سعر الدولار أمام الجنيه ببداية تعاملات اليوم الخميس 4-12-2025    أسعار الفاكهة في سوق العبور للجملة اليوم الخميس 4 ديسمبر    محافظ كفر الشيخ يوجّه برفع مستوى أمان طريق إسحاقة - السرو    وزير الري يتابع أعمال وأنشطة هيئة المساحة ومقترحات تطويرها وحوكمة أعمالها    سفير روسيا بفنزويلا: موسكو ستنظر فى طلب كاراكاس للمساعدة حال وقوع هجوم أمريكى عليها    كأس العرب| منتخب فلسطين يلتقي تونس.. وسوريا في مواجهة صعبة أمام قطر    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    حبس عاطل وربتي منزل بتهمة استغلال الأطفال في التسول والنشل بالقاهرة    انخفاض فى درجات الحرارة....تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 4ديسمبر2025 فى المنيا    "مشهد لا يُنسى" بورسعيد تُشيّع بطلها الصغير يوسف محمد فى لحظات الدموع والدعاء والوداع .. إنهيار والدته وحزن أصحابه وذويهم.. والده يؤكد على الحضور: "بالله عليكو ما تسيبوا حق إبني".. فيديو و صور    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025    إسرائيل تعلن هوية آخر رفات تسلمتها.. تبقى واحدة    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    الأحفاد جمعتنا، إعلامية شهيرة تفاجئ حسن شحاتة داخل المستشفى (صور)    «ما تسيبوش حقه».. نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقى العزاء (فيديو وصور)    استشهاد 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة    قناة دي فيلت: إذا لم تجد أوكرانيا المال لتغطية عجز الميزانية فستواجه الانهيار الحقيقي    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    بالمستند.. أكاديمية المعلم تقرر مد موعد المتقدمين لإعادة التعيين كمعلم ل31 ديسمبر    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    دراما بوكس| بوسترات «سنجل ماذر فاذر».. وتغيير اسم مسلسل نيللي كريم الجديد    د. خالد سعيد يكتب: إسرائيل بين العقيدة العسكرية الدموية وتوصيات الجنرال «الباكي»    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    نجاح جراحة دقيقة لمريض يعاني أعراضًا تشبه الجلطة في الجانب الأيسر    لا خوف من الفيروسات.. الصحة توضح سبب شدة الأعراض في هذا الموسم    أستاذة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية تكشف أفضل أساليب الطهي للحفاظ على جودة اللحوم    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    أكسيوس: إسرائيل تحذر من استئناف الحرب في حال استمرار تسلح حزب الله    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    ماكرون يستعد لإعلان تعديلات جديدة على العقيدة النووية الفرنسية    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    رويترز: طائرة قادمة من الولايات المتحدة تقل مهاجرين فنزويليين تصل إلى فنزويلا    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكد أن البطالة زادت 50% في أقل من عام.. أحمد السيد النجار: سياسة مرسى الاقتصادية مثل مبارك
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 01 - 2013

كتابه «الانهيار الاقتصادى فى عصر مبارك»، الذى صدر فى ظل عنفوان وسطوة نظام المخلوع بمثابة شهادة وفاة مبكرة لنظام أضاف إلى فشله السياسى واستبداده فشلًا اقتصاديا تحول إلى كابوس يعيشه المصريون يوميا حتى أطاحت الثورة بمبارك وبدأ عشرات الملايين ممن عانوا من الفقر والبطالة والتهميش يشعرون بالأمل فى مستقبل يمكنهم فيه الحياة بآدمية. لكن مع تسلم جماعة الإخوان المسلمين دفة الاقتصاد مع ما تسلموه من مقدرات وسلطات بدأت الآمال تتراجع. ومع تزايد الأزمة وضغوطها على الفقراء بدأ الإحباط يتسلل. لكن مع عودة سياسات مبارك الاقتصادية وترديد نفس مقولاته من قبل النظام الجديد بدأ الغضب يلوح فى الأفق.

الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار الذى أصدر شهادة الوفاة الاقتصادية لنظام مبارك يتحدث ل«الدستور الأصلي» عن الأوضاع الاقتصادية اليوم بعد رحيل مبارك وصعود الإخوان المسلمين وإدارتهم عجلة الاقتصاد.

