انتقم..! قف أمام المرآة.. وتمعن في وجهك وخطوطه التي حُفرت عليه برغم أنك لم تكبر حقًا بعد... تذكر.. تذكر كل ما فعلوه، وتذكر نفسك.. أنت. ولا تستغرب من تلك الكلمة التى لم تعتد سماعها! اغضب.. رجاءً اغضب.. استجمع قواك، وتركيزك ولا تصمت؛ فصمتك سبب هزيمتك النكراء. وكل هزيمة نكراء. أعلن العصيان.. ومرة أخرى أقولها لك: اغضب. اغضب.. لنفسك..، وللآخرين الخانعين (مثلك أعني).. فلتشعرهم -هولاء الحمقى- بأنك الأقوى، ولتكن عزيزي الأقوى. انزع عن نفسك رداء الخنوع، وارتدي رداء الإنتقام. حول نظراتك من الواقع إلى ذكريات غابرة.. استحضر شريط الماضي؛ كي تغضب. صدقني –ساعاتها- ستغضب. جاءك أمس ذلك الأحمق المغرور. تذكر؟ قال لك أنه يريدك أن تقوم بشيء هام له، ولكن هذا لا يعني أنك هام بالنسبة له بدورك. عرض عليك ذلك المبلغ الزهيد، وهو يبتسم.. ويوقن أنك لن ترفض. فأنت -على الأقل- تحتاج الطعام! بكل ما في نفسك من قوة، أطلق زفرة. كأنك تلقي معها آخر قطرة رحمة في قلبك المجهد. لا تهادن.. لا تستوقفك لحظةً نظرة شفقة منهم. اعمل على أن تكون سيدهم، لا خادمهم. هذا هو طريقك الوحيد.. ولتكن (فوبيا) جديدة تسري في أعصابهم، تهدمها. (فوبيا) تبدأ باسمك الذي لم تجد الفرصة أبدًا أن تتأمله. فأنت دومًا تعمل، تخدم، تُهان. أجبه اليوم أنه لا حاجة لك به، أو بأمواله القذرة.. الحقيرة. أظهر له أنك لا تريده، أظهر له أنه لن يستطيع أن يلوي ذراعك بعد اليوم. قل له أفظع السباب الذي تعرفه. وحان وقت أخذ المقابل منهم.. توجه نحو المطبخ.. إفتح الدرج. شمر عن ساعديك.. وأمسك سكينك. فلتشعر بالقوة تجري فيك.. والإصرار.. كن الأقوي.. وادفعهم –هم- نحو الإنتحار. لا تترك لهم مجال للفرار -هؤلاء الملاعين-. فليدفعوا الثمن الأول، ولتقطع أحذيتهم التي داسوا بها عليك مرارًا. ثم فليذهبوا للجحيم ذاته بعدها. حتى الآن لا تجد القوة الكافية، لإتخاذ الخطة التالية؟؟ يبدو أنك لا تتذكر جيدًا بعد. لا شك في أنهم قاربوا على قتل عقلك المسكين. لابد أنهم سمموه بسمهم الأسود. نزعوا عنه كل القدرة على التفكير. حاول مجددًا.. لا تنظر نحوي بهاتين العينين الزائغتين..، ورجاءً لا تكن أحمقًا.. قد حان وقت الإنتقام. لماذا تهز رأسك مترددًا؟؟ لماذا أشعر بأنك لم تنتزع رداء الخنوع بعد؟ "هيا.. ماذا تنتظر؟!" (آسف على الصياح بوجهك) تفكر؟ يالك من أحمق. يا لك من أحمق.. يحق لهم إستعبادك. يحق لهم إستعبادك ألف مرة. لا تفكر..لا تفكر...لا تفكر. لكن تذكر.. فقط تذكر، وصدقني ستشعر بالدم يغلي في عروقك، ويتوهج. قل لي بالله عليك.. لماذا تنظر نحوي هكذا؟؟ لماذا ترفع السكين؟؟ لماذا تتقدم نحوي أنا؟؟ لماذا؟؟ لم........؟ (تبًا لك من أحمق خائن).
إسماعيل وهدان التعليق: مشروع جيد للكتابة، لا يعتمد على الحدث أو السرد، وإنما ينطلق من فعل الأمر وضمير المخاطب، ومع ذلك ينجح في أن ينجز صراعاً متنامياً ثلاثي الأطراف، ثم تأتي النهاية (المفارقة) بالتحول إلى صراع ثنائي بين الطرفين الضعيفين، ينما يترك الجاني منتصراً. وهكذا تجسد القصة غير التقليدية، أزمة المهزوم وعدم قدرته على المقاومة، فينتقم من نصيره. هذا المعنى يمكن أن يحمل أبعاداً رمزية لحالنا، مصريين وعرباً. لكن لابد من مراجعة الأخطاء اللغوية. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة