أنا في البداية أحب أن أشكركم على هذا الموقع المتميز وخصوصا هذه الصفحة التي تتيح لكل شخص أن يتحدث بأمانة مع نفسه ومع الآخرين لعلمه وثقته بعدم الانحياز وللسرية التامة. في الحقيقة يوجد لديّ مشكلة أود منك أن أجد لها حلا يريح لي بالي، أنا طالبة جامعية في آخر سنة وأود أن ألتحق بمركز مهم، بعد تخرجي تعرفت على شخص على الإنترنت يكبرني بعامين، وقد تخرج من معهد فني متوسط ويعمل فني في أحد المصانع. وأنا أحببته كثيرا لا يمكنني وصف مقدار حبي له وأعلم أنه يحبني أكثر مما أحبه بكثير والتقيت به ولم يحدث أي مشاكل، ولكن في اليوم الذي قررنا أن نخبر أهلي ليتقدم لي صارحني بسر خطير وهو أن له 4 إخوة من أبيه وأكبرهم سجين في قضية تعاطي مخدرات. وأن إخوته الأربعة يتعاطون المخدرات، وعندما قررت مصارحة أهلي لم أقدر ولكني قلت لوالدتي إنها صديقتي المقربة، ولكنها رفضت المبدأ بشدة لو كنت أنا مكانها، وحاولتُ البعد عنه ولكنه لم يتركني، مع العلم أن حالته الصحية تدهورت وحالتي أنا النفسية ساءت فعدنا لبعض مجددا وبحب أقوى. ولكني علمت أنه ليس لديه سوى مرتبه وستكون فترة الخطوبه 3 سنوات، الأمر الذي رفضته والدتي بشدة أيضا، مع العلم أني صارحت أختي بالأمر ورفضت لعدم إعجابها بعمله، فماذا عليّ أن أفعل؟ فهو أول حب بحياتي وأيضا فراقه صعب والارتباط به صعب بغير رضا الأهل، فهو لن يتركني بسهولة ويريدنا على الأقل أن نكون أصدقاء لحين ارتباطي بشخص آخر، ولكني رفضت هذا الوضع لعلمي أن الحب لا يتحول لصداقة، أرجو منكم النصيحة.
m_soo
عزيزتي.. أنا وأنت -دعينا نعترف بصراحة- نعلم أن مشكلة فتاكِ ليست في مستواه التعليمي, ولا في مهنته, ولا في وضعه المادي، بل إنها -بكل مباشرة وصراحة- في إدمان أشقائه للمخدرات وفي شقيقه السجين، هذه مسألة علينا الاعتراف بها من البداية مهما كانت الصراحة مؤلمة أو مثيرة للضيق. فكل المشكلات والسلبيات سالفة الذكر التعامل معها ممكن، حتى لو كان عسيرا، أما مشكلتا المخدرات والسجن فهما مما يغلق الباب "ضبة ومفتاح" أمام أي فرص! والمشكلة أن البعض يفكر في وضع كهذا بمنطق: "ومالي وأسرته؟ أنا لن أتزوج أسرته بل سأتزوجه هو!" والحقيقة يا عزيزتي أن الأسرة ليست مما يخرج من الحسابات، فالواقع أن المرء منا حين يتزوج فإنه يتزوج الأسرة بالفعل! فأنت حين توافقين على رجل زوجا لكِ، فأنتِ ضمنيا توافقين على أشقائه وشقيقاته أخوالا وخالات، وعلى والديه أجدادا لأبنائك. هل تريدين أن يأتي يوم يحجم فيه الرجال عن طرق بابكم لأجل طلب يد ابنتك لأن أعمامها مدمنون وأحدهم كان سجينا؟ هل تريدين لابنك أن يُكسَر قلبه وهو يُرفَض من عائلة محترمة لنفس الأسباب؟ هل تريدين لأحدهما أن يفقد فرصة العمل في وظيفة مرموقة لأن التحريات أظهرت تلك الحقائق المشينة عن أسرة أبيه؟ لاحظي أن من يتزوج لا يتخذ القرار لنفسه فحسب، بل لأبنائه الذين في علم الغيب.. ولأسرته كذلك، فهل تعتقدين أن ارتباطك بأسرة معيبة لن يشوّه سمعة أسرتك ولن يسيء إليها؟ واهمة أنتِ لو حسبت ذلك، بل إنكِ نفسك تقولين إنك تطمعين في الوصول لعمل مرموق، كيف يا عزيزتي والمعروف أن تلك الوظائف يتم التحري عن شاغليها وأسرهم وأقاربهم قبل الرد عليهم قبولا أو رفضا؟ الخلاصة.. أن ارتباطك بأي شخص هذا وضع أسرته هو انتحار معنوي بطيء.. ربما تسألين: "وما ذنب المرء لو أن قريبا له أخطأ؟ لماذا يحمل هو وزره؟ ألا يقول الله تعالى {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}"؟ هذا صحيح يا عزيزتي، ولكن علينا أن نراعي طبائع مجتمعنا.. وطبيعة المجتمع المصري أنه يتعامل بطريقة "الحسنة تخص والسيئة تعم"، وهي طريقة سيئة، ولكنها ترسخت في وجداننا حتى صارت قاعدة يفرضها العرف بصرامة، وعلينا جميعا مراعاتها إن لم يكن اقتناعا بها فتسليما بشبه استحالة تغييرها، على الأقل حاليا. أعتقد أنكِ تعرفين الآن رأيي في مشكلتك، وهو أن تقطعي علاقتك بهذا الشاب، وتنسي تماما فكرة الارتباط به، وتنتظري من تناسبك ظروفه الاجتماعية -في المقام الأول- وباقي ظروفه بعد ذلك. صحيح أن انسحابك من حياته سيكون مؤلما له، لكننا لا نرتبط على أساس الشفقة، بالتالي فإنك في كل الأحوال ستضطرين إلى مصارحته بنهاية قصتكما، فليكن هذا عاجلا لا آجلا، ف"وجع ساعة ولا كل ساعة". فكري في كلامي هذا يا عزيزتي، وليوفقك الله تعالى لما فيه الخير، تحياتي..