لكن رفض الحكومة لبعض التوصيات.. وتعليق البعض الآخر والموافقة علي عدد من التوصيات المكررة والمتشابهة أثار نوعا من الشعور السلبي داخل كل الأوساط الحقوقية التي كانت في انتظار وفاء الحكومة المصرية بتعدادها نحو حالة حقوق الإنسان في مصر أن تشهد حالة حرية الرأي والتعبير وغيرها من القضايا انفراجة حقوقية ومساحة اوسع من هامش الحريات خاصة أن المواطن البسيط كان يأمل من الحكومة الإفراج عن مصر والإفراج عن حرية التعبير وكفالة حق الرد بل الإفراج عن باقي معتقلي الرأي وأصحاب الكلمة والإفراج عن الصحافة وحريتها. كما دعا عدد كبير من الحقوقيين والنشطاء ومجموعة من المنظمات الدولية والحكومية مصر ضمن آلية المراجعة إلي وقف العمل بقانون الطوارئ المعمول به منذ 29 عاما ووقف الانتهاكات ضد المدنيين وحرية الرأي والتعبير وعدم حبس الصحفيين ووقف الانتهاكات ضد النشطاء والحقوقيين والمدونين والمدافعين عن الكلمة وعدد آخر من التوصيات الخاصة بالمرأة والطفل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكن الحكومة خالفت أحلامه البسيطة وأعلنت من جنيف أن "أي حلم في مصر مستحيل". وقالت المنظمات الحقوقية الأعضاء في الائتلاف المدني للإصلاح الديمقراطي "شارك" إن الجميع ظن أن مراجعة مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الدولي لسجل مصر الحقوقي في 17 فبراير 2010 سيكون بمثابة فرصة لمصر وحكومتها في إثبات تعهداتها نحو احترام وضعية حقوق الإنسان والالتزام بالمعايير والآليات الدولية التي أقرتها المواثيق وتنفيذ التوصيات التي من شأنها النهوض بالحركة الحقوقية والتعهد بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة. وأشارت المنظمات المؤسسة لائتلاف "شارك" وهي الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات ومركز الحق للديمقراطية وحقوق الإنسان وجميعة النهضة الريفية إلي أن مصر قبلت 119 توصية من مجموع 165 توصية ورفضت الموافقة علي عدد 21 توصية وأجلت موقفها نحو 25 توصية حتي جلسة مجلس حقوق الإنسان في يونيه 2010. وفي هذا الإطار أصدر ائتلاف شارك الحقوقي ورقة موقف حول جلسة استعراض مصر في جنيف أعربت فيها منظمات الائتلاف عن أملها في أن تحظي التوصيات التي قام الجانب المصري بقبولها بالتنفيذ وأن تكون بداية تصحيح للمسار الحقوقي في مصر وبداية علاقة جديدة بين الدولة ومنظمات حقوق الإنسان وأن تلتزم مصر بتعهداتها أمام المجتمع الدولي. وقال وليد فاروق رئيس الائتلاف المدني للإصلاح الديمقراطي إن تعليق مصر الموافقة علي تنفيذ بعض التوصيات يدعو إلي القلق ويثير الشكوك حول تنفيذ مصر لالتزاماتها خاصة أنها مثلا وافقت علي التوصية الخاصة بإلغاء القوانين التي تقضي بحبس الصحفيين لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير لكنها رفضت التوصية الخاصة بتعديل المواد 105 "مكرر" و 179 و 308 من قانون العقوبات وهي المواد التي تسخدم بكثرة لتقييد حرية التعبير وتفرض عقوبة الحبس بتهم "إشاعة معلومات كاذبة" وإهانة رئيس الجمهورية والإساءة إلي سمعة العائلات وأن ما وافقت عليه مصر من تعهدات و"بصمت" عليه باليد اليمني بصمت "باليد اليسري" علي رفض ما وافقت عليه ولكن بطريقة أخري. الأمر ذاته في موافقة مصر علي ضمان مراعاة استخدام عقوبة الإعدام للقواعد المكفولة بموجب القانون الدولي ورفضها للتوصية الخاصة بإلغاء عقوبة الإعدام أووقف العمل بها. وهو ما يؤكد عدم شفافية مصر في الالتزام بتعهداتها أمام المجتمع الدولي خاصة أن الوفد المصري الذي قام بعضر تقرير مصر أنكر العديد من الحقائق والأرقام الخاصة بعدد العتقلين وسجناء الرأي بل رفضوا الاعتراف من الأساس بوجود انتهاكات ضد الصحفيين والمدونين ونشطاء الرأي وأنكروا تماما استخدام حالة الطوارئ ضد الصحفيين والمدونين والنشطاء السياسين في مصر وقالت المنظمات كل ذلك يدعو للقلق علي مستقبل تنفيذ هذه التوصيات. وأشارت الورقة التي حملت عنوان "خدعوك فقالوا" مصر تتعهد بمراجعة شاملة لقوانينها الحقوقية إلي أن وقت إعلان مصر لتقريرها في جنيف صدر تقرير الحصاد السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الذي أكد حصول مصر علي المرتبة ال 143 من بين ال 175 دولة في مجال الحريات الإعلامية عام 2009 علي مستوي العالم بينما سبقتها عربيا عشر دول هي الكويت ولبنان والإمارات وقطر وموريتانيا وعمان والأردن والبحرين والمغرب والجزائر، وأن تقرير منظمة مراسلون بلا حدود وصف العالم العربي بأنه من أسوأ المناطق في العالم ممارسة للرقابة علي الإنترنت واعتقال المدونين والناشطين ومحاكمتهم ومصر من الدول الموجودة دائما علي قائمة أعداء الإنترنت تلك القائمة التي ضمت 12 دولة علي مستوي العالم لعام 2009 جاء منها أربع دول عربية من بينها مصر. وقالت الورقة إن النظام يتعنت في إعلان الرقم الحقيقي لعدد المحتجزين تعسفيا بموجب أوامر قانون الطوارئ الصادرة عن وزير الخارجية . وأنه قبل سفر الوفد المصري إلي جنيف لعرض التقرير أعلن رئيس مجلس الشوري المصري عن التشكيلة الجديدة للمجلس القومي لحقوق الإنسان وكانت مفاجأة من العيار الثقيل بدأت بإعلان تعيين المستشار مقبل شاكر رئيس المجلس الأعلي للقضاء ورئيس محكمة النقض السابق نائبا لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بدلا من د. أحمد أبوالمجد الذي تم استبعاده نهائيا من تشكيلة المجلس وتضمن التشكيل الجديد خروج 7 أعضاء من بينهم نائب رئيس المجلس فيما تم الإبقاء علي باقي الأعضاء. ورأت الورقة أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن هناك اتجاها قويا داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان لتعيين رجل شرطة أمينا عاما للمجلس القومي لحقوق الإنسان وأن ذلك يؤكد الصبغة الحكومية للمجلس خاصة أنه لا يجوز أن تكون القيادات التي تتولي أمر المجلس القومي لحقوق الإنسان ذات أصول وخلفيات أمنية لأن السجل الخاص بهم لا يحتاج إلي تعليق خاصة عند المواطن ورجل الشارع البسيط . الائتلاف المدني للإصلاح الديمقراطي أعلن في ورقته أن الحكومة المصرية التي تتشدق بحرية الإنترنت في مصر يقوم الجهاز الأمني فيها بطلب أصحاب ومديري مقاهي الإنترنت بالحصول علي بيانات وأرقام تليفونات والبريد الإلكتروني لمستخدمي الإنترنت من خلال استمارة لا تدل إلا علي انتهاك الحق في الخصوصية، مشيرا إلي أن التقرير السنوي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حول حرية الإنترنت خلال عام 2009 أكد أن مصر في مقدمة الدول العربية قمعا لنشطاء الإنترنت وملاحقاتهم أمنيا وأن شركات الاتصالات والإنترنت تقوم وبناء علي تعليمات وزارة الداخلية بانتهاك خصوصية المواطنين والتنصت علي مكالمات المشتركين. وأشارت صفاء علي حسن المدير التنفيذي للائتلاف المدني للإصلاح الديمقراطي إلي أن هناك العديد من القيود القانونية علي حرية التعبير في مصر يأتي في مقدمتها تكبيل حق إصدار الصحف فطبقا لقانون سلطة الصحافة رقم 96 لسنة 1996 يختص المجلس الأعلي للصحافة الذي تشكله الحكومة بسلطة إصدار التراخيص للصحف وقصر حق إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وبشروط تعجيزية ويمارس المجلس الأعلي للصحافة وصاية وإشراف علي الصحفيين والمؤسسات الصحفية بل وتقييمهم. كما يجيز قانون المطبوعات ضبط الصحيفة ومصادرتها في حالة مخالفة المواد 4،7،11،12،13،14،17،19 في حالة ارتكابها جريمة من الجرائم الوارد ذكرها في الباب الربع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات الخاص بجرائم الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحافة وغيرها، بل إ ن قانون العقوبات تضمن العديد من المواد التي تقضي أيضا بالحبس في قضايا متعلقة بحرية التعبير منها مواد الباب الرابع عشر من قانون العقوبات من 171 حتي 200. ويعطي قانون الطوارئ لرئيس الجمهورية الحق في مراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، كما أن هناك العديد من القوانين في مصر تقيد الحق في الحصول علي المعلومات ونشرها وتداولها ومن بينها : القانون رقم 121 لسنة 1975 الخاص بحظر استعمال أو نشر الوثائق الرسمية والقانون رقم 35 لسنة 1960 بشأن الإحصاء والتعداد والقانون رقم 313 لسنة 1956 المعدل بالقانون 14 لسنة 1967 بحظر نشر أية أخبار عن القوات المسلحة وقانون المخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971. وتعقيبا علي تأجيل مصر التوصية بإلغاء عقوبات السجن ضد مستخدمي الإنترنت إلي جلسة مجلس حقوق الإنسان في يونيو 2010 وإعلانها عن حرية المدونيين ونشطاء الإنترنت في مصر قال شادي عبد الكريم عضو الإئتلاف المدني للإصلاح الديمقراطي إن عدد النشطاء المصريين الذين تعرضوا لمضايقات أمنية وحبس وضرب واعتقال حوالي 500 ناشط الكتروني يبن مدونين ومستخدمين لشبكة الإنترنت حتي الآن وأن مصر من أشد الدول قمعا لنشطاء الإنترنت وأكثر الدول تنصتا علي مستخدمي قطاع الاتصالات مصر.