كشفت دراسة أعدها خبراء في التخطيط العمراني وأعضاء بالمجلس الأعلي للتخطيط والتنمية العمرانية، عن مخاطر إنشاء المدينة المليونية بشرق بورسعيد في الموقع الحالي الذي اقترحته الحكومة وصدر به قرار جمهوري خلال العام الجاري، وذلك بسبب عدم صلاحية الموقع من ناحية التربة والبيئة والطبيعة ولزيادة التكلفة الاقتصادية ثلاثة أضعاف عن الطبيعي. وحصلت "صوت البلد" علي نص الدراسة التي أعدها 3 خبراء متخصصين في التخطيط والتنمية العمرانية، وقدموها إلي وزارة الإسكان، لتعديل موقع المدينة المليونية بشرق التفريعة ببورسعيد، قبل 9 أشهر تقريبا، وتحديداً في 12 فبراير الماضي وذلك قبل صدور القرار الجمهوري رقم 222 لسنة 2010 بتخصيص 25 فدانًا لإنشاء المدينة المليونية. وأكدت المذكرة الفنية التي أعدها د. طارق وفيق أستاذ التخطيط البيئي والعمراني بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلي للتخطيط والتنمية العمرانية، ود. سامي الزيني استشاري تخطيط عمراني وتنمية لعدد من الهيئات والوزارات الحكومية، ود. عبد المحسن برادة أستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة وعميد كلية التخطيط الإقليمي والعمراني سابقا وعضو المجلس الأعلي للتخطيط والتنمية العمرانية، أن المؤشرات الأولية والتي تستدعي مزيدا من الدراسة التفصيلية تشير إلي أن الموقع المقترح لإنشاء المدينة المليونية بشرق بورسعيد لا يصلح للتوطين؛ بسبب نحر البحر واحتمالات غمر المنطقة بمياه البحر نتيجة للاحتباس الحراري، ونوعية التربة الرطبة، وزيادة التكلفة الاقتصادية عند البناء وتنفيذ أعمال البنية الأساسية، إضافة إلي إهدار الثروات الطبيعية بالمنطقة من رمال سوداء وملاحات وأسماك. ونوه الخبراء في الدراسة إلي أن 80% من الأرض التي اقترحت الحكومة ووزارة الإسكان إنشاء المدينة المليونية بشرق بورسعيد عليها غير صالحة، مشيرين إلي أن الجزء الصالح من الموقع والأقل تعرضا لمخاطر اجتياح البحر المحتمل والمخاطر البيئية المختلفة لا يزيد علي 20 فقط من المساحة الكلية للموقع "6 آلاف فدان بالجزء الشرقي من الموقع شمال شرق قرية بالوظة". واعتبر الخبراء أن الموقع المقترح لإنشاء المدينة المليونية بشرق بورسعيد غير مناسب، لأسباب متنوعة، علي رأسها عدم صلاحية الموقع من النواحي البيئية الطبيعية، حيث يشغل الموقع جزءاً كبيراً من بحيرة الملاحة البالغ مسطحها 2200 فدان، والبحيرة الساحلية بمساحة 2000 فدان تقريبا، وتشكلان معا 10% من مساحة موقع المدينة المقترحة، ويتراوح منسوب قاع البحيرة بين 1.2 متر تحت سطح البحر، ومن ثم فإن تجفيف البحيرة واستخدام الأرض في البناء يشكل بديلا ذا جدوي اقتصادية منخفضة باعتبار تكاليف التجفيف ومعالجة مشاكل التربة لاحقا. وأكد الخبراء أن خط الشاطئ في منطقة موقع المدينة يتسم بعدم الثبات حيث يتآكل للداخل نتيجة "نحر البحر" بمعدل 52 متراً سنويا "بين بوغاز القلعة وبوغاز الكيلو 2 بطول 51 كيلو متراً تقريبا" وتمثل تلك المسافة نصف واجهة المدينة المقترحة علي البحر، وهو ما يصاحبه تزايد معدلات الإطماء في اتجاه الشرق، وهو يتطلب الحماية والتدعيم بمنشآت وأعمال هندسية مكلفة، فضلا عن تكلفة الصيانة الدورية الدائمة، متوقعين أن تولد هذه المنشآت والأعمال الهندسية تأثيرات بيئية بعيدة المدي بالنسبة لمعدلات النحر وديناميكيات تغير خط الشاطئ في شمال سيناء وبورسعيد بصفة عامة. وكشف الخبراء عن وجود مخاطر كبيرة تتمثل في إمكانية اجتياح البحر للمدينة، وأوضحوا أن أغلب مساحة الموقع المقترح تحت منسوب مياه البحر أو علي منسوب مع بعض المناطق المحدودة علي منسوب "1 متر" وفي أثناء النوات والعواصف المصاحبة يتم غمر جزء كبير من المنطقة بالمياه. وتوقع الخبراء مع ازدياد الاحتباس الحراري العالمي وما سيصحبه من تغيرات مناخية واحتمالات ارتفاع منسوب مياه البحر ولو بقدر بسيط في المستقبل القريب، أن تزيد معدلات غمر المنطقة بمياه البحر، موضحين أن ذلك سيفرض في المستقبل حلولاً هندسية باهظة التكاليف ومستنزفة للاقتصاد القومي، لحماية المدينة من الغرق. وكشف الخبراء أن إنشاء المدينة سيمثل إهدارا للموارد الاقتصادية المتاحة بموقع المدينة المقترح، حيث تحتوي منطقة ساحل شمال سيناء من غرب البردويل إلي ميناء شرق بورسعيد بطول 53 كيلو متراً، علي كميات كبيرة من الرمال السوداء التي تحتوي علي معادن نادرة. وحذر الخبراء من أن موقع المدينة المليونية يقع علي منطقة ملاحة بورفؤاد المنتج لأفضل أنواع الملح في مصر، وهي مملوكة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية ومؤجرة لشركة المكس للملاحات بمساحة إجمالية قدرها 7 آلاف فدان، وتنتج الملاحتان بورفؤاد والمكس 2.7 مليون طن سنويا، يصدر منها حوالي مليون طن بما يعادل 58% من صادرات الملح المصرية.