«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطة الذكية‏..‏ في التركيبة النكدية‏!‏

فجأة وعلي حين غفلة‏..‏ انتفض التليفون الأرضي في منزلي وصحا من غفوته التي طالت واستطالت‏..‏ ودق جرسا طويلا طويلا كأنه جرس إنذار أو جرس إسعاف أو جرس حريق‏. ليوقظني من شوارد النوم ونواعس الراحة بعد ليلة قلقة قلوقة‏.‏ قال من أيقظني بصوت ابن العاشرة‏:‏ معلهش يا عمو‏..‏ أنا أحمد اللي اتكلمت عليه في مقالتك ووصفتني بالتلميذ الذي لا يكذب‏!‏
قلت‏:‏ أهلا يا أحمد‏..‏
قال‏:‏ أنا آسف‏..‏ أصل ماعنديش موبايل زي بقية العيال في بلدنا‏..‏
قلت‏:‏ موش أنت اللي قلبت الدنيا في جهاز التعليم في بلدنا كلها‏..‏ ويمكن كمان كنت السبب في إقصاء وزير للتعليم ومجيء وزير تعليم جديد‏..‏ بعدما كشفت المستور والمستخبي في انهيار العملية التعليمية كلها‏..‏ وقلت عن مهازل الغش في الامتحانات‏+‏ ضرب التلاميذ عمال علي بطال بسبب ودون سبب‏+‏ إجبارهم يوماتي علي الدروس الخصوصية‏!‏
قال‏:‏ أيوه وأمي كانت بتستلف من الجيران ثمن الدروس لأن ما معاهاش أل خمسين جنيه ثمن الحصة الواحدة‏..‏ ده غير الشتيمة اللي بتنزل يوماتي علي رأس كل تلميذ في المدرسة القذرة المؤرفة من جانب شلة المدرسين المحترمين‏!‏
وقال‏:‏ بس حبيت أقول لحضرتك إن معاش أبويا كل شهر من الحكومة صرفناه‏64‏ جنيها إلا ربع بس‏..‏ موش أربعة وسبعين جنيه وأربعين قرش زي ما قالولنا‏..‏ ده غير تلاته جنيه توكتوك لمركز صرف المعاش‏+‏ تلاتة جنيه جاي‏..‏ طيب نعيش بالخمسة وخمسين جنيه إزاي أنا وأمي وأختي‏..‏دول حتي ما يكفوناش العيش الحاف‏!‏
قلت‏:‏ أيوه وبالأمارة يا عم أحمد‏..‏ صديقنا العزيز د‏.‏ يوسف بطرس غالي وزير الجباية الغالي‏..‏ حاطط عينه عليهم‏..‏ عاوز يأخذ منهم نصيبه في ضريبة عقارات علي البيت الآيل للسقوط اللي أنتم عايشين فيه في البلد‏..‏ صح كده‏!‏
قال‏:‏ أيوه‏..‏ والنبي تشوف لنا حل‏..‏ دا احنا بدأنا امتحانات آخر السنة‏..‏ ما تنساناش والنبي يا عمو؟
لم أفطر‏..‏ اكتفيت بكوب صغير من الشاي أعددته بنفسي‏..‏
بعد ساعة في مكتبي عقدت اجتماعا عاجلا مع فريق المتدربين من الصحفيين الشباب والصحفيات‏..‏ وطلبت منهم أن يمسحوا بر مصر كله بمدنه بقراه بعزبه بكفوره‏..‏ يدخلوا البيوت المكتئبة‏..‏ ويسألوا الناس‏:‏ ماذا تأكلون‏..‏ وماذا تشربون وكيف تعيشون؟
قلت لهم‏:‏ اذهبوا إلي مراكز صنع القرار‏..‏ ومراكز البحوث‏..‏ ومراكز الأرقام والإحصائيات والحقائق‏..‏ ومراكز معلومات مصرية حكومية وأجنبية ممثلة في البنك الدولي‏,‏ وصندوق النقد الدولي‏,‏ ومجالس حقوق الإنسان‏..‏ افتحوا أمامنا صفحات من دفتر أحوال المواطن المصري الآن‏..‏ ما له وما عليه؟
وانطلق الرفاق بهمة الشباب وعزيمته يحملون هم المواطن المصري وهمهم‏..‏ ليعودوا إلينا بعد أسبوع كامل‏..‏
فماذا قالوا؟
وماذا شاهدوا؟ وماذا كتبوا؟
‏..............‏
‏..............‏
