ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    خريطة الأسعار اليوم: أسعار الذهب والحديد واللحوم والسكر والزيت والجبن بالأسواق    محافظ أسوان: تكثيف الجهود لزيادة المسطحات الخضراء وزراعة الأشجار    طيران الاحتلال يستهدف بلدة دير كيفا جنوب لبنان    رئاسة كوريا الجنوبية تدين اتفاقية الشراكة بين روسيا وكوريا الشمالية    السعودية تعلن عن الموعد الجديد لانطلاق موسم العمرة    "يسألونك عن العدل قل لدينا بيريرا".. سيراميكا يرصد 9 قرارات بينهم للأهلي والزمالك لانتقاد التحكيم    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    3 ملايين دولار.. مكافأة الأهلي المنتظرة حال التتويج ببطولة الأفروآسيوية    بالصور- ضبط كمية دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء في بني سويف    ولادة داخل سيارة الإسعاف.. مسعف وسائق ينقذان سيدة وجنينها في قنا    تقديم موعد العطلة الصيفية فى الكويت ضمن إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء    المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية يستكمل فعالياته غدا    عودة عمرو دياب للتمثيل بعد 31 سنة.. هل يفعلها هذه المرة من أجل تركي آل شيخ؟    التعليم الفلسطينية: أكثر من 600 ألف طالب بغزة حرمهم الاحتلال من استكمال الدراسة    تنفيذ إزالة لتعدي على الأراضي الزراعية بقلين بكفر الشيخ    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    صحيفة جزائرية تصدم جماهير الأهلي بخصوص تطورات صفقة بلعيد    صحيفة الراية: الدوحة تستضيف عودة الأفروآسيوية بين الأهلي والعين.. وجائزة مالية ضخمة    تراجع مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا بنسبة 3% خلال شهر مايو    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    لطلاب الثانوية العامة.. تعرف على برنامج تصميم العمارة الداخلية بفنون جميلة حلوان    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    مصطفى بكري: لا يجب عرض التشكيل الوزاري الجديد على «النواب» قبل أداء اليمين الدستورية    مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    قيثارة السماء.. ذكرى رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي    خاص| أول تعليق من أسرة "الشعراوي" على توجيه الرئيس بترميم مقبرة "إمام الدعاة"    بالصور.. محافظ الشرقية يكلف برفع كفاءة مدخل قرية أكياد البحرية بفاقوس    تنظيم زيارة للطلاب الوافدين لمستشفى سرطان الأطفال 57357    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    سويلم يتابع حالة محطات رفع المياه ومجهودات مصلحة الميكانيكا    مصدر مقرب من عواد ليلا كورة: الغياب عن التدريبات الجماعية بالاتفاق مع عبد الواحد    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره السكة الحديد فى البدرشين    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    دراسة جزائرية: الخشت قدم رؤية جديدة عصرية إلى القرآن بوصفه كتابا إلهيا مقدسا قابل للتأويل الجديد والمتجدد في كل العصور    خبيرة فلك تبشر العذراء والأسد وتُحذر الحوت والجوزاء    المواطنون يتوافدون على الملاهى للاستمتاع بأجازة عيد الأضحى    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يأمر باصطحاب أسرة طفل حديث الولادة بسيارة حكومية لتلقي التطعيم    الصحة: إجراء 2 مليون و245 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    تشكيل الزمالك المتوقع أمام فاركو.. صبحي يعود لحراسة المرمى وظهير أيسر جديد    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    وزارة الصحة الفلسطينية: قوات الاحتلال ارتكبت أكثر من 3 آلاف مجزرة في غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين    تقرير: واشنطن لا ترى طريقا واضحا لإنهاء الحرب في غزة    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    "البديل سيكون من أمريكا الجنوبية".. اتحاد الكرة يتحرك لاختيار حكام مباراة الأهلي والزمالك    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    سعر الدولار عامل كام؟.. تابع الجديد في أسعار العملات اليوم 20 يونيو    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ.. مائة عام من البقاء على القمة
نشر في بص وطل يوم 11 - 12 - 2011

للفنان بصفة عامة، والكاتب بصفة خاصة، عمل يسطع نجمه من خلاله؛ حتى يُعرف به دون غيره، ولا تأخذ بقيّة الأعمال نصيبها، فتجد الأستاذ يحيى حقي يُعرّف ب"قنديل أم هاشم"؛ بالرغم من أنّ ذلك كان يسيئه، ود. جلال أمين يُعرّف ب"ماذا حدث للمصريين"، وكثيرون يرون أفضلية الجزء الثاني للكتاب.
