ضبط شخص يوزع مبالغ مالية لشراء أصوات الناخبين بسوهاج    ارتفاع مفاجئ في سعر الذهب.. عيار 24 يسجل 6943 جنيها للجرام    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    فتح المطارات للاستثمار |شراكة تشغيلية مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة    الصومال يطالب إسرائيل بسحب اعترافها ب"أرض الصومال"    فرنسا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا    موعد مباراة الزمالك وبلدية المحلة في كأس مصر    النصر يحطم أرقام دوري روشن بانطلاقة تاريخية بعد ثلاثية الأخدود    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة بقيام أخرى بتوزيع سلع لدعم مرشح في الانتخابات    يسرا ناعية داوود عبد السيد.. «هفضل فكراك بضحكتك وحكاياتك»    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    رجال السياسة والفن والإعلام يحضرون العرض الخاص لفيلم الملحد    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على «إعلام وراثة» | رمضان 2026    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    عظمة على عظمة    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    "القصير" يتفقد غرفة العمليات المركزية للجبهة الوطنية لمتابعة جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا حلاوتك.. يا جمالك!
نشر في صوت البلد يوم 17 - 12 - 2015

لا يمكن أن يمرَّ الجمال من أمامنا مرور الكرام. لا يمكن أن يمر دون أن نبالي، لا بد له أن يحرك فينا شعوراً ما. كما يقول المتخصص في علم الجمال روجر سكروتون هو يتكلم إلينا مباشرة بصوت كما لو أنه "صوت صديق حميم". ولكن نحن من يختار من يتحدث إلينا، ذلك أن الجمال يعود لذائقتنا نحن لا لمرجع عقلاني محدد. نحن نتمايل طرباً للجمال أياً كان شكله. منظر طبيعي، أو لوحة جميلة. لحن موسيقي جميل، أو فتاة جميلة الملامح. جميعها تستوقفنا فنذكر مبدعها بانبهار: الله! ما سأركز عليه في حديثي هنا عن الجمال هو نوع الجمال الذي يستوقفني كثيراً.. الجمال البشري. ما تأثيره علينا؟ كيف نرى الجمال في البشر وكيف نتعاطى معه؟
يعرّف إيمانويل كانت، الفيلسوف الألماني، الجمال بأنه ذاك الذي يُسعد مباشرة ومن دون أي مفاهيم. فالجمال من وجهة نظر "كانت" لا يرتبط بمنفعة مادية أو غائية، قيمته بشعور الرضا الذي يولده فينا بالتالي هو غير مرتبط بمنطق محدد إنما بمشاعر ذاتية. في الجهة المقابلة، وهو ما يبدو لي متناقضاً، يرى "كانت" بإمكانية وحدوية الذوق في حال النظر بتجرد تام، والذي أراه مستحيل الحصول. حكم الفرد الجمالي هو حكم يعتمد على الذائقة الشخصية والتي تؤثر عليها عوامل مختلفة كتجربة معينة مثلاً أو اهتمام شخصي وبناءً عليه تختلف الذائقة الجمالية من شخص لآخر.
ولكن حين أنتقل لقول بيير بورديو، عالم الأنثروبولجي الفرنسي، حول أصل الحكم الجمالي، أرى ما يرمي له "كانت" أو كما أزعم. الحكم الجمالي هو نتاج مجتمعي ثقافي نتيجة لعلاقة الفرد بمجتمعه. فالمحيط المجتمعي له دور فاعل في تشكيل ذوق أفراده. ومن هنا أيضاً يقول بورديو بمرجعية اللذة الحسية عند إصدار الفرد حكماً جمالياً. ويرى بأن من لا يحمل "ثقافة عالية" -ولن أدخل هنا في معمة تعريف الثقافة- لن يتمكن من إصدار أحكام جمالية سامية.