ذهبوا وذهبن إلي مراكز صنع القرار‏..‏ ومراكز المعلومات في مجلس الوزراء‏,‏ وهيئة التعبئة والإحصاء‏,‏ والمجالس النيابية والتشريعية‏,‏ واطلعوا علي آخر نشرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يتحكمان في رقاب ومصير ومستقبل سكان العالم الثالث ونحن أولهم‏..‏ وعادوا إلينا بكنز من الأرقام والمعلومات والإحصائيات التي أقل ما توصف‏..‏ أنها مرعبة‏!‏
‏*‏ في تقرير لمركز المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء الموقر اتضح أن لدينا‏32‏ مليون فقير في مصر‏..‏ بل يعيشون تحت خط الفقر نفسه‏..‏ يعني الفقر أصبح بالسبة إليهم أملة يعني بالعربي الفصيح أملا بنسبة تصل إلي‏46%‏ من سكان مصر‏..‏ ودخلهم اليومي أقل من دولار واحد في اليوم يعني‏560‏ قرشا في اليوم‏..‏ يعني نحو‏180‏ جنيها في الشهر‏!‏
واتضح أيضا أن نصيب أكثر من‏20%‏ من سكان مصر فقرا وعوزا من الدخل القومي‏..‏ لا يتجاوز‏8%‏ فقط لا غير‏..‏ بينما نصيب أغني‏20%‏ من السكان‏45%‏ من الدخل القومي‏..‏ يعني نصف الدخل القومي كله تقريبا‏!‏
واتضح أيضا وهذه هي المصيبة الكبري أن‏94%‏ من فقراء مصر لا يقرأون الصحف ولا الكتب‏!‏
‏*‏ وفي تقرير التنمية الاقتصادية في الدول العربية اتضح أن نحو‏23%‏ من الشعب المصري عند خط الفقر والفساد‏+‏ يقابلهم أكثر من سبعة ملايين غني بنسبة‏10%‏ من السكان‏+‏ هؤلاء السعداء يحيط بهم‏40‏ مليون مواطن آخر فقر وآخر عوز وآخر مرض وآخر حاجة‏!+15‏ مليون إنسان تحت خط الكفاف‏+10‏ ملايين إنسان تحت خط الفقر‏..‏ ياساتر‏!‏
واتضح أيضا أن‏84%‏ منهم بلا عمل‏..‏ يجلسون علي المقاهي ويتسكعون في الشوارع ويضعون همهم في البانجو أو التحرش بالفتيات أو حتي اغتصابهن‏!‏
‏*‏ ولكن الأخطر من ذلك كله‏..‏ أن نحو‏74%‏ من فقراء مصر‏..‏ يعني الناس اللي آخر غلب‏..‏ لا يتعاطون السياسة‏..‏ لأنها تسبب لهم سوء هضم‏..‏ بوصفهم خارج دائرة الإصلاح السياسي حسب تعبير عم عطوة‏,‏ وهو فلاح يزرع قيراطين برسيم وخضراوات بناحية البوادي في كفر الشيخ ماحدش بيسأل فيهم أبدا‏..‏ يادوب يشوفوا المرشح لمجلسي الشعب أو الشوري مرة واحدة بس‏..‏ ساعة الترشيح وآدي وش الضيف‏!‏
‏*‏ وقدم خبراء الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء آخر اورقاهم‏..‏ قالوا‏:‏ ارتفعت اسعار اللحوم والدواجن بنسبة‏18%+‏ الزيوت‏10%+‏ الجبن والبيض والالبان بنسبة‏8,5%‏ والخضروات‏54%‏ والفاكهة‏26%‏ والسكر‏22%.‏
‏.............‏
‏.............‏
لا‏..‏ للدعم النقدي‏!‏
لنترك الساحة الآن لفريق المتدربات الصحفيات والصحفيين الشباب‏..‏ هبة عبدالخالق‏+‏ فريدة عبدالستار‏+‏ سامح قايدر باي‏..‏ لكي يقولوا لنا ماذا شاهدوا؟ وماذا سجلوا في مفكراتهم وعدسات عيونهم وعقولهم وكاميراتهم؟
