الخصوصية! قال: أيوه وأمي كانت بتستلف من الجيران ثمن الدروس لأن ما معاهاش أل خمسين جنيه ثمن الحصة الواحدة.. ده غير الشتيمة اللي بتنزل يوماتي علي رأس كل تلميذ في المدرسة القذرة المؤرفة من جانب شلة المدرسين المحترمين! وقال: بس حبيت أقول لحضرتك إن معاش أبويا كل شهر من الحكومة صرفناه64 جنيها إلا ربع بس.. موش أربعة وسبعين جنيه وأربعين قرش زي ما قالولنا.. ده غير تلاته جنيه توكتوك لمركز صرف المعاش+ تلاتة جنيه جاي.. طيب نعيش بالخمسة وخمسين جنيه إزاي أنا وأمي وأختي..دول حتي ما يكفوناش العيش الحاف! قلت: أيوه وبالأمارة يا عم أحمد.. صديقنا العزيز د. يوسف بطرس غالي وزير الجباية الغالي.. حاطط عينه عليهم.. عاوز يأخذ منهم نصيبه في ضريبة عقارات علي البيت الآيل للسقوط اللي أنتم عايشين فيه في البلد.. صح كده! قال: أيوه.. والنبي تشوف لنا حل.. دا احنا بدأنا امتحانات آخر السنة.. ما تنساناش والنبي يا عمو؟ لم أفطر.. اكتفيت بكوب صغير من الشاي أعددته بنفسي.. بعد ساعة في مكتبي عقدت اجتماعا عاجلا مع فريق المتدربين من الصحفيين الشباب والصحفيات.. وطلبت منهم أن يمسحوا بر مصر كله بمدنه بقراه بعزبه بكفوره.. يدخلوا البيوت المكتئبة.. ويسألوا الناس: ماذا تأكلون.. وماذا تشربون وكيف تعيشون؟ قلت لهم: اذهبوا إلي مراكز صنع القرار.. ومراكز البحوث.. ومراكز الأرقام والإحصائيات والحقائق.. ومراكز معلومات مصرية حكومية وأجنبية ممثلة في البنك الدولي, وصندوق النقد الدولي, ومجالس حقوق الإنسان.. افتحوا أمامنا صفحات من دفتر أحوال المواطن المصري الآن.. ما له وما عليه؟ وانطلق الرفاق بهمة الشباب وعزيمته يحملون هم المواطن المصري وهمهم.. ليعودوا إلينا بعد أسبوع كامل.. فماذا قالوا؟ وماذا شاهدوا؟ وماذا كتبوا؟ .............. .............. ذهبوا وذهبن إلي مراكز صنع القرار.. ومراكز المعلومات في مجلس الوزراء, وهيئة التعبئة والإحصاء, والمجالس النيابية والتشريعية, واطلعوا علي آخر نشرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يتحكمان في رقاب ومصير ومستقبل سكان العالم الثالث ونحن أولهم.. وعادوا إلينا بكنز من الأرقام والمعلومات والإحصائيات التي أقل ما توصف.. أنها مرعبة! * في تقرير لمركز المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء الموقر اتضح أن لدينا32 مليون فقير في مصر.. بل يعيشون تحت خط الفقر نفسه.. يعني الفقر أصبح بالسبة إليهم أملة يعني بالعربي الفصيح أملا بنسبة تصل إلي46% من سكان مصر.. ودخلهم اليومي أقل من دولار واحد في اليوم يعني560 قرشا في اليوم.. يعني نحو180 جنيها في الشهر! واتضح أيضا أن نصيب أكثر من20% من سكان مصر فقرا وعوزا من الدخل القومي.. لا يتجاوز8% فقط لا غير.. بينما نصيب أغني20% من السكان45% من الدخل القومي.. يعني نصف الدخل القومي كله تقريبا! واتضح أيضا وهذه هي المصيبة الكبري أن94% من فقراء مصر لا يقرأون الصحف ولا الكتب! * وفي تقرير التنمية الاقتصادية في الدول العربية اتضح أن نحو23% من الشعب المصري عند خط الفقر والفساد+ يقابلهم أكثر من سبعة ملايين غني بنسبة10% من السكان+ هؤلاء السعداء يحيط بهم40 مليون مواطن آخر فقر وآخر عوز وآخر مرض وآخر حاجة!+15 مليون إنسان تحت خط الكفاف+10 ملايين إنسان تحت خط الفقر.. ياساتر! واتضح أيضا أن84% منهم بلا عمل.. يجلسون علي المقاهي ويتسكعون في الشوارع ويضعون همهم في البانجو أو التحرش بالفتيات أو حتي اغتصابهن! * ولكن الأخطر من ذلك كله.. أن نحو74% من فقراء مصر.. يعني الناس اللي آخر غلب.. لا يتعاطون السياسة.. لأنها تسبب لهم سوء هضم.. بوصفهم خارج دائرة الإصلاح السياسي حسب تعبير عم عطوة, وهو فلاح يزرع قيراطين برسيم وخضراوات بناحية البوادي في كفر الشيخ ماحدش بيسأل فيهم أبدا.. يادوب يشوفوا المرشح لمجلسي الشعب أو الشوري مرة واحدة بس.. ساعة الترشيح وآدي وش الضيف! * وقدم خبراء الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء آخر اورقاهم.. قالوا: ارتفعت اسعار اللحوم والدواجن بنسبة18%+ الزيوت10%+ الجبن والبيض والالبان بنسبة8,5% والخضروات54% والفاكهة26% والسكر22%. ............. ............. لا.. للدعم النقدي! لنترك الساحة الآن لفريق المتدربات الصحفيات والصحفيين الشباب.. هبة عبدالخالق+ فريدة عبدالستار+ سامح قايدر باي.. لكي يقولوا لنا ماذا شاهدوا؟ وماذا سجلوا في مفكراتهم وعدسات عيونهم وعقولهم وكاميراتهم؟ * ذهبنا وسألنا.. طفنا ومشينا.. طرقنا أبواب الناس الغلابة.. دخلنا بيوتا أحنت رءوسها عوزا وحاجة.. جلسنا في غرف معتمة بلا نوافذ.. وتحدثنا إلي أفقر أهل الله في بلد النيل والنخيل وشمس الأصيل.. تحدثنا إلي من فاض بهم الكيل جوعا وفاقة وسؤالا.. تحدثنا إلي من تقول أرقام الحكومة الرسمية إنهم تحت خط الفقر.. وفوق خط الفقر.. وعند خط الفقر! ولم تكتف الحكومة المصونة بأنهم آخر غلب.. بل زدناهم غلبا وغما بحديثنا وتصريحاتنا التي تخرج من أفواه أصحاب القرار الذين يجلسون في غرف مكيفة ويركبون عربات مكيفة ويتحدثون بلغة مكيفة.. وكأنهم سياح قادمون من بلاد الفرنجة يتفرجون ويتندرون ويتعجبون علي أهل مصر عتيقة ويلتقطون صورا تذكارية للذين لا يرحمون.. ونحن نريد أن نمنحهم نقودا زيادة في جيوبهم لكي يشتروا ما يشتهون وما يأكلون وما يشربون.. بداية من رغيف العيش حتي زجاجة الزيت وباكو الشاي وتلقيمة السكر وشيكارة الأرز.. تحت مسمي الدعم النقدي بدلا من الدعم العيني.. حتي يخلعوا ثياب البطة السوداء وينضموا إلي حظيرة أولاد البطة البيضاء.. يدفعون من جيوبهم ثمن ما يشترون وما يأكلون وما يلبسون وما يركبون! وقفنا معهم من صباحية ربنا علي حد تعبيرهم البسيط وحتي صفاري شمس.. في طوابير العيش وأنابيب البوتاجاز واللحمة المستوردة, حيث يتحول البني آدم إلي وحش كاسر في غابة وناسها ديابة! واقفا يزفر وينطر في طابور العيش.. قال لنا مدرس إعدادي ترك حصص تلاميذه في المدرسة في قرية شلقان في القليوبية: أنا تركت المدرسة والدرس والحصص وأخذت نصف يوم إجازة وفوضت زميلا لي ليحل محلي في جدول الحصص.. لكي أحصل لأولادي علي عشرين رغيفا مسلوعا مضروبا ممصوصا في حجم كف الإيد. قلنا له: طيب ما الحكومة كتر خيرها.. حتديلك فلوس دعم تشتري بيها العيش والزيت والأرز والسكر اللي انت عاوزه! قال: وهو فيه حد بيسأل فينا في الزمن الأغبر ده! قلنا له: كل شيء مدروس.. وكل شيء محسوب بالقلم والورقة. يسألنا: مين قال الكلام ده؟ قلنا له: انت ما بتقراش جرايد.. رئيس الوزراء.. هو اللي قايل كده.. قال: والنبي تقولوا لرئيس الوزراء بتاعنا اللي عاوز يجوع الشعب المصري.. اسمع كلام رئيسك.. اسمع كلام الرئيس مبارك اللي قال لا مساس بالدعم.. وشيل إيدك عن الدعم.؟ والنبي يا عم حمزة آسف أقصد يادكتور نظيف وخلي الطابق مستور! .............. .............. غول.. اسمه الغلاء غول اسمه الغلاء يطحن عظام الخلق بكرة وعشية.. ولا أحد يقف في طريقه.. ولا حتي يقول له تلت التلاتة كام! اختفي مفتش التموين.. كأن الأرض انشقت وابتلعته.. واختفي في ظروف مريبة.. كشك أمناء الشرطة في الأسواق والشوارع التجارية! الأسعار تزيد كل يوم.. وإذا سألنا.. فالجواب: هي كده اللي عاجبه ياخد.. واللي موش عاجبه يضرب دماغه في الحيط! وفي ظل ارتفاع الأسعار المبالغ فيه, فوجئ متوسطو الدخل ومحدودو الدخل, ومعدومو الدخل بتصريحات رسمية تفيد بأن الحكومة سوف ترفع الدعم العيني عن السلع الأساسية التي يتزايد سعرها بشكل يومي في ارتفاع غير مسبوق واستبداله بالدعم النقدي بدعوي أن يصل الدعم إلي مستحقيه! ووفق أرقام رسمية, فإن سعر رغيف الخبز سيقفز من خمسة قروش إلي عشرين قرشا, وأنبوبة البوتاجاز سيصل إلي عشرين جنيها, ثم إلي أربعين, ومع هذا تتعهد الحكومة بأن تقدم الدعم لمن تعتبرهم مستحقين له بتعويضهم بثلاثة أرغفة يوميا لكل فرد, وأنبوبة غاز لكل أسرة! والسؤال هنا: من في نظر الحكومة يستحق الدعم.. وأي دخل تعتبره الحكومة كافيا لأسرة مكونة من خمسة أشخاص, أو أكثر ليأكلوا+ يتعلم الأبناء+ فاتورة العلاج والماء والكهرباء+ المواصلات+ إيجار منزل؟ ماذا يكفي في نظر الحكومة كدخل أسرة؟ لو افترضنا أن الحكومة ستعتبر مستحق الدعم العيني من يقل دخله عن200 جنيه كاملة.. ماذا ستفعل بها أسرة مصرية لتعيش بعد أن يتم إلغاء الدعم السلعي؟ الجواب: سوف ترتفع الأسعار بشكل جنوني, أي أن الأسرة التي تحصل علي دخل حتي لو خمسمائة جنيه مع زيادة الأسعار لن تستطيع الحياة وستصبح تحت خط الفقر وتحت وطأة الأسعار! والدخل ثابت ولا يتغير ولو تغير فبنسبة ضئيلة يقابلها ارتفاع جنوني في الأسعار, والضغوط التي يقابلها المواطن المصري جعلته قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أي لحظة.. وستواجه الحكومة حينئذ خطرا جسيما يفوق الإرهاب وهو الفقر! .................... ................... كارثة تعويم الجنيه.. هي السبب! .. والآن ماذا قال خبراء الاقتصاد لفريق المتدربات والمتدربين؟ ** قال لهم د. إسماعيل صبري عبدالله وزير الاقتصاد الأسبق: إن الحالة الاقتصادية المتردية التي وصلنا إليها سببها الرئيسي سوء تنفيذ قرار تعويم الجنيه المصري الصادر في2003/1/28, بالشكل الذي أدي إلي انخفاض سعر صرف الجنيه لأكثر من40% من قيمته وهو ما ترتب عليه التهاب الأسعار, وانخفاض الدخول الحقيقية, وانخفاض الاستثمارات, بالإضافة إلي تدهور أغلب المؤشرات الاقتصادية, وتفاقم نسب البطالة وزيادة المعاناة. وأضاف الخبير الاقتصادي: أنه كان ينبغي علي الحكومة قبل أن تنفذ قرار تعويم الجنيه أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لذلك من خلال الحصول علي خط ائتمان من إحدي المؤسسات الدولية, بما يسمح لها بالوفاء بكل احتياجات تمويل الواردات, وفتح الاعتمادات لتفادي قيام سوق سوداء, كالذي نواجهه في مصر الآن, وأيضا كان ينبغي عليها تنظيم سوق مصرفية خاصة لضمان انسياب السيولة بين البنوك المختلفة, وإزالة بؤر الأزمات والاختلالات التي قد تظهر بين العرض والطلب, وهو ما يعرف بسوق انتربنك وأخيرا كان من الضروري مراجعة موازنة الدولة لتوجيه جزء من الزيادة التي ستتحقق نتيجة لتخفيض قيمة العملة في إيرادات قناة السويس, وصادرات البترول والغاز الطبيعي والجمارك لدعم السلع الأساسية وتثبيت أسعارها, ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. وعلي الرغم من أن الظروف الدولية الراهنة التي ترتب عليها انخفاض حركة التجارة الدولية والاستثمارات العالمية الخاصة, وارتفاع أسعار السلع الغذائية والخامات الرئيسية بشكل ملحوظ قد أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية الداخلية, فإنها لم تكن السبب الرئيسي لوصولنا إلي ما نحن عليه الآن, والدليل علي ذلك والكلام للدكتور إسماعيل صبري أنه علي الرغم من تلك الظروف العالمية فقد نجحت143 دولة في تحقيق معدلات نمو أعلي من معدل نمو الاقتصاد المصري منها دول من الشرق الأوسط, فتركيا حققت نموا بنسبة8,7%, وإيران5,6%, والسودان1,5% وحتي سوريا والسودان حققا نموا بنسبة5,3%, وهو ما يؤكد أن الخلل داخلنا نحن. ولكي نعبر تلك الأزمة ينبغي أن نقتنع بأن الإصلاحات الجزئية لن تفيد كثيرا, وأنه لمواجهة هذه التحديات لابد من نهضة كاملة تشمل السياسة والاقتصاد والمجتمع ككل, وذلك لأن استمرار الوضع الراهن علي ما هو عليه الآن سوف يؤدي إلي زيادة التوتر في العلاقة بين المواطن والحكومة بالشكل الذي قد يصل إلي درجة الصدام. ** وأكدت لهم د. سهير عبدالمنعم الخبيرة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن تأثير ارتفاع الأسعار, وزيادة أعداد المدرجين تحت جرائم الفقر والتي تتمثل في التشرد والتسول, بالإضافة إلي زيادة عدد الباعة الجائلين وعمالة الأطفال, وهي بالطبع أمور كلها لا يمكن أن توجد في أي مجتمع متحضر له سياساته الواعية وخططه المستقبلية السليمة. إن المجتمع المصري أصبح الآن علي شفا بركان يغلي وقد ينفجر في أي لحظة.! فعندما يعجز الأفراد عن الحصول علي أبسط احتياجاتهم الأساسية مثلما نحن نوشك عليه الآن بالشكل الذي ينبيء بحدوث مجاعة, سوف تعجز كل النظم والأجهزة الأمنية في السيطرة علي المواطنين, فبالتأكيد حينما تغلق كل الأبواب في وجه المواطن, ويفشل في الحصول علي قوت يومه, فلن يهمه شيء وقتها, ولن يردعه رادع, وستكون العواقب وخيمة.. ** ويؤكد د. محمد عويس وكيل المعهد العالي للخدمة الاجتماعية أن المتغيرات الاقتصادية الراهنة التي أدت إلي انتشار الفقر والبطالة أصابت المجتمع كله بالإحباط, وجعلت الاتجاه للجريمة سهلا. لقد أصبح المجتمع المصري أحد المجتمعات