هل تُطبق البصمة على طلاب الأزهر؟. رئيس الجامعة يحسم الجدل    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر الجامعات الرقمية في العالم العربي بعمان    القليوبية ترفع درجة الاستعداد لانطلاق العام الدراسي الجديد    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الزيت والأسمنت والذهب    التعليم العالي: مصر وألمانيا تطلقان مشروعا مشتركا لتعزيز سلامة الغذاء والصادرات    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالوادي الجديد برعاية المحافظ    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    بولندا: صاروخ أطلق من طائرة مقاتلة غربية هو الذي سقط على الأرجح على منزل أثناء التوغل الروسي    سوريا.. قوات الأمن تحرر مختطفين من السويداء    اتصال بين وزير الخارجية والمبعوث الأمريكى الخاص للشرق الأوسط    مصر ل"ويتكوف": الفلسطينيون باقون على أرضهم.. ولا تهجير    لويس دياز عن مفاوضات برشلونة: فضلت الانتقال لبايرن لتحقيق البطولات    ميسي يقترب من توقيع عقد جديد مع إنتر ميامي    فيريرا يطيح ب شيكو بانزا أمام الإسماعيلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    رسميًا.. توزيع درجات الثانوية العامة والبكالوريا للعام الدراسي الجديد    الإعلان عن موعد عرض أولى حلقتي مسلسل ولد – بنت – شايب على WATCH IT (فيديو)    "يارب أسعد حبيبي".. مريم منيب تطلب من جمهورها الدعاء لخطيبها الراحل    الاثنين.. استراحة معرفة- دبي تناقش رواية «سنة القطط السمان» لعبد الوهاب الحمادي    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تواصل تقديم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    سكاي: مورينيو يوافق على تدريب بنفيكا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    تزامنًا مع عودة المدارس.. «الطفولة والأمومة» يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    الأولى من نوعها.. مصر وإسبانيا توقّعان اتفاقية الشراكة من أجل التنمية 2025-2030    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.آمنة نصير: لقد انبهرنا بريالاتهم ودراهمهم فانكسرنا
نشر في بص وطل يوم 14 - 01 - 2010


أعدها للنشر..
عمرو حسن - احمد صالح - محمد صلاح - دعاء رمزي - مروة سالم

التشدد دائما ما يلقى قبولا أكبر من الاعتدال
النقاب أصله توراتي وجلد الأطباء دليل إنكسارنا
النقاب لم يعلّمنا الفضيلة ولا درء المفسدة
أيتها المنتقبات.. تغيير زي المجتمع ليس مروءة
تحدثت الدكتورة آمنة نصير في الحلقة الماضية عن التحول الذي حدث للمصريين الذين سافروا إلى دول الخليج وعادوا -إلى جانب الأموال- بالعادات والسلوكيات الغريبة على مجتمعنا، وتأثروا كثيرا بفقه البداوة المنتشر في صحراء الخليج من حيث التشدد والالتزام المظهري مرورا بالجلباب واللحية انتهاء بالنقاب الذي وعدت الدكتورة آمنة أن تكشف عن مفاجأة بشأنه نعرضها في هذه الحلقة.
لقد أصبحنا أمة الغطاء الشكلي والخواء الجوهري
هذا التدين المظهري جعل الآخرين يسخرون مني وعليه أصبحنا نهتم بالمظهر بصرف النظر هل هذه الفتاة صادقة أم لا.. متعلمة ومتفتحة أم لا.. طباعها جيدة أم لا.... أتمنى أن أرى الفتاة والولد الذين يكونون متحجبي الجوهر، فالرسول صلى الله عليه وسلم سيكون شاهدا علينا.. {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، هل سنرقى إلى مستوى أن أكون شاهدة على الأمم ويكون الرسول شاهدا عليّ؟ هل في أدائنا لعلمنا وعملنا ونظافتنا وعلاقتي بأسرتي وعلاقتي بزوجتي وأبنائي وعلاقتي بإخوتي وعلاقتي بالمجتمع وفي حمل للأمانة التي أنا مكلف بها.. هل سأستطيع أن أقف أمامك يا رسول الله كي تشهد عليّ وأشهد على الآخرين؟ فقبل أن أترك اللقاء يهمني أن أترك عدة أسئلة كي تطرحوها على أنفسكم بصدق..
