للزحام أيضا فوائده.. فإنك الآن عزيزي المواطن لن تملّ مرور الوقت عليك وأنت على وشك التخليل في المواصلات، ففي الشارع هذه الأيام ما يسليك ويلهيك وينسيك العودة إلى بيتك، ويجعلك تمارس شعار موجة كوميدي "الضحك من أول نظرة".. الدعاية الانتخابية لمجلس الشعب حملت هذه الدورة من النكت ما لم يحدث من قبل، رغم أنني أسميها دائما فترة الضحك للركب.. وربنا يجازيهم.. البداية أنني اندهشت مثل الجميع حين وجدت أن الهلال والجمل رقم واحد واثنين، برضه هما لمرشحا الحزب الوطني باستمرار على كل مقاعد الجمهورية، وعلى حد علمي أن الترشّح يتم بأسبقية التقدّم، فهل يحرص مرشحو الحزب الوطني على المبيت بجوار الشباك حتى يكونوا أول المتقدّمين بجوار طالبي الخبز المدعّم؟! وهل لم تحدث مرة فلتة غلطة سهوة على مستوى الجمهورية، أم إن الأمر يتم بالحجز المسبق؟ حتى الحجز يجوز فيه أن يتقدم مرشح آخر قبل مرشح الحزب، فليس إلا أن نقول من أولها كده تظبيط؟ ربنا يستر. ثاني شيء لفت نظري هو في معظم لافتات الدعاية، وكيف أنها تسير على نظرية حضرة الناظر حسن حسني.. "سيب القوس مفتوح.. يا عالِم"! تجد مثلا: مرشحكم فلان الفلاني رمز ( ) قوسين فاضيين، رقم ( ) مسافة فارغة.. كان ينقصه أن يكتب المرشح عن الحزب ( )؛ لأنه يبدو أنه قرّر طباعة أوراق دعايته قبل الموسم توفيرا للنفقات، فلم يعرف الرمز الانتخابي أو الرقم أو حتى هل سيرشّحه حزب ما، أم يتوكل على الله ويدخل على إنه واحد عادي من الشعب، ويحمل شرف "المستغلّ" عفوا "المستقلّ".. الأمتع والأكثر إثارة للكوميديا هو لافتة مكتوب عليها مرشحكم لانتخابات مجلس الشعب 2005 ثم مشطوب عليها بقلم ثم 2010 فهل سيادة المرشح نائم ولا يعرف في أي عام نحن، أم إنه لملم لافتاته من 2005 وشالها تحت البلاطة لحد 2010، لو كانت الأخيرة فأنا سأنتخبه؛ فهو خير من يمثلنا؛ لأنه القادر على التحويش لنا في المستقبل.. هو الحزب الوطني بيرشح كام راس على الدايرة؟! عشان أنا شفت أكثر من مرشح للحزب الوطني على دائرة واحدة.. رمز الهلال فئات ورمز القمر فئات برضه، فهل هو خطأ؛ لأني أظن أن الهلال والقمر ما بيجوش مع بعض. نغمة "قفوا بجوار ابنكم فلان الفلاني" دعاية مستفزة للغاية، وينقصه أن يقول: قفوا بجوار ابنكم عشان يكوّن نفسه.. الواد عاطل وعايز يتجوز.. وأهله ناس على قد حالهم. ومن قدّم شيء بيداه التقاه وهنيالك يا فاعل الخير والثواب.. هما لسه الوزراء بيترشحوا لمجلس الشعب؟ هو إحنا ما كبرناش بقى على حكاية السَلَطة دي؟ الوزارة سلطة تنفيذية والبرلمان سلطة تشريعية، فليه الخلط، ما تخلي كل واحد في كوزه لما حدّ يعوزه ولا إيه؟ كوميديا الرموز: حتى على مستوى الرموز مش هتقدر تقفل بقك -مع وافر احترامي لبقّ حضرتك- لأن كوميديا الرموز الانتخابية مهزلة.. "قطعا مَزْهَلة".. أما أكثر الرموز كوميديا في رأيي فهو رمز جديد نوعا أنا عن نفسي أول مرة أشوفه وهو رمز (فنجان الشاي)، فأولا كيف عرف المرشح النِوِر أنه فنجان شاي تحديدا، فقد يكون فنجان قهوة أو فنجان شاي باللبن! أو فنجان فاضي مثلا!! ولا هما شرّبوه شفطة منه يعني؟ لماذا يكتب الجميع على لافتاتهم "فنجان الشاي"؟ ما دلالة الشاي هنا؟؟ يخرب بيت الاختراعات!! صاحب هذا الرمز ظروفه أصعب من غيره ومثال حي على أنه لا توجد هناك عدالة بين المرشحين؛ حيث إنه الوحيد المضطر إلى أن يدفع فلوس أكتر؛ لأن حساب الدعاية طبعا بيكون بالكلمة، وهو الرمز بتاعه مع الأسف كلمتين (فنجان الشاي) ودي نتيجة اللي يتفلسف زيادة، وما له رمز الفنجان بس.. إذا كان مرشحك يحمل رمز "السلم" وحاول إقناعك بأنه رمز الصعود إلى القمة -أو السطوح- فلا تغترّ بذلك فربما يكون السلم رمز الوصولية والمحسوبية.. أما إذا كان يحمل رمز "الشمعة" ومهما حاول أن يخطب بأنه يحترق ليضيء للآخرين الطريق، فثق أنه ينطفئ من أول نفخة.. وإذا كان يحمل رمز "التمساح" وقال لك للقضاء على الفساد والتهام الحيتان فهو غالبا يلتهمها في بطنه هو، ولا تصدق توسلاته فهي دموع تماسيح كما تعلم.. وإذا كان يحمل في هذه "الدورة" الانتخابية رمز "الدراجة" فهو لا يبحث عن شيء أكثر من "لفة" انتخابية، يعني زبون طياري.. وإذا كان يحمل رمز "الكف" وظل يغني عليك بأنه قبضة الحق والحرية، فلا تصدّق، وانتبه جيدا لقفاك، مع وافر احترامي لسيادتك.. إذا كان يحمل رمز "الكشاف" وظل يحكي عن كشف الحقائق وفضح المستخبي، فواجبي أن أذكرك أن الكشاف يحمله أكثر اثنين تكرههما.. اللص ورجل الشرطة. وإذا كان يحمل رمز "التليفون" وقال لك إنه على استعداد دائم لتقبّل شكاواك 24 ساعة ونقل نبض الجماهير وتوصيل الخدمات للمنازل؛ فهو غالبا معرض لقطع الحرارة في أي لحظة، كما أنك مضطر لدفع اشتراك ربع سنوي له عشان يفضل شغال.. إذا كان يحمل رمز "غصن الزيتون" وأخبرك بأنه جاء للسلام والرخاء، فاعلم أنه ك"أي زيتون" يريد أن يخلل في البرطمان -قصدي البرلمان- و"مش" ناوي يسيبه. إذا كان يحمل رمز "النخلة" وقال لك إن الدنيا هتبقى "بلح بلح يا بلمبح" و"حَيّ.. والعز جَيّ"؛ فلا تصدق.. صاحبك يقول لك بصريح العبارة إنت فين وأنا فين، وينظر لك من برج عاجي، لا تنتخبه وكذلك لا تقذفه بالحجارة؛ فأنت شاطر ومش زي العيال الوحشين دول.. ناهيك عن الرموز الكوميدية بذاتها والتي لا أدري كيف لم ينسحب المرشحون الذين يحملونها: عندنا رمز "الدباسة" ورمز "التعبان" ورمز "عنقود العنب" ورمز "الآلة الحاسبة"، ورمز "مضرب التنس" و.. إحم إحم.. رمز "الإيريال".. مع وافر احترامي للإيريال.. خدها كلمة حكمة من أخوك.. سيبك من الرمز والشعار والهتاف.. وركّز مع البرامج والأهداف