لم يكن يُتخيل أبدا أن يأتى بعد ثورة قامت من أجل الحرية، وأسقطت ديكتاتورا، أن يأتى ديكتاتور جديد. هكذا يدشن مرسى المرحلة الديكتاتورية الجديدة فى الحكم، وبفضل جماعته التى أرسلته مندوبا لها فى قصر الرئاسة، تلك الجماعة التى لم تُضبط بالثورية أبدا.. وكانت تسعى للتقرب إلى أى سلطة.. وقدمت الكثير من أجل اعتراف نظام مبارك بها.. حتى إنها لم يكن عندها أى مانع فى تمرير مشروع التوريث فى سبيل ذلك.
إذن مرسى ينفذ سياسة جماعته الديكتاتورية الفاشية.
وكأن الشعب استبدل بحاكم ديكتاتورى بعد ثورته التى سالت فيها دماء الشهداء من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية حاكما آخر ديكتاتوريا مستبدا يعتدى على الحريات بتعليمات جماعته التى لا ترى فى الشعب إلا أفرادها.. فهم أهل الثقة وأهل السمع والطاعة.. وغيرهم مخربون.
لقد تعدى مرسى وجماعته على القضاء.. بدلا من دعم استقلال القضاء.. فأرادوا «استغلال القضاة».. وللأسف ساعدهم مجموعة ممن كانوا يدعون استقلال القضاء فى مواجهة حسنى مبارك.. وكانت لهم مطالب مهمة فى ذلك الوقت من أجل استقلال القضاء.. وعدم تدخل الحكم والسلطة التنفيذية فى أموره.. إلا أنهم تناسوا ذلك تماما.. وشجعوا الحاكم على ضرب البقية الباقية من استقلال القضاء.. ولم ينفذوا أى بند مما كانوا يطالبون به.. وتم توظيفهم فى مناصب تنفيذية لمتابعة أوامر الجماعة.
فقد اعتدى مرسى وجماعته على منصب النائب العام، واغتصبوا حق مجلس القضاء الأعلى فى هذا الأمر.. وأتوا بنائب عام خصوصى لينفذ أوامرهم وبلاغاتهم ويحفظ بلاغات من هم ضدهم.
واعتدى مرسى وجماعته على المحكمة الدستورية.. ومنع قضاتها من دخول المحكمة، حتى لا يقفوا ضد قراراته الاستبدادية التى حصنها بإعلان دستورى ديكتاتورى، ويحفظ مجلس شورى صهره من الحل رغم أنه بات للقريب والبعيد أنه مجلس باطل.. ومع هذا نقلوا إليه سلطة التشريع.. لينتج تشريعات باطلة بما فيها قانون الانتخابات الجديد، الذى فصّلوه على مقاسهم وحصنوه دستوريا بوضعه فى دستورهم «المشبوه» رغم أن المحكمة الدستورية سبق أن أصدرت حكمها بعدم دستوريته.. فعاندوا ووضعوه فى الدستور!!
ناهيك بموقفهم من المحكمة الدستورية وتدخلهم فى أمرها فى دستورهم من أجل عزل قاضية اعتبروها ضدهم!!
وفرض محمد مرسى وجماعته دستورا بالإكراه أعدته جمعية تأسيسية باطلة.. ولم يحدث توافق عليه وجرت انقسامات حوله.. ومع هذا أقروه فى استفتاء جرى تزويره.. ورغم التزوير لم يحصل على أغلبية مطلقة متوافق عليها من قِبل الشعب.. إلا أنهم يصرون على طريقتهم.. ولا يهمهم أحد.. كأن لم تكن هناك ثورة قامت ضد تلك الديكتاتورية والاستبداد ونجح الشعب فى إزاحة حاكم استبدادى.
لقد أثارت ديكتاتورية محمد مرسى وجماعته العالم، وبعد أن خرجت المظاهرات ضد قراراته الاستبدادية، وضعته قوائم دولية على رأس أسوأ الحكام الديكتاتوريين فى العالم.. ويسبق الديكتاتور السورى بشار الأسد.. وكل ذلك بفضل قراراته الديكتاتورية المسايرة لطلبات الجماعة وسمعه وطاعته لهم.
ومع هذا مرسى وجماعته لا يتعظون.. ويصرون على المضى فى طريق الاستبداد وحكم الجماعة.. ويكذبون على الشعب فى كل ما يطرحونه.. وليس عندهم أى مانع فى العودة عن كذبهم بكذب جديد.. هكذا حالهم خلال الفترة الماضية.
وما زالوا يكذبون، حتى إنهم يعتبرون أن الثورة بتاعتهم.. وهم أصحابها فقط.. فى الوقت الذى لم يكن يستطيع فيه محمد مرسى عندما كان مرشحا للرئاسة فى المرحلة الأولى أن يدعى أنه مرشح الثورة.. وحتى فى المرحلة الثانية لم يستطع أن يقول ذلك واستعان ببعض الثوار «الذين عصروا ليمونة» ليكونوا غطاء له!!
وفعلا كان الشعار الذى رفعه الثوار بعد أن كشف عن سياسة جماعته وقراراته بعد تسلمه الرئاسة صادقا وكاشفا، عندما قالوا عنه: «محمد مرسى مبارك»!