السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أتمنى أن تساعدوني بآرائكم الحكيمة في رسالتي. أنا أخت كبرى، عندي 21 سنة، مشكلتي في البيت تكمن في أغلبية الوقت دائما مع أختي التي تصغرني ب 4 سنوات، وأخي الذي يصغرني ب 8 سنوات؛ لكن المشاكل التي تحدث بيننا نفس الأسباب في أغلب الأوقات: البنت عنادية لأبعد حد، ولما يكون فيه أمر وتعند فيه بنشد مع بعض جدا وباوبخها جامد لأني مش باقبل بالأسلوب ده، وباقول لها ما تعمليش نفسك شخصية علي وإنتي أصلا مش حاجة.. أنا باتضايق لما باقول الكلام ده؛ بس الموقف ساعتها بيحتم إني أرد، وللأسف أنا من النوع اللي باخد كل حاجة على كرامتي، يعني ما اقبلش إنها مثلا تعند علي فبندخل في مشكلة مع بعض. دي حاجة، الأخ يصغرني ب 8 سنوات، للأسف مش عارفة علشان الولد الوحيد أو إيه؛ لكن ما اتعلمش إن فيه احترام للكبير وما يصحش تشتم أختك أو تعلي صوتك، أو توصل أننا نمد إيدنا على بعض (للأسف)، يعني دائما لو فيه حاجة عملها مش مظبوطة أو حاجة غلط وزعقت أو وبخته يرد ردود، أقوم أزقه، يردها بضرب، وهكذا. أكيد هتسأل: الأب والأم فين؟ في أغلبية الوقت لو شافوا حاجة زي كده بيزعقوا فينا إحنا الاتنين، أو يقوموا يعنفوه؛ بس للأسف بيتكرر الموقف كتير؛ ده سببه إنه ما اتعلمش إنه إزاي يحترم إخواته الكبار، وعلى فكرة الموضوع ده مش معاي بس؛ لا مع الباقي. أنا من عيوبي إني مش بحب أشوف حاجة مش مظبوطة؛ على سبيل المثال نظفت حاجة وبابا جه وحط حاجة مش مكانها باتوتر جدا، وباضايق وباقول مش معقول؛ يعني كل واحد ما يعملش الحاجة بنفسه، وكل واحد عايز حد وراه؟! لو قاعدين وأخوي عمل تصرف غلط ما عنديش إني ممكن أكبر دماغي، وأقول وأنا مالي، لا أقول ما ينفعش كده يا محمد، أو اقعد كويس أو كل كويس؛ وهكذا باقي أخواتي ممكن يكبّروا ويريّحوا دماغهم حتى هو يقول لي إنتي على طول تقولي لي ما ينفعش كده؛ بس فعلا والله بيكون غلطان مش أنا اللي باتبلّى عليه. وعلى فكرة أنا محبوبة من كل الناس الحمد لله واجتماعية، يعني علشان اللي حكيته ده ممكن يبيّن إني شخصية صعبة؛ لكن كل مشكلتي إني بحب الصح، وممكن باعبر بده بعصبية؛ فمش عارفة أتعامل إزاي وأغير من حدة توتري؟ وهل أسلوبي ده غلط ولا أنا مبالغة فيه؟ ومعلومة كمان حبيت أوضحها، أنا بره البيت باكون هادية؛ يعني مش متسمة بالعصبية أو ممكن صوتي يعلى؛ لكن في البيت مع إخواتي باحس بتوتر وباتعصب بسرعة؟ آسفة إني طوّلت لكن حبيت أتكلم بصراحة وأفضفض براحتي. pearl
صديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا داعي للأسف على التطويل؛ فأنت معنا الآن لتفضفضي وتبوحي لنا بمكنون نفسك حتى نساعدك على اجتياز مشكلتك؛ فأهلاً بك طبعاً. لكن اسمحي لي أن أسألك سؤالاً لتجيبي عليه بينك وبين نفسك: هل تطلبين المشورة اليوم لأن إخوتك لا يحترمون شقيقتهم الكبرى؟ أم لأنهم يفعلون أخطاء كثيرة؟ أم لأنك تشعرين أن هذه الأخطاء يمكن التغاضي عنها أحيانا لكنك أنت من تعجزين عن ذلك، وهذا ما وصفته بعدم قدرتك على تكبير الدماغ مثل أخوتك؟ لكنك تودين أن تدافعي عن نفسك أمام نفسك، وتنسبي الخطأ لهما ثانية بأنك محبوبة من كل الناس واجتماعية، وكأنك تقولين ثانية: لأ المشكلة عندهم هم. صديقتي العزيزة.. حينما نتعامل مع مشكلة تتعلق بالتواصل الاجتماعي؛ فإنني أفضل دائماً أن أطلب من صاحب المشكلة أن يعصف ذهنه باحثاً عن مواطن الضعف في نفسه؛ لأنه هو من يستطيع أن يتغير ليتكيف مع واقعه؛ لكن من الصعب أن نغير من حولنا لنغير واقعنا... فلماذا أنت تتوترين وتتعصبين دائما؟ وماذا تعني هذه السمات في شخصيتك؟ افتحي عقلك وقلبك معي وتقبلى ما سأقول دون غضب اتفقنا؟ يا عزيزتي ما تذكرينه يشير إلى وجود بعض صفات الشخصية الوسواسية لديك، وهذا يفقدك كثيرا من المرونة في التعامل مع المحيطين بك، والتدقيق في أغلب الأمور، وتصلب الرأي والعناد، وسرعة الغضب، والاندفاع كما تفعلين مع شقيقتك لأنك ذات ضمير يقظ إلى درجة السادية، أي يؤلم صاحبه ولا يجعله يقبل أي خطأ، ولا يوجد تناقض بين ما ذكرت لك من وجود هذه الصفات وكونك محبوبة في الخارج؛ لأن ما لديك من صفات ربما من النوع البسيط أو المتوسط؛ فتستطيعين ضبط مشاعرك وسلوكك في الخارج، أما البيت؛ فكأنك تشعرين أنه لا وألف لا؛ فهذا مكاني ويجب أن يمتثل الجميع لأمري. لكن ما السبب في ظهور الصفات الوسواسية؟ قد يكون لديها العديد من الأسباب؛ لكن أهمها: الإفراط في الأوامر والانضباط من الوالدين في مراحل النمو الأولى من الطفولة العنف والعدوان، أيضاً في مراحل الطفولة الأولى وعدم الإشباع العاطفي يؤدي إلى مشاعر عدوانية مكبوتة في العقل الباطن، تظهر في شكل أعراض وسواسية، كما أنه مسئول عن تكوين الضمير السادي الذي يجعل صاحبه دائماً يبالغ في تقديره لأخطائه؛ فيشعر بالذنب أو يبالغ في رؤية أخطاء الآخرين، وهو ما يوصف بأنه دائما يبغي إصلاح الكون. ومن الأسباب الخفية أيضاً للشخصية الوسواسية عدم الإشباع العاطفي في مراحل العمر المبكرة، يؤدي إلى اضطراب القلق، وتعتبر الصفات الوسواسية أحد الحيل الدفاعية من العقل الواعي حتى لا نرى القلق؛ فهي بديل مقبول لمشاعر القلق المؤذية للنفس. وما الحل إذن؟ أولا: الاستبصار هو الأساس؛ أي: أن أرى نفسي وأرى مخاوفي وأرى الأسباب الكامنة وراء قلقي الحقيقي هي الأساس، وتشكل نسبة تصل إلى 90% من العلاج؛ فلابد لك من وقفة مع نفسك ومراجعة كل هذه الأمور. التدريب والتعديل السلوكي وتعديل مفاهيمك أيضاً؛ مثلاً عليك بوقفة مع نفسك قبل الانفعال (إيه اللي جرى لما بابا ولا أي حد في البيت شال دي وما حطهاش في مكانها.. إيه اللي حصل؟ الدنيا خربت؟لأ ما خربتش أهي عادي ما حصلش حاجة). فكري هكذا مع تدريب نفسك على تأجيل أو تحويل الانفعال، متى تشعرين أنك ستنفعلين على أحد في البيت وجهي اهتمامك في هذه اللحظة لشيء آخر؛ على أن يكون أمراً ممتعاً لك مشاهدة تلفاز -فتح الكمبيوتر... حسب اهتماماتك؛ بحيث يحدث نوع من الارتباط الشرطى الإيجابي؛ فكلما حانت لحظة الانفعال تتحولين إلى شيء آخر يمتعك؛ فتجدين نفسك قد تخلصت من سلوكك الاندفاعي الذي يضايقك أنت شخصياً. صديقتي العزيزة.. أنا لا أؤيد موقف إخوتك طبعاً؛ لأن احترام الكبير واجب؛ (لكنك أيضاً كما وصفت تتعصبين على والدك)؛ لكن قد ألتمس لهم العذر لأن الصفات الوسواسية تخنق الآخرين وتشعرهم بأنك لا يعجبك العجب، وبالطبع هذا يثير غضبهم وعنادهم؛ فلنبدأ صفحة جديدة برؤية صادقة لأنفسنا حتى نتواصل مع الآخرين. وفقك الله.