المستهلكة فقط وليست المنتجة, مما شكل ضغوطا اقتصادية علي أفراد المجتمع كانت نتائجها التغيير السلبي المباشر في سلوك الأشخاص, وبالتالي ازداد عدد المجرمين ومعدلات الجريمة بصفة عامة وسيما في الآونة الأخيرة. إن زيادة الضغوط الاقتصادية أثرت علي طبقات المجتمع المصري, وتسببت في ظهور فئة جديدة من المجرمين تسمي مجرمي الياقات البيضاء, وهم بعض الأشخاص الحاصلين علي أعلي الشهادات, وأكبر الدرجات العلمية كالأطباء والمهندسين وغيرهم من صفوة المجتمع. ** وقال لهم د. حمدي عبدالرحمن خبير الإرهاب: إن التراخي أو تسويف البدء في تحقيق الإصلاح الاقتصادي سوف يؤدي إلي كارثة فظيعة لا يمكن مواجهتها, وذلك لأن المجتمع المصري معرض لانفجار مدو لن يقدر عليه أحد, ولن يرده راد, وعلي النظام الحاكم أن يدرك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. إن علي الحكومة ألا تخدع نفسها والرأي العام من خلال إطلاق مبادرات جوفاء أو تقديم حلول جزئية,لا تودي ولا تجيب! وتبقي علامات الاستفهام: كيف نضبط الأسعار؟ كيف نوفر السلع الغذائية للناس؟ وإلي أين يذهب الدعم؟ يتساءل هنا الدكتور حسن حافظ عبدالرحمن: هل الحكومة غير قادرة علي ضبط الأسعار, والضرب بشدة علي أيدي المحتكرين والتةار الجشعين؟ أم أن الأمر أصبح خارج السيطرة, وفي رأينا ومن خبراتنا أن ضبط الأسعار والقضاء علي المحتكرين لا يحتاج إلي أكثر من شهر واحد إذا كانت هناك جهود قوية تعمل بحق لمساعدة محدودي الدخل, ففي إمكان أي حكومة تتسم بالخبرة والمعرفة والنزاهة والشرف والأمانة أن تحقق هذا البرنامج في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات, ولاشك أنه من غير المعقول أن تعتمد مصر علي العالم الخارجي بأكثر من70% من غذائها؟ .................. .................. .. وماذا بعد؟ البلد كله, بما فيه مجلس الشعب نفسه, لا حديث له, إلا عن ارتفاع الأسعار الجنوني.. وإلي أين يذهب الدعم؟ لقد قال رئيس مجلس الوزراء أمام المجلس الموقر ونوابه: إنه لا مساس برغيف العيش+ الغاز.. وفيما عدا ذلك فهو متروك للخبراء والوزراء يقررون مصيره, ويشمل بالطبع السكر+ الزيت+ الشاي+ ألبان الأطفال! وقال رئيس مجلس الوزراء للنواب: هذا هو ما نستطيع عمله.. إذا كان عندكم حلول أخري فتعالوا.. نجيب فلوس من خارج الموازنة؟ مطلوب7,4 مليار جنيه الآن.. نجيبها منين؟ لو عاوزين تزودوا الرواتب قولوا لنا نجيب فلوس منين عشان نزود الرواتب من بكرة؟ كل شيء الآن يسير سيرا حسنا.. الصورة ليست قاتمة كما يدعون.. عندنا الناس لا تشعر بما فعلنا طيب.. الكهرباء وقلت العشوائيات وكمان الضمان الاجتماعي زاد.. فيه صرف صحي+ فيه طرق جديدة+ فيه مصانع جديدة.. وتقولون لا نشعر بتحسن! انتهي كلام رئيس مجلس الوزراء بوصفته الذكية لإنقاذ الخلق من التركيبة النكدية.. ولكن يبقي الحال علي ما هو عليه.. لحين إشعار آخر.. ودمتم! ............. ............. آخر مكالمة تليفونية بيني وبين أحمد ابن العاشرة.. التلميذ الذي لايكذب.. تلقتها زوجتي.. قال لها. بلغي عمو أن انا رايح اشتغل في غيطان البصل في بلدنا.. عشان اصرف علي أمي واخواتي!{