■ فى البداية، كيف ترى الوضع الاقتصادى الذى نعيش فيه اليوم فى مصر؟
- فى الحقيقة الوضع الاقتصادى فى الوقت الحالى حرج للغاية. وصلنا إلى اللحظة الحرجة فى الاقتصاد المصرى فى نهاية عصر مبارك، حيث وصلت نسبة الديون الداخلية إلى 962 مليار جنيه، والديون الخارجية وصلت إلى 35 مليار دولار تقريبا، وبالنسبة إلى البطالة كانوا يقولون على المستوى الرسمى إنها 8.5% وإن كانت لا تقل عن 27% فعليا، ومعدلات الفقر قدروها رسميا وقتها ب18.5% من السكان، الذين يندرجون تحت خط الفقر، وفى الحقيقة كانت تزيد على 45%، إضافة إلى أنهم كانوا يقولون إن معدلات التنمية الاقتصادية تعادل 5.1% فى عام 2010، وهى كانت فى الحقيقة أدنى من ذلك. وإذا كانت هذه هى الأوضاع التى ورثناها، تفاجئنا البيانات الرسمية والإحصائيات من نفس الأجهزة الإحصائية، وتقول إن الديون الداخلية بلغت 1350 مليار جنيه، وإن الديون الخارجية ثابتة عند 35 مليار دولار يضاف إليها سندات دولارية بنحو 5 مليارات دولار يضاف إليها الودائع القطرية وغيرها الموجودة الآن بمصر، بالتالى نحن تجاوزنا ال40 مليار دولار. الأمر الثانى إن معدل البطالة ارتفع بشكل كبير عن المعدل القائم قبل الثورة، بسبب ما مسّ قطاع السياحة، لأنه قطاع مهم من زاوية التشغيل وأيضًا بسبب الضعف الشديد فى الاستثمارات الجديدة.
ولكى نكون أكثر دقة، فإن الدين الداخلى وصل إلى 1238 مليارا فى نهاية يونيو 2012، وزاد خلال فترة الستة أشهر القصيرة الأخيرة، أى منذ تولى الدكتور مرسى الحكم، إلى أكثر من 100 مليار جنيه، فنحن نتحدث فى سياسات تذهب بنا إلى نفس المنحدر بشكل أسرع، وليس فقط تنتهج نفس السياسات القديمة، فحسب البيان الصادر فى يوم 1/1/2011، كان 8.5% من قوى العمل عاطلين، حاليا وصل إلى 12.6% حسب البيان الرسمى بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أى ارتفعت البطالة بنسبة 50% فى أقل من عام.

■ وفى تقديرك كيف ترى الأرقام الحقيقية للبطالة؟
- فى تقديرى لا تقل عن ثلث قوة العمل بمعدل 30% يعنى من كل 3 فى سن العمل هناك عاطل.
■ كيف تستدل على تقديرك نسبة البطالة التى حسب قولك تصل إلى 30%؟
- من السهل جدا أن نعرف نسبة البطالة الحقيقية، لأن قوة العمل المصرية، التى كانت موجودة بمصر عام 2002 حسب البيانات الرسمية، التى أعطتها الدولة حينها للبنك الدولى قالت إنها 25.9 مليون، ونحن وبعد عشر سنوات مرت نستطيع أن نحسب نسبة صافى من يدخلون إلى سوق العمل سنويا وليس الإجمالى، فإجمالى من يدخلون سوق العمل 1.1 مليون سنويا، وإذا خصمنا من يخرجون من سوق العمل بالوفاة والمعاش يكون صافى الداخلين إلى سوق العمل سنويا 800 ألف. ولو ضربنا 800 ألف فى العشر سنوات يصبح لدينا 8 ملايين إضافة إلى 25.9 مليون يكون لدينا 33.9 مليون، وهى قوة العمل بمصر، ويعمل فى الوقت الحالى أقل من 24 مليونا وفق البيان الرسمى بعد ذلك يصبح لدىّ قرابة 10 ملايين على 34 يصبح الناتج الإجمالى 29.4%، وهى النسبة التى تستطيع أن تستدل بها.
والموضوع لا يحتاج إلى أن نكذب ونحاول تخفيف الأرقام. لكن يحتاج إلى وضع برنامج لحل أزمة البطالة عبر ثلاث نقاط رئيسية: الأولى أن تخصص الدولة جزءا من الإنفاق العام لإنهاء مشروعات زراعية وخدمية وإنمائية تنهى الدورة الجهنمية لاستبعاد الدولة من النشاط الاقتصادى، تلك الدورة الجهنمية التى بدأت فى تسعينيات القرن العشرين مع تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة، علمًا بأن معظم الدول الأوروبية الرأسمالية ظلت لمدة خمسة عقود من ثلاثينيات القرن العشرين وحتى السبعينيات منه كانت تقوم بدور رئيسى فى الاقتصاد، وإلا ما وجدت ما تخصخصه، وهى سياسة «كنزية» نعم، لكنها ملائمة جدا لوضعنا فى وقت الأزمات.