فليسأل كل واحد منا نفسه قبل أن ينام: هل غطيت شعري؟ هل صليت؟ هل صمت؟ لكن لا بد أن أسأل أيضا بخلاف ما سلف: كم أخطأت في حق من كان بجواري في الأتوبيس؟ ودست على رجله وحاولت أن أسبقه؟ كم مرة نظرت لزميلي نظرة مخيفة؟ كم مرة اغتبت صديقا؟ كم مرة ضحكت على البنت الفلانية؟ وما الضير في ذلك طالما حصلت على التسلية التي أبتغيها؟!! حساب دقيق لكل إنسان مع نفسه ولا رقيب عليه سوى الله، لو فعلناها بصدق وبأمانة وبنوع من الصرامة سنصل لنفسنا التي بداخلنا؟!! هذه النفس هي نفس مكارة ومتمردة ونفس ذكية ونفس مطمئنة ونفس بليدة، وكلنا نحمل هذه الأوجه لأنفسنا، لكن كيف أتعامل مع هذه الأنفس كقائد يقظ دون أن أترك واحدة منهم تستبد بيّ أو تسوقني للتهلكة؟ كيف أكون قائدا يقظا فطنا قويا في التعامل مع هذه الأوجه والأنفس؟؟
أول مرة أسمع عن الكبسة
النقطة الثانية.. بماذا عدنا من هذه البلاد؟ عدنا بأكتر من شيء ومنها المظهرية أكثر من الجوهر، هذا التفكك داخل المجتمع، أصبحنا جميعنا لدينا حالة من الاستغناء عن بعضنا البعض، وفقدنا الإحساس بالرضا، فكل أسرة لديها 3 أو 4 عربيات.. ونسينا أن الإنفاق بهذا الشكل هو نوع من الترف الذي سنحاسب عليه يوم القيامة، بودّي أن أروي لكم موقفا مضحكا.. أنا عمري ما سمعت عن الكبسة إلا لما ذهبت لدول الخليج.. فالكبسة والرز البسمتي ذاك والله أنا عمري ما سمعت عنه حتى فتحت بيتي وأصبحت ستّ بيت "مش بطالة".
لقد انكسرنا أمام براميل البترول
أنا ذكرت أننا أصبنا بانكسار اقتصادي رغم أن الحروب انتهت لكن لم نتمكن من تنمية مجتمعاتنا، وفي الوقت ذاته انبهرت بمجتمعات هذه الدول وأنا مهزومة نفسية واقتصاديا، سافرت إلى هناك وأنا داخلي ضئيل، فانبهرنا لدرجة أن أصبح رجالنا يرتدون الغترة الخليجية، فإن نتائج الهزيمة إما الانبهار بعلم المنتصر كما انبهر الأوروبيون بعلمنا في الأندلس، أو أن أنبهر بريالاتهم ودولارتهم ودراهمهم مثلما حدث في دول الخليج.. هذا هو السؤال الذي أطرحه للمستقبل: هل سيأتي اليوم الذي نستفيق فيه من الهزيمة التي وفدت إلينا من دول الخليج؟ حتى بناتي في الكلية ارتدين الإسدال الخاص بالإيرانيين والعراقيين -وهو في الواقع أقرب للزي العراقي لأنني زرت العراق مرتين أو ثلاث- وأنا حقا أندهش لهذا التصرف، فلماذا لا ترتدي الفتيات الجامعيات تايير أو بدلة طويلة بعض الشيء أو تونيك جميل.. لماذا بتنا نقلدهم بعد ما كانوا هم من يقلدوننا، القذة بالقذة والنعل بالنعل.. البنت تمشي بالكلية تجاه المدرج وزيها يمسح ويكنس التراب مكونا شبرا من الطين، هذه ليست الحضارة أو الإسلام، فالنظافة شطر من الإسلام، أنا لا أحب أن أقول كلمة أجرح بيها مشاعر أحد، لكنني أصبحت أدخل المدرج وأشعر أنني مخنوقة حيث اختفى الهواء النظيف من القاعة.
متى نفيق من هذه الانكسارات؟
متى نفيق من هذه الانكسارات؟
أمثلة أخرى على حالة الانكسار التي تعرضنا لها هي قضية جلد الأطباء المصريين بالسعودية؛ فقد عشنا هذه المآسي خلال ثلاث سنوات من المرار، وماذا فعلوا حتى يُجلدوا 180 جلدة رغم أن الشرع يقول 100 جلدة للزاني والزانية، ماذا فعل هذا أو ذاك؟، أليس هذا الحادث هو الآخر نوعا من أنواع الانكسار، إن الإنسان مكرم.. وهذا كلام الله عز وجل الذي قال: {ولقد كرمنا بني آدم} أم قال بني البترول؟!!، طبعا بني آدم، ولقد كرمنا بني آدم في البر وفي البحر.. أيا كان البني آدم حتى ولو فقير فلا بد من أن يشعر بكرامته دون إهانتها وسحقها وكسرها من أجل حفنة دراهم، والله لما آكلها كسرة ناشفة وأخرج لعملي وأنا مرفوعة الرأس أفضل لي.
أين المؤسسة الدينية المستنيرة؟!!
للأسف لا يوجد سوى مؤسسة دينية تقليدية تنازلت عن كل مقومات القوة، وقوة المؤسسة التي تحمي انفراط عِقد المجتمع، ونحن عِقد مجتمعنا منفرط يا شباب، لم يعد لدينا ذلك التماسك المجتمعي القوي الذي كان موجودا لدى شباب الخمسينيات والستينيات؛ حيث كنا نتمتع بالرضا والانتماء، ولم يكن هناك من يملك عربية والكل راضٍ.
أيضا سفر القائم على البيت ساهم في إحداث هذا الانفراط في الأسرة، وبالتالي اجتمع مثلث الرعب.. الشباب، غياب الأب، الأم غير قادرة على الهيمنة على البيت، وهذا المثلث هو ما خرّب أسرنا المصرية الجميلة الممتلئة بالرضا، فلم أعد أسمع كلمة الحمد لله، أما في الماضي فكانت السيدة المصرية لديها ثمن العشاء فحسب وتجدها تقول: ماحدش بينام من غير عشا، وبالتالي كانت عبارات مصرية جميلة تنم عن الشخصية المصرية الراضية، ولكن الآن أصبح لدينا حالة تمرد وهي أخطر ما استجد على الأسرة.. تمرّد الزوجة.. وحيث تجد البنت متمردة على أخوها وخطيبها زوج المستقبل.... البيت امتلأ كله بحالة من التشنج بعدما اشترينا البيت وركبنا عربيات وسكنّا في فيلات، وانتقلنا للسكن في التجمع الخامس والنتيجة؟.. هل نحن سعداء؟
لماذا غابت المدرسة من المسجد؟ ولماذا أصبح المسجد مجرد مكان نصلي فيه ثم يقفل حتى ميعاد الأذان القادم؟ ولم أعد أجد بالمسجد من أسأله عن الأمور التي تخصني؟
إن غياب المؤسسة الدينية فتح الباب للدعاة الجدد والقنوات الفضائية التي تبث نارا طول الوقت رغم أنهم سبق وعرضوا عليّ العمل معهم فقلت لهم: أنا سيدة بفكر وسطي من أمة وسط، وليس لي دعوة ولن أحيد عن التوازن والوسطية والتطرف الذي ينشره اتنين تلاتة من الفضائيات يعملوا بيه غسيل مخ للشباب.. ودائما التشدد يلقى قبولا أكثر من التوازن؛ فهذه هي النفس البشرية التي تأخذ بالأحوط وأسد الباب وأستريح، وهم نجحوا أيما نجاح في هذا الأمر، وأنا أقول للمنقبات: إنتم صعبانين عليّ.. اللهم افتح بيني بين وبناتي بالحق.. إنتم زي بناتي أنا هاكلمكم كأمّ أولا وكأستاذة ثانياً.. حد فيكم يقول لي نص صريح في القرآن يقول إن النقاب فرض إسلامي؟!
وتجدهم كالملقنين هذه تقول هذا المثل وأخرى تقول هذا المثل.. وطبعا كل هذا من قناة الناس وعدد آخر من القنوات..
إعلامنا خايب
وكما أن هناك فراغا في المؤسسة الدينية فإن هناك فراغا في الإعلام المصري الخايب.. مع مؤسسة هزيلة وضعيفة وأنا الكلام ده باقوله لهم في ووجوههم لا من ورائهم.. إحنا بقينا مؤسسة ضعيفة وهزيلة لا عارفين نشكّل مجتمع ولا عارفين نصدّ عيوب، ولا عارفين نقدّم بناء حقيقي، فالكوب الفارغ سيمتلئ بماذا؟ امتلأ بالنقيضين يا إما أشخاص دفنوا أنفسهم داخل نصوص فسّرت على غير مراد الله، يا إما أشخاص أخذوا نصوصا ضعيفة وقوّوها حتى تكون هي السائدة، فالله عز وجل قال: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} وبوسطيتكم أنتم خير الأمم" {خير أمة أخرجت للناس}.
الأصل في الأشياء الإباحة وليس العكس
ومع هذا فأنا ماسكة الطرفين مش يا إما بايعة الجمل بما حمل وأفعل ما أريد، يا إما داخلة بقوتي وحرمت كل شيء، والأصل في الأشياء الإباحة وليس العكس هي قاعدة شرعية، فقلت للبنت: هناك قاعدة فقهية تقول: "درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة" أنا لا أرى أن النقاب أعطاني منفعة.. لا علّمني عفة ولا جعل عندي مجتمع فضيلة، ولا خلاني مدينة أفلاطون المثالية ولا شيء..... بل بالعكس أعطى فرصة للفسقة والفاسدين من أصحاب الهوى المريض أن يستغلوا نقابكم ويسرقوا من خلاله ويدخلوا البيوت من ورائه، وكذا وكذا وكذا بل بالعكس أصبح فيه ريبة، والريبة في الإسلام ممتنعة، فلا أنت أزحتِ خطأ بل بالعكس جلبتِ خطأ أنك جعلت وجهك سبب ريبة.
وسوف أسرد لكم موقفا شخصيا تعرضت له لدى عودتي بيتي، فركنت سيارتي وكانت الدنيا مظلمة ووجدت فجأة فتاة قادمة من خلفي منتقبة في عز اللليل والشارع مظلم كما يجب وعيناها تلمع والله أنا حصل لدي ريبة، فسألتني: إنت دكتورة آمنة نصير؟ وكانت تريد الاستفسار عن شيء ما، فقلت لها: آسفة جدا لأنها جعلت عندي ريبة.. فكيف لي أن أعرف أنها سيدة من الأساس أو أنها ليست لصة تريد اختطاف حقيبتي أو تضربني بالبسكين، فهي وضعت في نفسي ريبة والريبة في الإسلام أشد إيلاما لأي مجتمع.. أنك تتعاملي معي وإنتِ مخفية.

إن مخالفة زي القوم ليست من المروءة
أقول للمنتقبات: ليه المرار ده كله!
"ليه المرارا ده كله؟!" فتصوروا لو أنا جالسة أمامكم بوجهي مغطى لا أنتم عارفين إذا كنت راضية أو غضبانة أو متفاعلة معكم فوجهي هو عنواني، ونحن الآن في عصر لا يعترف سوى بالوثائق؛ فركوب الطائرة يتطلب وثيقة ودخول البنك بوثيقة، ودخول كليتي بوثيقة.. وقيادة السيارة بوثيقة.......
وأنا أريد أن أقول ملحوظة لأولادي: انظروا إلى كل إمام فستجدون ثقافته من بيئته، ستجدون فتاوى الإمام الطبري في الأندلس، أو الفيلسوف ابن رشد لهم ثقافة ورقيّ عالٍ جدا، أما ثقافة وفتاوى منطقة الشرق المتاخمة للبدو فهي فتاوى متشددة.
وهنا أريد أن أتذكر شيئين: أولا أن الإمام الشافعي غيّر فقهه في العراق عندما وصل مصر، فأصبحنا حتى في التخصص في كليات الشريعة ستجدنا ندرس فقهين فقه الإمام القديم وفقه الإمام الجديد، ما بين العراق وما بين مصر.
ثانيا كلمة الإمام الطبري التي أعتبرها قيلت لمثل أيامنا الآن وهي: "إن مخالفة زي القوم ليست من المروءة"، فسألني أحدهم عن معنى كلمة "المروءة" فقلت: إن أنا أبقى مخفية هذه ليست من المرؤة، فعندما تدخل منتقبة عليّ في الشارع وتخيفني فهذه ليست من المروءة؛ فإن مخالفة زي القوم ليس من المروءة ما لم يكن به إثم، والمخالفة تكون على سبيل الشهرة، قلت لهم ما أراه فيكم الآن أنه نوع من الشهرة والانفرادية، ونوع من المخاصمة للمجتمع ونوع من الانكفاء على الذات.
أصل النقاب توراتي
النقاب أصله توراتي من الشريعة اليهودية.. ارجعوا للعهد القديم، وارجعوا لسفر التكوين تعلّموا وأقرأوا إصحاح 38 و24 ستجدون الآتي: "عندما ترملت "ثامرين أو لامرين" وعادت لبيت أهلها تنقبت وتلفعت".. فيأتي "الهالة خاه" أي الحكماء كما نقول الإمام الشافعي الإمام أحمد.. أي الفقهاء، يقول: عندهم المرأة اليهودية التي تخرج من دون غطاء وجهها تعتبر في حكم الزانية.
الإسلام لم يفرض النقاب ولم يرفضه
في المشنا والجمارا نجد "المرأة القمحية".. هذه المرأة لها سبعة أبناء كلهم أصبحوا حاخامات فسألوها: كيف استطعت أن تربي 7 حاخامات، فكان ردها: "لأن جدار البيت لم يرَ شعري"، هذه هي الشدة.. شددوا فشدد الله عليهم، قبل الإسلام اليهود والقبائل الإسلامية كانوا يتعايشون مع بعضهم البعض، فالنقاب كان موجودا فجاء الإسلام -وأنا أقولها بمنتهى الدقة العلمية- فلم يفرضه ولم يرفضه، أنا في منتهى الإنصاف في القضية، لكنه -أي القرآن والإسلام- أوجد روشتة تتلخص في قوله: {قُل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن}، وغضّ البصر لا يعني وضع قماشة سوداء.. غضّ البصر وما يتبعه في النفس، النفس هنا ليست العين فالعين هي المرآة، لكن نفسي هي التي تتفاعل وتفرز العفة أو تفرز الدناءة وتفرز كذا وكذا... إلخ.
فربنا أعطانا الروشتة حيث قال للمؤمن والمؤمنة يغضوا من أبصارهم، فأنا ألّفت كتابا عنوانه "المرأة المسلمة بين عدل التشريع وواقع التطبيع"، لم أجد امرأة منتقبة من الصحابيات ممن خُضْن الحرب وبايعن الرسول بيعتين واللاتي أخذ عليهن العهد، واللاتي كنّ يطببن المرضى ويعلمن الرجال.. وفي الصحيحين: "ودخلت المرأة السفعاء" أي وشها عريان، ولما كان في المدينة "صلى الله عليه وسلم" وفي صبيحة يوم قال سلمان لنساء الصحابة: تصدقن أيها النسوة فأخذن يخلعن أقراطهن وخواتمهن "ووجوههن مكشوفة" ويضعنها في المنديل الذي فرده سلمان ويجمع الذهب لكي يقوّي به الجيش.
فوسطية الدين الإسلامي وتحذير الرسول عليه الصلاة والسلام من أي تطرف هذا تأكيد على صدق هذه الشريعة وهذه العقيدة وهذا الدين؛ لأننا لا يجب أن نكون في أحد الطرفين أبدا، إننا دعوة وسطية كما يقول الإمام علي؛ فالأعلى يستطيع أن ينزل إلى الوسط، والأدنى يستطيع أن يصل للوسطية".. هذه الوسطية تعطي الفرصة لجميع البشرية وجميع العقائد يستطيع الجميع أن يصعد إليها وأن ينزل إليها، وهذه أكبر حكمة لعالمية هذا الدين.
ثم إنه لو الله أراد الله لي أن أنتقب بدلا من أن يقول: {وليضربهن بخمرهن على جيوبهن}، لقال: وليضربن بخمرهن على وجوههن، و"كانت خلصت". فتحديد الخُمر معناه أن وجهي مكشوف، فلم يحدد المنطقة.
النقاب والتشدد هي مشكلة من ضمن مشاكل عدة يعاني منها المجتمع المصري ككل، وبالتالي يعاني منها البيت المصري الذي هو وحدة هذا المجتمع ولكنه ليس كل المشكلات بل جزء من كل، وحتى يمكننا أن نقف وقفة سليمة مع أنفسنا يجب علينا أن نبدأ من المنزل ومن المرأة عمود هذا المنزل التي تكشف الدكتورة آمنة نصير في الحلقة القادمة عن مفاجأة جديدة فيما يتعلق بواجباتها المنزلية.. فانتظرونا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.