الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    الاستجابة ل2923 شكوى وطلبًا للمواطنين بالشرقية خلال يوليو 2025    إيهاب واصف: قانون تنظيم "صناديق الذهب" خطوة إستراتيجية لجعل مصر مركزا إقليميا في الصناعة    تعرف على أسعار السمك اليوم فى محافظة الإسماعيلية    انخفاض أسعار الذهب عالميًا.. والأوقية تسجل 3339 دولارًا    محمود فوزى: نستهدف تطوير القطاع الزراعى وقانون التعاونيات ينعكس على الاقتصاد    وزير الزراعة: نستهدف تحديث الإطار التشريعي واللائحي للتعاونيات    11 شهيدا في قصف إسرائيلي على غزة منذ فجر اليوم    سموتريتش: فكرة الدولة الفلسطينية خطر وجودي على إسرائيل ونحن مصممون على إنهائها    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    "حزب الله" يحذر الحكومة اللبنانية: أي فتنة داخلية مسؤوليتكم.. ولن نسلم السلاح    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    فاينانشيال تايمز: زيلينسكى يواجه أكبر تحدٍ له فى الحكم مع لقاء ترامب وبوتين    فريق كامل يغيب عن الأهلي فى مواجهة فاركو.. والأرقام السلبية تهدد مستقبل ريبيرو    بعد حادث كوبرى أكتوبر.. تعرف على عقوبة القيادة تحت تأثير الكحول    الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة بهذه المناطق ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بالزقازيق وإصابة شخص    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    نانسى عجرم: بقرأ أخبار حلوة عن أنغام.. أتمنى تكون صحيحة ونرجع نشوفها بأسرع وقت    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    محاضرات وتشكيل ومسرح.. "ثقافة الطفل" تحتفى ب"وفاء النيل"    الأونروا: ذوو الاحتياجات الخاصة يواجهون تحديات يومية هائلة فى قطاع غزة    غدا.. انطلاق تصفيات مسابقة دولة التلاوة الكبرى بالتعاون بين الأوقاف والشركة المتحدة    أبرز مباريات اليوم.. الأهلي ضد فاركو.. وصلاح يقص شريط البريميرليج    هشام حنفي يقدم نصيحة خاصة ل ريبيرو قبل مواجهة فاركو    انتهاء مهلة إصدار محفظة الكاش مجانا في بنك القاهرة اليوم    إصابة 3 أشخاص إثر انهيار منزل مكون من طابقين بقنا    في ظروف غامضة.. وفاة ربة منزل بطهطا في سوهاج    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    قرارات من النيابة في حادث مطاردة "فتيات أكتوبر" على طريق الواحات    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    أمل جديد للنساء، فحص دم مبكر يرصد سرطان المبيض بدقة في مراحله المبكرة    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    تامر حسني: أردت أن يكون «لينا معاد» عملا متكاملا.. والألبوم تطلب مجهودا خرافيا لجمع الأذواق    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد خالد توفيق يكتب.. المريض التالي (1)
نشر في بص وطل يوم 20 - 03 - 2012

سوف أحكي لكم قصة مسلية نوعًا.. قصة عن الطبيب البارع د. هجرس الذي يملك عيادة فاخرة في حي المهندسين، يمكنك أن تراه وهو يوقف سيارته الفاخرة الفارهة (الفارهة معناها السريعة وليس الفاخرة) أمام العيادة في ذلك الشارع الرئيس، ثم ينزل من السيارة في تؤدة ويعيد غلق سترته، ويعيد ربطة العنق لموضعها الصحيح، ثم يتجه في ثقة إلى المدخل.
يمكنك أن ترى المدخل الفاخر للعيادة وتسمع صوت الموسيقى ينبعث من السماعات المتناثرة هنا وهناك، بينما المرضى ينظرون في لهفة إلى مندوب السماء الذي يدخل حاملاً الأمل والسحر لكل المرضى..
يهز رأسه محييًا الممرضة -وهي حاصلة على ماجستير في الآداب على فكرة- حيث وقفت خلف الكاونتر تداعب أزرار لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ثم يبتسم بثقة سمجة للجالسين.. نعم أنا أعرف أسرار الحياة والموت، وأملك التعاويذ السحرية التي تطرد عنكم تلك الأرواح الشريرة.. لقد جلبتم لي القرابين، أعني أنكم دفعتم ثمن الكشف الباهظ، وهذا معناه أنكم صرتم مؤهلين للسر ولأن تحملوا الكلمة..
الكلمة..
إن د. هجرس كذلك وسيم جدًا، له شعر أبيض أنيق ووجه متعب بالغ الجمال.. له ذلك التأثير الذي يصفه الغربيون بتأثير الهالة Halo effect حيث يحيط الشعر الأبيض برأسه فلا تجرؤ على مناقشته.. إنه الكاهن الأعظم..
في غرفة الكشف الواسعة المكيفة التي يوجد فيها أنتريهان أنيقان ومكتبة تمتد من جدار لآخر، وحيث توجد نافذة عريضة تحتل جدارًا كاملاً وتظهر منظرًا بانوراميًا لشارع البطل أحمد عبد العزيز، ينزع سترته ويضع المعطف الأبيض ويجلس خلف المكتب... ويدق الجرس..
عندما يدخل المريض الأول يضغط زرًا فتنغلق الستائر الفينيقية على النافذة.. هذا يسبب نوعًا من الانبهار لدى المريض.
"المريض يجب أن يكون خائفًا بشكل ما من الطبيب.. لو لم يخف فلن يشفى"..
