وساعد علي تلك النظرة، أن هناك الكثير من الأعمال المسرحية، والدرامية قدمت الأقزام، كمادة للضحك والسخرية من شكلهم مما دفع معظمهم الي الانطواء حيث اعتزلوا المجتمع لحماية أجسامهم من نظرات الآخرين هذه النظرة السيئة كانت دافعا لهم لتأسيس أول جمعية في مصر والعالم العربي للاقزام، تهدف إلي تأهيل هذه الفئة وتوفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لها. رئيس جمعية قصار القامة المصرية، حسن بخيت، عبر عن معاناة الأقزام باعتبارهم فئة مطحونة في المجتمع لا يشعر أحد بوجودهم، وقال: الاقزام في مصر وصل عددهم الي 70 الف شخص، والجمعية تضم في عضويتها حتي الآن 200 شخص من قصار القامة ونحن نهدف الي تغيير هذه النظرة لكسر حاجز الخوف الرهيب الذي يصيب الاقزام من الاختلاط بأفراد المجتمع، مما يدفعهم في احيان كثيرة للاعتزال في المنزل، ورفض الخروج الي الشارع الذي يسخر منهم ويستهزئ بهم. وأضاف بخيت أن الجمعية تسعي الي ادماجهم في المجتمع بصورة ايجابية وتمنع حالات التسرب من مراحل التعليم وتكسر حالة الجمود التي يعيشونها بتنظيم لقاءات جماعية معهم ورحلات ترفيهية مجانية لتحسين حالتهم النفسية، وفي الوقت نفسه تخاطب جميع الجهات الحكومية والمؤسسات في الدولة بصورة رسمية، لايجاد حلول سريعة لمشاكلهم وتوفير فرص عمل حقيقية لهم. وأشار إلي أن الجمعية بصدد انشاء مركز طبي لرعاية الاقزام صحيا وفي مختلف التخصصات وانشاء بنك خاص للمعلومات عن قصار القامة واماكن وجودهم واصدار مجلة خاصة بهم يحررونها بأنفسهم يعبرون فيها عن مشاكلهم وأحلامهم وطموحاتهم في تقبل المجتمع لهم وهم علي هذه الصورة التي ليس لهم ذنب فيها، وتطوير ملكاتهم في استخدام الكمبيوتر لأنه المجال الوحيد الذي يناسب ظروفهم. وعن مشاكل الاقزام يقول بخيت انها تتركز في ارتفاع البطالة بينهم بنسبة 95% وعدم اعتراف الدولة بهم كمعاقين، وبالتالي حرمانهم من نسبة ال 5% التي يحظي بها المعاقون في الحصول علي فرصة عمل، ايضا استهزاء وسائل الاعلام بصورها المختلفة بهم وتقديمهم في صورة هزلية لاضحاك الجمهور، مما يعرضهم للخجل أمام أنفسهم وأولادهم. وقال رئيس جمعية قصار القامة المصرية: يعاني الاقزام من عدم التفات الدولة لمشاكلهم وعدم مراعاتها لظروفهم، اذ يتعرضون لمتاعب كثيرة اثناء التعامل مع الشارع، فالارصفة مرتفعة بشكل يعيقهم عن تسلقها. فضلا عن ارتفاع سلالم المترو ووسائل المواصلات المختلفة، مما يعرضهم لمتاعب شديدة وحرج أمام الآخرين، وقلة حيلة في الوقت نفسه، بخلاف ارتفاع معدلات العنوسة بينهم نظرا لظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. وأوضح أنه عن طريق الجمعية يسعي الاقزام لتوصيل أصواتهم الي المسئولين لرفع المعاناة عنهم بتوفير مساكن خاصة بهم لا تزيد علي الدور الأرضي أو الأول وتخصيص محال للملابس والاحذية لهم لعدم عثورهم علي ما يناسبهم منها فيلجأون الي محال ملابس الاطفال التي تلائم احجامهم، ولكنها بالتأكيد لا تناسبهم في اشكالها والوانها. ورغم ان هؤلاء الافراد غير منعزلين عنا ويعيشون بيننا فإن قلة من الناس هم الذين يقدرون معاناتهم ويشعرون بمشكلاتهم، بل ويسهمون في حلها وهو ما حدث مع محمد عبد الرحيم عندما راودته فكرة افتتاح مقهي مخصص للاقزام بحيث يكون رواده والعاملون فيه من هذه الفئة التي تعاني كثيرا بسبب عدم توافر فرص عمل، وبالفعل تم افتتاح المقهي في ابو ظبي حيث كان يعمل هناك. وعندما عاد الي مصر طبق الفكرة نفسها في مدينة نصر، وراعي في تصميمه للمقهي ان يناسب قصار القامة، حيث اعتمد علي طاولات وكراسي قصيرة حتي لا يجدوا اي مشاكل في التعامل معها. وأصبح المقهي مشهورًا، وأقبل عليه الأقزام من مناطق مختلفة، وحتي غير الأقزام كانوا يرتادونه للاستمتاع بالجلوس فيه، والخدمة المتميزة المقدمة من العاملين به، مما يؤكد أن الاندماج مع المجتمع هو الحل الأمثل لهؤلاء، بدلاً من الانزواء والانطواء بعيدًا عن الناس، وبقي علي الحكومة أن تنظر لاحتياجاتهم وتحاول تلبيتها فهم أبناء هذا الوطن ولهم حقوق كمواطنين، إضافة إلي أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.