السنوسي محمد السنوسي الدبّة التي قتلت صاحبها.. هل كان هذا هو حالنا حين أردنا الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الفيلم السيئ والمسيء؟! إن الواقع يقول: إنه لا هذا الفيلم ولا ألف غيره يستطيع أن يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم! بالعكس، سيكون فرصة أخرى ليتعرف آلاف الغربيين على هذا النبي الكريم، مثلما كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقبلها رواية سلمان رشدي، فرصة ليتعرف الغربيون على الإسلام، ويدخل الآلاف منهم فيه!! كان ممكن أن يحدث هذا لو أننا استطعنا أن نقدّم احتجاجا حضاريا على هذا الفعل المشين، لكن تقول إيه لولاد ال... اللي ما خلوش لولاد الحلال فرصة للتعبير عن حبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصروا أن يعطوا ذريعة ومبررا لأصحاب الإساءة ويثبتوا أنهم على حق!! صحيح أن مما يخفف من المأساة أن هؤلاء المتورطين في الاعتداء على السفارات الأمريكية وغيرها، سواء في ليبيا أو مصر أو اليمن، هم من المحسوبين على الثورة المضادة -كما تشير دلائل كثيرة- لكن كيف يفهم المواطن الغربي هذا الفارق بين الثورة والثورة المضادة؟! وكيف نمنع الإعلام الغربي من تحويل أنظار الرأي العام العالمي عن السبب الأصلي إلى الأثر الجانبي؟! إذا كنا نطالبهم بالاعتذار إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرة، فحن يجب أن نعتذر إليه -صلى الله عليه وسلم- ألف مرة!! فالإساءة من الأعداء أو ممن يجهلون قدره -صلى الله عليه وسلم- هي أمر مفهوم وطبيعي وإنْ كان خطأ.. أما الإساءة من الأتباع وممن يقولون عن أنفسهم إنهم محبون وغاضبون لكرامته -صلى الله عليه وسلم- فغير مقبولة أبدا، وغير لائقة بالمرة! كيف يخرج مسلم في تظاهرة لنصرة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ثم يمزّق الإنجيل!! ألم يقرأ قول الله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}؟! ألهذه الدرجة وصل جهلنا بديننا، وبأبجديات التعامل مع الآخر؟! كيف له أن يفعل ذلك ولا يراعي شعور إخواننا المسيحيين الذين يعيشون معنا في مصر، واستنكروا وغضبوا مثلنا؟! مع الأسف حدث هذا من شخص ينتمي لعالم الصحافة، وله اهتمام منذ زمن بالدراسات المقارنة بين الأديان! أمر آخر لفت نظري، هل كنا بحاجة إلى صدور هذا الفيلم السيئ والمسيء حتى نفكر فيما يجب علينا فعله تجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- من التعريف به ونشر سيرته، خاصة بين الغربيين الذي ما زالوا رغم تقدّم وسائل الاتصال لا يعرفون كثيرا عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم؟! هل لازم المصيبة تحصل حتى نسارع لإطفاء الحرائق؟! يبدو أن هذا هو منهجنا في التعامل مع كل الأمور، وليس فقط في أزمة الفيلم!! متى ننتقل من زاوية "رد الفعل"، بكل ما تتصف به من حماقة وهيجان وعدم ضبط الانفعالات، إلى زاوية "الفعل" المؤسَّس على رؤية وروية وتفكير وتخطيط وهدوء وإقناع؟! عذرا رسول الله؛ لأننا لم نتذكر حقك علينا إلا عند إساءة الغير لك!! حتى حينما أردنا أن نردّ عنك الإساءة تصرفنا كالدبّة التي قتلت صاحبها!!!