لا تندهش ولا تتعجب فهذا ما يحدث بالفعل في بلدنا الحبيب في هذه الآونة، فبعد أن يئس القاصي والداني والغريب والقريب من أن يقوم رجال أعمال بلدنا الكرام بدور ولو بسيط ولكن حقيقي في التنمية والنهضة لشعبنا الحبيب وبعد أن جفّت الألسن ونفدت الكلمات من أن تحث أغنياء البلد وأثرياءه بل و"كريمته الشانتيه" على تخصيص ولو جزء بسيط جدا من أموالهم التي "اللهم لا حسد" كثيرة جدا، تطور الأمر لأن يخصص الشباب الغني جدا بأخلاقه وصبره وأحلامه البسيطة وطموحه الذي -ويا للعجب- لا يزال فيه بقية رغم كل ما يراه يوميا وشهريا وسنويا من عوامل دفع للخلف. أقول تطور الأمر لأن يتبرع هؤلاء الشباب بجزء كبير من دخلهم البسيط لنجدة رجال الأعمال من عثرتهم الاقتصادية الطاحنة بعد الأزمة العالمية الأخيرة.
إذا كنت لا تصدقني فمن فضلك أخبرني بماذا نسمي ذهاب مشروعات إسكان الشباب لرجال الأعمال بعد أن كانت تقوم بها شركات تحت إشراف الوزارة أو تحت إشراف بنوك حكومية
بماذا تسمي شروط هذا الإسكان الذي بعد أن كان لا يتطلب سوى قسيمة زواج لضمان الجدية مع مقدم بسيط وأقساط أبسط إلى اشتراط ألا يقل مرتب المتقدم للحصول على السكن عن 1750 جنيه للأعزب و2500 جنيه للمتزوج مع ضرورة أن يكون مؤمّنا عليه من قِبَل الشركة التي يعمل بها وهذا بالطبع ضمانا للسداد هذا مع افتراض ألا يكون مهددا بترك العمل في أي وقت توفيرا للنفقات؟!
بالله عليك كم شخصا تعرف يبلغ مرتبهم نصف هذا الرقم بل يكون مؤمّنا عليه وفقا لهذا المرتبحيث لا يخفى على كل ذي عقل أنه حتى الشركات التي تؤمّن على موظفيها لا تكتب في نص العقد المرتب الحقيقي وبالتالي لا تدفع تأمينات على المرتب الفعلي بل على جزء منه فقط وهو المكتوب في العقد، والحال مستقر على هذا ولا توجد مشكلات خاصة مع مقارنة مرتبات الحكومة مع مرتبات الشركات الخاصة والتي بالطبع ترجح فيها كفة الشركات الخاصة هذا مع الوضع في الاعتبار أنه ليس كل الشركات ولا حتى معظمها بل القليل منها هو الذي يؤمّن على موظفيه.
بمعنى أنه حتى الشاب الذي أكرمه الله تعالى بوظيفة جيدة بمرتب بمعقول يمكّنه من بدء حياة بسيطة لن يستطيع بأي حال من الأحول الحصول على شقة في إسكان الشباب المزعوم هذا، بالإضافة لعدم وجود ضمان حقيقي له بعدم الاستغناء عنه لأي أسباب مادية.
بل بماذا تسمي ارتفاع أسعار هذه الشقق من حوالي عشرين ألف جنيه على الأكثر والحصول عليها بالتقسيط واستلام الشقة على المفتاح كما يقولون لتصل الآن بعد سداد الأقساط لما يقرب من 90 ألف جنيه بل وتحتاج لتشطيب أيضا والسبب المعلن لهذا الارتفاع هو تخصيص مساحات خضراء أكثر وباركينج للسيارات ومولات فاخرة وغيرها من رفاهيات تجعل الحياة في غاية اللطف؟
لكن ما علاقة كل هذا بنجدة رجال الأعمال؟
علاقته أن أول تفسير سمعته وصراحة أقنعني أن هؤلاء الرجال الحقيقيين كانوا يختصون ببناء القرى السياحية والفيلات الفخمة والأبراج المخصصة لطبقة الأثرياء سواء فنانين أو لاعبي كرة أو أثرياء عرب أو رجال أعمال أيضا أو.... أو.... أو..... ممن يطلق عليهم لقب أثرياء ولكن ومما يدعو للرثاء أنه بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة والتي انهارت فيها سوق العقارات في جميع بلدان العالم تقريبا ما عدا مصر توقّف هؤلاء الأثرياء عن شراء الفيلات والشقق الفاخرة في القرى السياحية والأبراج، مما هدد المركز المالي لرجال الأعمال وأوقف سوقهم الذي يعملون عليه، وبالتالي كان الحل المثالي هو أن تقدم لهم الحكومة خدمة جليلة بتوليهم مسئولية إسكان الشباب حفاظا على الاقتصاد القومي؛ لأنهم هم عماده وأساسه الذي إذا حدث له أي اهتزاز سينهار اقتصادنا العظيم كما حدث في البلاد الأخرى وتنخفض أسعار العقارات لما يقرب من 60%.
لست متخصصة اقتصادية بالطبع ولا أدري صحة هذا التفسير لكن هذا ما سمعته مع تفسيرات أخرى كان هذا أكثرها أخلاقية وإن كان أقلها إقناعا حتى لطفل صغير.
أكاد أسمع من يقول إذا كان هذا صحيحا فما هو الحل؟ وأقول لكل من يفكر في حل: من فضلك لا ترهق نفسك فبمنتهى الشفافية لا يوجد حل سوى في المزيد من الصبر، وبمنتهى المصداقية عليك أيها الشاب أن تقلل من طموحاتك ووقتها لن تجد حلا أيضا، وبمنتهى التفاؤل عليك أن تجعل أحلامك أكثر بساطة وساعتها فلا يوجد حل أيضا لا في إسكان الشباب ولا في غيره من عمارات يبنيها مقاولون في مناطق عديدة؛ إذ وصلت أسعار أقل الشقق سواء من حيث المساحة أو المنطقة التي توجد بها لأرقام تعدّت مرحلة الخيال والفلكية، فطالما أن إسكان الشباب -الرخيص الموجود في مدن جديدة بعيدا عن المواصلات والتي لا تزال غير مأهولة وقد لا تكون كل خدماتها متاحة أيضا- بهذه الأسعار فكيف الحال بشقق قريبة من العمار وبها على الأقل المياه والكهرباء ومواصلاتها متاحة أو شبه متاحة؟!
هذه فقط مساحة للفضفضة لا أكثر ولا أقل، ولكن وحتى لا يتهمني أحد بالتشاؤم فقد يقرأ هذا من لديه أي حلول خيالية أو -ويا لدهشتي وقتها- حلول واقعية.. أقول "قد" التي تفيد الشك مع المضارع والتأكيد مع الماضي الذي بالتأكيد لن يعود.
هل تعرف أحدا نجح في الحصول على شقة في إسكان الشباب في السنوات الأخيرة؟ كتيير 7% (4 صوت) قليل جدا 7% (4 صوت) ولا واحد 85% (47 صوت) عدد الاصوات : 55