لم يكتفِ بالإساءة إلى القرآن الكريم ومنع تداوله، والإساءة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحظر النقاب والحدّ من هجرة المسلمين إلى هولندا، وإغلاق جميع المدارس الإسلامية، بل وطالب بجعل الأردن وطنا للفلسطينيين بزعم حل الصراع العربي-الإسرائيلي. تطاول اليميني المتطرف "جيرت فيلدرز" -زعيم "حزب الحرية" الهولندي- على كتاب الله عز وجل، وطالب بمنع تداوله، ونادى بالهجوم على الإسلام والمسلمين، وأساء كثيرا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأينما حطّ كان يدعو إلى القضاء على ما ادّعاه بظاهرة "الأسلمة" واجتياحها للغرب، وها هو يزيد من ميزان أخطائه بحقّ العرب والمسلمين بمطالبته ودعوته بجعل الأردن وطنا قوميا للفلسطينيين، وإلغاء اسم "الأردن" ليصبح "فلسطين"؛ وذلك بادّعاء أن الأردن سيصبح وطنا لكل الفلسطينيين لحلّ أزمة السلام في الشرق الأوسط والعالم! بالفعل سبق أن طالب المتطرّف اليميني "فيلدرز" بذلك من قبل، لكن الجديد في الأمر أنه سيؤكد دعوته تلك في إسرائيل نفسها، وذلك بعد تلقيه دعوة من عضو الكنيست الإسرائيلي "آريه ألداد" من حزب الاتحاد القومي "المفدال" (وهو الحزب الإسرائيلي المتطرف) ليكون أحد المشاركين في مؤتمر سيعقد في الخامس من الشهر القادم بتل أبيب، تحت اسم "هل يمكن للأردن أن تكون مدينة للأمة الفلسطينية؟"! ذكر الموقع الإلكتروني الإسرائيلي "والا" صباح أمس (الإثنين) أن "فيلدرز" تلقّى دعوة رسمية من عضو الكنيست اليميني المتطرف "ألداد" للاشتراك في المؤتمر الذي سيعقد الشهر القادم بتلّ أبيب ويحضره وزراء إسرائيليون سابقون، من بينهم "عامي إيالون" -رئيس جهاز الشاباك السابق- و"موشيه إرينز" -وزير الدفاع السابق- وهو المؤتمر الذي يأتي تطبيقًا لنوايا صهيونية سبق أن أكدها إسحاق رابين -رئيس الوزراء الأسبق- الذي يلقبونه ب"حمامة السلام الإسرائيلي" كما يزعمون، في كتاب له حينما قال: "إن الدولة الفلسطينية يمكنها أن تقام، ولكن على أنقاض دولة إسرائيل". تلك المقولة ليساري إسرائيلي يزعمون أنه معتدل، يستشهد بها يميني متطرّف، لتعني أن الكلّ سواء في إسرائيل، فهم يعملون على تهويد الأراضي الفلسطينية، وقضم المزيد منها لاستيطانها، واستيعاب لاجئين ومهاجرين جدد، وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن أو سيناء، كنوايا وخطط صهيونية تسير على قدم وساق، وإن كانت بخطى حثيثة، خاصة أن فكرة نقل الفلسطينيين إلى الأردن وإطلاق اسم "فلسطين" على الأرض الأردنية تلقى رواجا من بعض المتطرفين في العالم، من بينهم "فيلدرز" زعيم "حزب الحرية" الهولندي!! ومن هنا تسوّق إسرائيل لتلك الفكرة مبكرًا بدعوة مَن يؤيدها من السياسيين في كافة أنحاء العالم، وها هي تقيم مؤتمرًا في الخامس من الشهر القادم لهذه الفكرة، وتدعو عتاة الصهيونية واليمينية في العالم، على رأسهم "الداهية فيلدرز"، ليكون مُنظّرا لتلك الفكرة التي تقضي على الأحلام الفلسطينية القادمة بعودة اللاجئين والأرض إلى أصحابها الحقيقيين، بل وتنزع ممن تبقّى منهم شرعية الوجود والبقاء على الأرض الفلسطينية! يشار إلى أن "فيلدرز" سبق أن زار إسرائيل قبل عامين؛ لهدف لا يقل خطورة عن تلك الفكرة، وذلك بغرض الدعوة إلى ما أسموه ظاهرة انتشار الإسلام في الغرب، أو "الإسلاموفوبيا"، وغالبًا ما يحضر "فيلدرز" مؤتمرات وندوات حول العالم تدور في هذا الفلك! بيد أن عضو الكنيست الإسرائيلي "ألداد" يزعم بدوره أن الأردن يقوم على أجزاء كبيرة من أرض إسرائيل الكبرى، وإسرائيل التاريخية، وغيرها من المزاعم التي تدور في هذا الفلك أيضا، ويرى "تضامنا" مع الحقوق الفلسطينية والفلسطينيين "الغلابة" أن يمنحهم الأردن ليصبح وطنًا لهم ولأولادهم من بعدهم.. يعني السيد "ألداد" يتكرم علينا بالأردن للفلسطينيين.. وعجبي! الأيام القادمة ستكون أكثر سوداوية، وتحمل في طياتها الكثير من تلك المضامين التي يزعمها "ألداد" وغيره، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لن يقدم على القيام بأي حرب عسكرية كبيرة، وإنما يدشّن بما هو أسمى وأبقى، ممثلا في تهويد الأراضي الفلسطينية والعربية، وإقرار قوانين الولاء لإسرائيل كدولة يهودية... فمن هنا نوجّه تحذيرا من تلك الدعوات والمؤتمرات التي تدعو إلى "ترانسفير" الفلسطينيين من أراضيهم للصهاينة (الترانسفير هو تغييب الوطن واستحضاره كأرض أو كعقار مجرد)، ومن إفساح المجال لمثل هؤلاء اليمينيين الذين يسيئون للإسلام والمسلمين "فيلدرز" الهولندي، ويجب أن نعي الأحداث بعيون شفافة واضحة، ونقرأ ما بين السطور، ونفهم ما يدور حولنا من مخططات وسيناريوهات صهيونية، تدعمها الآلة الإعلامية الإسرائيلية الضخمة!