الكلام اللي يفطر كتير الأيام دي بحكم سخونة الأحداث وبحكم انسكاب التصريحات والتحليلات والآراء غير المتخصصة من كل مَن عنّ له مزاجه أن يدلي بتصريح. وعلى هذا فعندما نقابل تصريحا مستفزا نضبط أنفسنا وقد ننفخ الهواء مرددين.. اللهم أني صائم. نفس الشيء يحدث عندما نرى مجموعة من هواة مهاجمة كل ما هو ثوري والدفاع عن كل ما هو فلولي، فإنك تتجاهل ما يقولونه تماما وتستعيذ بالله من شياطين الأنس والنفس، لأنك تعلم أن الله صفد الشياطين الحقيقية في رمضان. وطبعا مهما كنت كارها لرئيس مرسي ومش طايق الإخوان ولا الحرية والعدالة لو إنت منصف ستعترف بأن هناك مجموعة هدفها أن تقول للرجل "عليك غضب الله" كلما قال "لا إله إلا الله" ولو خرج علينا ليقول "صباح الخير" لصرخوا به "وكمان بتقول صباح خير" وهؤلاء ما تتعبش نفسك وتخسر صيامك أصلا عشانهم فهم يعترضون للاعتراض ويختلفون تماما مع من ينتقدون للإصلاح ولمصلحة البلاد والثورة حقا. ولذلك فعندما تشاهد جنازة شهداء هجوم رفح ستتسع عيناك دهشة وأنت تشاهد المذيع خيري حسن وهو يصف موقف الرئيس مرسي ومشاعره وجودته وجماله، وتتساءل هل يقال هذا الكلام حقا عن مرسي على القناة الأولى؟! ستسمع وصف المذيع الذي يصف لك حال الرئيس وهو "يبدو متماسكا ولكنه بداخله يتمزق ألما وحسرة على أبنائه الشهداء". ستستمع للمذيع وهو يمدح مرسي قائلا إنه "رجل مؤمن يحمل في عقلة ووجدانه كتاب الله سبحانه وتعالى". ستستمع كيف أن مرسي "يدرك تماما أن قدر الله نافذ". ثم ستصيبك حالة من الشجن الطاغي وأنت تسمع خيري حسن وهو يصف لك حالة مرسي قائلا: "وهو ينظر الآن إلى جثامين شهدائنا وعيناه تقول لهم قسما بحق السماء وحق تراب هذا البلد لآخذن لكم ثأركم على من بغى عليكم". ستنتفض بتأكيد مع هذه الكلمات المؤثرة وربما لو كنت إخوانيا أو متحمسا ستهتف "ينصر دينك يا مرسي"، وستنسى تماما لحظتها فكرة "اللهم إني صائم" فلأول مرة في هذه الأيام يأتي لك هذا الصندوق المدعو تليفزيون بشيء لا يحرق دمك. ستنهض تملؤك المشاعر وأنت تخلط حزنك على الشهداء بحزن رئيسك ونظرته إليهم، ستفتح النت لتشاهد الأخبار وتعرف تفاصيل الجنازة التي لم ينقلها التليفزيون بالتفصيل. وهذه المرة ستتسع عيناك حقا وستنتفض بحق –غضباً لا حماسة- عندما تكتشف أن الرئيس لم يحضر الجنازة من الأساس. وستتساءل بدهشة وغضب وسخرية وازدراء ممزوجين معا، "أومال الأخ المذيع بقاله ساعة بيوصف لنا ردود فعل مرسي أزاي؟!". لا يهم إذا كان المذيع يحتاج إلى دواء يمنع عنه الضلالات والأوهام، أو لو كان من عالم موازٍ يصف لك مشهد الجنازة في كوكبة والتي هناك حضرها الرئيس، لا يهم لو كان يقرأ من ورقة تخبره ما يراه حتى لو لم يكن يراه. المهم حقا أن تلحق نفسك وتقول "اللهم إني صائم" قبل أن تتلفظ بأي كلام يفطر.