نفتش سويا في ذاكرة الثورة -27 يناير 2011 استمرت الاحتجاجات على نطاق واسع وغير متوقع في القاهرة والمدن المصرية؛ فقد أشتعل فتيل الثورة في يوم ال25 من يناير، وخرج المصريون عن صمتهم ونفضوا الذل عن أنفسهم، وأرادوا حياة كريمة لهم ولأبنائهم؛ فخرجت التظاهرات لليوم الثالث على التوالي مطالبة بإسقاط النظام الفاسد الذي لطالما عانيناه في صمت وخضوع. إلا أن أصحاب النظام أبوا ألا يتركوا عروشهم أو حتى يتنازلوا لسماع مطالب الثوار؛ بل عمدوا إلى إخراس كل لسان يسعى للحرية؛ فتعدت قوات الأمن على المتظاهرين والمعتصمين والتي كانت تظاهراتهم سلمية، واعتقال ما يقرب من 1000 متظاهر في خلال اليومين السابقين. وبدأت في صباح اليوم الثالث 27 من يناير عدة تظاهرات في العديد من المدن بجانب القاهرة والإسكندرية والسويس؛ فانطلقت التظاهرات من مدن: الإسماعيلية، وطنطا، وشبين الكوم... وغيرهم؛ وهو ما جعل وزارة الداخلية تبدأ في تطبيق الخطة 100. وبدأت الخطة 100 هي خطة وضعتها وزارة الداخلية لمواجهة الأحداث الخطيرة أو الطارئة؛ كوقوع انقلاب، أو ثورة شعبية، أو حالة فوضى عامة، مع إنشاء غرفة عمليات داخل وزارة الداخلية بقيادة وزير الداخلية لمتابعة الموقف دقيقة بدقيقة، وتمّ الكشف عن الخطة أثناء محاكمة مبارك حين أدلى الشاهد التاسع للواء حسين فرج أن حبيب العادلي قرر يوم 27 يناير تنفيذ الخطة 100 التي وضعتها وزارة الداخلية. تفاصيل الخطة وتقضي الخطة 100 بنشر تشكيلات مسلحة من الشرطة وقوات الأمن المركزي في شوارع القاهرة تستخدم أقصي درجات العنف مع المحتجين؛ لتحقيق عدد من الأهداف أهمها: - منع وصول أعداد المتظاهرين إلى مليون متظاهر، ومنع وصول المتظاهرين إلى ميدان التحرير بأي وسيلة وبأي طريقة، والسماح باستخدام الرصاص الحي وطلقات الرش والقنابل المسيلة للدموع لمواجهة أي تحركات. - حماية مدينة القاهرة؛ بعزلها بقوات أمن ضخمة تحيط بمداخل ومخارج العاصمة، ومنع أي تحرك منها أو إليها؛ لوقف أي إمدادات للانقلابيين أو المتظاهرين. - حماية عدد من الشخصيات المهمة في الدولة؛ على رأسهم جمال مبارك وفتحي سرور، وإذا كانت الحالة هي وفاة الرئيس؛ فسيتم فورا الإعلان عن تولي رئيس مجلس الشعب الرئاسة لفترة انتقالية، أما في حالة وقوع انقلاب أو تحرك شعبي ضخم؛ فسيتم إخفاء الرئيس في مكان آمن خوفا من إصابته بأي مكروه، ويسمح له بإلقاء خطاب للشعب من مكانه الآمن لطمأنة الجماهير. - تأمين المناطق الحساسة والمنشآت الحيوية بقوات ضخمة؛ وعلى رأسها: القصر الجمهوري، ومبنى الإذاعة والتليفزيون -لإذاعة أخبار متوالية تؤكد أن البلد تحت السيطرة- ومطار القاهرة، ومجلس الشعب، ووزارة الداخلية، والسفارات الأجنبية، ومديريات الأمن، ومقار مباحث أمن الدولة. - تخزين أسلحة مختلفة في سيارات الإسعاف المحيطة بميدان التحرير؛ حتى يمكن استخدامها في حالة الطوارئ. - فتح المعتقلات لجميع أعضاء القيادات المحركة للجماهير؛ سواء كانوا حزبيين أو حركات احتجاجية أو الإخوان المسلمين. - فرض حظر التجوال وتعليق الدراسة بالمدارس والجامعات، ومنع المواطنين من الذهاب إلى أعمالهم. - استخدام وسائل التشويش على الاتصالات؛ لإفساد أي تنسيق بواسطة الهواتف المحمولة، وقطع خدمة الإنترنت عن بعض المناطق أو الجمهورية بالكامل. وهي الخطة التي أنكرتها السلطات تماما من قبل.. وكأن ما حدث كان عشوائيا؛ أما الخطة 101 فتفاصيلها تقتضي عمل فجوة أمنية بانسحاب جميع العناصر الأمنية من جميع أماكنها، وإطلاق البلطجية والشبيحة وعناصر أمن الدولة في ملابس مدنية؛ لإشاعة الذعر وترويع أهالي الثوار والمواطنين البسطاء؛ حتى يضطر كل ثائر للعودة لمنزله ليحمي عائلته وأولاده. وبالفعل تمّ إقرار الخطة 100 من قِبل وزارة الداخلية؛ تمهيدا لتنفيذها يوم 28 يناير. اختفى وائل غنيم وانتشرت الأقاويل حول اعتقاله اختفاء وائل غنيم ووصول البرادعي اختفى الناشط وائل غنيم -مسوق شركة جوجل في مصر- في ظروف غامضة، وانتشرت العديد من الأقاويل حول اعتقال قوات الأمن له. انتابت قوات الأمن هيستريا التعدي على المتظاهرين وقمعهم؛ خاصة بعد علمهم بوصول داعية التغيير والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة محمد البرادعي إلى القاهرة؛ ليشارك في الثورة وليجمع المزيد من الأفراد حوله للثورة على النظام الفاسد. وفي الوقت نفسه دعت القوى الشعبية إلى جمعة الغضب؛ والتي تعتمد التجمع في المساجد والكنائس ثم الخروج في وقت واحد. السيطرة على الإعلام فعمدت الحكومة في نهاية اليوم الثالث أن تقطع شبكات الإنترنت عن مصر، وبدأت بعض التعليقات الرسمية عن التظاهرات، وإن كانت تتسم بالتهجم والاستنكار، ورفض موقف المتظاهرين. وقامت قوات الأمن بغلق نقابة الصحفيين، والاعتداء بالضرب على العديد من الصحفيين والمراسلين؛ لإجبارهم على التعتيم الإعلامي على الأحداث. كما تناثرت معلومات عن إيقاف خدمة الرسائل القصيرة (SMS) عن شبكات المحمول الثلاث بدءا من مساء يوم الخميس الموافق 27 يناير. وعمدت الحكومة إلى التقليل من شأن التظاهرات وأعداد المتظاهرين؛ فخرج صفوت الشريف -الأمين العام بالحزب الوطني- ليصرح في مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس بأن عدد المشاركين في تظاهرات الغضب عدة آلاف وليسوا ملايين، مشيدا بتعامل الأمن معهم، والذي التزم بضبط النفس رغم الإصابات التي لحقت ببعض أفراد الشرطة؛ لكنه وصف هذا الأمر بأنه ضريبة المجتمع الديمقراطي. وأوضح الشريف أن عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي مستمرة، وتحتاج لوعي من المواطنين، وعدم الالتفات للشائعات التي تصيب الاقتصاد المصري بالسلبية.
المؤتمر الصحفي الذي عقده صفوت الشريف
إضغط لمشاهدة الفيديو: انتشرت قوات الأمن وتفجرت الأوضاع فى السويس اشتعال الأوضاع في السويس في الوقت الذي كانت تسعى فيه قوات الأمن إلى منع المتظاهرين من الوصول لميدان التحرير كانت السويس تعج بالمتظاهرين بميدان الأربعين؛ مطالبة بالتغيير وإسقاط النظام؛ فانتشرت قوات الأمن بأعداد كبيرة بشوارع السويس منذ الصباح الباكر؛ وخاصة أمام مشرحة السويس، في محاولة منها لمنع المواطنين من الخروج إلى الشوارع أثناء تشييع الضحايا. وكانت الأوضاع قد تفجرت في السويس؛ بعد تجمع أكثر من ألفي مواطن حول مشرحة السويس العام؛ يطالبون بإخراج جثة القتيل الثالث غريب عبد العزيز عبد اللطيف (45 سنة)، ورفضت قوات الأمن إخراج جثته؛ فاندلعت مشادّات بين الأمن والمتظاهرين الذين رشقوا قوات الأمن الموجودة داخل المشرحة بالحجارة، وأطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي لتفريق المتظاهرين، وقام المتظاهرون بإشعال النار في نقطة شرطة الأربعين ومبنى المجلس المحلي، وحطموا نوافذه، وأضرموا النار في محتوياته؛ ردا على عنف قوات الأمن معهم.
إشتباكات في السويس وأمام المشرحة وحرق قسم الشرطة بحي الأربعين
إضغط لمشاهدة الفيديو: مارس النظام السابق نفس وسائله لقمع أي تظاهرات حملة اعتقالات واسعة مارس النظام السابق نفس وسائله القديمة لقمع أي صوت يدعو للحرية؛ فقام باعتقال العديد من المتظاهرين، والذي بلغ عددهم -وفقا لمركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز- 352 محتجزا في محافظات: القاهرة، والمنصورة، والإسكندرية، وأسيوط، والسويس، ووجهت لهم أربع تهم؛ هي: التجمهر بغرض منع وتعطيل تنفيذ القوانين، والتعدي على رجال الضبط، وتخريب الأملاك العامة، وتعطيل سير وسائل النقل. وعلى الرغم من كل هذه الممارسات الوحشية من قِبل النظام السابق ضد المتظاهرين؛ فإنهم ازدادوا قوة ورغبة في التغيير والتخلص من هذا الهوان الذي ما دام رسخنا تحته لمدة 30 عاما، وزادت الدعوات لخروج ملايين من المتظاهرين في يوم الجمعة التالي، والذي أطلق عليه "جمعة الغضب"؛ لتحقيق مطالب الثورة والحصول على حياة كريمة.