"قصة تبحث عن تعليق" باب جديد ينضم إلى الورشة.. سننشر فيه القصص بدون تعليق د. سيد البحراوي، وسننتظر منك أن تعلق برأيك على القصة.. وفي نهاية الأسبوع سننشر تعليقك بجوار د. سيد البحراوي؛ حتى يستفيد كاتب القصة من آراء المتخصصين والمتذوقين للقصة القصيرة على حد سواء.. في انتظارك.
"بائعة الأحلام"
أعمل مدرسة بأجر، أي أنني أشرح الدروس الخصوصية للتلاميذ، فهذا هو العمل الوحيد المتاح أمامي. ولي في هذا العمل ما يربو على السنوات التسع. بدأت بتكوين المجموعة الأولى بعد عامي الثالث بالجامعة، فقد كنت أدرك أنني سأبحث كثيرا ولن أحصل في النهاية على عمل، وهذا هو ما حدث بالفعل. عملي هو التدريس بأجر. وزوجي كان أخا لإحدى تلميذاتي، ثم تقدم لخطبتي. تقدم إلي وهو يعلم أنني أقبض من الأهالي ثمن نجاح أطفالهم. وتزوجنا وأنا في العمل نفسه، وأنجبت ابنتي 'أمنية‘ وأنا في العمل نفسه. زبائني نوعان، نوع يحاول أن يوفر الممكن لأبنائه، وهؤلاء هم الأغلبية، وهم يرسلون إليَّ أطفالهم لأرصهم متراكمين في بدروم البناية وألقنهم الدرس لقاء أجر زهيد. والنوع الثاني يحلمون بمستقبل مشرق لأبنائهم، وهذا النوع نادر جدا، يستدعونني إلى منازلهم لأشرح الدرس لأطفالهم في أجواء مريحة وآمنة، حيث أكون تحت أسماعهم وأبصارهم وجيوبهم أيضا، وهؤلاء رغم قلتهم يشكلون مصدر دخلي الحقيقي. 'عمرو‘ الذي سيصبح محاميا مقداما مثل والده وجده وخاله وعم والده، يواجه صعوبة جمة في استيعاب دروس اللغة العربية. استدعتني والدته لأقدم لهم خدماتي في فيلتهم الجميلة بالحي الراقي. فيلا 'عمرو‘ لها حديقة. صحيح أنها ليست ممتدة على مرمى البصر، ولكنها خضراء مشمسة. 'أمنية‘ ابنتي لم تدخل حديقة طوال سنوات عمرها الخمس؛ حضانتها شقة في البناية المجاورة لبنايتنا، نزهتها تكون زيارة لشقة أبي أو لشقة حماي، حياتها مجموعة تحركات بين شقق. فيلا 'عمرو‘ لها حديقة خضراء مشمسة، تزورها الفراشات في الربيع، وتصدح بها الطيور طوال العام. في كل مرة أزور فيلا 'عمرو‘ أمرق مسرعة من الحديقة ؛ خيفة أن أضعف وأستلقي بظهري على العشب. أحلم بملامسة العشب ومواجهة الشمس، ولو لدقيقة واحدة، أتمنى أن أجد مكانا يسع أسرتي الصغيرة لنركض فيه معا ونمرح معا، أريد أن أعلم ابنتي حب الطبيعة. أحلم، لي زمان أحلم.. أنا مدرسة بأجر. يتهمني البعض بأنني أبيع العلم، ولكنني في واقع الأمر أبيع الأحلام. أبيع الأحلام لكل من يملك الثمن، ولكنني لا أجد من يبيعني حلمي.
ssokda2007
التعليق: رغم أن الدراما غائمة، إلا أن النص جميل. الغنائية والشحن يعوضان بنية القصة التقليدية واللغة سليمة وسلسلة والبناء محكم على نحو خاص أهلا بالكاتب أو الكاتبة. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة