باختصار أنا مشكلتي ممكن البعض يضحك عليها، بس بجد والله أنا طريق البنات ده مش بتاعي، ولا بافكر في حب ولا ارتباط دلوقتي خالص؛ أنا شاب عندي 22 سنة.. بيتهيأ لي أي حد في سني يتمنى إنه يحب ويتحب؛ بس أنا مابافكرش في حب وكلام فاضي؛ لأن الناس مابتراعيش الأصول فيه، ولا بتتقي ربنا. المهم حصل معايا موقف مخليني مش عارف أنام؛ اتبعتت ليّ رسايل على الموبايل من شخصية ماعرفهاش، هي بنت بتقول إنها تعرفني وشافتني وكمان معجبة بيّ وبتحبي؛ مع إني مش وسيم ولا حاجة، عادي يعني.. أنا قلت دي وصلت غلط؛ بس لما الموضوع اتكرر قلقت، كلمت الرقم ردّ واحد عرفت بعدها إنه ابن عمها وبعدها بشوية كلمتني البنت ده وقالت إني عملت لها مشاكل بسبب ابن عمها اللي رد عليّ، هي قالت له إننا بنحب بعض، وإني هاجي أتقدم لها.
بصراحة هو قال لي لو بتحبها تعالى اتقدم واعمل الأصول؛ بس أنا ماعرفهاش أصلًا ولا عمري شفتها، وخايف تكون البنت دي مخبية لي مصيبة وعايزة تلبّسها لي.
كلمتني أكتر من مرة، وقالت لي إنها مش طالبة غير الحب، وأنا مش بتاع حب، وفي نفس الوقت مش عايز أجرح مشاعرها، وخايف تكون وراها مصيبة أو غلطت، وعايزة تلبسني غلطها.. أنا محتار مش عارف أتصرف معاها إزاي؟
s.e
اسمح لي أولًا أن أحيي فيك رؤيتك الناضجة لمفهوم الحب وقيمته؛ فارتباط ذلك برضا الله واتقائه هو الحبل الوثيق الذي يحمي هذا الحب ويحافظ عليه، ويجعله يغزل خيوط السعادة بعيدًا عن أشواك التعاسة التي يزرعها مَن يُرضون رغباتهم تحت مسمى الحب.
والاستمرار في طريقك المستقيم سوف يحميك ويصون مشاعرك إلى أن تجد الإنسانة التي تستحق أن ترتبط بها، وسترى كم سيكرمك الله وسيبارك حياتك؛ لأنك أطعته وسِرت على منهجه؛ فقد وعدك بذلك؛ حيث قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب}.
ولهذا عندما حدثت معك تلك اللعبة أثّرت فيك؛ فكانت بمثابة نقطة حبر فوق صفحتك البيضاء؛ فشغل تفكيرك أن تجد فتاة ترسل إليك رسائل غرامية، وهو ما حرّك فيك شعورًا ممتعًا بوجود أحداث غريبة في حياتك، وأن هناك شيئًا أثار فضولك وتنتظر منه الجديد.
وكل هذا ليس فيه مشكلة؛ فمن الطبيعي أن تتأثر قليلًا بذلك؛ فكل شخص منّا يستمتع ويسعد عندما يشعر أن هناك طرفًا من الجنس الآخر معجبًا به، ويعطيه ذلك حالة من الشعور بالثقة والقبول من الجنس الآخر؛ ولكن هذا قد يزداد إذا اعتمد أي شخص على هذا الإعجاب كمصدر أساسي للثقة بالنفس؛ بحيث يُدمنه، ولا يستطيع الاستغناء عنه ويبحث دومًا عن استحسان الآخرين والاعتماد على آرائهم فيه..
وأخشى أن يكون ذلك قد أخذ جزءًا من تفكيرك عندما قلت "معجبة بيّ؛ مع أني مش وسيم ولا حاجة عادي"؛ فترى نفسك أقل من أن تنال إعجاب المحيطين بك، وتعتمد في الحكم على نفسك على مظهرك فقط -وأنت لست مجرد مظهر- وتنسى أن هناك صفات أخرى تميزك، وأن عليك التركيز عليها لتنميتها، وأن المظهر يختلف في عيون الآخرين؛ فهناك من سوف يراك وسيمًا والعكس؛ فهذه أذواق الناس؛ ولكن مَن يهمك فيهم هو من يعرفك من داخلك، ويتقبلك كما أنت، ويحبك بناء على صفاتك وليس على أمور سطحية.
لذلك انتبه لهذه النقطة؛ لأنك لو قللت من شأن نفسك سوف تكون فريسة سهلة لأي شخص يعطيك هذا الإحساس حتى لو كان لا يستحق، وستصدم فيه بعدها.
لذا فإن هذه القصة التي حدثت لك ليست جديرة أبدًا بأن تحتلّ ولو جزءًا من تفكيرك، وعليك أن تلقيها من عقلك في أقرب صندوق قمامة.. الموضوع من بدايته خاطئ ومحكوم عليه بالفشل تمامًا؛ فهي فتاة تعبث بك وتريد إشغال وقت فراغها بهذه المهاترات، وهذا أبسط احتمال؛ لأنك لا تدري ما تخطط له أو تنوي عليه إذا تجاوبت معها، أو اتصلت بها ثانية؛ فكيف تؤمن لفتاة غريبة تراسلك ثم تخبرك بإعجابها بك عدة مرات؛ فإذا اتصلت بها أعطت الهاتف لابن عمها حتى يردّ عليك، ثم تنسج هذه القصة السخيفة بأنك تسببت لها في مشكلات؟!! كيف أحدثت لها مشكلات وهي التي تسعى إليك، وتلهث وراءك في الأصل؟!
صديقنا العزيز.. لا أخفى عليك أنك تسرعت في أن تتصل بهذه الفتاة، وهذا مع الأسف نبَع من شعور داخلي لديك بأنك سعيد بهذه القصة، وبأنك تريد معايشة أحداثها كالآخرين؛ فلو كنت فعلًا لا تريدها؛ لكنت أهملتها تمامًا، ولما أخذت منك ذرة قلق واحدة؛ فهناك العديد ممن يعبثون بهذه الطريقة السخيفة.
صديقينا.. لا تقلق على جرح مشاعرها؛ لأنها لا تملك مشاعر من الأساس فلو كان عندها نقطة إحساس لما أساءت إلى نفسها وخدشت حياءها وكرامتها بهذه اللعبة، وتسعى هي ورائك، ثم تدبّر لك مكيدة وتوقعك في مشكلات وهمية مع ابن عمها، ثم تقول لك بأنها لا تريد منك سوى الحب!! إذن هي تريد إرضاء رغباتها وشهواتها لا أكثر ولا أقل بغضّ النظر عن الأخلاق والكرامة ورضا الله؛ فهل تؤمن لمثل هذه الفتاة المستهترة؟!!
هذا اختبار من الله ليرى كيف تصرفك فيه؛ فاتقاء الله وطلب رضاه لن يتأكّد إلا بمواجهة العقبات ليمحّص الله الصادق من غيره؛ لذا أنا أخشى على نقائك وعفتك من التأثر بمثل هذه الأمور التي لا ترتقي إلى مجرد التفكير فيها.
استمر في طريقك ولا تلقِ بالًا لهذه التفاهات، حتى يكرمك الله بإنسانة حقيقية تحبها وتحبك وتثق فيها وتبني معها سعادتك.. قال الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.
مع تمنياتي القلبية لك بالتوفيق والسعادة ببركة رضا الله.