‏*‏ ذهبنا وسألنا‏..‏ طفنا ومشينا‏..‏ طرقنا أبواب الناس الغلابة‏..‏ دخلنا بيوتا أحنت رءوسها عوزا وحاجة‏..‏ جلسنا في غرف معتمة بلا نوافذ‏..‏ وتحدثنا إلي أفقر أهل الله في بلد النيل والنخيل وشمس الأصيل‏..‏
تحدثنا إلي من فاض بهم الكيل جوعا وفاقة وسؤالا‏..‏ تحدثنا إلي من تقول أرقام الحكومة الرسمية إنهم تحت خط الفقر‏..‏ وفوق خط الفقر‏..‏ وعند خط الفقر‏!‏
ولم تكتف الحكومة المصونة بأنهم آخر غلب‏..‏ بل زدناهم غلبا وغما بحديثنا وتصريحاتنا التي تخرج من أفواه أصحاب القرار الذين يجلسون في غرف مكيفة ويركبون عربات مكيفة ويتحدثون بلغة مكيفة‏..‏ وكأنهم سياح قادمون من بلاد الفرنجة يتفرجون ويتندرون ويتعجبون علي أهل مصر عتيقة ويلتقطون صورا تذكارية للذين لا يرحمون‏..‏ ونحن نريد أن نمنحهم نقودا زيادة في جيوبهم لكي يشتروا ما يشتهون وما يأكلون وما يشربون‏..‏ بداية من رغيف العيش حتي زجاجة الزيت وباكو الشاي وتلقيمة السكر وشيكارة الأرز‏..‏ تحت مسمي الدعم النقدي بدلا من الدعم العيني‏..‏ حتي يخلعوا ثياب البطة السوداء وينضموا إلي حظيرة أولاد البطة البيضاء‏..‏ يدفعون من جيوبهم ثمن ما يشترون وما يأكلون وما يلبسون وما يركبون‏!‏
وقفنا معهم من صباحية ربنا علي حد تعبيرهم البسيط وحتي صفاري شمس‏..‏ في طوابير العيش وأنابيب البوتاجاز واللحمة المستوردة‏,‏ حيث يتحول البني آدم إلي وحش كاسر في غابة وناسها ديابة‏!‏
واقفا يزفر وينطر في طابور العيش‏..‏ قال لنا مدرس إعدادي ترك حصص تلاميذه في المدرسة في قرية شلقان في القليوبية‏:‏ أنا تركت المدرسة والدرس والحصص وأخذت نصف يوم إجازة وفوضت زميلا لي ليحل محلي في جدول الحصص‏..‏ لكي أحصل لأولادي علي عشرين رغيفا مسلوعا مضروبا ممصوصا في حجم كف الإيد‏.‏
قلنا له‏:‏ طيب ما الحكومة كتر خيرها‏..‏ حتديلك فلوس دعم تشتري بيها العيش والزيت والأرز والسكر اللي انت عاوزه‏!‏
قال‏:‏ وهو فيه حد بيسأل فينا في الزمن الأغبر ده‏!‏
قلنا له‏:‏ كل شيء مدروس‏..‏ وكل شيء محسوب بالقلم والورقة‏.‏
يسألنا‏:‏ مين قال الكلام ده؟
قلنا له‏:‏ انت ما بتقراش جرايد‏..‏ رئيس الوزراء‏..‏ هو اللي قايل كده‏..‏
قال‏:‏ والنبي تقولوا لرئيس الوزراء بتاعنا اللي عاوز يجوع الشعب المصري‏..‏ اسمع كلام رئيسك‏..‏ اسمع كلام الرئيس مبارك اللي قال لا مساس بالدعم‏..‏ وشيل إيدك عن الدعم‏.‏؟
والنبي يا عم حمزة آسف أقصد يادكتور نظيف وخلي الطابق مستور‏!‏
‏..............‏
‏..............‏
غول‏..‏ اسمه الغلاء
غول اسمه الغلاء يطحن عظام الخلق بكرة وعشية‏..‏ ولا أحد يقف في طريقه‏..‏ ولا حتي يقول له تلت التلاتة كام‏!‏
اختفي مفتش التموين‏..‏ كأن الأرض انشقت وابتلعته‏..‏
واختفي في ظروف مريبة‏..‏ كشك أمناء الشرطة في الأسواق والشوارع التجارية‏!‏
الأسعار تزيد كل يوم‏..‏ وإذا سألنا‏..‏ فالجواب‏:‏ هي كده اللي عاجبه ياخد‏..‏ واللي موش عاجبه يضرب دماغه في الحيط‏!‏
وفي ظل ارتفاع الأسعار المبالغ فيه‏,‏ فوجئ متوسطو الدخل ومحدودو الدخل‏,‏ ومعدومو الدخل بتصريحات رسمية تفيد بأن الحكومة سوف ترفع الدعم العيني عن السلع الأساسية التي يتزايد سعرها بشكل يومي في ارتفاع غير مسبوق واستبداله بالدعم النقدي بدعوي أن يصل الدعم إلي مستحقيه‏!‏
ووفق أرقام رسمية‏,‏ فإن سعر رغيف الخبز سيقفز من خمسة قروش إلي عشرين قرشا‏,‏ وأنبوبة البوتاجاز سيصل إلي عشرين جنيها‏,‏ ثم إلي أربعين‏,‏ ومع هذا تتعهد الحكومة بأن تقدم الدعم لمن تعتبرهم مستحقين له بتعويضهم بثلاثة أرغفة يوميا لكل فرد‏,‏ وأنبوبة غاز لكل أسرة‏!‏
والسؤال هنا‏:‏ من في نظر الحكومة يستحق الدعم‏..‏ وأي دخل تعتبره الحكومة كافيا لأسرة مكونة من خمسة أشخاص‏,‏ أو أكثر ليأكلوا‏+‏ يتعلم الأبناء‏+‏ فاتورة العلاج والماء والكهرباء‏+‏ المواصلات‏+‏ إيجار منزل؟
ماذا يكفي في نظر الحكومة كدخل أسرة؟
لو افترضنا أن الحكومة ستعتبر مستحق الدعم العيني من يقل دخله عن‏200‏ جنيه كاملة‏..‏ ماذا ستفعل بها أسرة مصرية لتعيش بعد أن يتم إلغاء الدعم السلعي؟
الجواب‏:‏ سوف ترتفع الأسعار بشكل جنوني‏,‏ أي أن الأسرة التي تحصل علي دخل حتي لو خمسمائة جنيه مع زيادة الأسعار لن تستطيع الحياة وستصبح تحت خط الفقر وتحت وطأة الأسعار‏!‏
والدخل ثابت ولا يتغير ولو تغير فبنسبة ضئيلة يقابلها ارتفاع جنوني في الأسعار‏,‏ والضغوط التي يقابلها المواطن المصري جعلته قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أي لحظة‏..‏ وستواجه الحكومة حينئذ خطرا جسيما يفوق الإرهاب وهو الفقر‏!‏
‏....................‏
‏...................‏
كارثة تعويم الجنيه‏..‏ هي السبب‏!‏
‏..‏ والآن ماذا قال خبراء الاقتصاد لفريق المتدربات والمتدربين؟
‏**‏ قال لهم د‏.‏ إسماعيل صبري عبدالله وزير الاقتصاد الأسبق‏:‏ إن الحالة الاقتصادية المتردية التي وصلنا إليها سببها الرئيسي سوء تنفيذ قرار تعويم الجنيه المصري الصادر في‏2003/1/28,‏ بالشكل الذي أدي إلي انخفاض سعر صرف الجنيه لأكثر من‏40%‏ من قيمته وهو ما ترتب عليه التهاب الأسعار‏,‏ وانخفاض الدخول الحقيقية‏,‏ وانخفاض الاستثمارات‏,‏ بالإضافة إلي تدهور أغلب المؤشرات الاقتصادية‏,‏ وتفاقم نسب البطالة وزيادة المعاناة‏.‏
وأضاف الخبير الاقتصادي‏:‏ أنه كان ينبغي علي الحكومة قبل أن تنفذ قرار تعويم الجنيه أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لذلك من خلال الحصول علي خط ائتمان من إحدي المؤسسات الدولية‏,‏ بما يسمح لها بالوفاء بكل احتياجات تمويل الواردات‏,‏ وفتح الاعتمادات لتفادي قيام سوق سوداء‏,‏ كالذي نواجهه في مصر الآن‏,‏ وأيضا كان ينبغي عليها تنظيم سوق مصرفية خاصة لضمان انسياب السيولة بين البنوك المختلفة‏,‏ وإزالة بؤر الأزمات والاختلالات التي قد تظهر بين العرض والطلب‏,‏ وهو ما يعرف بسوق انتربنك وأخيرا كان من الضروري مراجعة موازنة الدولة لتوجيه جزء من الزيادة التي ستتحقق نتيجة لتخفيض قيمة العملة في إيرادات قناة السويس‏,‏ وصادرات البترول والغاز الطبيعي والجمارك لدعم السلع الأساسية وتثبيت أسعارها‏,‏ ولكن شيئا من ذلك لم يحدث‏.‏
وعلي الرغم من أن الظروف الدولية الراهنة التي ترتب عليها انخفاض حركة التجارة الدولية والاستثمارات العالمية الخاصة‏,‏ وارتفاع أسعار السلع الغذائية والخامات الرئيسية بشكل ملحوظ قد أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية الداخلية‏,‏ فإنها لم تكن السبب الرئيسي لوصولنا إلي ما نحن عليه الآن‏,‏ والدليل علي ذلك والكلام للدكتور إسماعيل صبري أنه علي الرغم من تلك الظروف العالمية فقد نجحت‏143‏ دولة في تحقيق معدلات نمو أعلي من معدل نمو الاقتصاد المصري منها دول من الشرق الأوسط‏,‏ فتركيا حققت نموا بنسبة‏8,7%,‏ وإيران‏5,6%,‏ والسودان‏1,5%‏ وحتي سوريا والسودان حققا نموا بنسبة‏5,3%,‏ وهو ما يؤكد أن الخلل داخلنا نحن‏.‏
ولكي نعبر تلك الأزمة ينبغي أن نقتنع بأن الإصلاحات الجزئية لن تفيد كثيرا‏,‏ وأنه لمواجهة هذه التحديات لابد من نهضة كاملة تشمل السياسة والاقتصاد والمجتمع ككل‏,‏ وذلك لأن استمرار الوضع الراهن علي ما هو عليه الآن سوف يؤدي إلي زيادة التوتر في العلاقة بين المواطن والحكومة بالشكل الذي قد يصل إلي درجة الصدام‏.‏
‏**‏ وأكدت لهم د‏.‏ سهير عبدالمنعم الخبيرة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن تأثير ارتفاع الأسعار‏,‏ وزيادة أعداد المدرجين تحت جرائم الفقر والتي تتمثل في التشرد والتسول‏,‏ بالإضافة إلي زيادة عدد الباعة الجائلين وعمالة الأطفال‏,‏ وهي بالطبع أمور كلها لا يمكن أن توجد في أي مجتمع متحضر له سياساته الواعية وخططه المستقبلية السليمة‏.‏
إن المجتمع المصري أصبح الآن علي شفا بركان يغلي وقد ينفجر في أي لحظة‏.!‏
فعندما يعجز الأفراد عن الحصول علي أبسط احتياجاتهم الأساسية مثلما نحن نوشك عليه الآن بالشكل الذي ينبيء بحدوث مجاعة‏,‏ سوف تعجز كل النظم والأجهزة الأمنية في السيطرة علي المواطنين‏,‏ فبالتأكيد حينما تغلق كل الأبواب في وجه المواطن‏,‏ ويفشل في الحصول علي قوت يومه‏,‏ فلن يهمه شيء وقتها‏,‏ ولن يردعه رادع‏,‏ وستكون العواقب وخيمة‏..‏
‏**‏ ويؤكد د‏.‏ محمد عويس وكيل المعهد العالي للخدمة الاجتماعية أن المتغيرات الاقتصادية الراهنة التي أدت إلي انتشار الفقر والبطالة أصابت المجتمع كله بالإحباط‏,‏ وجعلت الاتجاه للجريمة سهلا‏.‏
لقد أصبح المجتمع المصري أحد المجتمعات المستهلكة فقط وليست المنتجة‏,‏ مما شكل ضغوطا اقتصادية علي أفراد المجتمع كانت نتائجها التغيير السلبي المباشر في سلوك الأشخاص‏,‏ وبالتالي ازداد عدد المجرمين ومعدلات الجريمة بصفة عامة وسيما في الآونة الأخيرة‏.‏
إن زيادة الضغوط الاقتصادية أثرت علي طبقات المجتمع المصري‏,‏ وتسببت في ظهور فئة جديدة من المجرمين تسمي مجرمي الياقات البيضاء‏,‏ وهم بعض الأشخاص الحاصلين علي أعلي الشهادات‏,‏ وأكبر الدرجات العلمية كالأطباء والمهندسين وغيرهم من صفوة المجتمع‏.‏
