سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها..
وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. في انتظاركم...
"أنا الظل"
ساتذكر اول لقاء عاطفى، ايام الدراسة فى الجامعة. ساكتب عن هذه الذكرى، عن الجدية و الطرافة التى ابتدت بها، كما انتهت. اذكر انها لم تبدتى لكى تنتهى، حبيب لم يكمل التصويب فى عيون حبيبته، والعكس، اكثر من ساعة متصلة، هذا على الاقل - فى تقديرى- كأن شيئا لم يكن، فما بالك بدقائق قليلة ناهيك عن عدم تحديدى لونهم -بنى قاتم ام اسود - لا يهم.
اعتقد لو انى كنت استطعت تحديد اللون، بكثير من التركيز لكنت، ولكن لحظتها يصيبنى سيل من الافكار يشل قدرتى على التفكير، على الرؤية ذاتها، اشك انى توصلت لتحديد اللون، ولكن للاسف لا اتذكر، لا اعلم تحديدا!! لون عيون حبيبتك تنساها او تتنساها، فعلا، علاقة لم تكن!! متذبذب ان اقول "هذا ما يدعى حب"، ربما، فالحب يصنع المعجزات.. هذا ما كنت اخشاه، انا غير بارع فى تفاصيل هذه الالعوبة، لذا لا تنصتوا، ولا تنصتوا لمفسرى الاحلام ايضا، الاثنان سواء، ثرثرة الحب وتفسير الاحلام، لا، هذا قاسى، اريد ان اقول احبولة الحب هائمة كالهلاوس فى الاحلام، المثل بالمثل، لذا احلم او احب، نفس الاثر العام. ولكن هذا لا يهم، الاهم هى ( )، اسمع موسيقى الروك وانا اتسكع فى الشوارع، انظر متاملآ، اشاهد فحسب ولا شى يدعو للاستغراب - حتى غريبى الاطوار - استكشف الاماكن، هذا مقهى جيد وهذا ردىء ومع الوقت يصبح: هذا مقهى، وحسب، يجب ان تعلو عن الرماد والا ستسقط و ستذبل. لا ادخن السجائر، ليس تقززا من الصورة الفجة على علبها، مثل كثيرين اعرفهم، لم يقلعوا طبعا، ولكن اخفوا الصورة، وضعوا ورق الحماية الداخلى المفضض _ على هيئة مربع - ما بين العلبة الكرتونية وغلافها البلاستيكى الرقيق واعرف ثمة اخرون اشتروا علبا حديدية جديدة -فارغة- عليها ما تحب ان يكون عليها، وينقلوا السجائر اليها، فهذه تقنية اعلى مقارنة بالاخرى، اعتقد هذا هو ( التطور)، ولكن انا لا احب نكهتها، ولا احد يذكرنى انه يوجد نكهات كالنعنعاع وغيره، هذا هراء، لا استسيغها، ببساطة، حفاظا على صحتى. ذلك لا يمنع، تدخينى لمخدر الحشيش، احيانا، اقول فى الاوقات المناسبة، وهذا يفرق، تماما، يعتمد على حس داخلى تستطيع الاعتماد عليه، افضل فى الجامعة، خرق القواعد، احيانا، يمنحنى نشوة اكبر من الفعل نفسه، هذا مدهش، ولكن غير المدهش عندما زادت الجرعة ( شدة النفس ) فاغمى على فجاءة وسقطت ارضا، ودخلت فى عوالم غيب الغيب، وعندما افقت، ليس بمجهود من رفاقى وهذا اكيد، ولكن لكونى قوى الارادة وما ان صلبت طولى حتى اشرت بعلامة انا احبكم ( بثنى الاصبعان الخنصر والوسطى معا للامام )، هذا واجب، ويكفى الهلع الذى سببته لرفاقى. هذه كانت مرة مشئومة، تدخن الحشيش فيغمى عليك، فلك تخيل كم الصداع الذى سيركب راسك، انصحك لا تفعلها. ولكن الممتع ان تلتحم مع الجموع فيبدون كخلفية فى بورتريه مناظر طبيعية او ايا كان.... وفى هذا تناقض كبير لبغضى السجائر، لا اعجب، هكذا الحياة، تناقضات لانهائية، وهذا ما استمتع به حقيقا، ولا تسألنى عن اى شىء، اسأل شبحى!! وصديقى، اقصد، الذى كان صديقى، متكوم على درجات السلم - اثناء مباراتى فى مبارزة العيون- مترهل على الحائط المجاور، يدفن وجهه بين كفيه، ويفكر جديا، اولا، يكن محسورا، ثم يفكر فى تغيير انطباعات الاخرين عنه، للافضل، او يتمادى فى قطع شوطه البعيد. مغفل، الاثنان سواء، الطريق نفسه، ومن يهتم !، كيف يربط سلوكه بالاخرين ؟! انسان من هذا النوع، مزيف، اعنى متعدد الالوان، وهذا غير لائق بما يدعى ( صديق ). الاحابيل القديمة - ما استطعت - يجب التخلص منها فورا، والا ستنمو فى الاركان، وترمى شباكها، وقليلا وستفوح الرائحة النتنة، تدارك الامر مبكرا.. حقا، البكاء على شىء طويلا ضرورى.. ولذا ليس يوجد ثمة شىء ضرورى، ستكفى لسعات الذاكرة.. مرة، زحفت الى دار الاوبرا، لاشاهد عرض مشروع تخرج رفاقى، دعونى، فى مدخل القاعة تخبطت فى المقاعد محدثا جلبة، فنظر لى شزرا، حسستها، فهذا بالاضافة لملبسى ( الكاجوال ) - لهم عذر - فلم اكن اعلم ضرورة الالتزام بالزى الرسمى - مستر فانتوم - فى مثل هذه الحفلات، فهكذا كانوا يلبسون. شعرت انى منفر، على غير المعتاد، مما اثار سخطى، ليس فقط، ولكن العرض ذاته، لم استوعب منه شيئا قط، لكونى غير مؤهل. هذا صعب ومثير، كأن تهبط على كوكب حديث الاكتشاف، او تكن انت الحديث الاكتشاف..فهكذا يدعون!! .... ولكن هذا الآن تغير تماما، من اللا ارادي الى السىء الى الافضل، هكذا اخطو، او هكذا اتخيل انى اخطو. لا، هكذا يجب، فالليل لا ينقشع كليا، مرة واحدة، ولكن تتبدد الظلمة رويدا.
احمد المهدى
التعليق: فكرة "الانقسام النفسي" جيدة لكنها مألوفة، والنص لم يستطع تجسيدها جيداً بسبب التشتت والأطالة والانتقال من حالة إلى حالة، فجاء أقرب إلى الانطباعات او الخواطر، خالية من البناء المحكم، واللغة بها اخطاء وعدم دقة في الدلالة. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة