رئيس جامعة سوهاج يتفقد تجهيزات الجامعة الأهلية استعدادًا لبدء الدراسة    انطلاق ماراثون امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل بالبحيرة    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    «القومي للمرأة»: استحداث اختصاص اضافي للجنة البحث العلمي    «مصر القومي»: التعديلات المقترحة على قوانين الانتخابات محطة مفصلية ضمن مسار التطوير السياسي    السيسي يؤكد أهمية تكثيف شركة "شل" لأنشطة الاستكشاف والتنمية بمناطق الامتياز التابعة لها    سعر الأرز اليوم الخميس 22 مايو 2025 في الأسواق    توجيه رئاسى بشأن البنزين المغشوش: محاسبة المتسببين واتخاذ التدابير اللازمة    «القابضة لمياه الشرب» تنفذ مشروعات بقيمة 8.5 مليار جنيه خلال 2023-2024    كامل الوزير: تأهيل ترام الرمل سيقلل زمن الرحلة من 60 دقيقة إلى 35 فقط    وزير الاستثمار يلتقي وزير الدولة الإماراتي لاستعراض تطورات المفاوضات الخاصة باتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    وزير البيئة: ربط التنوع البيولوجي بأهداف التنمية المستدامة أولوية قصوى    استشهاد 23 فلسطينيا بنيران الاحتلال في غزة منذ فجر اليوم    رئيس اتحاد المحامين العرب يُدين جرائم الاحتلال في غزة وجنين    وزير الخارجية: يجب وقف إطلاق النار بغزة فورا ونفاذ المساعدات الإنسانية    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات    موعد مباراة الأهلي وفاركو في الدوري والقناة الناقلة    موعد مباراة الأهلي ومنتدى درب سلطان في نصف نهائي البطولة الأفريقية لكرة اليد    سون هيونج مين يقود توتنهام لتحقيق لقب الدوري الأوروبي ويصف نفسه ب"أسطورة ليوم واحد"    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن صفقة "زيزو".. ومواجهة ودية للفريق    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    مواعيد مباريات الخميس 22 مايو 2025.. نصف نهائي كأس الكؤوس لليد وصراع الهبوط بالسعودية    «سيدات يد الأهلي» يواجهن الجمعية الرياضية التونسي بكأس الكؤوس الإفريقية لليد|    ميدو: لاعبون في الدوري المصري يتقاضون أكثر من 14 لاعبا بنابولي.. وعرضنا التجديد للسعيد    قرار جديد بشأن تشكيل عصابي تخصص في تزوير العملات بالقاهرة    قرارت النيابة في مقتل سيدة على يد زوجها عقب وصلة تعذيب وحشية بأوسيم    «غزال» و«أبو نسب».. القبض على شخصين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    انطلاق أعمال تصحيح الشهادة الإعدادية الأزهرية بمنطقة الأقصر    اكتشافات أثرية جديدة في العساسيف بالأقصر    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الأزهر للفتوى يوضح أحكام أداء المرأة للحج    المستشفيات الجامعية تنظم الاحتفالية السنوية لنظافة الأيدي    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    طب بني سويف تنظم أول مؤتمر علمي طلابي    طريقة عمل البسبوسة، مرملة وطرية ومذاقها لا يقاوم    تعدى على الملكية الفكرية.. سقوط مدير مطبعة غير مرخصة في السلام    ارتكبوا 4 جرائم مشابهة.. القبض على لصوص المساكن في الحي الراقي    مؤيد لفلسطين وتبرع لحملة بايدن.. من هو مطلق النار على موظفي سفارة إسرائيل ب واشنطن؟    حيش الاحتلال ينذر سكان 14 حيا في شمال غزة بالإخلاء تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية    كريم محمود عبدالعزيز: دخلت في إكتئاب.. ووحيد حامد أنقذني باتصال واحد    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    معاريف: إطلاق النار بواشنطن ثاني فشل ل الموساد خلال عام    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    ارتفاع سعر الريال السعودى مقابل الجنيه وسط تعاملات اليوم الخميس 22-5-2025    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    عامل ينهي حياة زوجته ب«عصا خشبية» بسبب خلافات أسرية بسوهاج    وزير الصحة يُهنئ رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة» لحصوله على جائزة الطبيب العربي ل2025    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    وزارتا الشباب و «التربية والتعليم» تبحثان تطوير استراتيجية عمل المدارس الرياضية الدولية    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    "صحانا عشان الامتحانات".. زلزال يشعر به سكان البحيرة ويُصيبهم بالذعر    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بأرخص الأسعار.. ماجستير ودكتوراه في "بين السرايات"
نشر في بص وطل يوم 11 - 04 - 2010

بين السرايات.. حيث مكتبات تصوير الأوراق منتشرة بكل شارع وحارة بها، بل وداخل كل شقة سكنية استغل أصحابها قربهم من جامعة القاهرة وكلياتها ليُحققوا أرباحاً طائلة من تجارتهم خاصة مع اقتراب موسم الامتحانات.
من الخارج يبدو ما يحدث هناك ظاهرة شرعية وقانونية دون أن يشك أي شخص في أن آلات التصوير مجرد ديكور فقط يخفي وراءه "مافيا" أصحاب مراكز الدروس الخصوصية، بل والأدهى أن هذه المنطقة أصبحت سوق خلفية لبيع الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه أيضاً، علاوة على بيع المحاضرات وملخصات الكتب الجامعية وغير ذلك.
العِلم يُباع الآن في المحلات
أصبحت المنطقة تُشكّل "جامعة موازية" بعد أن استطاعت أن تجذب العديد من الطلاب الباحثين عن "وهم" النجاح السريع، وتحوّل "العِلم" عند أصحاب مكتباتها إلى مجرد سلعة تُباع وتُشترى، وكأنها "علبة سجائر".
ولذلك فالمنافسة بينهم صعبة، وهم وحدهم يمتلكون أسرار مهنتهم التي لا يكشفون عنها حتى لا تنكشف ألاعيبهم الخفية.
قررت اختراق العالَم الخفي لتجارة "العِلم" في هذه المنطقة، ولم يكن الأمر سهلاً بالمرة؛ فكل صاحب مكتبة يُعلن أنه لا يعمل سوى في تصوير الأوراق أو في كتابة أبحاث الطلبة على أجهزة الكمبيوتر، ولا شيء غير ذلك..
ولذلك لم أجد وسيلة سوى أن أعلن أنني أخ لأحد الطلاب والذي يدرس في كلية التجارة، وأريد شراء بحث مطلوب منه.

وكر للدروس الخصوصية وتلخيص الكتب الجامعية
في قلب المغامرة

ذهبت إلى أكثر من صاحب مكتبة حتى قابلت أحد الشباب داخل حارة ضيّقة بالمنطقة، وبادرني قائلاً إنه يستطيع أن يدلني على مكان لشراء الرسالة، ثم اصطحبني معه إلى شقة ضيّقة بأحد منازل المنطقة.
لأجد نفسي داخل شقة حوّلها صاحبها ويُدعَى "محمود" إلى وكر للدروس الخصوصية وتلخيص الكتب الجامعية لبيعها للطلاب، وبعد أن عرّفته بنفسي أكد أن طلبي موجود لديه، وأنه يُقدّم أفضل الأسعار بالمنطقة كلها، وأن العاملين معه هم من المعيدين أو من الطلاب المتفوّقين الذين لهم خبرة طويلة في إعداد الأبحاث والرسائل.
حاولت أن أكتسب ثقته، وأكدت له استعدادي لدفع أي مبلغ يطلبه، المهم هو إنجاز البحث في أقل وقت، وأخبرني أن هناك طالباً يعمل معه من كلية التجارة، وهو من المتفوّقين، وبمقدوره القيام بإعداد البحث المطلوب على أكمل وجه، وحدد لنا الأسعار شاملة كتابة البحث على الكمبيوتر.
فمثلاً البحث الذي يتجاوز عدد أوراقه 20 ورقة يصل سعره إلى 1500 جنيه، ويتضاعف السعر كلما زاد عدد الورق، وعندما اعترضت على السعر أكد لنا أن الطالب الذي يعمل معه في إعداد مثل هذه الأبحاث يحصل منه على نصف المبلغ، بالإضافة إلى أجر مَن يقوم بالتصحيح والكتابة على الكمبيوتر.
وهنا قدّم لي عرضاً آخر بوجود أبحاث جاهزة متعلّقة بموضوع البحث الذي أطلبه -وهو متعلّق بالبورصة كما زعمت- وسعر البحث ألف جنيه فقط، منوّهاً إلى أن هذه الأبحاث حصل أصحابها على أعلى الدرجات، وأن كل ما سأفعله هو إدخال بعض التعديلات عليه وتحديثه منعاً للتكرار، لكنني رفضت هذا العرض وقَبِلت بشراء بحث جديد.
أوضح لي أن موعد تسليم البحث سيكون خلال خمسة أيام، وطلب الحصول على نصف المبلغ مقدّماً والنصف الآخر عند الاستلام.

يا بلاش.. الدكتوراه ب18 ألف جنيه بس
وهنا أخذ الرجل يَعرض عليّ خدمات أخرى، وأكد لي أن بإمكانه مساعدتي أو مساعدة معارفي في إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، ووعدني بتقديم تخفيضات خاصة، مشيراً إلى أن سعر رسالة الماجستير 10 آلاف جنيه، والدكتوراه 18 ألف جنيه فقط.
ثم كشف لي أن هناك 15 منفذاً فقط بالمنطقة يعملون في مجال بيع الأبحاث والرسائل، وكل منفذ له فريق عمل من طلاب كل كلية الذين يحصلون على أجر مجزٍ يساعدهم على تحمّل نفقات الدراسة، وأن معظمهم من الطلاب الوافدين من الأقاليم والذين يكونون في حاجة إلى المال.
ويشترط في الطلاب المتعاملين معه أن يكونوا حريصين على حضور كافة المحاضرات، ولهم علاقة طيبة بأساتذة الكلية والعاملين بها، ومعروفين لدى الطلاب، كما يشترط عليهم عدم العمل في مكتبتين في نفس الوقت.

أغلب الزبائن من الطلاب الوافدين من دول الخليج
طلاب الخليج الأكثر إقبالاً
وأشار إلى أن زبائنه كثيرون سواء من جامعة القاهرة أو الجامعات الحكومية الأخرى وحتى طلاب الجامعات الخاصة أو المنتسبين بالتعليم المفتوح، ولكن الأغلب يكون مِن الطلاب الوافدين خاصة من دول الخليج.
تركت "محمود" بحجة إعطائي مُهلة للتفكير في عرضه، وعدم توفّر المبلغ المطلوب كمقدّم للبحث في الوقت الحالي، وخرجت إلى أحد شوارع "بين السرايات" ليلتقطني شاب في العشرين من عمره مِن الذين يتولّون توجيه الزبائن لمثل هذه المراكز.
وقابلني بصاحب مكتبة يُدعَى "شريف" الذي أشار إلى دقة الأبحاث والدراسات التي يتم إعدادها عنده والتي يقوم بها متخصصون وطلاب متفوّقون، وعرض عليّ العديد من نماذج أعمالهم من كليات الإعلام والتجارة والحقوق ودار العلوم والاقتصاد والعلوم السياسية وغيرها.

المحاضرة الواحدة التي يُلقيها المعيدون سعرها يصل إلى 50 ج
السعر موحّد.. ولا يُمكن تخفيضه
وفي محاولة منه لجذبي للتعامل معه، أكد لي أنه في حالة رفض البحث أو الرسوب فيه يمكنني استرداد نصف المبلغ الذي دفعته.
كانت الأسعار التي عرضها عليّ مثل بقية أسعار المكتبات التي تعمل في نفس المجال، وأوضح أن هناك اتفاقات ضمنية بين أصحاب المكتبات على تحديد الأسعار ولا يمكن لأحد مخالفتها.
أمام المركز التقيت مع أحد طلاب كلية الإعلام والذي يعمل بالمركز ويُدعَى "علاء"، قال إنه يعمل في مجال إعداد الأبحاث بأحد المراكز منذ التحاقه بالجامعة قبل ثلاث سنوات لتوفير نفقات دراسته، خاصة أنه من أسرة فقيرة من إحدى قرى الصعيد، وأشار إلى أن هذا العمل يضمن له الاستمرار في الدراسة، وأنه يتعامل مع المركز حسب الطلب؛ حيث يتصل به صاحبه في حالة وجود زبون يريد شراء بحث أو دراسة معينة متعلّقة بمجال دراستي.
واصطحبني "علاء" معه حيث كان متجهاً إلى أحد الطلاب من الوافدين العرب والذي يدرس بإحدى الجامعات الخاصة، وحضر إلى المركز لشراء بحث مطلوب منه، وهذا يتطلب أن يجلس معه حتى يفهم نوع البحث المطلوب ليقوم بإعداده بشكل جيّد.
وعندما جلست مع الطالب -الزبون- عرفت أنه يَمَني الجنسية، ويريد شراء بحث يتكلم عن "الصحافة الإلكترونية"، ثم دفع 800 جنيه كمقدّم، واتفق أن يدفع مثلهم عند الاستلام خلال سبعة أيام.
ملخصات ورق.. وعلى "CD" كل ما يريده الزبون
لم يقتصر الأمر على بيع الأبحاث والدراسات فقط، ولكن تنتشر بشكل كبير مكتبات بيع الملخصات والمحاضرات التي يقوم بإعدادها طلاب متفوقين، كما تنتشر أيضاً مراكز الدروس الخصوصية التي تلقى إقبالاً واسعاً من طلاب جامعة القاهرة والجامعات الأخرى أيضاً.
ورصدت الأمر متقمّصاً دور طالب جامعي، لأكتشف أن هناك أسطوانات "CD" للمراجعات النهائية تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 جنيهاً للواحدة، أما المحاضرات الورقية فسعر الواحدة ما بين 6 إلى 10 جنيهات.
وفي مراكز الدروس الخصوصية وجدت أن المحاضرة الواحدة التي يُلقيها المعيدون أو الخِريجون العاديون فسعرها يصل إلى 50 جنيهاً، وتشهد هذه المراكز زحاماً شديداً خاصة في الأوقات التي تسبق الامتحانات.
ويقوم المعيد الذي يُقدّم المحاضرة بالتركيز على بعض الأجزاء من المنهج فقط حسب توقعاته وتخميناته والتي يؤكد أن الامتحان لن يخرج منها.
تركت المنطقة وتركت بها مئات من الطلاب ليسوا باحثين عن "عِلم حقيقي"، ولكنهم يبحثون عن "عِلم وهمي" أو "تيك أواي"، لتتخرّج أجيال خَربة العقول والفكر اعتادوا على الاستسهال في دراستهم، ولكن الأخطر أن هذا المرض سوف يحملونه معهم في حياتهم العملية والأسرية ليبثوه في عقول أبنائهم وبالتبعية يصل إلى أحفادهم، والنتيجة تكون مزيداً من التخلّف والانحدار العلمي والاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.