■ تقصد أن استثمارات الدولة المباشرة هى المنوط بها حل أزمة البطالة؟
- فى إسبانيا معدل البطالة ارتفع إلى 25% خلال الوقت الحالى، وكانت البطالة فى الجزائر تعادل ثلث قوة العمل فى وقت من الأوقات فى نهاية دورة الإرهاب الرهيبة فى نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضى، لكن من خلال أعلى معدل استثمار فى الدول العربية لمدة عشر سنوات الجزائر تمكنت من تخفيض معدل البطالة.
الحكومة تحدثنا وتقول إن معدل الاستثمار انخفض بنسبة 10% وربما يكون هذا التقدير مبالغا فيه بعض الشىء، لكنه من المؤكد أنه انخفض، وبالنظر إلى معدل الاستثمار بالجزائر تجد أنه يتراوح بين 30% و38% فى مدة العشر سنوات من 2000 وحتى الآن.
لكن بالنسبة إلى مصر فمعدل الاستثمار الرسمى 15.2%، وبناء على هذا المعدل المتدنى جدا من الاستثمار سوف يصبح من الصعب جدا إيجاد وظائف جديدة، وبالتالى إذا كانت الاستثمارات متدنية إلى هذا الحد تصبح هناك مشكلة فى خلق فرص عمل جديدة، وبالمناسبة معدل الاستثمار فى العشر سنوات الأخيرة من عصر مبارك كان يدور ما بين 17.5 و18% من الناتج المحلى الإجمالى تخصص للاستثمارات العامة والخاصة، حاليا معدل الاستثمار 15.2% والمتوسط العالمى 22% على الرغم من أن المتوسط العالمى منخفض نسبيا عن الدول النامية، التى يتراوح معدل الاستثمار فيها بين 25 و30%. وفى دول شرق آسيا الناهضة يصل إلى أكثر من 40% وفى الصين مثلا يتراوح بين 44% و48% من الناتج الإجمالى المحلى يخصص لتمويل استثمارات جديدة، وهو السبب الأساسى وراء القفزات الهائلة فى اقتصادها، وهذا شأن الدول التى ترغب فى إحداث تغييرات فى اقتصادها، وفى مصر كان معدل النمو متدنيا أيام مبارك وصار أكثر تدنيا فى الوقت الحالى، وحتى فى الموازنة الأخيرة، للرئيس الحالى الدكتور محمد مرسى فإن المعدل متدنٍ لأن الدولة لا تستثمر.

