كثيرا ما تحيّر البشر في التعرف على أسرار وعجائب الدنيا، وهناك من تفرغ للبحث في وجودها، ومن قام بجمع قوائم مختلفة من عجائب الدنيا بهدف الوصول إلى أكثرها عجبا وتفردا في العالم أجمع سواء كانت طبيعية أو من صنع البشر. وقد تم وضع عدة قوائم رسمية لعجائب الدنيا السبع وهي عجائب الدنيا السبع القديمة، وعجائب الدنيا السبع الحديثة، وقد اختلف البشر في عددهم، فمنهم من قال إنهم 6 عجائب فقط ومنهم قال إنهم 7 عجائب. ونبدأ اليوم بعجائب الدنيا السبع القديمة، والتي تُعدّ أول قائمة وضعت لأهم الإبداعات التي صنعها البشر قديما، وتختص بالمنطقة التي تقع حول البحر الأبيض المتوسط، وقد تم اختيار عدد 7 من قِبل اليونانيين، لأنهم اعتقدوا أن رقم 7 يمثل الكمال والوفرة. وتتمثل عجائب الدنيا السبع القديمة، في: الهرم الأكبر (خوفو) ومنارة الإسكندرية في مصر، حدائق بابل المعلقة في العراق، تمثال زيوس وتمثال أبوللو رودس في اليونان، هيكل آرتميس وضريح موسولوس في تركيا. * الهرم الأكبر (خوفو) هو الأثر الوحيد من عجائب الدنيا السبع القديمة الذي لم يتم تدميره حتى الآن، وقد بناه فراعنة مصر منذ آلاف السنين، وهو أكثر آثار العالم إثارة للجدل والخيال، وقد أشيع حوله الكثير من الروايات والأساطير. فالبعض قال إن ساكني قارة أطلنطس المفقودة هم الذين بنوا الأهرام، وافترض البعض أن الهرم قد بُني بواسطة السحر والشعوذة، وافترض البعض الآخر أن هناك كائنات فضائية نزلت من الفضاء وقامت ببنائه، وزعم آخرون أن عمالقة من تحت الأرض صعدوا لبناء هذا الهرم، وهناك الكثير من الروايات التي تدل على مدى غموض وإثارة هذا البناء الضخم. * حدائق بابل المعلقة يعتقد البعض أنها أسطورة لأنها دُمرت تماما بعد القرن الأول قبل الميلاد، ويعتقد البعض الآخر أنها بنيت في المدينة القديمة بابل بالعراق، وأن مكانها الحالي قريب من مدينة الحلة بمحافظة بابل، وذلك وفقا للمخطوطات التي ذكرت فيها. قام ببناء حدائق بابل المعلقة الملك البابلي نبوخذنصر الثاني، عام 600 قبل الميلاد، وكان سبب بنائها هو إرضاء زوجته ملكة بابل التي كانت تُدعى سميراميس، التي كانت تكره العيش في مسطحات بابل، مما جعل الملك يقرر أن يُسكنها في بناء فوق تلال مصنوعة بأيدي الرجال، وعلى شكل حدائق بها تراسات. * هيكل آرتميس بناه اليونانيون في تركيا عام 550 قبل الميلاد، وهو من عجائب الدنيا التي لم يتبق أثر لها، وقد قام بحرقه هيروستراتوس عام 356 قبل الميلاد، كما تعرض للهدم من قبل القراصنة القوط عام 262 ميلادي. وقد بُني الهيكل بكامله من الرخام ما عدا سقفه الخشبي، فهو مغطى بالقرميد، وقد كان المعبد مخصصا لعبادة الإلهة الإغريقية آرتيميس، كما كان يتميز بوجود أعمدة به يصل ارتفاع الواحد منها إلى 12 مترا، متراصة في صفين حول الساحة الداخلية للمعبد. * تمثال زيوس يُعدّ تمثال زيوس من عجائب الدنيا السبع القديمة، فقد بناه اليونانيون عام 438 قبل الميلاد، وكان زيوس هو كبير آلهة الإغريق القدماء، وهو أحد شخصيات الأساطير الإغريقية الشهيرة. وتروي الأسطورة أن زيوس كان أصغر أبناء اثنين من الآلهة الجبابرة، وهما كرونوس وريا، وقد قام أبوه كرونوس بابتلاع أبنائه (إخوة زيوس) فور ولادتهم وهم: بوزيدون، هيرا، ديمتر، وهيسيتا، واستطاعت أمه إنقاذه وخبأته في جزيرة بعيدة، وعندما كبر أجبر والده على إرجاع إخوته الذين ابتلعهم، وعندما فعل الأب ذلك اتحد الإخوة جميعا بزعامة زيوس للانتقام من الأب واستطاع تحقيق النصر والقضاء عليه، وأصبح ملكا على السماء، وصاحب الفضلية والكلمة العليا بين جميع الآلهة. وحينها قررت الآلهة بناء تمثال ضخم للإله زيوس تخليدا وتمجيدا لذكراه، وكان يبلغ ارتفاعه أكثر من 13 مترا فوق القاعدة، بينما بلغ ارتفاع القاعدة نحو 6 أمتار، وقد صُنع جسد زيوس من العاج، بينما صنعت العباءة التي يرتديها من الذهب الخالص، أما القاعدة فكانت من الرخام الأسود، وتُعدّ الأثر الوحيد المتبقي من أجزاء التمثال. * تمثال رودس يُعدّ تمثال رودس أحد عجائب الدنيا السبع القديمة، وقد بناه اليونانيون عام 280 قبل الميلاد، لكنه لم يتبق له أي أثر، فقد تعرّض للدمار بسبب زلزال مدمر ضرب جزيرة رودس عام 226 قبل الميلاد. وتعود قصة بناء التمثال إلى ارتباط روديان -حاكم جزيرة رودس اليونانية- في ذلك الوقت بعلاقات تجارية واقتصادية مع بطليموس الأول -حاكم مصر- مما أوغر صدر أنتيجونيدز -حاكم مملكة مقدونيا القديمة- الذي لم يعجبه هذا التحالف، فقرر محاصرة الجزيرة بهدف الاستيلاء عليها، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فرفع الحصار، وعاد إلى بلاده تاركا خلفه ثروة من المعدات العسكرية التي قام روديان بعد ذلك بجمعها وبيعها، وقرر استخدام المال في بناء تمثال ضخم لإله الشمس "هليوس" الذي كانوا يعبدونه في هذا الوقت. وتم صنع قاعدة كبيرة من الرخام الأبيض لوضع هيكل التمثال عليها، كما تم تثبيت الأقدام والكاحل أولا ثم بقية أجزاء التمثال، ثم قاموا بصب السائل البرونزي فوق التمثال، واستغرق بناؤه نحو 12 عاما. * ضريح موسولوس تم بناء هذا الضريح في مدينة بوردوم بتركيا عام 351 قبل الميلاد، واعتبر من عجائب الدنيا السبع القديمة، وقد تم تدميره بسبب الفيضان عام 1494 ميلادي، وقد اعتقد الباحثون أن زوجة الملك موزول التي كانت تُدعى "آرتميس" هي التي شيدت لزوجها هذا الضريح بعد وفاته، ولكنه لم يتبق منه شيء حاليا. وهو عبارة عن بناء مستطيل الشكل، يبلغ ارتفاعه نحو 45 مترا، يتكون من ثلاثة أجزاء، هي: المستوى السفلي وهو عبارة عن قاعة ضخمة من الرخام الأبيض، ويليه المستوى الثاني الذي يوجد به 36 عمودا، موزعة على جميع أجزاء البناء، أما المستوى الثالث فهو عبارة عن سقف هرمي مدرج فوق تلك الأعمدة، تعلوه عربة فاخرة ذات أربعة جياد، وأهم ما يميز الضريح الأعجوبة هو النقوش البارزة، والزخارف المنحوتة والتماثيل المتفاوتة الأحجام على الأعمدة، وعلى جميع أركان الضريح. وقد كانت تحكي هذه الرسوم والزخارف قصصا مصوّرة لبعض المعارك الأسطورية، ووضع بداخله رفات وعظام موزول التي تم حرقها طبقا للطقوس اليونانية، ولفها في قماش مطرز بالذهب، داخل تابوت من الرخام الأبيض الفاخر، ويوجد حاليا مسجد في نفس المنطقة التي كان بُني فيها الضريح. * منارة الإسكندرية بناها البطالمة واليونانيون في مصر عام 270 قبل الميلاد، على أطراف شبه جزيرة فاروس وهي المكان الحالي لقلعة قايتباي بمدينة الإسكندرية، وتعتبر أول منارة في العالم، وكانت ترتفع 120 مترا، ودُمرت بسبب زلزال مدمر عام 1323 ميلاديا، ولم يبق لها أثر. وإلى الآن لم يعرف أحد كيفية عمل المنارة، فقد ظهرت بعض اجتهادات الباحثين الأثريين، ولكن لم يستقر علماء التاريخ على أي منها، وقد وصفوها بأنها كانت تتكون من مرآة ضخمة، كاسرة للأشعة، كانت توجد في قمة المنارة، كانت تتيح رؤية السفن القادمة، قبل أن تتمكن العين المجردة من رؤيتها. انتظرونا في الحلقة القادمة سنحكي لكم فيها عن عجائب الدنيا السبع الحديثة، وأسباب اختيارهم لها.
عجائب الدنيا السبع القديمة * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: