السلام عليكم ورحمة الله أنا أعيش في أمريكا ومتزوجة منذ سنة، الحمد لله زوجي رجل جيد وأنا أحبه وهو كذلك، تربينا أنا وإخوتي في بيت محافظ وملتزم، لكن أهلي مع هذا كانوا يعطوننا قدرا من الحرية في الإنفاق مثلا وفي عمل علاقات اجتماعية، والحمد لله كنا ميسورين الحال. لكننا مع هذا لم نعمل يوما ما يغضبهم، فتربينا أن نعمل ما نراه مناسبا دون الحاجة أن يعاقبنا أحد على ذلك، وكنا نراعي أهلي وعاداتهم ولكننا نقرر الأشياء التي تخصنا، كما أن أمي كانت تجامل الناس في مناسباتهم وأنا وإخوتي كذلك. بعد أن تزوجت، وجدت أن عائلة زوجي مختلفة كثيرا، فهم لا يجاملون أحدا وليس لديهم أي علاقات اجتماعية خارج العائلة الكبيرة، المشكلة أن زوجي يتيم الأب، وأقاربهم كلهم أغنياء، والمناسبات الاجتماعية عندهم مكلفة جدا، فكانت حماتي تحاول اختصار ذلك قدر الإمكان، وبعد أن أعطاهم الله من فضله بقيت هذه العادة منغرسة فيهم، مع أنهم يأكلون أفضل الطعام، لكنهم لا يحبون أن يشترون لأحد أبسط الأشياء. وبعد أن تزوجت، ذهبنا أنا وزوجي إلى أمريكا عند إخوته، فوجدت أن زوجي يكتفي بأخويه ولا يريد أن يعمل علاقات مع أحد، حتى أنه ليس لديه صديق واحد، مع أنه شخص جيد والعمال الذين يعملون عندهم يحبونه مثلا، لكنه يكتفي بهذا القدر، وهذا خياره وهو حر فيه، لكنني لا أستطيع أن أعيش مثله، أريد أن أكون أصدقاء وأن أذهب عند الناس في مناسبتهم. وأقول له دائما إنني لا أريد أن أكلفه أكثر من طاقته، ولكن ليس أقل منها، فهو يستطيع أن يشتري هدية في المناسبات التي لا تحدث كثيرا هنا أصلا لأن الجالية محدودة، ثم أنه لا يعطيني أي قرار اتخذه بنفسي، أشعر أنه يعاملني كأنني جاهلة وسأتأثر سلبا بأي امرأة أتعرف عليها، حتى أن ثقتي بنفسي أصبحت أقل وأصبحت تابعة لأخته، فإذا أخته ذهبت إلى مكان أستطيع أنا الذهاب إليه، أما أن أتعرف أنا على شخص وأن يثق باختياري فلا، مع إنني 23 سنة وأخته 27 سنة، فليس بيننا فرق، ثم إنني طوال حياتي أعطيت الثقة ولم أخنها يوما، فلماذا لا يثق بي؟! وأيضا مصروف البيت، لا أملك أن أشتري أبسط الأشياء دون أن أحمل همه، فهو يتدخل في أبسط الأمور ومن أين أشتري أبسط الأشياء ولا أفهم لماذا، أنا والله متعلمة ومؤدبة وذكية، ومتأكدة أنني أستطيع أن أكون مسئولة عن هذه الأشياء البسيطة فلا أعرف كيف أقنعه بذلك. وقد طلبت منه أن يحدد لي الميزانية التي أصرفها، لكن أن يعطيني بعض الحرية ما دمت لم أفعل ما يغضبه، لكنه يحدد ميزانية، لكنه يحاول أن يوفر أكثر إذا استطاع، ويقول ليس معنى أن وضعنا ميزانية أننا يجب أن نصرفها كلها. أنا أعرف أنه شخص جيد، وأنا لا أريد أن أخسره ولكنني لا أريد أن نعيش هكذا، أريد أن أكسب ثقته، وأن يكون لنا علاقات اجتماعية وأن أشعر بذاتي وأنني لست فتاة مراهقة تنتظر من والدها أن يقرر عنها كل القرارات ولا أعرف كيف أحصل على ذلك منه، فماذا أفعل؟
S.s
الصديقة العزيزة.. أتعجب أحيانا من تفكير الآخرين بفكرة الزواج نفسها والحياة العائلية، وخصوصا لدى الكثير من الرجال الذين يتزوجون ويرون أنه الأفضل أن تسير الأمور وفقا لما يرغبون به فيصرفون ويدبرون أمور بيوتهم بأنفسهم وكأن الزواج اختيار فردي وهذا البيت مسئول عنه طرف واحد فقط، ولا أعتقد أن الأمر دائما عدم ثقة وإنما اعتقاد سائد أنه لو تم وضع الأمور في يد الزوجة ساءت الظروف وعمَّ الخراب على البيت دون إعطائها أي فرصة لإثبات العكس. صديقتي قد يكون الاختلاف بينكما أساسه التنشئة الأولى، فأنتِ وهو تربيتما على اعتقادات لا يعتقد بصحتها الآخر إلى حد ما، وما أستغربه أن هذا الشاب نشأ وتربى على يد امرأة تدير بيتها وتعلم أبناءها وتعيش من أجلهم.. سيدة هي من جعلته يعيش عيشه جيدة، ولا أعتقد أن لديه عقدة الشعور بالنقص ويرغب في تعويضه في حياته الزوجية، فيرغب أن يقوم هو بكل شيء ويدير حياته بطريقته هو. أما بالنسبة لكونه شخصا غير اجتماعي ولا يرغب في تكوين الصداقات، فأنا أعتقد أن هذا أمر يعود له في اختيار نمط الحياة التي يعيشها ورغبته في أن تظل دائرة معارفه هي الدائرة الأفضل له، وقد يكون السبب أيضا رغبته في أن تكوني مثله.. ولكن صديقتي أنا لا أعلم أيضا هل تعملين أم أنكِ ربة منزل فقط؟ لأنه لو كنتِ ربة منزل من الأفضل أن تتناقشي معه في أمر الصداقة، ولكن بهدوء، وأن توضحي له أنه لا يمكن أن تقتصر حياتك على أخته فقط، وخصوصا أنكما بغربة وما أقساها بعيدا عن الأهل، وأنه من الأفضل أن تكون لكِ صديقة أو اثنتين، فقط تذهبين معهما وتتحدثين إليهما دون أن تضطري للمجاملات المادية، والتي قد يرغب في الاقتصاد من أجلها لتوفير عيشة كريمة. فأنا أعلم جيدا تكلفة المعيشة بالخارج، فهي ليست بسيطة كما هي الحال هنا، وربما يحتاج لأن يطمئن فقط أو يكون من الرجال الذين لا يرغبون في أن يدخل حياتهم أشخاص آخرون يشغلونك عنه وعن بيتك، ربما كان هذا اعتقاده ولا إثبات للأمر دون تجربة. سيدتي.. من الواضح أنكما شخصان ناضجان، يحب كل منكما الآخر وعلى استعداد أن يتحمله، تحدثي إليه واطلبي منه أن يعتمد عليكِ ولو على سبيل التجربة تتعلمين منها وتدبرين أمورك، وأن يعتمد عليكِ قدر الإمكان، ومع الوقت سيشعر أنكِ قادرة على تدبر أمورك المادية والمعيشية، فقط باللين كل شيء يأتي ومع الوقت ستتعودين على حياتك معه. أدعو الله أن يتغير الأمر كما ترغبين وتابعيني بأخبارك.