مؤخرًا.. تقدم بعض أعضاء مجلس الشعب ببلاغين إلي النائب العام.. الأول ضد وزير الإسكان السابق بتهمة إساءة استخدام سلطاته أثناء عمله بالوزارة.. والثاني يتعلق بعقد أرض (مدينتي).. ثم قدم مواطنون بلاغًا للنائب العام حول عقد الأمير الوليد بن طلال مع الحكومة والخاص بأرضه بمنطقة توشكي.. عندي هنا ملاحظتان حول البلاغات السابقة: 1- إن الأراضي وطرق توزيعها هو عمودها الرئيسي.. ولم تمتد البلاغات لأي نشاط استثماري آخر كالبورصة أو الغاز أو ماشابه.. مما يؤكد أن الأراضي كانت الباب الملكي للدخول إلي نادي الملايين والمليارات أيضًا. 2- لم تكن تلك البلاغات ضد أناس وضعوا أياديهم عنوة علي أراضي الدولة.. بل ضد رجال أعمال حصلوا علي هذه الأراضي من خلال عقود رسمية موثقة.. ورغم ذلك رأي النواب أن هذه العقود ومرور الزمن لايقفان حائلا دون إبلاغ النائب العام. ووسط تلك البلاغات.. فإن أراضي أخري سقطت من تلك البلاغات.. لأن أحدًا من النواب لم يلتفت إليها.. رغم أن مساحتها تقدر بآلاف الأفدنة وحصل عليها بعض رجال الأعمال بعقود رسمية.. ونقصد بها الأراضي الصناعية التي كان يتم تخصيصها لإقامة مشروعات صناعية.. وبأسعار رمزية لاتتجاوز بضعة جنيهات للمتر الواحد وبالتقسيط المريح علي عشر سنوات.. ولم تقع في مناطق متطرفة بل في مدن أكتوبر والعاشر وبدر وبقية المدن الصناعية.. والتي كانت الدولة تهدف من وراء تخصيصها زيادة الرقعة الصناعية في مصر.. فماذا كانت النتيجة؟. ببساطة شديدة تكالب رجال الأعمال علي تلك الأراضي وحصلوا علي آلاف الأفدنة ثم قاموا (بتسقيعها) وبيعها وربحوا من ورائها الملايين ولم يدقوا فيها مسمارًا واحدًا.. والأسماء معروفة ومتداولة.. ولاتزال بعض هذه الأراضي في حوزة هؤلاء السماسرة.. الذين سموا أنفسهم زورًا رجال أعمال.. وزيارة واحدة لهيئة التنمية الصناعية ستكشف لك عن هذه الأسماء.. وهم للعلم ملء السمع والبصر وتجدهم تحت القبة وصورهم تملأ الصحف.. لكن الوزارة عجزت أن تسترد تلك الأراضي مرة أخري.. ربما خوفًا من نفوذ رجال الأعمال أو بعدًا عن وجع الدماغ وربما رغبة من الوزارة في عدم فتح ملفات قديمة والبحث فيما هو جديد. لا أعرف لماذا لم يتقدم نواب الشعب ببلاغات جديدة عن تلك الأراضي التي تربح من وراءها فئة من معدومي الضمير.. ويجب ألا يفروا بغنيمتهم دون حساب.. لذا أتمني من النواب كشف أسماء هؤلاء السماسرة.. واستمرت طريقة توزيع أراضي المناطق الصناعية علي هذا المنوال.. إلي أن صدر قرار جمهوري عام 2004 بإنشاء هيئة التنمية الصناعية لتنظيم عمليات توزيع الأراضي.. واشترط وزير التجاة والصناعة رشيد محمد رشيد أن يتم توزيع الأراضي الصناعية من خلال الهيئة الجديدة بدلا من وزارة الإسكان.. ووضعت الهيئة ضوابط للتوزيع بهدف منع التلاعب.. وهو مالم يلق قبولا لدي بعض رجال الأعمال، ومن بينهم الجادون أيضا.. وعندما اشتكي لي أحدهم وهو صاحب نشاط اقتصادي بارز.. من شروط الهيئة وقال لي: إن رجال الأعمال ليسوا كلهم فاسدين، ودعا إلي دعم الجادين منهم.. كان لابد لي من معرفة دوافع هيئة التنمية الصناعية لإصدار هذه القرارات وهل بها درجة من التعنت كما يقال. وعندما دار حوار بيني وبين عمرو عسل - رئيس هيئة التنمية الصناعية - حول تساؤلي السابق.. اكتشفت دخولي مغارة علي بابا التي تم فيها نهب أراضي مصر بشكل منظم.. نكمل غدًا بإذن الله.