■ لكن ألا يحاول الرئيس إرسال تطمينات من خلال حديثه عن الاقتصاد؟
- الصمت والعمل أفضل من حديث الرئيس عن الاقتصاد، وحديث الرئيس لا يرسل أى تطمينات. لقد قال متباهيا إن معدل الاستثمار فى مصر 11.1% من الناتج المحلى الإجمالى، متصورا أن ذلك إنجاز، وهو لا يعلم أن هذا المستوى كارثة، تؤدى إلى بطء النمو ومحدودية الوظائف الجديدة بالمقارنة مع أعداد الداخلين إلى سوق العمل مما يؤدى إلى زيادة البطالة وما يترتب عليها من فقر. وللمقارنة فإن معدل الاستثمار الذى يؤثر جوهريا فى حركة أى اقتصاد قد بلغ فى الدول الفقيرة 24% من الناتج المحلى الإجمالى لتلك الدول، وبلغ 41% فى الجزائر، ونحو 36% فى المغرب. أما النمو فقد كان وفقا للبيانات الرسمية 5.1% عام 2010، وتراجع إلى 1.5% عام 2011 بسبب الاضطراب الذى أوجدته الثورة المضادة وسوء الإدارة الاقتصادية. وكانت تقديرات صندوق النقد الدولى تشير إلى أنه سيبلغ 2% فى عام 2012، لكنه سيتراجع على الأرجح إلى 1.8% بسبب الاضطراب السياسى الذى خلقه الرئيس بإعلاناته «اللا دستورية»، التى أثرت سلبيا على الاقتصاد عموما، كما تأثرت السياحة سلبا بالعنف الذى مارسته عشيرة الرئيس ضد المعتصمين عند قصر الاتحادية، وأيضا بالصورة السلبية لغياب الشرطة عن منع الصدامات وتقاعسها عن حماية المحكمة الدستورية العليا. يبدو أن الرئيس مرسى قد ورث الخطاب الاقتصادى من عهد مبارك أيضا.
وهناك أمر آخر ورثه من عهد مبارك ومستمر فيه، وهو تشوه الدعم، الذى من المفترض أن يذهب إلى الطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل وشرائح من الطبقة الوسطى، فى مصر الدعم أساسا يذهب إلى الرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية بما فيها الرأسمالية الصهيونية المشاركة فى مناطق الكويز والأثرياء. الجزء الأصغر من الدعم هو الذى يذهب إلى الفقراء ومحدودى الدخل، ببساطة لأن دعم الخبز والسلع التموينية كان 18.9 مليار ارتفع إلى 23 مليارا بسبب زيادة الأسعار، ولو لاحظت فى الموازنة الأخيرة يقارب 24 مليارا، دعم الطاقة فى تقديرات الرئيس محمد مرسى فى خطاب 6 أكتوبر من 97 إلى 107 مليارات جنيه يذهب منه، من 20 إلى 22 مليارا للفقراء والطبقة الوسطى كلها، والباقى يذهب إلى الرأسمالية والأثرياء والمنتجعات فى شكل دعم الغاز والمازوت والسولار والبنزين ومواد الطاقة، وكذلك فى الصناعة منها الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك والألمونيوم، وهى الصناعات الخمس المستهلكة الرئيسية لمواد الطاقة. لذا فتشوه الدعم ما زال مستمرًا لأنه فى الوقت الحالى نفس الأمر موجود أيضا، فهناك دعم الصادرات الذى يصل إلى 4 مليارات جنيه يحصل منه رجال الأعمال الإسرائيليون فى مناطق الكويز طالما يصدرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

■ لكن الدولة كلما خطت خطوة اتجاه إلغاء الدعم على مصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة يحدث تهديد مباشر بالتوقف وآخرها شركات الأسمنت، فماذا تفعل الدولة خصوصا أن أصحاب الأعمال يستخدمون العمال فى الضغط على الدولة؟
- فى الحقيقة إن هذا الأمر يعبّر فقط عن حكومة عاجزة وقليلة الحيلة وعفوا للتعبير «غبية»، لماذا؟ لأن اتخاذ إجراءات من هذا النوع، يمكن أن يصاحبه عمل اكتتاب للمواطنين لإنشاء مصانع وشركات أسمنت مملوكة لحملة الأسهم ويديرها مديرون تنفيذيون، والدول تشرف على هذه المصانع حتى لا ينتشر فيها الفساد، ومجرد الإعلان عن هذا الإجراء فى حد ذاته كاف، أن تعلن الدولة عن أن هناك نية لإنشاء مشروعات تمنع الاحتكار القائم فعلا من شركات الأسمنت الأجنبية، التى تكلف الدول استيراد 3.5 مليون طن أسمنت من الخارج على الرغم من وجود كمية من الحجر الجيرى والطفلة.
الأمر الثانى أن تتفق الدولة مع شركات الأسمنت المصدرة الكبرى فى العالم، مثل تركيا والصين لاستيراد كمية من الأسمنت اللازمة للحكومة، لأن أسعارها أدنى من الأسمنت المصرى، لا سيما أن سعر الطن التركى لحظة وصوله إلى المخازن يبلغ 400 جنيه، وبالمناسبة الأسمنت التركى لا يأخذ أى دعم من الدولة التركية، أما الصينى فسعره حتى وصوله إلى ميناء السخنة 200 جنيه للطن، ومع إضافة تكاليف النقل ممكن أن يصل إلى 250 جنيهًا للطن.