‏**‏ وقال لهم د‏.‏ حمدي عبدالرحمن خبير الإرهاب‏:‏ إن التراخي أو تسويف البدء في تحقيق الإصلاح الاقتصادي سوف يؤدي إلي كارثة فظيعة لا يمكن مواجهتها‏,‏ وذلك لأن المجتمع المصري معرض لانفجار مدو لن يقدر عليه أحد‏,‏ ولن يرده راد‏,‏ وعلي النظام الحاكم أن يدرك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر‏.‏
إن علي الحكومة ألا تخدع نفسها والرأي العام من خلال إطلاق مبادرات جوفاء أو تقديم حلول جزئية‏,‏لا تودي ولا تجيب‏!‏
وتبقي علامات الاستفهام‏:‏ كيف نضبط الأسعار؟
كيف نوفر السلع الغذائية للناس؟
وإلي أين يذهب الدعم؟
يتساءل هنا الدكتور حسن حافظ عبدالرحمن‏:‏
هل الحكومة غير قادرة علي ضبط الأسعار‏,‏ والضرب بشدة علي أيدي المحتكرين والتةار الجشعين؟
أم أن الأمر أصبح خارج السيطرة‏,‏ وفي رأينا ومن خبراتنا أن ضبط الأسعار والقضاء علي المحتكرين لا يحتاج إلي أكثر من شهر واحد إذا كانت هناك جهود قوية تعمل بحق لمساعدة محدودي الدخل‏,‏ ففي إمكان أي حكومة تتسم بالخبرة والمعرفة والنزاهة والشرف والأمانة أن تحقق هذا البرنامج في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات‏,‏ ولاشك أنه من غير المعقول أن تعتمد مصر علي العالم الخارجي بأكثر من‏70%‏ من غذائها؟
‏..................‏
‏..................‏
‏..‏ وماذا بعد؟
البلد كله‏,‏ بما فيه مجلس الشعب نفسه‏,‏ لا حديث له‏,‏ إلا عن ارتفاع الأسعار الجنوني‏..‏ وإلي أين يذهب الدعم؟
لقد قال رئيس مجلس الوزراء أمام المجلس الموقر ونوابه‏:‏ إنه لا مساس برغيف العيش‏+‏ الغاز‏..‏ وفيما عدا ذلك فهو متروك للخبراء والوزراء يقررون مصيره‏,‏ ويشمل بالطبع السكر‏+‏ الزيت‏+‏ الشاي‏+‏ ألبان الأطفال‏!‏
وقال رئيس مجلس الوزراء للنواب‏:‏ هذا هو ما نستطيع عمله‏..‏ إذا كان عندكم حلول أخري فتعالوا‏..‏ نجيب فلوس من خارج الموازنة؟
مطلوب‏7,4‏ مليار جنيه الآن‏..‏ نجيبها منين؟
لو عاوزين تزودوا الرواتب قولوا لنا نجيب فلوس منين عشان نزود الرواتب من بكرة؟
كل شيء الآن يسير سيرا حسنا‏..‏ الصورة ليست قاتمة كما يدعون‏..‏ عندنا الناس لا تشعر بما فعلنا طيب‏..‏ الكهرباء وقلت العشوائيات وكمان الضمان الاجتماعي زاد‏..‏ فيه صرف صحي‏+‏ فيه طرق جديدة‏+‏ فيه مصانع جديدة‏..‏ وتقولون لا نشعر بتحسن‏!‏
انتهي كلام رئيس مجلس الوزراء بوصفته الذكية لإنقاذ الخلق من التركيبة النكدية‏..‏ ولكن يبقي الحال علي ما هو عليه‏..‏ لحين إشعار آخر‏..‏ ودمتم‏!‏
‏.............‏
‏.............‏
آخر مكالمة تليفونية بيني وبين أحمد ابن العاشرة‏..‏ التلميذ الذي لايكذب‏..‏ تلقتها زوجتي‏..‏ قال لها‏.‏ بلغي عمو أن انا رايح اشتغل في غيطان البصل في بلدنا‏..‏ عشان اصرف علي أمي واخواتي‏!{‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.