عجبتني كلمة من كلام الورق النور سطع من بين حروفها وبرق حبيت أشيلها في قلبي قالت:حرام صلاح جاهين دانا كل قلب دخلت فيه اتحرق منذ أن بدأت العلاقة الحميمة بين القارئ وجريدة روزاليوسف في النصف الأول من القرن الماضي.. وما زالت هذه الجريدة قادرة علي إثارة الدهشة.. وخلق جسور التواصل بينها وبين جمهور القراء.. وعلي هذه الصفحة تدشن جريدة روزاليوسف اليومية تجربتها الوليدة في ارتياد فضاءات جديدة للخلق والإبداع.. وهذه الباقة الأولي من قصائد الفصحي والعامية جنبًا إلي جنب مع القصص القصيرة لكتاب وشعراء قد تكون «مساحة للإبداع» هي إحدي نوافذ الأمل لنشر الأعمال الإبداعية في الصحف اليومية .. وروزاليوسف ترحب بكل الأعمال الإبداعية الجديدة والواعدة علي البريد الإلكتروني للجريدة. محمد بغدادى مذاق الحنين - نرمين راجح اكتملت الساعة فانتفض القطار، أستسلم للرحلة ولهدوء العربة، الكل في حاله، ساكن، حديثه همس وزاد سفره كتاب، تتراجع الأسقف الحمراء، أريح بصري علي بساط عباد الشمس، يشرد عقلي إلي حقل بعيد، وسطه شجرة، يستريح تحتها الحمار وصحبه، أقوم لأطرد الصور الدخيلة، أتجه نحو الكافتيريا في العربة الرابعة، فهنا لن يجد مشروبي طريقه إلي مقعدي، مصحوبًا بابتسامة عريضة، وهتاف: «نسكافيه يا هانم؟». أقضم الشطيرة الباردة أوحاول أن استعيد حماسي للأيام المقبلة، لكن الطرد يطبق علي أنفاسي، أول إجازة لي بعيدًا عن المكتب الصغير والغرفة الضيقة المطلة علي نهر اللوار، فتأتي مهمة ثقيلة تسلبني فرحة ثلاثة أيام كان أملي أن أقضيها سعيا بين المتاحف والمعارض، لم وافقت؟ إحراج أم بقايا كرم شرقي أبت أن تنطفئ في نفس ظننتها ذابت في عالمها الجديد؟ ينزلق القطار في المحطة، أزاحم شابا وفتاة شغلتهما لهفة اللقاء، وأمرق بين الجموع ساحبة حقيبتي، أترك متاعي في غرفة الفندق وأنزل، لتحملني قدماي بلا هدف، شريان العاصمة كعادته الصيفية مكتظ بالسياح، معظمهم شرقيو الملامح. أمر أمام مقهي فتستوقفني كلمات، انفصلت عن الأحاديث المتشابكة وطفت إلي، تباغتني اللهجة لطيفة أليفة كاسمي، غير أذني منذ ثلاث سنوات، أتردد بين رغبة ملحة في الهروب، وأخري ملحة أكثر في الدخول لأستزيد، ما الذي أصابني؟ إنه الطرد، يجب أن أتخلص منه لاستعيد الغياب. أتمهل قليلا قبل أن أطرق. تفتح امرأة خمسينية، علي وجهها طيبة وبشاشة بني جنسها، أشرح، زميلتي فرنسواز عادت من رحلة إلي مصر محملة بالهدايا والصور والحكايات، وطرد أمانة من الأسرة المضيفة إلي قريبتهم، التي تحتضنني مهللة ومرحبة ومقسمة أغلظ الأيمان ألا تأخذ الأمانة إن لم أتناول معها الشاي. أستجيب لإلحاحها، أخطو داخل الشقة، وكأني أعبر الأميال: آية الكرسي علي الحائط، إطارات الصور علي المناضد، البساط العجمي، طقم الصالون المذهب، عالمها الصغير، حملته معها كي لا تنسي. يأتيني صوتها من المطبخ ممزوجًا بغناء عبدالحليم: «علي حسب الريح، مايودي الريح..». أغرق في فيض حديث لا يوقفه تناولنا للشاي و«الكيك البيتي»، تحكي