■ لكن هل هذا يخلق رد فعل من المؤسسات الدولية التى تشترط عكس ما تقوله خصوصا أن هناك مفاوضات معلقة مع صندوق النقد الدولى؟
- على العكس تماما، لأن سياسات التمويل الدولية ترفض الدعم الذى تقدمه مصر للشركات المحلية والأجنبية، فمن النقاط الإيجابية القليلة التى يفرضها صندوق النقد الدولى أنه مع فرض ضرائب على المكاسب الرأسمالية وإزالة دعم الطاقة على الأثرياء، والمشكلة أن الحكومة تختار إزالة الدعم عن الفقراء لا الأغنياء، ببساطة رفع أسعار الغاز على المنازل فى القرارات التى اتخذتها حكومة الدكتور هشام قنديل، التى أقرها الدكتور مرسى وتم تجميدها قبل الاستفتاء مباشرة بشكل انتهازى لتمرير الدستور. فقد كانت هناك زيادة على أسعار الغاز الذى يتم استهلاكه بالمنازل وتقدر 6.5 جنيه أى أكثر من دولار، ومن ثم يرتفع سعر الغاز وبذلك يكون أعلى من سعر الغاز الذى يصل إلى إسبانيا وتركيا والأردن والكيان الصهيونى، ومن هنا لا يوجد أى مانع لدى المؤسسات المانحة وعلى العكس فهى تطالب بأن تكون أسعار الطاقة حرة وبالسعر العالمى. هى فقط من الممكن أن تعترض على دعم الفقراء والطبقة الوسطى، لكن بقليل من الكفاءة والتفاوض يتم الحفاظ عليه باعتباره ضروريا للسلم الاجتماعى، ومن هنا يجب أن نعلم أنه فى حال اتخاذ أى قرار يجب الأخذ فى الاعتبار رد فعل الطرف الآخر، كما يجب الأخذ بالخطط البديلة عند الضرورة، وهناك أيضا ما يعرف بالإجراءات الوقائية وتتمثل فى سن قانون للمساندة الاقتصادية بمعنى أنه فى حل توقف شركة لأى ظرف تتدخل الدولة لإدارتها، لأنها تمثل أصلًا إنتاجيا، يجب الحفاظ عليه تحت أى ظرف.

■ لكن ألا يعتبر هذا شكلا من أشكال التأميم؟
- ليس تأميمًا، لأنه سوف يظل مملوكا للشركة تحت أى مسمى تفاوضى، فمثلا الولايات المتحدة فى أثناء الأزمة امتلكت أغلبية ساحقة من شركة «a. I. g»، وهى أكبر شركة تأمين فى العالم، وعدد من الشركات امتلكها بالكامل، وسيطرت على أكبر شركتين للرهن العقارى فى العالم لإعادة التمويل فى السوق الأمريكية «فانى ماى» و«فريدى ماك»، فى محاولة للخروج من أزمة الرهن العقارى هناك، وكانت تسيطر على رهن عقارى بقيمة 5.3 تريليون دولار، ولو سمحت بسقوطهما لانهار الاقتصاد الأمريكى.

■ هل هذا يتضمن استرداد شركات تم خصخصتها عبر الفساد وسيطرة على أصول تم الاستيلاء عليها مع العلم أن هناك بالفعل أحكاما قضائية صدرت فى هذا الخصوص؟
- هذا موضوع آخر، فما يثبت بالأحكام القضائية أنها صفقات فاسدة لا بد من استعادتها للدولة، وهذا لا يؤثر على أى مستثمر محترم، على العكس ما يتردد من أن ذلك سوف يخيف المستثمرين، لكن الخائف الوحيد هو اللصوص، فمجموعة المغامرين والنهابين الذين قدموا إلى مصر لنهب القطاع العام هم المترددون إزاء هذه الإجراءات، أما المستثمرون الجادون فيجب أن يرحبوا بسياسات تقاوم الفساد وترفض مكافأة المفسدين.

■ تتذكر حديثك الذى قلته قبل عامين فى أثناء الثورة وبعدها حين استخدمت الحديث عن فزاعة الاقتصاد فى مواجهة الثورة وكنت أول من بشر بأن هذه الثورة ستحدث فارقا كبيرا فى الاقتصاد لأنها سوف تطلق قدرات هائلة بعد التخلص من هيمنة الدولة الفاسدة، كيف ترى حديثك هذا بعد عامين على الثورة؟
- أتذكره جيدا، وأفتخر به، وما زال عندى يقين أن ذلك سوف يتحقق حين تنتصر الثورة، لأن الثورة لم تنتصر بعد، القوى الموجودة فى السلطة الآن هى إعادة إنتاج رديئة لنظام مبارك. هو نفس النظام يضاف إليه الابتزاز باسم الدين، بمعنى أن السياسات الاقتصادية المتبعة حتى الآن والتى تعكسها سياسة الدولة والموازنة العامة للدولة هى نفس السياسات الاقتصادية الاجتماعية القديمة. الدولة خارج النشاط الاقتصادى، خارج الاستثمارات الصناعية والخدمية، فقط اكتفت بعمل البنية الأساسية المحدودة، وبالتالى الدور المطلوب والرئيسى للدولة بعد الثورة لم يتم حتى الآن.
الأمر الثانى أن نظام أجور عادل سيؤدى بالضرورة إلى زيادة الأموال، بمعنى أنه لا يضيف كتلة نقدية، لكنه يؤدى إلى درجة من العدالة فى توزيع مخصصات الأجور، وبالتالى سيؤدى إلى أن يصبح لدى الفقراء ومحدودو الدخل وبعض العاملين فى الدرجات الدنيا فى الجهاز الوظيفى دخل أعلى من خلاله ستتوفر سيولة نقدية فى السوق، يتشجّع على أساسها الاستثمار الصغير والمتوسط والتعاونيات بما فيها استثمارات الدولة وذلك سيؤدى إلى حالة من النمو والازدهار.
الأمر الثالث أن الدولة لم تقم بقيادة اكتتابات عامة لبناء مشروعات خاصة مملوكة لحملة الأسهم مثل المشروعات الناجحة كالأسمنت وتكرير البترول، ومن العار علينا مثلا أنه حتى الآن نستورد «سولار وبنزين»، وهذه مشروعات مضمونة النجاح والأرباح أيضا لم تنشأ حضانة قويمة للمشروعات الصغيرة تقود كل العاطلين إلى بناء مشروعات صغيرة لتبنى جيلا جديدا من رجال الأعمال، أعماله قائمة على العلم والعمل، من ثم تضع أموال الصناديق الخاصة الفاسدة فيها لأنه كل ما جمع من أموال بحكم السلطة السيادية للدولة إذا وضع فى الدولة بما يسمى صناديق خاصة فهو فساد مطلق، أما الصناديق الخاصة، التى جمعت أموالها بحكم قرارات متعلقة بصاحبها، وهم يجمعونها بنفسهم أو شىء من هذا القبيل فهى ملك لهم. الأمر الرابع أن السياسيات الخاصة بالدعم ما زالت مشوهة كما كانت فى عصر مبارك وتتوجه إلى الأثرياء والطبقة العليا والرأسمالية المحلية والأجنبية.
الأمر الخامس أن معاشات الضمان الاجتماعى ما زالت متدنية كما كانت رغم أن الرئيس وعد بمضاعفتها ثلاثة أضعاف فإذا بها ترتفع من 2.5 مليار إلى 2.6 مليار بمعنى أنه لو تم حساب معدل التضخم نكتشف أنها انخفضت.
الأمر السادس أنه ما زال الإنفاق على الصحة والتعليم 1.6% من الناتج المحلى الإجمالى أيام مبارك وكانت من 1.5 إلى 1.8%، الإنفاق على التعليم 3.6% من الناتج المحلى الإجمالى، وأيام مبارك كانت تتراوح بين 3.5% و3.8% وكل هذه الأرقام لا علاقة لها بمعدل الإنفاق على التعليم فى أى دولة ولا حتى الدول النامية ولا فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحن فعلا بين الأدنى فى العالم، هذه السياسات الموجودة الآن، لا تختلف إطلاقا عن عصر مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.