لعل شهرة الكاتب الأيرلندي برام ستوكر تعود لعدة أسباب؛ أهمها هي رواية "دراكولا" التي تعدّ واحدة من كلاسيكيات أدب الرعب في العالم، والتي تنتمي إلى مدرسة الأدب الرومانسي في الوقت نفسه. عاش برام ستوكر حياة مختلفة عما أرادها له والده؛ ففي البداية تبع خُطى والده وعَمِل في الخدمة المدنية كموظف عام في قلعة دبلن، إلا أن ولعه بالكتابة كان غالبا عليه، لذا قام بمراسلة عدد من المجلات ونشر بها بعض قصصه القصيرة. بعد فترة، تمرّد ستوكر على خط السير الذي رسم له سلفا، وقرّر أن يُدير أحد المسارح الذي يعمل به صديقه الممثّل البريطاني الشهير وقتها سير هنري إيرفينج، وقد استمرّ في وظيفته هذه لمدة 27 عاما حتى وفاة إيرفينج. في تلك الفترة قرّر ستوكر احتراف الكتابة أيضا وقام بكتابة أولى رواياته، والتي كانت رومانسية وحملت اسم "درب الثعبان" والتي نُشرت عام 1890. دراكولا تعدّ رواية "دراكولا" مرحلة مهمة للغاية في حياة ستوكر؛ حيث عكف على كتابتها مدة 7 سنوات كاملة، وكانت هذه الرواية مرحلة مفصلية في حياته؛ حيث عرفه العالم بعدها كأحد أبرز كتّاب أدب الرعب القوطي الرومانسي في الوقت نفسه. وتعتمد رواية دراكولا في قوامها الرئيسي على عدة شخصيات حقيقية؛ منها الكونت فلاد الولاشي الذي لقّبه الغجر ب"دراكولا"، والذي يعني ابن الشيطان حاكم هنجاريا ورومانيا، والذي كانت تدور حوله أساطير غريبة تتعلّق بمدى قسوته وقوته وسيطرته على بلاده. وقد سمع ستوكر في البداية عن أساطير مصاصي الدماء من أحد أصدقائه، والذي أخبره عن أساطير مصاصي الدماء في ترانسلفنيا، وهو ما دعا ستوكر للبحث أكثر وأكثر عن هذه الأساطير، ثم قام بدمجها مع قصة فلاد الولاشي (دراكولا)، واستعان بدراسته العلمية للبحث أكثر عن حيوان الخفاش ليدمج كل هذه الأشياء مع بعضها، وينسج شخصية دراكولا مصاص الدماء الأشهر في العالم. اعتمد ستوكر أيضا في روايته على شخصية حقيقية أخرى وهي شخصية الكونتيسة إليزابيث باثوري من ترانسلفانيا التي اشْتُهرت بجمالها، والتي حينما بدأت تتقدّم في العمر أصيبت بجنون الخوف من فقدان جمالها، واعتقدت أن دماء الفتيات الشابات ستحفظ لها ديمومة تألّقها، فقامت بقتل 50 من خادماتها لتسبح في دمائهن، وذلك قبل أن تكتشف فعلتها حين احتجزت خلف جدران قلعتها حتى وفاتها عام 1614. ستوكر وأدباء عصره كان ستوكر على علاقة طيبة بعدد كبير من أدباء عصره المشهورين؛ منهم: آرثر كونان دويل وألفريد لورد تينيسون ومارك توين وأوسكار وايلد. وقد جمعته منافسة طريفة مع أوسكار وايلد؛ حيث كانا يتنافسان على حب فتاة جميلة هي فلورنس بالكومب، والتي نجح في أن يستميلها نحوه ليتزوّجها في النهاية عام 1878. معتقداته كان ستوكر ليبراليا بشدة ومؤيّدا للحزب الليبرالي في أيرلندا، كما أنه كان يؤمن بشدة بأيرلندا كدولة منفصلة، إلا أنه كان يؤمن بالملكية أيضا، لذا كان يرى أنه من الأصلح أن تظل تحت حكم التاج البريطاني في الوقت نفسه. لم يكن ستوكر يؤمن بالأفكار الخرافية، وكان يرى أنه من الضروري محاولة فهم الأفكار الخرافية وتفسيرها بشكل علمي، وقد ساعده على هذا نشأته العلمية ودراسته للعلوم والطب. أعماله لستوكر عدد من الروايات في الخط الرومانسي؛ منها أولى روايته "درب الثعبان" ورواية "لغز البحر" ورواية "الرجل"، كما له عدة أعمال أخرى بخلاف "دراكولا" في مجال الرعب منها: "جوهرة السبع نجوم" التي تدور أحداثها في مصر، ورواية "سيدة الخمار" و"عرين الدودة البيضاء". تُوفّي برام ستوكر وقد ترك وراءه عدة أعمال لم تنتهِ بعدُ؛ مثل: "زفاف الموت" و"مخبئ الكنوز" و"سلسلة المصير" و"كأس الكريستال". كما أن له أعمالا غير أدبية؛ منها السيرة الذاتية التي كتبها عن صديقه الممثّل البريطاني الشهير سير هنري أيرفينج، وكتاب "لمحة من أمريكا"... وغيرها من الكتب. وفاته عاش برام ستوكر حياة صاخبة للغاية مليئة بالتنقّلات والمفاجآت، ويبدو أنه لم يرد أن يترك الحياة دون أن يترك وراءه لغزا غامضا؛ حيث تدهورت صحته بشدة وتُوفّي في 20 إبريل عام 1912. وعلى الرغم من أن أسباب موته ما زالت غامضة وأثارت الكثير من الجدل؛ فإن كاتبي سيرته الذاتية تجنّبوا الحديث في هذا الأمر، وقد نشر حفيده دانييل فيرسون مؤخرا في كتاب سيرة حياته أسباب وفاة جده؛ حيث بيّن الأطباء أن أصيب بشلل عام، ويفسّر بعض المختصّين أن هذه الأسباب ترتبط بمرض الزهري وإن لم يكن تفسيرهم مؤكّدا علميا. برام ستوكر سينمائيا لعل برام ستوكر أحد الكتّاب القلائل الذي حمل فيلم سينمائي اسمه بجانب اسم الفيلم؛ حيث قام المخرج الشهير فرانسيس فورد كوبلا بتحويل رواية "دراكولا" إلى فيلم شهير حمل اسم Bram Stoker's Dracula (دراكولا لبرام ستوكر)، كما حاول المخرج الألماني الشهير مورناو تقديم فيلم "دراكولا" عام 1922 إلا أن زوجة ستوكر قد رفضت بيع القصة أو تحويلها سينمائيا؛ فقام مورناو بتغيير بعض الأماكن والأسماء وقدّم فيلمه الشهير "نوسفيراتو".