أما أديبنا الكبير نجيب محفوظ الذي نصب على قمة هرم السرد العربي في القرن العشرين، والذي نحتفي اليوم بذكرى مرور مائة عام على مولده؛ فيُعرّف برواياته التي حولّها السينمائيون إلى أفلام، وصرفوا معها قطاع كبير عن تذوّق متعة الرواية المكتوبة عينها، التي تختلف اختلافا كليا عن العمل السينمائي؛ فحين يتبادر اسم محفوظ إلى الذهن تجد المستمع يتذكر أفلاما مثل: ميرامار، وبداية ونهاية، أو اللص والكلاب؛ لكنّه لا يعرف الشحاذ أو العائش في الحقيقة، أو رحلة ابن فطومة... إلخ. وهذا ما سنحاوله في "بص وطل" أن نقلّب بين صفحات الأدب المحفوظي غير المشهور كثيرا، بالرغم مما تحويه من قيمة وإمتاع.
"أصداء السيرة الذاتية".. سيرة عم نجيب بنكهة خاصة
هنا السيرة الذاتية للكاتب الكبير بأسلوب مغاير عما اعتدناه للسير الذاتية؛ ففي مقطوعات قصصية، وقالب سردي بليغ، يحكي لنا شذرات مما مرّ به في حياته من مواقف وعِبر استخلصها أراد صياغتها في قالب من الحكمة التي تتجلى في قوله: "هذه الصورة القديمة جامعة لأفراد أسرتي، وهذه جامعة لأصدقاء العهد القديم، نظرت إليهما طويلا حتى غرقت في الذكريات، جميع الوجوه مشرقة ومطمئنة وتنطق بالحياة، ولا إشارة ولو خفيفة إلى ما يخبّئه الغيب. وها هم قد رحلوا جميعا فلم يبق منهم أحد. فمن يستطيع أن يثبت أن السعادة كانت واقعا حيا، لا حلما ولا وهما".
وهكذا تجده يتناول الحكايات التي تدور في فلك العشق والصداقة والوداع والأحلام والدراويش والموت.. بعضها جاء واضحا والآخر جاء برسالة ما؛ لكن الكل كان يرمز لشيء يختص بواقع محفوظ، وحتى حضور الشيخ عبد ربّه التائه في النصف الثاني من الكتاب، الشيخ الذي يصفه الكاتب أن حديثه "ممتع لكنه يستعصي على العقل أحيانا"؛ لينقل جانبا جديدا متخيّلا حوارات تدور مع الشيخ عبد ربّه كقوله: "سألت الشيخ عبد ربه التائه.
- متى يصلُح حال البلد؟
فأجاب: عندما يؤمن أهلها أن عاقبة الجُبن أوخم من عاقبة السلامة".
"بيت سيئ السمعة".. متعة التسلية
التسلية من أجل التسلية ممتعة للغاية، وهذا ما يتحقق في ال18 قصة التي تحتويها دفتي هذا الكتاب، القصص جذابة دون إسقاط أو حكمة تخرج بها، هنا تتجلى فقط متعة الحكاية، وإمساك نجيب بتلابيب قصص مختلفة ومشاهد بديعة؛ لكن أغلبها يطغى عليه الجانب النفسي في رسم الشخصيات، كقصة "المقهى الخالي"؛ حيث نفسية العجوز الذي ترحل زوجته وأصدقاؤه، ويذهب للعيش عند ابنه، ومعاناته جراء ذلك مع ابنه وزوجته وحفيده، وإحساسه الدائم بالغربة. والقصة الرئيسية للمجموعة "بيت سيئ السمعة" عبقرية؛ إذ يطرح من خلالها مفهوم الاختلاط بين الرجل والمرأة وإطلاق الأحكام جزافيا، وكيف يتبيّن سوء الحكم بعد ذلك، والندم عليه وقت أن يذهب الحب، ولا ينفع الندم.
المسرح بطعم محفوظ
وبعد أن تناولنا سيرة ذاتية ومجموعات قصصية لمحفوظ، لم يخل أدب محفوظ أيضا من لون المسرح، وهو الذي اقتحم ذلك الدرب بست مسرحيات؛ خمس منها من ذوات الفصل الواحد، وغاية في الإمتاع، غلب على أكثرها الجانب الفلسفي العميق، والرمزية الواضحة، والأكشن أحيانا، والسخرية حينا، والإيقاع السريع الشائق للحوار؛ فإيقاعها سريع وبها "ثرثرة" محفوظ الذي لا يمتلك زمامها سواه، ويمكنك أن تطلق عنوانا للكتاب الذي جمعته دار الشروق مؤخرا وفاءً للكاتب الكبير "المسرح بالنكهة المحفوظية".
"الشحاذ".. رواية البحث عن الذات والسعادة
هذه الرواية بقدر ما هي ممتعة بقدر ما هي قاتلة.. إن بطلها "عمر" يدور في فلك الرواية في محاولة الإجابة عن أسئلة: ما معنى وجوده في الحياة ما دام أنّه سيموت؟ ثم ما معنى هذه الحياة أصلا؟ ولماذا لا يشعر بالسعادة بالرغم من نجاحه وزواجه ممن يحب؟ ولماذا يهرب دائما إلى المجهول؟ لكن الأسئلة تأتي دون إجابات. والحوارات بين الأبطال بها إسقاط سياسي واضح؛ كقوله: "يوجد نوعان من الحكومة؛ حكومة يجيء بها الشعب؛ فهي تعطي الفرد حقه من الاحترام الإنساني ولو على حساب الدولة، وحكومة تجيء بها الدولة؛ فهي تعطي للدولة حقها من التقديس ولو على حساب الفرد".التحرّك السردي مُحكم في الرواية القصيرة، والحوارات في أغلبها عمق كبير تجعلك تعُيد قراءتها أكثر من مرة، خاصة تلك التي يتحدّث فيها عن الصراع بين الفن والعلم، وبين الحكم الملكي وقيام الثورة والاشتراكية، وأحوال البلد وقتذاك. الشحاذ هنا ليس بالضرورة يشحذ مالا؛ لكنه قد يشحذ السعادة، بكل ما أوتي، فهل يصل لغايته؟
"حكايات حارتنا".. عبق الحارة وسحر الحكي
هذه الرواية أو المتتالية القصصية هي التجلي المحفوظي لعبق الحارة وسحر حكاويها، ولثرثرته الفاتنة التي تأخذك بين ثناياها فلا تمتلك غير الإعجاب.. 78 حكاية كاملة قيل إن أستاذنا خطّها كمسودات أثناء كتابته لملحمة الحرافيش، فتجد نفسك مدهوشا للطاقة السردية التي لا يُمكن أن يمتلكها سوى نجيب محفوظ. الحكايات تحدثّت عن كل شيء، وتنقلّت بين عوالم وشخوص متباينة؛ حيث السياسة والفتونة والحب والتكية والموت! ولم يخل كالعادة حواره من رسالة موجزة كقوله: "طوبى للحمقى فهم السعداء".
"العائش في الحقيقة".. سحر الرواية التاريخية
"كن كالتاريخ يفتح أذنيه لكل قائل ولا ينحاز لأحد ثم يسلّم الحقيقة ناصعة هبة للمتأملين". هذه هي النصيحة التي وُجهت، وأتقنها الباحث عن الحقيقة راوي الرواية؛ حتى ليجعلك تتيّقن أن كلا يتحدّث على هواه ولا بد للحقيقة أن تغيب، ولا يعيش بها إلا من عاشوا في الأزمان الغابرة.
"العائش في الحقيقة" تغوص في الحقبة الفرعونية، وتتناول الجدل المُثار حول إخناتون أو المارق ونفرتيتي زوجته أو العاهرة، والصراع الدائر بين الآلهة آتون وآمون والإله الواحد. ستكتشف أن مصر لطالما مرّت بمحن وأزمات عاصفة؛ ولكنها تقوم أقوى.. ستؤمن أن الحب وحده لا يكفي للحكم، ولا بد للعقاب الرادع حتى تستقيم أمور الدولة. رواية ساحرة.. وسِحرها في طريقة تناولها التي تجعلك تدور بين شهادات عديدة لكل من أحاط بإخناتون ونفرتيتي ذاتها. وتكتشف كما جاء على لسان أحد الشهود، أن إخناتون وحده كان هو العائش في الحقيقة.
"رحلة ابن فطومة".. متعة الكآبة
"داخل كل إنسان كنوز مطمورة عليه أن يكتشفها".. هذه إحدى جمل الرواية التي تتحدث عن قنديل محمد العنابي أو ابن فطومة الرحالة الذي يتجوّل بين البلدان؛ ليكشف حقيقة وطنه من عيون الأوطان الأخرى. "الخيميائي" تشبهها كثيرا في مضمون الفكرة، والبحث في الذات، وهجر الأحبة، وعدم الإحساس بالزمان، والرحلة الطويلة التي يلتقط منها الرحالة الخبرات المختلفة. وحملت الرواية إسقاطات سياسية بدت واضحة للغاية عن فساد الحكام، واستخدام الدين حسب الأهواء وانتشار الفقر والجهل والجوع، كقوله: "انظر يا قنديل وطنك دار الإسلام.. ماذا تجد به؟؟ حاكم مستبد يحكم بهواه فأين الأساس الأخلاقي؟؟ ورجال دين يطوعون الدين لخدمته فأين الأساس الأخلاقي؟؟ وشعب لا يفكّر إلا في لقمته فأين الأساس الأخلاقي ؟؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.