انتقد عدد من خبراء الاقتصاد في مصر البرنامج الاقتصادي الذي وضعته المجموعة الاقتصادية لحكومة الببلاوي، من أجل تنشيط الاقتصاد المصري والنهوض به من خلال تخصيص 22.3 مليار جنيه لإقامة مشروعات استثمارية كبيرة لدعم الاقتصاد على مدى الأشهر العشرة القادمة، لزيادة معدل نمو الاقتصاد إلى 3.5 % بدلاً من 2.2 % ، عن طريق زيادة الاستثمارات المستهدفة وتوفير فرص العمل، وتحقيق العدالة الاجتماعية بتقديم الخدمات وتحديث الصناعات وتشجيع الإنتاج المحلي للمشروعات، لجذب الصناعات الأخرى . ووصف خبراء هذه الخطة ب" التقليدية "التي لا يمكنها حل أوضاع الاقتصاد المتردية، وطالبوا الحكومة بضرورة التركيز على تنشيط الاستثمارات العربية والأجنبية التي توفر المزيد من الأموال بجانب إيجاد فرص عمل تحدّ من أزمة البطالة بين الشباب، والعمل على تشجيع الاستثمارات في مصر من خلال وضع وتعديل القوانين الاقتصادية التي توفر الأمان والاستقرار للمستثمر العربي والأجنبي معاً . عمرو الألفي رئيس الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، أكد أن الخطة التي وضعتها المجموعة الاقتصادية لحكومة الببلاوي للنهوض بالاقتصاد لن تستطيع أن تحقق أهدافها في ظل الأوضاع السياسية والأمنية التي تمر بها الدولة والتي أثّرت سلباً على عدم استقرار البورصة التي تكبدت خسائر فادحة خلال الفترة الأخيرة، أدت بدورها لهروب جميع المستثمرين العرب والأجانب والمصريين أيضا للاستثمار في الخارج ؛ مما أدى لتراجع الاستثمارات الأجنبية ونقص العملات الأجنبية في السوق المصري مما يجعل من تنشيط الاقتصاد أمراً صعباً للغاية لحين توافر الأمن والاستقرار للدفع بعجلة الإنتاج وجذب الاستثمارات الخارجية. بينما أوضحت د.عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ، أن مشكلة البطالة وعجز الموازنة العامة للدولة ونقص العملات الأجنبية من أهم التحديات المتراكمة التي تواجه حكومة الببلاوي وتقف عائقاً أمام جميع محاولات النهوض بالاقتصاد خاصة بعد أن ارتفعت نسبتها في مصر بمعدلات مضاعفة لتقاعس الحكومات السابقة عن وضع حلول جذرية لتلك المشكلة من خلال إقامة المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تتضمن مشاركة العديد من القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بالأوضاع السياسية منذ ثورة 25يناير 2011 وحتى اللحظة الراهنة من إغلاق لعدد كبير من المؤسسات الصناعية الهامة في الدولة . وشددت على ضرورة استخدام الحسم والقوة في إرساء قواعد الاستقرار السياسي والأمني قبل محاولة ضخ أية أموال جديدة في السوق المصرية لتفادي الخسائر، حتى تسنح الفرص أمام الحكومة في ضخ هذه الأموال في قطاع المقاولات والإنشاءات التي تشجع على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية. وقال د.صلاح حيدر الخبير الاقتصادي : إن الحكومة الراهنة تعد من الحكومات القادرة على النهوض بالاقتصاد في أي وقت مضى بصورة أسرع من تلك التي عليها البلاد الآن من فوضى وعنف وإرهاب أدت لهروب جميع الاستثمارات خارج مصر، وهو ما تحاول الحكومة الحالية بذل المزيد من الجهد لضمان عودتها مرة أخرى ،وإن كان ذلك يتوقف على عودة الاستقرار في الشارع المصري ، للبدء في استغلال الصفحة الجديدة التي بدأت بين مصر والدول العربية أمثال السعودية والإمارات في جذب المزيد من الاستثمارات بوضع العديد من الحوافز التشجيعية على المشروعات سواء كان ذلك بالدعم المالي أو الإعفاءات الضريبية ، مع السرعة في إصدار فوانين جديدة تحفز هذه الاستثمارات، وإتاحة الأراضي الصناعية لعمل المشروعات والمصانع الكبيرة التي توفر فرص عمل للشباب كمحاولة للقضاء على أزمة البطالة . وفي سياق متصل ؛ أوضح د.حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ، أن نجاح الخطة التي وضعتها حكومة د.حازم الببلاوي لتنشيط الاقتصاد المصري وحل الأزمات المتراكمة تتطلب أولاً القضاء على جميع البؤر الإرهابية التي تمثل حجرا عثرا أمام النهوض الاقتصادي؛ لمخاوف الأجانب والعرب من الخسائر التي تهدد الاقتصاد والبورصة بين الحين والآخر لعدم حسم الأحداث التي تعيشها البلاد حاليا، لافتاً إلى أن مصر تملك المصادر التي تساعدها على إقامة مشروعات تنموية كبيرة ولكن لا تملك الاستقرار الأمني الذي يمكنها من إعادة تشغيل الأموال والمساعدات الخليجية والودائع الكبيرة في البنوك المصرية التي تشجع عجلة الاستثمار والإنتاج التي تنعكس على مستوى معيشة الفرد، وذلك من خلال وضع الخطة على أساس مجموعة من المشروعات قصيرة الأجل حتى تستطيع حكومة المرحلة الانتقالية تنفيذها سريعاً. في حين أوضح د. رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن حكومة الببلاوي لا تختلف كثيراً عن الحكومات التي سبقتها من حيث توزيع الحقائب الوزارية على غير المتخصصين لذا جاءت جميع نتائجها غير مرضية ، في ظل عدم وجود خطة واضحة تتضمن إقامة عدد من المشروعات طويلة وقصيرة الأجل لزيادة الإيرادات وضغط المصروفات والقضاء على حالة الفوضى الموجودة في الشارع المصري، لعودة الاستقرار الذي يتضمن عودة السياحة مرة أخرى وزيادة الاحتياطي النقدي والعملات الأجنبية واستقرار أسعار الصرف النهوض بالمشروعات الاستثمارية . وطالب الخبير الاقتصادي المجموعة الاقتصادية الحالية باستغلال المساعدات العربية والأجنبية في إقامة مشروعات تعيد الثقة داخل المستثمرين مرة أخرى، خاصة بعد إصدار الحكومة لمجموعة من التشريعات التي تشجع الاستثمارات في مصر . بينما يرى د. عبد الرحمن يسري أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الإسكندرية : إن التراجع الاقتصادي والفوضى الأمنية وجهان لعملة واحدة فكلما زادت حدة الاضطرابات والتوترات السياسية كلما زادت حدة الخسائر الاقتصادية بشكل عام ..موضحاً أن الأوضاع التي تمر بها مصر حالياً في ظل الانتشار الإرهابي والعودة لسيناريو الاغتيالات والتفجيرات لن تسمح بدورها عودة الاستثمارات مجددا لمصر، خاصة في ظل فرض حظر التجوال الذي تعارض مع النهوض الاقتصادي، وكذلك استمرار التظاهرات غير السلمية التي تثير مخاوف جميع المستثمرين بل وتنذر بمزيد من الخسائر الاقتصادية إضافة لعدم عودة نشاط السياحة لطبيعيته حالياً . مشيراً إلى أن عدم الاستقرار الأمني ينذر بأزمة اقتصادية جديدة في غضون ثلاثة شهور خاصة بعد تصاعد حجم المديونية المحلية والخارجية خلال الشهرين الأخيرين بعد لجوء الدولة لاستيراد المواد الغذائية من الخارج لسد احتياجات المواطنين . وطالب فتحي السباعي رئيس بنك التعمير والإسكان، بوضع قطاع التشييد والبناء على رأس أولويات النهوض بالاقتصاد في المرحلة الراهنة ومحاولة استغلال جميع الأموال التي يتم تخصيصها للدفع بعجلة الاقتصاد في هذا المجال لعدم ارتباطه بالوضع السياسي بالدرجة التي يحتاجها قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية، موضحاً أن استثمارات البناء تعد من أسرع الوسائل لإعادة تشغيل الأموال ، وتوفير العملات الأجنبية وكذلك توفير فرص العمل للشباب والخريجين من خلال إقامة عدد من المصانع الكبيرة بالدولة لاستيعاب أزمة البطالة، كما طالب المجموعة الاقتصادية بتوفير الضمانات التحفيزية للاستثمار من خلال الإعفاء الضريبي لفترات محددة للمشروعات الجديدة، وكذلك تسهيل الإجراءات التي يحتاجها المستثمر من تمويل وإصدار ترخيص المشاريع ، بجانب التوصل إلى حلول توافقية لإنهاء الأزمة السياسية وحالة الانقسام المجتمعي التي تثير مخاوف العرب من الاستثمار في مصر .