خلال لقائي الاول به، قال له صديقي العالم الكبير: علي فكرة الخولي يقصد كاتب السطور له أخ في الرضاعة مسيحي، وقبل أن يسألني فيما بدت علي وجهه أمارات الدهشة حكيت له الحكاية من طأطأ لسلامو عليكو، واصفا له حرارة اللقاء ووده حين ألتقي أخي في الرضاعة كميل صديق جرس الشماس بكنيسة بنها، ما التقينا في مناسبة أو في غيرها، ولا فرق بالطبع عندي حين ألتقي أمه التي لها مكانة أمي، حيث كنت أنافس ابنها علي ثدييها حين تأتي الينا بين وقت وآخر للزيارة بحكم الجيرة. وتجاذب ثلاثتنا، العالم المصري الكبير ورجل الأعمال القبطي المعروف وأنا، أطراف الحديث في سهرة جميلة بأحد الفنادق الكبري المطلة علي نيل القاهرة الساحر، وقبل أن يعتذر الصديق القبطي عن اكمال السهرة لارتباطه بمواعيد مهمة، بادرنا بالقول: هذه مصروهذا هو شعبها،لا فرق بين مسلم ومسيحي مهما حاول بعضهم تعكير صفو العلاقة والارتباط الوطني التليد. لا أعرف لماذا لاحقتني بعدها وبسعادة غامرة ذكريات التلمذة بمدرسة الامريكان الابتدائية المشتركة ببنها- السلام لاحقا- في أواخر ستينيات القرن الماضي، وكيف كان الاستاذ عبد المسيح ناظر المدرسة الذي خلف يمس كينجن المديرة الامريكية، ودودا للغاية مع جميع التلاميذ، لا فرق عنده في المعاملة بين ماري وهدي، ولا بين فيكتور وأحمد، وعلي نفس المستوي من الارتباط والتسامح كانت علاقة مس جوزفين مدرسة الحساب .أوبكي. مدرسة اللغة الانجليزية بالأستاذ فهمي مدرس اللغة العربية والشيخ المعمم الأستاد عبد العزيز مدرس التربية الدينية حيث لم نلحظ أي فرق، فما الذي جد ؟ومن يسعي لتلويث هذا النسيج الوطني البديع ببقع الدم؟ الله يسامحهم!! في السابع من يناير الجاري وبمناسبة أعياد الميلاد أرسلت للصديق القبطي برقية تهنئة عبر التليفون المحمول وكلي خجل من أحداث نجع حمادي المؤسفة التي راح ضحيتها ليلة الاحتفال بالعيد بعض الاخوة المسيحيين أثناء خروجهم من احدي الكنائس فإذا به يرد برسالة غاية في الرقة تقول مفرداتها تهنئتك زادت العيد بهجة فلم أندهش. في نفس اليوم السابع من يناير اتصلت بأصدقاء مسيحيين كثيرين من بينهم جيران عشرة العمر للتهنئة بالعيد، فيما اعتذرت لبعضهم عن عدم الزيارة التي اعتدت في مثل هذه المناسبات أن أقوم بها وبخاصة للمهندس بشاي عطا الله وزوجته أبلة عايدة كما كنا اخوتي وأنا نناديها، ولا أكون مبالغا اذا قلت أنني أخصهما بمكانة في نفسي ربما لا يحظي بها دونهما من المقربين المسلمين والأقباط علي السواء، حيث طالت جيرتنا في منزلنا القديم لعشرات السنين، الباب كما نقول قصاد الباب لا يغلقان إلا عند النوم منذ أن كنت طفلا صغيرا إلي أن تزوجت، حتي أن أبلة عايدة ما زالت تداعبني وتدللني في حضور زوجتي وأقاربي قائلة أنا ياما شيلته وهو صغير فيما كان زوجها المهندس بشاي أو كما كنا نناديه صغارا ومازلنا عمو بشاي ودودا لطيف العشرة، حتي أن أمي- رحمها الله- كانت تحبهما أكثرمن إخوتها. المهم حين تعذر ذهابي لعايدة وبشاي- بسبب وعكة صحية- لتهنئتهما بالعيد بمنزلهما بحسب عادة لي اعتدتها منذ أن انتقل كل منا إلي حي جديد للسكن منذ قرابة عشرين عاما، فقد فوجئت بهما يطرقان باب منزلي في اليوم التالي للعيد للإطمئنان علي، وبالطبع كذلك لم أندهش. أذكرأنه قبل إثني عشر عاما حكي لي القمص بولس باسيلي رئيس جمعية الكرمة القبطية بشبرا، أنه واثناء حفل افطار رمضاني أقامته الجمعية وحضره الشيخ أحمد حسن الباقوري شيخ الازهر الاسبق وجمع من المسلمين والمسيحيين، أنه سأل الباقوري: لو حدث أنك ولدت من أب اسمه جرجس وأم اسمها دميانة ماذا كنت تصيح؟ فرد الباقوري: كنت أطلع القمص بولس باسيلي، فعاد بولس وسأله: وماذا كنت أطلع أنا لو ولدت من أب اسمه حسن وأم اسمها فاطمة، فقال الشيخ: كنت تطلع الشيخ الباقوري، فرد القمص: اذن لا فضل لك في اسلامك ولا فضل لي في مسيحيتي، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، فقال الباقوري: صدق الله العظيم، هنا ردد الحضور يحيا الهلال مع الصليب. فهل بلغ من أشعلوا فتنة نجع حمادي الرسالة؟! هذا المقال تم نشره في نفس المكان في 17 يناير من العام الماضي في أعقاب فتنة نجع حمادي، رأيت اليوم أهمية نشره دون اضافة أو تعليق، عقب حادث كنيسة القديسين المؤلم، لعل الذكري تنفع المصريين!!