قام محامون متخصصون في مجال حقوق الإنسان وعدد من النشطاء المتضامنين مع الفلسطينيين في العديد من الدول الأوروبية بجمع أسماء الضباط الإسرائيليين المتورطين في جرائم حرب أُرتكبت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. حيث تسمح قوانين عدد من الدول الأوروبية باستصدار أوامر اعتقال ضد الأجانب المتهمين بارتكاب جرائم حرب في حال دخولهم تلك الدول. هذا وتشير صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إلى أن محامين من بريطانيا ودول أوروبية أخرى؛ مثل: هولندا وإسبانيا وبلجيكا والنرويج يقومون منذ شهر يناير الماضي بجمع دلائل وشهادات من الفلسطينيين، تُؤكد ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب خلال عملياته التي قام بها في غزة، وأن هذه الأدلة التي بحوذتهم تُدين ضباطاً إسرائيليين ابتداءً من قادة الكتائب فيما فوق. تجدر الإشارة إلى أن المحامي "دانيال مكوبر" -الذي يتبنّى هذه القضية في بريطانيا- أرسل أحد العاملين بمكتبه إلى قطاع غزة عقب انتهاء عملية الرصاص المسكوب حتى يجمع له الأدلة التي يحتاجها؛ لإثبات ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وقد نجح هذا الشخص أيضاً في الحصول على توكيلات من المواطنين الفلسطينيين لرفع قضايا باسمهم في المحاكم البريطانية ضد الضباط الإسرائيليين. هذا ورفض "مكوبر" في حديث له مع صحيفة هاآرتس ذكر أي تفاصيل عن أسماء الضباط الإسرائيليين المطلوبين وعددهم، وادعى أن هذا الأمر مرتبط بطبيعة كل حادثة، وأضاف أنه كل من يثبت أن له يد في ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين سيتم إدراج اسمه ضمن القائمة، سواء أكان ضابطاً شارك في العمليات القتالية أو مِن ضمن القيادات العليا للجيش الإسرائيلي. ويرى "مكوبر" أن تقرير جولدستون دعم من موقفه؛ لأنه تضمن عدداً من الحوادث التي استشهد بها هو من قبل. الجدير بالذكر أن "مكوبر" يُعد جزءاً من شبكة غير رسمية تضم محامين يعملون في مختلف الدول الأوروبية ويقومون بتبادل المعلومات الخاصة بتفاصيل الحوادث التي وقعت والأسماء المتورطة بها، حتى يمكن اعتقال الضباط الإسرائيليين في حال قدوم أحدهم إلى أوروبا. ويحصل هؤلاء المحامون على معلومات من نشطاء موالين للفلسطينيين يقومون بمتابعة المنظمات اليهودية والموالية لإسرائيل التي تستضيف ضباطاً إسرائيليين لإلقاء محاضرات بها، كما يتعاون هؤلاء المحامون أيضاً في عدد من الدول الأوروبية مع شرطة حرس الحدود؛ لكي يخبروهم في حال وصول أي ضابط إسرائيلي إلى تلك الدول. ويشير هؤلاء المحامون إلى أن عدداً من الضباط الإسرائيليين تم إدراجهم بالفعل ضمن قائمة "ترقب الوصول" الخاصة بالشرطة البريطانية، وأنه في حال وصول أي منهم إلى بريطانيا فسيتم على الفور استصدار أمر اعتقال ضده. هذا ونجد أن جهود هؤلاء المحامين نجحت في نشر الخوف داخل نفوس القادة والضباط الإسرائيليين وأجبرتهم على الحد من سفرهم إلى أوروبا، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ منها أن "مكوبر" قام منذ نحو أربعة أعوام بتقديم طلب إلى إحدى المحاكم البريطانية لإصدار أمر اعتقال ضد اللواء احتياط "دورون ألموج" بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة بأوامر مباشرة منه أثناء توليه قيادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية، إلا أن ألموج نجح في الإفلات من الاعتقال برفضه النزول من طائرة "العال" عند هبوطها في لندن، وعاد فوراً إلى إسرائيل على نفس الطائرة بعد أن وصلته معلومات تفيد بأنه سيتم اعتقاله فور نزوله أرض المطار. كما تم أيضا استصدار أمر أعتقال في هولندا للواء احتياط "عامي أيلون" قائد الشاباك الإسرائيلي السابق بعد تقديم مواطن فلسطيني شكوى تفيد بتعرّضه لعمليات تعذيب من قِبل جهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك" أثناء تولي "أيلون" رئاسته. وفي الشهر الماضي ألغى رئيس الأركان الإسرائيلي السابق والوزير الحالي "موشي يعلون" محاضرة كان من المقرر أن يلقيها في لندن خشية إصدار أمر اعتقال ضده هناك. ونتيجة لهذا الأمر يوصي الجيش الإسرائيلي جميع ضباطه -سواء الذين في الخدمة أو في الاحتياط- باستشارة وزارة الخارجية الإسرائيلية قبيل توجههم إلى الخارج حتى تُقدم لهم التوصيات اللازمة التي يجب عليهم اتباعها وإخبارهم بالدول التي يجب عليهم عدم التوجه إليها. وفي نفس السياق تم تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارة الخارجية وقانونيين وأعضاء من شعبة القانون الدولي بالنيابة العسكرية للتنسيق فيما بينهم إزاء هذه القضية. هذا وقد صرّح مصدر بوزارة الخارجية الإسرائيلية بأن الوزارة تعلم بوجود محاولات تقوم بها المنظمات المتضامنة مع الفلسطينيين؛ لملاحقة الضباط الإسرائيليين قضائياَ وتشويه صورتهم، لذا تتعاون الوزارة مع العديد من العناصر لمنع هذا الأمر. في المقابل رفضت وزارة الداخلية البريطانية الرد على سؤال وجهته لها صحيفة هاآرتس يقول: هل قائمة ترقب الوصول في بريطانيا تضم حقاً ضباطاً إسرائيليين أم لا؟ ويبقى السؤال عالقاً.. هل يأتي ذلك اليوم الذي نشاهد فيه مسئولاً إسرائيلياً وهو معتقل في أحد المطارات الأوروبية، ثم يتم اقتياده إلى المحكمة لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين العزل؟!!