نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز تقريراً لمؤسسة كارنيجي للسلام، ذُكر فيه أن الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية أصابت المراقبين لها بالإحباط؛ في الوقت الذي أعلن فيه الدكتور محمد البرادعي عن تعاونه مع جماعة "الإخوان المسلمين" من أجل التغيير.. وقد وصفت الصحيفة الانتخبات البرلمانية الأخيرة ب"المهزلة". واستندت الصحيفة -وفقاً لجريدة الشروق- فيما قالته إلى تقارير إعلامية ومحلية، وثَّقت انتهاكات حدثت في الانتخابات، تضمّنت تدخلاً من مرشحي الحزب الحاكم في العملية الانتخابية، ومنع قضاة ومراقبي الانتخابات من القيام بعملهم، بالإضافة إلى انتشار عمليات شراء الأصوات والعنف في اللجان الانتخابية. وأضافت الصحيفة، أن ما حدث في الانتخابات -بغضّ النظر عن نتائج جولة الإعادة للانتخابات التي حدثت في 5 ديسمبر- تجعل تعهّد الحزب الحاكم بإجراء انتخابات نزيهة ومتعددة، دون مصداقية، وتضمن له احتكار مجلس الشعب.. فوفقاً لنتائج الانتخابات، فقد فاز الحزب بأكثر من 90% من المقاعد؛ في حين انخفض نصيب المعارضة عن الدورة السابقة إلى أقل من 10%، بعدما كانت حوالي 24%. وأشارت الصحيفة، إلى أنه على رغم من أن حجم المعارضة في البرلمان السابق كانت أكبر من الحالي؛ فإنها فشلت في منع الحزب الوطني من تمرير الإصلاحات الدستورية والأجندة القانونية للحزب، كما فشِلت في وضع الحكومة أمام المجلس لمحاسبتها على قراراتها؛ مُعتبرة أن المعارضة في المجلس الجديد ستلعب دوراً رقابياً أكثر ضعفاً من السابق خلال السنوات الخمس المقبلة للبرلمان. وانتقدت الصحيفة البرلمان الجديد؛ نظراً لضعف مشاركة المسيحيين فيه؛ مشيرة إلى أنه برغم ترشّح عدة أقباط في الانتخابات؛ فإنهم حتى لو نجحوا فسيمثلون أقلّ من 4% من النواب، وهو ما لا يمثل نسبتهم في المجتمع -والتي تُقدّر ب10% وفقاً لتقديرات غير رسمية- ولا تأثيرهم فيه. إلا أن الصحيفة استدركت بقولها "إن الانتخابات شهدت بعض الأخبار الإيجابية؛ منها زيادة عدد النساء في البرلمان بنسبة غير متوقعة، بعد تخصيص الحكومة 64 مقعداً لكوتة المرأة". وأشارت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى رغبة الحزب الوطني في الحفاظ على أغلبية مريحة في البرلمان تعضد موقفه كحزب حاكم، وتُضعف جماعة الإخوان المسلمين، وتَحُدّ من المنافسة السياسية؛ فإن الحزب أراد أيضاً أن يُحقق مجموعة من الأهداف السياسية تضمّنت: - تقوية وضع الأحزاب المعارضة المتعاونة؛ بما يؤكد أن الحزب الوطني يُسيطر على الحياة السياسية؛ ولكنه يمنح أيضاً واجهة من التعددية والتنوع في البرلمان. - خلق صورة له كحزب معاصر يستطيع الفوز في انتخابات نزيهة دون قمع المعارضة؛ طالما كانت قانونية ومدنية. - صناعة صورة إيجابية للانتخابات أمام الرأي العام الدولي والحكومات الغربية، برفض الرقابة الدولية على الانتخابات، والتأكيد على رقابة المنظّمات المدنية المحلية. إلا أن ما حدث أظهر وجود فجوة واضحة بين هذه الأهداف وما نتج عن الانتخابات؛ فالحزب الوطني الديمقراطي فاز بأكثر من 90% من المقاعد البرلمانية، تاركاً للمعارضة بضعة مقاعد. - لن يمثل أحدٌ الإخوان والوفد في البرلمان، بعد إعلانهم مقاطعة الانتخابات؛ بالإضافة إلى تفشّي العنف أثناء العملية الانتخابية. - عانى المراقبون المحليون للانتخابات ووسائل الإعلام المحلية والدولية من مضايقات كثيرة، دفعت العالم إلى انتقاد الانتخابات صراحة، ورفع حالة القلق حول الانتخابات الرئاسية في 2011. وختمت الصحيفة بقولها "إن الإحباط يسود مصر حالياً؛ نتيجة نقص العدالة الكافية والمنافسة والديمقراطية، التي تصنع مجلساً تشريعياً قادراً على مراقبة الحكومة بفاعلية؛ وبالتالي فإن مجلس الشعب المنتخب حديثاً يفتقر إلى الشرعية الشعبية". وفي السياق ذاته أعلن الدكتور محمد البرادعي -مؤسس الجمعية الوطنية للتغيير- أن الجمعية ستتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين من أجل دفع مصر إلى التغيير. وقال إنه لم يشارك في الانتخابات البرلمانية الماضية؛ لأنها كانت "مهزلة"؛ على حد وصفه. وأضاف البرادعي، في حوار -هو الأول منذ عودته إلى مصر قبل يومين- لمجلة دير شبيجل الألمانية أمس (الثلاثاء) نقلته جريدة المصري اليوم، أنه غاب عن البلاد أثناء الانتخابات؛ لكي يُثبت للجميع أنه لن يشارك، كما فعل الكثيرون.. واعتبر أن النتائج الرسمية شابَهَا "تلاعب شديد". وقال المدير السابق للوكالة الدولية: "النظام في مصر بات أكثر يأساً وعصبية من أي وقت خلال ال29 عاماً الماضية؛ بدليل الاعتقالات التي أدّت إلى تأجّج الصراع في الداخل"؛ مؤكداً أن الانتخابات البرلمانية كانت اختباراً لممارسات القمع. وأضاف أن النظام يخشى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولن يستطيع تجاهل الأصوات الداعية للتغيير، وحركات المعارضة المصرية أصبحت أكثر تشدداً، والمصريون مصممون على إصلاح الوضع حتى النهاية. وقال البرادعي: إن مصر أصبحت ضمن الدول الفاشلة، وتقارن بهاييتي وبورما والسودان؛ مضيفاً: "سيُشبه مجلس الدوما في روسيا خلال أسود أيام الحقبة السوفيتية"؛ فمصر مكتفية ذاتياً بنظام الحزب الواحد الذي يظلّ في السلطة عن طريق الحفاظ على دولة الطوارئ. وأكّد البرادعي عدم ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما لم ترتبط بتنفيذ مطالبه التي دعا إليها من قبل؛ مُعلناً أنه سيواصل "القتال من أجل التغيير الديمقراطي".