سأسمح لنفسي بأخذ المرأة بالتحديد كمثال جيد على نظرية بورديو. ساهمت الموروثات بشكل كبير في تشكيل صورة المرأة في المجتمع. حكاوي الرجال بينهم فيما يخصها ولغوهم حول جسدها وأطباعها وقيمتها وما يجب أن تكون عليه، جميعها كونت صورة نمطية مختزلة للمرأة تواترتها أجيال لتتحول إلى ثقافة مجتمع وقناعة ترسخت في أذهان الرجال والنساء على حد سواء دون أن تخضع لنقد أو رفض. قد يبدو تشبيه الذوات الإنسانية بأشياء، مأكولات كانت أو سيارات أو حتى أحجار كريمة، مثالاً مبالغاً فيه عند الكثيرين. ولكنه في الواقع مثال حقيقي لمنطق استهلاكي حوَّل الكيان الإنساني إلى شيء وهو أيضاً جزء من ثقافة مجتمعية متقبلة.
هل أحتاج أن أتحدث عن إصرار الإعلام الدائم على إفساد الجمال؟ سلب كامل لإنسانية الإنسان. يتم حصر الإنسان في جسد برضا الإنسان ذاته. فيظهر جسد خالٍ من العقل، متجرد تماماً من أي قيمة سوى أنه "كائن" يخضع للشهوة فقط. هذا التلميح الفاحش لا يترك لنا مجالاً لغير الاشمئزاز. فقد أفسد الإعلام الجمال بمعايير فاحشة خسفت بروح الإنسان.
وعلى نفس الصعيد، أُستفز من الحكم الجمالي الذي قد تطلقه سيدة على أخرى (أخص بقولي"سيدة" لأنه يفترض بها أن تكون أكثر الناس هروباً من منطق الاختزال). بحيث تختزل كياناً كاملاً بعقل وروح وتركيبة نفسية وأخلاقية كاملة في عينين وشفتين وذقن. فمن غير المستهجن مثلاً أن تُبدي النساء تذمرهن عند رؤية رجل جميل بناءً على المقاييس المتعارف عليها مع امرأة أقل حظاً جمالياً، بناءً على نفس المقاييس، ليظهر سؤال المليون دولار على الساحة "أيش شاف فيها؟". قد يبدو هذا لغزاً صعب الحل بالنسبة لمن لم تلُح لهم حقيقة أن جمال من تحب جمال متجدد! جمال لا ينتهي ولا ينضب. كلما أمعنت النظر إليه بانت لك منه جوانب جديدة! هنا يكون الجانب الراقي من الرغبة. رغبة نبيلة هدفها الروح تتعالى عن كل ارتباط حسي. وهذا ما أدركه أفلاطون عندما قسم أشكال اللذة أو الرغبة إلى شكلين: شكل هدفه الجسد وشكل أرقى هدفه الروح. وهو سر الجمال في تقاسيم وجه لم تعد شابة لرفيق العمر.
***
لطالما كانت ثلاثية الجمال والخير والحق اعتباطية بالنسبة لي. أفلوطين جعل القيم الثلاث رموزاً للألوهية. واللاهوتي توما الأكويني قال بتطابق الجمال والخير. وجاء سكروتون ليقول بأن الفلسفة التي تضع الجمال في المستوى الميتافيزيقي ذاته مع الحق (في إشارة إلى فلسفة الأكويني وأفلوطين حول الجمال) ستواجه صعوبة قصوى. لا شك بأن هذه الفلسفة ستواجه صعوبة قصوى إن كانت تتكلم عن الجمال بشكله الحسي. أما عندما تتكلم عن الجمال الحقيقي بوصفه قيمة وجودية بعيدة كل البعد عن كل ما يتعلق باللذة الحسية فهي هنا في مكانها الصحيح مع كل من قيمتي الخير والحق.
بإمكاني أن أنتهي إلى ما انتهى إليه سقراط حول ماهية الجمال "كل ما هو جميل هو صعب". لكني في الواقع لا أرى حاجة لتصديق هذه النهاية. فحين تسألني ما هو الجمال؟ سأقول لك ببساطة: هو روح تتحدث إليك، وحقيقة تلامسك، وفكر لا يعطيك خيار التجاهل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.