في ظل الأجواء الميدانية الساخنة التي تشهدها سوريا سواء على صعيد تقدم الجيش السوري الحر في عدد من البلدات والمناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، تمسكت إسرائيل بحقها في قصف المواقع التي يشتبه في تخزين أسلحة بها تابعة لحزب الله اللبناني أو حركة "حماس" الفلسطينية، وما زالت "تل أبيب" عند موقفها في استمرار الغارات على ريف دمشق الأمر الذي ينبئ باحتمال نشوب حرب إقليمية في المنطقة، خاصة وأن إسرائيل أصبحت تعادي ثلاث جبهات في آن واحد "سوريا وحماس وحزب الله"، يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الإسرائيلي بنشر بطارية صواريخ من المنظومة الدفاعية "القبة الحديدية" في مدينتي "حيفا وصفد" شمال إسرائيل؛ استعدادًا لأي تطورات عسكرية قد تشهدها الجبهة الشمالية بعد الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بالمسئولية عن قصف سوريا، فضلًا عن ذلك ما زال الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في الأجواء اللبنانية، وبالوقت نفسه تشهد المناطق الحدودية نشاطًا عسكريًا استعدادًا لشن المزيد من الغارات على دمشق، بالإضافة إلى ذلك ما زالت تل أبيب تحشد قواتها على "غزة" وسط تلميحات باحتمالية سقوط الهدنة الموقعة بين "حماس وإسرائيل"؛ نظرًا لعدم التزام حكومة القطاع بوقف إطلاق الصواريخ على الدولة العربية. د. عمرو الشلقاني، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية قال: إن توقعات نشوب حرب إقليمية أمر مستبعد تمامًا؛ لأن القوى الدولية لن تسمح بذلك لوجود أكثر من دولة وحليف قد تجعل المنطقة دمارًا فور إعلان دخولها الحرب، لافتًا إلى أن إسرائيل تحاول تمهيد المنطقة لأمريكا لاحتمالية تدخل عسكري في "سوريا" لإسقاط بشار الأسد، وتعمل على تفجير مواقع أسلحة "حماس وحزب الله" المخزنة في دمشق؛ حتى يفقدوا نصف قوتهم عند التدخل العسكري المباشر ضد سوريا أو في قطاع غزة، بالإضافة إلى أن مصطلح "حرب إقليمية" ما زال بعيدًا عن منطقة الشرق الأوسط؛ لأن الدول الكبرى لديها مصالح وعلاقات تريد الحفاظ عليها، وواشنطن تدرك أن موسكو لن تترك حليفها "الأسد" في مهب الريح، وإيران لن تترك "تل أبيب" تنفرد بالجيش السوري النظامي في ظل انشغاله بالحرب مع المعارضة والجيش السوري الحر، لذلك فإن التشابك العسكري بين هذه الدول ما زال بعيدًا طالما استمرت المفاوضات الدبلوماسية، مستنكرًا عدم قدرة حماس وقف إطلاق الصواريخ على الدولة العبرية، وهو ما يؤدي إلى سقوط "الهدنة"، وبالطبع ستقوم إسرائيل بشن عملية عسكرية في حال استمرار إطلاق الصواريخ عليها، وللأسف تنجح إسرائيل في كسب المجتمع الدولي باعتبار حربها ستكون دفاعًا عن مواطنيها. وأوضح د. عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الخيار العسكري أمر مطروح في حال تمسك "الأسد" في قتل شعبه أو عند استخدامه الأسلحة الكيماوية؛ نظرًا لأن الدول الحليفة مثل "روسيا والصين" سترفع أيديها عن النظام السوري أمام المجتمع الدولي، في حين ستتمسك "إيران" بالدعم المتواصل عنادًا في أمريكا وإسرائيل ليس أكثر، من هنا قد تكون الضربة الأمريكية موحدة ضد "دمشق وطهران"، وبالطبع لن يستطيعا رد الهجوم العسكري بل سيعمل كل طرف على تفعيل منظومته الدفاعية لتقليل الخسائر، موضحًا أن اتفاق الرئيسين الأمريكي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين، على عقد اجتماع ثنائي على هامش مؤتمر قمة مجموعة الثماني الذي سيعقد في يونيو المقبل بأيرلندا الشمالية سيكون بمثابة إنهاء للأزمة السورية بشكل دبلوماسي لإيجاد طريق الانتقال السياسي في سوريا بعيدًا عن التدخل العسكري، لوضع حد لأعمال العنف في أقرب وقت ممكن، بالإضافة إلى أن مناوشات "تل أبيب" في قطاع غزة تحمل بين طياتها صيفًا ساخنًا على الفلسطينيين في حال استمر القصف الصاروخي على الدولة العبرية، بعد إعطاء "أوباما" الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي بضرورة الدفاع عن بلاده بأي شكل، وهو ما يعني انهيار الهدنة بين "غزة وإسرائيل"، وعلى مصر مواجهة الأمر سريعًا حتى لا تتكرر مأساة الحصار والحرب على فلسطين مجددًا. ومن جانبه أشار د.حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن رؤية الحرب تستند على مرتكز تفعيل واستخدام النظام السوري "السلاح الكيماوي" في وجه المتظاهرين، الأمر الذي سيؤدي إلى تدخل عسكري مباشر في سوريا على طريقة "العراق" مع اختلاف الظروف والمناسبات الدولية، موضحًا أن إسرائيل تنفذ سيناريو الحرب بشكل يرضي قادة أمريكا، حيث بدأت تل أبيب بالقصف الجوي المتقطع على حدود سوريا ووصلت إلى ريف دمشق وبعض المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر، فضلًا عن ذلك يتم استهداف مخازن الأسلحة في لبنان لإيقاع خسائر في القدرات الصاروخية لأطراف المقاومة "حماس وحزب الله"، بجانب قصف أماكن يحتمل أن تكون مستودعات لأسلحة كيماوية تابعة للنظام السوري، لافتًا إلى أنه من المتوقع عزوف "الأسد" عن إعلان الحرب على إسرائيل حتى يبتعد عن الدخول في مواجهة عسكرية لن تكون في صالحه، بينما سيظل متمسكًا بأوراق اللعبة وبحلفائه "روسيا والصين" من أجل القضاء على الثورة السورية بالداخل، وسيترك "حزب الله" بالتصعيد والرد على الغارات الإسرائيلية. مؤامرة دولية في حين يؤكد د. عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن هناك مؤامرة دولية للدخول إلى سوريا وتقسيمها، حتى يصبح لأمريكا ذراع طويل في المنطقة ومنها إلى "إيران" مباشرة، والهدف من ذلك إنهاء حلفاء "موسكو" وتفكيكهم إذا لزم الأمر؛ نظرًا لأن دمشق اتجهت منذ عشرات السنوات إلى تعميق علاقتها السياسية الدولية مع المعسكر الشرقي بقيادة "روسيا" العدو التقليدي للولايات المتحدةالأمريكية والمعسكر الغربي، كما أنها على نقيض وخلاف سياسي وعسكري مع "إسرائيل" لاستمرار احتلالها "الجولان"، وهذا الخلاف تقل حدته أو ترتفع حسب الظروف الدولية، موضحًا أن واشنطن تريد حل النزاع في سوريا بطريقة دبلوماسية بعيدًا عن التدخل العسكري الذي سيخلف وراءه حربًا إقليمية متشعبة القوى؛ نظرًا لأن سوريا تحتفظ بعلاقات قوية مع كثير من دول الجوار خاصة تحالفها الإستراتيجي مع "إيران" والسياسي مع "روسيا" والاقتصادي مع "الصين"، وجميعهم أصحاب قوة نووية، وسيساعدون "الأسد" بطريقة غير مباشرة في حربه ضد الولاياتالمتحدة في حال حدث تدخل عسكري، بالإضافة إلى رغبة "أمريكا" في عدم جر "إسرائيل" في مواجهات سياسية وعسكرية صعبة وقاسية مع دول الجوار وحركات المقاومة الإسلامية. في المقابل أكد د. سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن القصف الإسرائيلي تجاه دمشق ليس حادثًا عرضيًا، ولكن أعمال الجيش الإسرائيلي داخل لبنان سوف تستمر على طول الحدود الإسرائيلية المشتركة مع سوريا ولبنان، ورغم تبرير "تل أبيب" لضرباتها العسكرية تحت ستار رصد تحركات تابعة للحرس الثوري الإيراني على الحدود السورية مع إسرائيل، يؤكد أن استهداف الجيش الإسرائيلي للأهداف داخل سوريا لن يتوقف ومن الممكن أن يستمر لأيام طويلة، وقد يتطور الهجوم إلى حرب فيما بعد في حال أطلق النظام السوري أو المقاومة صواريخ للرد على الهجوم العبري، موضحًا أن قصف الطيران الإسرائيلي للأهداف السورية جاء بعد تصريح الرئيس الأمريكي في أحقية إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد خطر الأسلحة السورية، وهو ما يدل على موافقة "أوباما" تجاه ما يحدث داخل دمشق، ولذلك قد يعلن "بشار الأسد" الحرب على إسرائيل وهو حق شرعي للدفاع عن وطنه الذي يكفله له ميثاق الأممالمتحدة، لكن بشرط أن توفر المعارضة وقوات الجيش السوري الحر بعض الضمانات للنظام السوري مثل تفعيل "هدنة" مؤقتة، للانتقال من مناخ القتال مع الجبهات السورية المنشقة إلى القتال ضد العدو الصهيوني، وقد ينجح "الأسد" في قرار إعلان الحرب على إسرائيل في تحويل دفة الحرب الأهلية والثورة السورية إلى دافع قوي لصد الهجوم الإسرائيلي، وبعدها يتم الحوار حول كيفية الانتقال السلمي للسلطة أو الحوار مع المعارضة، حتى يبعد النظام السوري الاتهامات التي تتردد من الثوار والجيش الحر حول تعاونه مع "تل أبيب" عسكريًا لإجهاض الثورة.