في الوقت الذي قررت فيه إسرائيل ضم الحرم الإبراهيمي وقبر راحيل أو مسجد بلال بن رباح بالخليل إلى قائمة التراث اليهودي، وكذلك التفكير في ضم كنيسة القيامة بالقدس وغيرها من المقدّسات والآثار الإسلامية والمسيحية، إلا أن هناك معركة إسرائيلية - يهودية داخلية حول حائط البراق الحائط الغربي ومن يقرر التعبّد أمامه من اليهود. الاختلافات بين اليهود كبيرة وعميقة، ولكنها ليست ظاهرة بشكل واضح، وإنما خلافات يعمد اليهود أنفسهم على إخفائها؛ خوفاً من تشتتهم وانقسامهم مع قلة عددهم في العالَم، ما بين اليهود الأرثوذكس والإصلاحيين والعلمانيين، وكذا الفرق اليهودية التي لا تعترف بإسرائيل كدولة (مثل "ناطوري كارتا" و"السطمار" و"بعلاز" و"حبد") أو بين "الحريديم" المتطرّفين الذين يتخذون من القدس ملجأ لهم، وبينهم وبين أنفسهم يعترفون بعمق الهوة بين تلك الفرق والجماعات، وغالباً ما تظهر للعلن حينما يتعلّق الأمر بقضية دينية محورية ومركزية. فقضية السيطرة على الحائط الغربي أو حائط البراق الذي صعد منه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" إلى السماء وعرج إلى الملكوت الأعلى ليصلّي بالأنبياء في المسجد الأقصى، يعتبروه اليهود حائطهم، وتنظّم الرحلات ليهود الشتات ويهود العالَم وللجاليات اليهودية إلى هذا الحائط؛ لتدر دخلاً كبيراً ومميزاً لإسرائيل من خلاله، وليعظم من قوة الاقتصاد الإسرائيلي. ويتعلّق بسيطرة اليهود "الحريديم" أو المتطرّفين على حائط البراق أو "الغربي" -كما يزعم اليهود- عدم السماح لبقية يهود العالم بالسيطرة عليه أو التعبّد فيه، وهو محل خلاف كبير داخل إسرائيل وبين الفرق والجاليات اليهودية بوجه عام. فكتبت صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي الموافق الأول من مارس الجاري، أن خلافاً شديداً نشب بين "الحريديم" في القدس، وبين الجاليات اليهودية وخاصة جاليات أمريكا الشمالية؛ حيث تقدّم أكثر من ثلاثين حاخام يهودي كندي بشكوى للحكومة الإسرائيلية تتعلّق بعملية تحرّش أو خلافات من قِبل اليهود "الحريديم" الذين يسكنون في حي مائة شعاريم بالقدسالمحتلة، وتعدد هذه الخلافات، ومدى استمرارها وتأثيرها على زياراتهم وتعبّدهم أمام حائط البراق. وفي نفس السياق قال شموئيل روزنر -المحلل السياسي لمعاريف- إن السفير الإسرائيلي بالولايات المتحدةالأمريكية قد وُجهت إليه أسئلة مشابهة، تتمحور حول كيفية سيطرة طائفة واحدة أو مجموعة يهودية واحدة على حائط البراق وعدم السماح لبقية الطوائف اليهودية بذلك، لكن السفير تطرّق إلى مسألة المصالحة بين تلك الطوائف حتى لا يتحوّل الأمر إلى قضية كبيرة وتثار بين وقت وآخر، لكن المسألة تتعلّق بتجنيد الأموال وحركة السياحة اليهودية إلى إسرائيل والمعونات والمساعدات اليهودية لدولة إسرائيل نفسها. بيد أن الكاتب الإسرائيلي أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تعر اهتماماً لتلك المشكلة أو القضية التي تتفاقم على حد قوله، وتنذر بخلافات كبيرة بين الفرق والطوائف اليهودية، وذلك في وقت تضم فيه إسرائيل الآثار الإسلامية والمسيحية إلى قائمة التراث اليهودية.
فهل تؤثر الخلافات اليهودية - اليهودية على مستقبل إسرائيل؟