أنا حاسة بقرف من الدنيا.. من كل حاجة فيها.. مش لاقية حاجة تستاهل إني أعيش علشانها، مافيش حاجة تبسط ولا تزعل كل حاجة مالهاش لون ولا طعم. أنا لسه متخرجة السنة دي وبادور على شغل، وبدأت آخد كورسات في المجال بتاعي علشان أعرف أشتغل كويس، وباروح وباجي وأقعد مع الناس وأهزر وأضحك وأساعد أي حد لو عنده مشكلة، وأحاول أديهم أمل في الحياة وأشجعهم على إنهم يحاولوا. المشكلة بقى إن أنا نَفسي ماعنديش أمل في أي حاجة، خصوصا مع الظروف اللي في البلد اليومين دول حاسة إنها بتغرق ومافيش فايدة خلاص.. وبكل صراحة لو الانتحار ماكانش حرام ماكنتش هابقى عايشة لحد دلوقتي. أنا كنت طول عمري شخصية عقلانية جدا وعلى طول بافكر في حلول منطقية لأي مشكلة بتواجهني، وباعرف أطلع بحل كويس، بس المرة دي إحساسي بالقرف وعدم جدوى أي حاجة مش مخليني عاوزة حتى أفكر. عايشة وخلاص وبتمنى اليوم اللي أموت فيه يكون قريب علشان أخلص، مش عارفة أعمل إيه علشان أتغلب على المشاعر السلبية دي لو عندكم حل يا ريت تقولوا لي.. شكرا.
Imaginary
عزيزتي.. هكذا هي الحياة ضيق وفرج، سعادة وحزن، ناس تولد وناس تموت، خير وشر، ولا يخرجنا من هذه التقلبات إلا العمل أي عمل كان، صغير أو كبير قيمته كبيرة أو صغيرة. المهم ألا نترك أنفسنا للهواجس والوساوس التي تلقي بنا إلى التهلكة، ولذلك قال الله عز وجل: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ, وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}. جميعنا يعلم أن بلدنا الحبيبة في حالة مخاض وخروج من التعب والنصب إلى الأمل والراحة، وهذا ما سنصل إليه بإذن الله، إذا دأبنا على العمل من أجل هذا البلد والعمل على الصعود به والوصول إلى بر الأمان إن شاء الله. ولكن عزيزتي هذا لن يتأتى إلا بممارسة العمل يلي العمل بلا انقطاع، كما قال الله إننا إذا فرغنا من عمل ننصب آخر، حتى لا يكون عندنا وقت فراغ لتسيطر علينا الوساوس والكآبة التي تجعلنا نفقد الأمل في الحياة ونتمنى الموت حتى ولو كان بالانتحار. ولولا خوفنا من الله كما تقولين لتخلصنا من الحياة بأيدينا، ولذلك بعد أن حثنا الله سبحانه وتعالي على العمل بقوله: {فإذا فرغت فانصب} حثنا على اللجوء له وقت الشدة لتنزل السكينة في قلوبنا بقوله: "وإلى ربك فارغب" أي الجأ إليه وتضرع له وادعُه حتى يخرجنا من الكرب والضيق إلى واسع الفرج وأبلج الطريق. لا تجعلي الضيق واليأس يتسلل إلى نفسك يا عزيزتي وتخسرين رضا الله، حاولي أن تُحسني إلى الآخرين قدر طاقاتك، خصوصا من قال عنهم الله في كتابه العزيز "اليتيم" تأكدي أن اهتمامك بمن فقدوا أهلهم له ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ما معناه، إنك إذا مسحت بيدك على رأس اليتيم تأخذ حسنات بعدد الشعرات التي وصلت لها كفك من رأس اليتيم. اذهبي عزيزتي إلى ملاجئ الأيتام، وامسحي دمعة من عيونهم أو خذي ثوابا بعدد الشعرات التي تمسحين بها على رئوسهم. اذهبي إلى دور العجزة وساعديهم فيما يعجزون عنه، اقرئي إلى شخص ضرير ما يريده، ربما تساعديه على أخذ شهادة تعينه على الحياة، وأشياء أخرى كثيرة ربما لو بحثت أنت عنها تجدين أشياء أفضل بكثير مما ذكرت لك. املأي حياتك بأشياء مفيدة مثل القراءة والكتابة والرسم مما يملأ فراغك ويسعدك، وتقربي من الله بعض الشيء، عليك بإتقان الصلاة وقراءة القرآن والدعاء الذي يثلج الصدور ويشغلك عما يضايقك إلى ما يفرج عن قلبك ويسعدك. وعليك عزيزتي بتكرار هذا الدعاء "اللهم أنزل عليّ صبرا وسكينة واجعلني مطمئنة إليك وبك".. وأخيرا إذا وجدت أن كل ما ذكرت لك ليس مجديا معك، فتأكدي أنك مقبلة على حالة من الكآبة، أنصحك بالذهاب إلى طبيب نفسي حتى يخلصك منها، وهذا شيء يسير وليس منه أي ضرر.. وفقك الله إلى ما فيه خيرك وإلى طريق الصواب إن شاء الله.