لي عن الزوج والأولاد والأحفاد، الشاي عندها مختلف، مذاقه ممزوج بالليالي الرمضانية وتجمع الأسرة حول القطائف والفوازير. أحاول الانسحاب، أبحث عن فجوة في نسيج الحكي، لكنها تنتقل بسلاسة من تفاصيل حياتها إلي تفاصيل حياتي، تسأل، تلح، أجيب. «معقولة! تلات سنين ما نزلتيش زيارة! ليه يا بنتي؟» لم أدري السؤال، أم نبرة الصوت، أم كوب الشاي، أيهم السبب، لكن سيل الكلمات المريرة باغتني، حكيت لها عن زميل دراسة وقصة حب ورفض الأهل، عن عريس ثري وشبكة ومهر، عن زواج وتعاسة وفشل، وغضب ومواجهات، وأخيرًا هروب إلي بلد بعيد وقسم بعدم العودة. تمر العاصفة، وجهي المبلل مدفون في حضنها، وهي تربت علي ظهري وتهون علي: «معلش يا حبيتي، مش كده، دول أهلك برضه». بدوري أحاول أن أخفف من الموقف. «مش حتفتحي العلبة يا طنط؟». تمتثل وتريني، أهتف ضاحكة: شاي؟ شاي مصري؟ ليه؟ مافيش زيه يعدل المزاج، ويفكرني بالحبايب. إيه ده! أنتي رايحة فين؟ الدكتور زمانه جاي، لازم تتغدي معانا. أطمئنها وأنا أرتدي معطفي: طبعًا! حأرجع، لكن لازم ألحق مكتب الحجز قبل ما يقفل تسألني وقد بدأت تفهم: قطار؟ لأ، مصر للطيران. ...وشاية -شعر تقى المرسى زَمَنًا منَ البلَّوْرِ خُضْنَاهُ. فمَا انْكَسَرَ البَرِيقْ زَمَنًا مَضَيْنَا فِي انْطِفَاءِ الرُّوحِ.. يَشْغَلُنَا الحَرِيقْ أنَا لا أخُونُكَ يَا صِبَاي.. وَإنَّمَا خَانَ الطَّرِيقْ كانَ الطَّرِيقُ وشَاية ً للبَحْرِ .. يُنْبئُ عَنْ دَمِي.. وَدَمِي يعَبِّئُهُ الغِيابْ مَا بَيْنَ مَاءٍ و َانتِهَاءٍ صَاغَ مَهْدِي ، كنْتُ بينَهُمَا المُعَمَّدَ بالتُّرابْ كيْفَ اصْطَفَاهُ المَاءُ مُتَّكأ ً لِحَيْرَةِ دَربِهِ.. حِينَ انْفِلاتِ الأرْضِ .. مِنْ رَحِمِ السَّرَابْ؟ لِمَ أرْسَلَتْنِي الرِّيحُ فَوْقَ الغَيْمِ.. ألتحفُ الضَّبَابْ؟ هَذِي العُيونُ خَطِيئَتِاي .. وَمَا اقْتَرَفْتُ سوَي الحَيَاهْ أنَا لمْ أكُنْ أبَدًا سِوَاي؛ الذَّنْبُ ذَنْبُ النَّازِحِينَ إلَي الخَرَابْ هَا نَحْنُ نُصْلبُ فِي اكتِمَالِ القَلْبِ فَوْقَ سَحَابَتيْنْ الآنَ نَصْعَدُ فِي الْتِمَاعِ الرُّوحِ .. نَقْطِفُ جَمْرَتَيْنْ نَرْتَدُّ مِنْ وَهَجٍ إلَي وَهَجٍ.. فَنَسْقُط ُ مَرَّتيْنِ فَمَرَّتيْنْ ! يَا بِئْسَ مَا غَنَّتْ بِلادٌ .. وَهْي بَيْنَ مَذَلَّتَيْنْ ! الطيبُونَ معِي.. يعِدُّونَ المَواسِمَ للرَّحيلْ فيهَيئونَ النَّهْرَ للوَهْمِ المُقَدَّسِ.. وانكِسَاراتِ النَّخِيلْ وأبِي هناكَ .. علي ضِفَافِ الهَمِّ.. يغْزِلُ حُزنَنَا.. وَيغَازِلُ الرِّزْقَ البَخِيلْ يا نيلُ كمْ ظَمَأٍ لنَا.. في ضفَّتَيْكَ .. وما لنيلكَ منْ سبِيلْ صَارَ المَدَي شَجَرًا بِلوْنِ الصَّبْرِ .. يُوقَدُ مِنْ غَضَبْ عَلَّ الَّذِي فِي الأفْقِ هَامَ مُشَرَّدًا يجِدُ الدَّلِيلْ! دخان الغرفة قصة - رانيا مسعود تأملت المكان: حجرة ضيقة، سقفها عالٍ، مختنقة الجدران، بها أريكتان خشبيتان، بل قل إنهما منضدتان من الخشب تغطيهما وسادتان من الجلد البالي. يعلو أحد الجدران شباك هو أقرب إلي الذهن بشباك الزنزانة. أما الجالسات فهن الباحثات عن الحرية أو قل إنهن متمردات علي التقاليد و العادات العرفية. نظرت إليهن في دهشة فرأت إحداهن تخرج من حقيبتها شيئا وتناوله الأخريات ليشاركنها فيه. ما هذا ؟ إنها الدهشة التي انتابتها عندما أخرجت تلك الفتاة كبريتاً فأشعلت السيجارة لها و لهن. واشتعلت الحجرة بنارين: نار السجائر التي باتت تخنق كل الأشياء والموجودات، ونار الباحثة المتأملة لهذا العالم الجديد. وتراءي لها الماضي. أتراه كان جميلاً؟ عادت بالذاكرة إلي عام 1998 عندما خطت خطواتها الأولي إلي كلية الألسن، كانت كلما سألها أحد بأي الكليات التحقت، ترد مزهوةً فرحة: بكلية الألسن، فيجيبها السائل: ما شاء الله! كان الرد يزيدها فخراً وإعجاباً، لكن شيئاً ما بداخلها يمنعها عن هذا العجب بالنفس، فتذكر في نفسها صديقاتها اللاتي التحقن بالطب والهندسة والإعلام وتري أنها ما أصابت نجما يتلألأ في السماء. وفي الكلية جلست إلي زميلاتها تنتظر المحاضرة الأولي في المدرج 331، وبنظرتها المتأملة لمحته. ذلك الشاب فارع الطول، حالق الرأس، مرتدياً (تي شيرت) عليه شكلٌ كرتوني ما إن رأته حتي أطلقت ضحكة عالية. نظر الشاب لها ولم يلتفت لها الباقون، فالكل منشغل بوقت المحاضرة إلا هو بعد أن رآها تضحك. وبدأت المحاضرة. كانت نيرة قد درست الإيطالية بالثانوية العامة، وهو الذي جعلها تبدو متقدمة في الدراسة علي الأقل في بدايتها. أعجب سامح بنيرة وصار يتتبعها في كل مكان، ولو أن خجله قد منعه من ذلك فأرسل من أصدقائه من يراقبها له. انشغلت نيرة به، ولكنها كلما عادت للمنزل وجدت أمها في انتظارها توبخها وتؤنبها بسبب أو بغير. وكلما نظرت إليها، تذكرت الأسوار الممتدة بينهما الأمر الذي يمنعها أن تبوح لها بأي سرٍ أو علاقة عاطفية. فكرت نيرة في إعجابها، فمجرد الإعجاب لا يكفي فهي لا تريد أن تعيش القصص التي قرأتها في الروايات وشاهدتها في التليفزيون. بل هي ترمي إلي ما ترمي إليه أية فتاة تحافظ علي الأخلاق والقيم. رأت زميلتها الإعجاب في عينيها كما رأته في عينيه. إلا أن نيرة كانت تدفع نفسها عنه، فهي لا تريد أن تتورط في قصة لا آخر لها. قالت لها دعاء: ليس سامح، فهو علي خلق، وغالباً ستنتهي القصة بارتباط رسمي. ويوما عن يوم، وسنة بعد سنة يكبر الحب بداخلهما. علمت نيرة أن والدة سامح تعمل طبيبة، ووالده كان وكيل وزارة سابقاً. فكرت في الفارق الاجتماعي بينها وبينه. كانت أكثر واقعية، فصنعت الحيل لكي توهمه بعدم رغبتها فيه. لكن سامح كان متمسكاً بها. لم يعرف الظروف، ولم يع الحقيقة، لماذا تبتعد؟ اختنقت نيرة من شدة الدخان المنبعث من سجائر تلك الساقطات في نظرها، خرجت لتتوكأ علي منضدة العمل ولتتابع الفتيات وهن يرسمن بالريشة الأسماء بالهيروغليفية. كان هذا أول يوم لنيرة بالعمل بمعرض للبردي بالهرم. لقد انتظرت العمل كثيراً، لتنفق علي نفسها، فلا تحتاج لفتات الأم البخيلة، ولا الأب الأناني. هو الآخر تركهم وسافر كعادته في الهروب من الحياة الضيقة. أعطت العمل كل الحق الذي حرمته نفسها. كان الكل يكرهها، فالفتيات يتأففن من أخلاقها ويتعجبن لها، أما الرجال فيعجبون بأخلاقها، وفي الوقت نفسه يغارون من عملها. فكيف لابنة الأمس أن تحقق هذا النجاح في وقت قليل، وهم أصحاب الخبرة يجلسون لتعمل أمام أعينهم؟ أصبح العمل حرباً طاحنة بين القديم والحديث. ولم يمر يوم إلا ويدور شجار بينها وبين الجميع. هم يثبتون أن لديهم الحق، وهي لا حيلة لها، فحتي القسم يستهينون به إذا ما دافعت عن نفسها. اختارت فتاتين لتصاحبهما، كانتا قد تخرجتا في نفس الكلية، لكن في اللغة الروسية. كانت تقضي معهما أغلب الوقت بعد العمل. كانت تروي لهن كل شيء. حتي قصة الحب الفاشلة. وفي يوم من الأيام سمعت لهما همسا، هناك شيء تخفيانه عنها. سمعت كلاما يتردد حول سامح. لكنها لم تكن متأكدة. اقتربت فإذا بهما تنويان ألا تخبراها. قالت: ما الأمر؟ قالتا: لا شيء. ألحت، فإذا بالدموع تنهمر علي خديها. لقد سمعتا من زميلة بالجامعة أن سامح قد مات، فنويتا ألا تخبراها. قالت: لا. لا أصدق!! انتظرت الفرصة لتتأكد. خرجت من العمل، و ذهبت للمسرح. لقد كان سامح و زملاؤه يمثلون عليه أثناء الدراسة. فإن لم تجده فستتحقق من أي من زملائه. نظرت هنا وهناك. فإذا بقلبها يمتلئ سرورا. فقد وجدته هو شخصياً. لم تدر ماذا تقول. لم تعد في عينيه تلك النظرات التي كان يسددها إليها من حين إلي آخر بالكلية. نظر إليها في فتور شديد، وطلب إليها أن تجلس. عرفها علي رجل الأعمال الإيطالي الذي يعمل مترجماً له. قال للرجل: إنها تلك الفتاة التي حدثتك عنها. انصرف وتركها تتحدث مع الرجل. عاد في الفصل الثاني من المسرحية، لكنها أحست ألا وجود لها. ضاق بها المكان، فتذكرت ضيق صدرها من الدخان اليومي لفتيات الغرفة. انصرفت لتعود للغرفة في اليوم التالي. مرة أخري - قصة شريف شاذلى حين توقفت السيارة أمام مدخل هذا المطعم الشهير بوسط القاهرة بدا له الأمر كالحلم...... "صدفة"..... هكذا فكر لكنه لم يكن قادرا علي التصديق..هذا أمر يتعدي خط الصدفة ليحلق في عوالم الفوانيس السحرية والأماني والجنيات ودقات الساعة..هكذا - مرتجفا - تقدم خطوتين ليتأكد..حدق في واجهة السيارة ليتيقن أنها هي..سيارة نفس الفتاة التي كانت هنا منذ أسبوع..نفس الأنثي..لم يكن يعرفها..لم يكن حتي يعلم حتي باسمها..فقط رأها صدفة كهذه المرة..صدفة ظن أنها من المستحيل أن تتكرر..لحظات لم تستمر لأكثر من لحظات..لكنها كانت كافية كي تغتال قلبه وتخدل أطرافه.. هكذا كل ما هو جميل وحنون في حياته قررت أن ترحل في ثوان..ترحل فتتركه في دواره..تودعه دون أن تراه...... كان اسمها (ندا)...... هكذا ظن..وهكذا قرر أن يسميها في خياله..كان مقتنعا فلا تقدر هي نفسها أن تخبره باسم أخر..هكذا تردد الاسم الحنون في قلبه وهو يقترب أكثر ليعرف..لكنه لم يكن يحتاج لخطوة أخري..كان نورها قد تسرب من وراء باب سيارتها بالفعل..أصابعها البلورية تمسك بأطراف الباب المفتوح..