كان د. هجرس يؤمن بهذه المقولة تمامًا ويطبقها حرفيًا...
يتصل بزوجته في البيت... بضع كلمات جافة، بالطبع هو يخونها وهي تعرف ذلك.. واجبه أن يخونها.. هذا ما يفهمه.. كأنها لعبة الشطرنج؛ حيث يتحرك الفيل بالورب ويتحرك الحصان على شكل حرف L لقد احتل موضعًا في المجتمع يحتم عليه أن يتسم بصفات معينة.. هذا الموقع هو موقع الطبيب الناجح الوسيم الوغد الذي لا قلب له، والثري جدًا والأنيق جدًا.. هذا هو الموضع وعليه أن ينفذ المطلوب منه حرفيًا... يجب أن تكون زوجته مغرورة شرسة حمقاء باردة، وعليه أن يحب فتاة شابة مليئة بالحيوية.. إلخ.. كل هذا الهراء...
يدق الجرس ليدخل أول مريض....
الاسم حسب شاشة الكمبيوتر هو صبحي عبد الحميد..
يرفع رأسه بتلك النظرة الوقور المخترقة...

كان المريض ناحلاً جدًا شديد الشحوب
كان المريض ناحلاً جدًا شديد الشحوب.. د. هجرس يمارس طب الكلى ولم يعد يندهش لدى رؤية مريض في هذه الحالة.. هؤلاء اتخذوا مواضعهم في لعبة الشطرنج كذلك.. على المريض أن يكون شاحبًا واهنًا فقيرًا بائسًا.. (صاحب عيا) بالمعنى الحرفي للكلمة..
"المهنة يا أستاذ صبحي"؟
نظر له صبحي بعينين واهنتين نظرة طويلة.. نظرة جمّدت الدم في عروقه.. ما سر هاتين العينين؟؟ هناك خلل ما فيهما بلا شك..
قال صبحي:
"أنا مهندس..."
"السن؟"
"وُلدت عام 1951.. سني أربعون عامًا.."
هذا معناه أن سنه.. لا بأس.. خطأ حسابي بسيط وأنت لا تتوقع أن يكون مريض بهذه الحالة في دقة نيوتن.
لم يكن لدى الرجل الكثير مما يقال.. بالواقع لم يكن عنده شيء على الإطلاق.. قليل هم المرضى الذين ساء حالهم لدرجة أنهم لا يدركون ما يشكون منه، لكن هذه هي الحقيقة..
نهض المريض ليرقد على الفراش.. عرّى بطنه وصدره، فراح د. هجرس يمرر أنامله على الجلد البارد.. كان الهزال واضحًا.. يمكنه من خلال لمس البطن أن يتحسس فقرات الظهر..
وضع السماعة على صدر المريض فلم يسمع أي شيء.. لا صوت على الإطلاق.. لكنه كان يعرف أن هذا الموقف يحدث أحيانًا وتفسيره عند الله وحده..
الآن يقيس ضغط الدم... من جديد ينزل عمود الزئبق فلا يسمع أي صوت لنبضات.. يعرف كل طبيب أن هذا يحدث كثيرًا جدًا... أحيانًا يكون الضغط الانقباضي والانبساطي متقاربين جدًا.. أحيانًا يكون هناك خلل في السماعة أو أذنك.. المهم أن هذا يحدث..
عندما نهض ليكتب العلاج للمريض لاحظ أنه ينظر له بثبات غريب..
نبتت قطرات من العرق على جبين الطبيب وتنفّس بعمق.. هذا المريض يُشعره بعصبية فعلاً.. طبعًا كتب بعض الفيتامينات مع قائمة هائلة من التحاليل...
واسترخى في المقعد كعادته بتلك الطريقة التي يعلن بها أن الجلسة انتهت, سأله صبحي وهو يمسك بالروشتة:
"ممّ أشكو بالضبط يا دكتور؟"
"التحاليل.. التحاليل سوف تقول كل شيء.."
غير أنه لم يكن راضيًا.. التجربة كلها كانت مربكة غير مريحة.. تذكر قصة قديمة لجي دي موباسان يحكي فيها عن خبير مبارزة تورّط في تحدّ لشاب غرير، وفي ليلة المبارزة انتابه قلق عصابي غريب جعله لم ينم لحظة واحدة.. برغم أن قتل الفتى أمر مفروغ منه..
لماذا يرتبك وهو الطبيب العتيد المخضرم أمام مريض واهن كهذا؟
كان غارقًا في هذه الخواطر عندما دخلت المريضة التالية..
اسمها رانيا فؤاد... في العشرين من عمرها..
نحيلة جدًا شاحبة جدًا.. غاصت عيناها في المحجرين فبدت كأنها جمجمة تتكلم..
عندما قاس لها ضغط الدم لم يسمع أي شيء.. عندما وضع السماعة على صدرها الضامر الذي يمكن عدّ ضلوعه بدقة أدرك أنه لا يسمع أي شيء..
هذه المرة بدأ يتوتر..
طلب الممرضة فجاءت مسرعة، وهي تلوك قطعة اللادن المعتادة.. طلب منها أن تجري تخطيط قلب للمريضة.. ووقف يراقب المشهد بينما هي تربط الأقطاب...
عندما رفع عينيه نحو عينيها أدرك أن هناك مشكلة..
وعندما نظر لشريط تخطيط القلب كاد قلبه يتوقف شخصيًا...
لم يكن على الورق سوى خط مستقيم طويل..
يُتبَع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.