مش عارفه أساعد ماما اكتشفت خيانة بابا ليها وهي طول عمرها واثقة فيه، واعترف لها إن ده من زمان وهي مصدومة ومجروحة وكرامتها وجعاها، وأنا مش عارفة أساعدها إزاي، هي بتقول إنها قاعدة معاه علشان خاطرنا؛ بس هي ما بقتش مرتاحة معاه ولا طايقاه. ما تعرفيش أنا تعبانة إزاي دي أمي، وده أبويا. وأتكلم مع بابا يقول إنه مش هيعمل كده تاني، وإن ماما غالية عنده أما ماما طلبت منها تنسى؛ بتقول مش قادرة. أنا مش عارفة أتصرف إزاي؟ أوقات باهرب وأبقى سلبية؛ لكن الحقيقة إننا كلنا في البيت عايشين في عذاب، وماما عايشة معانا بربع عقل وعصبية جدا تفتكري إيه الحل؟ ه.
احترمت كثيرا رغبتك في مساعدة والدتك على التعامل "بذكاء" مع خيانة والدك لها، وتفهمت رغبتك "المشروعة" في الهروب من هذه المحنة من آن لآخر؛ فلا شك أن الانغماس في التفكير "يسرق" منا الطاقات اللازمة لحلها، كما يجعلنا "نتوه" في التفاصيل مما يخصم من قدراتنا على التعامل "الواقعي" معها بما يفيد جميع الأطراف..
وكنت أود ألا تقوم والدتك بإخبارك بخيانة والدك حتى لا تدخلي طرفا في المشكلة وحفاظا على صورة والدك أيضا، وأتمنى أن تحسني التعامل مع والدك، وألا توجهي له أية كلمة سيئة، حتى "لا تنزلقي" إلى دائرة العقوق اللعينة، وتذكّري أن الوالدين هما المسئولان عن تربية الأبناء وليس العكس ولا يسمح -دينيا- بتوجيه اللوم لهما تحت أية ظروف..
وكل ما يمكنك قوله لوالدك، هو أن والدتك تشعر بجرح هائل في كرامتها وأنك "تتمنين" أن يطيب خاطرها بكلمات لطيفة وأنك "تثقين" أنه سيتمكن من احتواء الأزمة..
أما والدتك فأخبريها بهدوء ولطف شديدين أنك تفهمين ضيقها مما حدث وتحترمين مشاعرها كثيرا لكنك "تخافين" عليها من الاحتفاظ بالغضب من والدك بداخلها، لأنه سيؤذيها صحيا ونفسيا، حماها ربي، كما سيحرمها من العيش بسعادة تستحقها.. وأخبريها أن والدها هو مجرد جزء من حياتها، وأن خيانته هي جزء من علاقته بها، وأن الخيانة بشعة بالتأكيد؛ لكنها ليست موجهة ضدها؛ فقد خان نفسه وربه قبل أن يخونها، وقد اعترف لها وهذا دليل على حبه لها وعلى ندمه أيضا، وعلى جديته في الابتعاد عن الخيانة، وأن والدتك لابد أن تكون غالية على نفسها فتسارع بالعودة لحياتها الطبيعية، ولا ترى أنها إذا تجاهلت خيانة والدك فإن هذا دليل ضعف؛ فالتسامح هو من صفات الأقوياء بل الأذكياء أيضا..
وأخبريها أنها إذا أرادت الطلاق؛ فإنكم ستساندونها لأنكم لا تقبلون أن تعيش "مضطرة" مع والدكم من أجلكم؛ فهذا سيؤذي الجميع؛ لأنكم تحبونها كثيرا ولا ترضون لها بالمعاناة من أجلكم..
وقولي لوالدتك أنها تستطيع نسيان الخيانة متى توقفت عن النظر إليها على أنها كارثة لا يمكن احتمالها، وتعاملت معها على أنها تصرف سيء من والدك، وأنه توقف عنه، وأننا لا نستطيع الرجوع للماضي لتغييره؛ ولكن بإمكاننا منعه من السيطرة على الحاضر والمستقبل، وشجعيها على الاهتمام بنفسها والتنزه ولو بالمشي جوار البيت لإخراج شحنات التوتر..
ووازني بين الاهتمام بوالدتك والاهتمام بشؤونك وهواياتك، وأخبريها بأن من الذكاء إذا اختارت مواصلة الحياة مع والدك أن "تتناسى" الخيانة لتحمي نفسها أولا وأخيرا من الخسائر؛ فالحياة لا يمكن أن نعيشها ونحن نحمل معنا كل هذا العذاب، وهي أقصر من أن نهدر أياما منها في الأحزان، وأن من الطبيعي أن تشعر بالألم عند الاكتشاف، وهذا لا يبرر الانغماس فيه حتى لا تؤذي نفسها..
وتكلمي بهدوء ودون حماس زائد، وأخبريها أن خيانة والدك لا تمس كرامتها بشيء؛ فالخائن يؤذي نفسه أولا وأخيرا، وهي رائعة وجميلة ولا يمكن لشيء في الكون أن يغير من هذه الحقائق..
وكرري ذلك على فترات متباعدة، وحاولي استدراجها للاهتمام بأمور مختلفة، ولو كانت الاهتمام بأية أنشطة تطوعية أو أعمالا يدوية، وستهدأ بأسرع وأفضل مما تريدين، كما أدعو لكم، وتعلمي من التجربة الاعتدال في التعامل مع المشاكل، وأيضا ضرورة إقامة علاقة قوية مع الزوج كزوجة، وصديقة وحبيبة لإغلاق كل الأبواب أمام الخيانات، مع ضرورة حسن اختيار شريك حياتك والتأكد من حسن أخلاقه وعدم تجاهل أية مؤشرات سلبية بدعوى أنك ستغيّرينه؛ فلا أحد يغيّر سوى نفسه.. وفقك ربي أنت وأسرتك وأسعدكم.