جسدها الرشيق ينسال إلي الخارج في نعومة الموج..يقسم أن قلبه قد توقف لنبضتين عن الخفقان حين رأي وجهها..حين تاهت عيناه في ملامحها الطفلة..في قسماتها الناعمة الحنون ونظراتها التي تبعثر الألوان في كل مكان..كانت كموجة من الحياة..وحين استقرت قدما علي الأرض صار رسم الملاك كاملا أمامه..ولأنها ندا كانت كعادتها قاسية عليه فقد قررت الآن أن تبتسم..تحركت شفتاها المزينتان بلون الورد لترتاح علي خديها الناعمين وتمنح الدنيا سنين من الأضواء..كانت خفيفة كالفراشة..وكانت حالمة كالخيال ذاته..كانت (ندا)..بكل ما هو جميل ورائع فيها..كانت أروع من كل الأحلام..أقسي من كل المستحيل...... هكذا استطعنا أن نفهم لماذا كان يرتجف..لماذا كتم بكامل قوته دموع لهفته..لم يكن يصدق أن هذه الصدف الحنون يمكنها أن تحدث..شعر بنفسه يتقدم أكثر..كانت تتحرك مسرعة نحو مدخل المطعم..(ندا)..بكل جمالها..تقترب أكثر فأكثر..هكذا قرر في نفسه أمرا..لن تمنحه الحياة مزيد من الصدف..لن تخرج الحياة أحجارها الكريمة له مرتين..هذا طمع لا يمكن أن يعلق أحلامه عليه.. أما الآن وأما لا..لحظات أقل من الثواني تفصلها عن باب المطعم وتفصله أيضا عن قراره..كان قلبه يدق كأجراس الإنذار..يصرخ كي يحركه من قيد عقله المحجم عن هذه الحماقة..لا وقت للتفكير..لا وقت للتفكير..سوف تضيع منك الفرصة..سوف تضيع للأبد...... لم تكن تنظر إليه..لم يدر كيف حدث هذا...... لكنه تحرك..خطا خطوتين حتي صار أمامها بالفعل..هكذا أجفلت..صار التراجع مستحيلا..رسم وجهه من بين رجفة ملامحه أفضل ابتسامة استطاع أن يرسمها لها..لم ينظر لأحد من صديقاتها..فقط جعل هذه الابتسامة لها فقط..أخرج الفل من بين كفيه وقال: "الفل للفل يا آنسة". (ندا)..مرتبكة لدخوله العنيف..صديقاتها يسبقنها إلي المطعم بينما تمد هي كفها إلي حقيبتها لتخرج ورقة نقدية وتناولها إياه من بعيد..نظرت لكفه المتسخة من ثم قررت أن تمنحه المال وألا تتناول منه شيئا..مد يده أكثر لكنها تأففت..الصوت من بعيد ينادي: "سارة..ياله". هكذا انسحبت الفتاة من أمامه وكأنها لم تر شيئا وتحركت خلف صديقاتها..تركته يحدق في الورقة التي في يده وقلبه يرتجف..بحب..بلوعة...... كان يعلم أن الصدفة لن تمنحه المزيد..وأنه لن يراها من جديد.... لن يراها..هكذا عرف..... لن يري (ندا) من جديد........ ف المحطة شعر - طارق على هو انت ليه ديما هناك واشمعني يعني الحتة دي وليه تملي بشوف معاك جرنان قديم... ومتبته إيدك عليه مع إن فيه ناس غيري لكن.. أنا الوحيد.. اللي تملي ببصلك وبحس جوه عنيك ببرد الزكريات وانك بقيت م الانتظار مش فاكر انك جيت هنا علشان تروح ولا انت جيت علشان تودع حد راح.. وسعات بحس انك نسيت نفسك هناك ونسيت فاخر جيب جاكتة لبستها.. صك الرجوع وماخدتش الا دليل وحيد يثبت براءة زمتك من وقفتك وان انت أصلا جيت غلط مجبر علي فعل المضارع وانتحال شخصية غير شخصيتك وان العقارب كلها مشيت بعكس الاتجاه .. اتجاهلتك رغم انتماءك للحدث