مشكلتي أني أحببت ابن عمتي منذ كنت صغيرة جداً، وعشنا أجمل أيام عمرنا مع بعض، وتقدم لخطبتي ووافقت، لحد ما بقى يقدر على نفقات الجواز من شقة وشغل، واستمرت خطبتنا لمدة 4 سنوات. وبعد كل هذه المدة، وقبل فرحنا بشهر؛ أخذ يفتعل المشاكل، وتغيّر تغيّراً غريباً من إهانة وسوء معاملة، لحد ما قال إني لا أريدك، وتم الانفصال. والآن مر خمسة شهور؛ ولكني ما زلت أعيش في الماضي، لست قادرة على النسيان والبدء من جديد وما عنديش ثقة في أحد. ماذا أفعل كي أنساه وأبدأ من جديد؟ وهل الإنسان يقدر يخدع طول عمره؟ أرجوكم جاوبوني. شمس بلا نور صديقتنا العزيزة: ما يمدّنا بالأمل هو أن الشمس دائماً تأتي بالنور والضياء والدفء كل يوم, ولا أحد ينكر أن التجربة التي مررت بها قاسية لأبعد حد, ومن حقك أن تتألمي وتبكي وتفقدي الثقة في الحب والناس؛ ولكن كل هذا يجب أن يأخذ وقته وينتهي؛ فالله قد أنعم على الإنسان بنعمة النسيان, وعليك أن تشجّعي نفسك وتساعدي نفسك على النسيان. وأعلم بالطبع أنه أمر صعب -بل ويكاد يكون مستحيلاً بينما لا يوجد أسهل من الكلام- ولكن عليك أن تحاولي؛ وإلا ستقضين بقية حياتك في حزن ودموع, وأدركي أن لله حكمة فيما فعل؛ فقد كان من الممكن أن يتم الزواج ثم تفاجئين بسوء معاملته وإهانته فتُطلقين منه. وقد يكون لله حكمة أخرى لا نعلمها؛ فادعِ الله أن يعلّمك هذه الحكمة، ولو لم تدركيها؛ فادعيه أن يصبّرك؛ فنحن نسير على حسب اختيار الله, واختيار الله لنا كله خير؛ حتى لو بدا ظاهره شراً, وسأذكّرك بقصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر، والتي ذكرت في سورة الكهف, والتي ورد فيها أن الله أخبر سيدنا موسى أن يذهب لعبد من عباده الصالحين -الذين آتاهم الله العلم- ليتعلم منه، بعد أن ظن سيدنا موسى أنه أعلم أهل الأرض؛ فذهب سيدنا موسى للخضر الذي علّمه الله الغيب؛ فركب معه سيدنا موسى في سفينة فقراء لا يملكون غيرها، فخرقها الخضر؛ فتعجّب سيدنا موسى من هذا، وغضب منه لأنه آذى الفقراء, ثم جاء على طفل صغير يلعب فقتله؛ ففزع سيدنا موسى من قتله للصبي, وفي الثالثة ذهبوا لقرية بخلاء وكانوا في منتهى الجوع فرفض أهل القرية أن يطعموهما؛ فقام الخضر وبنى جدار منزل كان سينهار؛ فغضب سيدنا موسى من تصرفاته التي لا يجد لها أي تفسير بالمنطق؛ فكيف يساعد من رفضوا مساعدتهم، ويؤذي من ساعدوه؟ وحينها أخبره الخضر بحكمة الله تعالى في ما حدث؛ فالسفينة كانت لفقراء وكان مَلِكُهُم يأخذ كل سفينة بالقوة؛ فخرقها حتى يراها جنود الملك تالفة وغارقة فيتركونها للفقراء فيعشون منها. وتخيّلي لو كانت السفينة سليمة؛ وقتها كان الفقراء سيرفضون إعطاءها لجنود الملك، وكان سيُقتل منهم الكثير وتترمل نساؤهم ويُيتم أطفالهم ويموتون جوعاً. ثم نأتي لقصة قتله للصبي, ونحن سنقول كما قال سيدنا موسى: ما الذي فعله هذا الطفل البريء حتى يُقتل؟ وأي ضرر يمكن أن يسبّبه هذا الطفل وحيد أبويه؟ فقال له: إنه كان سيصبح جباراً وظالماً عندما يكبر؛ فرحم الله والديه والناس منه ورزق والديه بمن هو أحنّ وأرحم بهما, وكذلك الجدار الذي بناه في قرية البخلاء؛ وهذا لأنه كان يساعد طفلين يتيمين ويحفظ لهما كنزاً دفنه أبوهما الصالح حتى يكبرا ويستخرجاه ولا يسرقه أهل القرية. طلب منا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقرأ سورة الكهف كل جمعة، وهذا حتى نتذكر قصة سيدنا موسى والخضر, وننتبه إلى أن لله حكمة فيما يفعل لا ندركها نحن, ولهذا فيجب أن نستسلم لقدر الله ونرضى حتى يعوّضنا بخير؛ فالجئي إلى الله ليخفف عنك وسيعوضك الله بخير بإذنه تعالى. وربنا يرزقك بالزوج الطيب الصالح أنت وكل البنات يا رب.