أثارت موافقة اللجنة التشريعية بمجلس الشورى "الغرفة الثانية" على إلغاء فقرة "حظر استخدام الشعارات الدينية" في الانتخابات البرلمانية القادمة من المادة 61 من مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية المقدم من الحكومة، جدلًا وتباينًا في الآراء بين عدد من القوى السياسية الليبرالية والإسلامية، حيث اكتفت اللجنة ب"حظر الدعاية الانتخابية القائمة على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين"، ومعاقبة من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 10 آلاف، وأوضحت اللجنة أن نص المادة بصيغتها النهائية يتوافق مع نص مواد الدستور التي تحظر إنشاء الأحزاب على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، كما يحق للمرشح أو قوائم الأحزاب وضع شعار "ديني"، ومن جانبها أكدت اللجنة أنه في حال عدم الالتزام بمشروع القانون واستخدام دعاية عنصرية تسمح بالتمييز بين المرشحين في الدين أو الجنس، فإنها ستقوم بتوقيع عقوبة على المرشحين المنتهكين بحرمانهم من الترشح للانتخابات لمدة 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم الجنائي. د. أحمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين قال: إن الحزب لن يستخدم مجددًا شعار "الإسلام هو الحل" في الانتخابات القادمة رغم صدور أحكام قضائية بأحقية استخدامه قبل ثورة 25 يناير، وأيضًا لوجود عدة أحزاب قائمة على المرجعية الإسلامية، والحزب يدرس إمكانية استخدام شعار آخر ثوري يتوافق مع الحالة الثورية التي تعيشها البلاد، موضحًا أن موافقة اللجنة التشريعية بمجلس الشورى على إلغاء فقرة "حظر استخدام الشعارات الدينية" من المادة 60 بقانون الانتخابات، يرجع إلى رغبتها في الالتزام بالنص الدستوري الذي يحظر استخدام الشعارات التي تقوم على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب "الدين أو الأصل أو الجنس"؛ لأنه لا يصح أن يظل النص القديم لأنه فضفاض ومن الممكن أن ينطبق على أي شعار انتخابي، ولذلك رأت اللجنة إنهاء حالة الجدل والتمييز الذي قد يحدث في الانتخابات القادمة. إظهار الهوية وقد وصف د. طارق الزمر رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، قرار عودة استخدام الشعارات الدينية "بالمتوازن"؛ لأنه سيعلن عن هوية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية دون غيرها من الأحزاب الليبرالية أو العلمانية أو اليسارية، وأصبح للقوى السياسية الحق في استخدام شعار يعبر عن هويتها الفكرية أو السياسية بطريقتها الخاصة بعيدًا عن التمييز والعنصرية من هوية وعقيدة الآخرين، لافتًا إلى أن القوى الإسلامية لا تطمع في أكثر من ذلك وعلى جميع القوى أن تستعد للانتخابات البرلمانية القادمة؛ لأنه وبلا شك أصبحت شعبية تيار الإسلام السياسي في انخفاض متزايد بسبب أداء الحكومة الحالية وإصرار الرئيس "محمد مرسي" على بقائها، وما يهمنا في المقام الأول بعد الانتخابات تشكيل حكومة ائتلافية للخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية ومحاولة تحقيق تطلعات الشعب التي نادى بها في ثورة الخامس والعشرين من يناير. ورحب د. محمد إبراهيم منصور، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، بموافقة اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى على إلغاء فقرة "استخدام الشعارات الدينية" من المادة 60 من قانون الانتخابات والاكتفاء بحظر الدعاية الانتخابية القائمة على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، مشيرًا إلى أن ظهور الهوية الحزبية في الانتخابات القادمة أمر ضروري لكثرة الأحزاب الإسلامية والليبرالية والتي قد تشكل خلطًا والتباسًا عند المواطنين والشعار فقط هو لإزالة هذه المغالطات العقلية لدى الناخب، بالإضافة إلى أن المواطن البسيط يعرف الحزب من الرمز الخاص به والقائمة الانتخابية من الشعار الانتخابي، كما أن الشعارات طبيعة سياسية ضرورية بعد الثورة، ولن يستطيع أحد فصل السياسة عن الدين. ازدواجية إسلامية بينما رفض نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي، عودة الشعارات الدينية من الأساس بعد الثورة؛ لأنه لا يصح استخدام جماعة الإخوان المسلمين شعار "الإسلام هو الحل" بعد أن صعدوا إلى السلطة ويمكنهم تطبيق الشريعة بقرار من الرئيس "مرسي"، كما أنهم كانوا يناضلون في عهد الرئيس السابق "حسني مبارك" بهذا الشعار واستخدامهم له مجددًا وسط حالة الاحتقان والغضب الشعبي سوف يثير اشمئزاز الناخبين، موضحًا أن قرار الشورى يفتح باب الجدل والخلافات السياسية وزيادة تعميق الاحتقان لدى الشارع ويرسخ مبدأ الازدواجية الإسلامية، متسائلًا: كيف يكون حزب الحرية والعدالة المحسوب على المرجعية الإسلامية يستخدم شعارًا إسلاميًا أو دينيًا من أجل تطبيق الشريعة؟ لا شك أنها ازدواجية في التعامل بين السلطة والشعب، خاصة وأن استخدام الشعارات الدينية بعد صعود تيار الإسلام السياسي للحكم قد يقابل بالهجوم والاستنكار من القوى الأخرى. واتفق في الرأي د. يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن السلفي، أن عودة استخدام شعارات دينية في الانتخابات سوف تتسبب في إشعال فتنة عنصرية بين أقليات المجتمع المصري وعلى رأسهم "الأقباط"، وقد يساهم القرار في زيادة الاستقطاب الديني بعيدًا عن الاستقطاب السياسي الذي يعتمد على البرامج الانتخابية وليس على ما ترفعه الأحزاب من شعارات ودعاية دينية، مؤكدًا أن جماعة الإخوان المسلمين ترغب بعد انخفاض مؤيديها في الشارع الضحك على البسطاء بأوهام تطبيق الشريعة، ولم يعد هناك سبب لتمسك الإخوان والتيار الإسلامي ببعض الشعارات الدينية بعد وصولهم للحكم، ولكن المطلوب حاليًا التفاف الشعب حول الفصيل الذي يملك رؤية لإصلاح الوضع المتدهور والمحافظة على هوية الأمة المصرية، وتقديم كفاءات سياسية واقتصادية تستطيع تحقيق برامج واقعية قابلة للتنفيذ وليس برنامجًا "وهميًا" كما ادعى الإخوان المسلمين، رافضًا رفع الأحزاب الإسلامية شعارات الدين والشريعة أو أناشيد الحماسة واستثارة النفوس باسم الدين، واستخدام دور العبادة لإقناع الناس، بل المطلوب حاليًا مخاطبة عقول الناخبين لاختيار الأصلح بالبرنامج والأهداف السياسية الواضحة. استغلال الدين في المقابل قال نبيل زكي المتحدث باسم حزب التجمع اليساري: إن قرار مجلس الشورى "الغرفة الثانية" بالموافقة على إلغاء فقرة استخدام الشعارات الدينية من قانون الانتخابات، يؤكد أن الانتخابات التي ستجرى في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين ستكون "مزورة" شعبيًا، لأنهم يهدرون مبدأ تكافؤ الفرص الشعبية مع القوى الليبرالية، ويسعون إلى استغلال الدين في الحصول على الأغلبية، لافتًا إلى أن رفع الشعارات الدينية بعد صعود تيار الإسلام السياسي لسدة الحكم أغراض انتخابية بحتة، وتكشف النوايا الحقيقية لضرب جميع قرارات اللجنة العليا للانتخابات بحظر الشعارات الدينية عرض الحائط، وفي حال إصرار اللجنة التشريعية على صدور القانون بهذا الشكل وعدم رفعه إلى المحكمة الدستورية لإبداء رأيها تجاه هذه النصوص المشبوهة، سيدفع القوى المدنية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ نظرًا لأن استخدام الدين في العملية الانتخابية يهدف إلى تضليل الناخبين وتزوير الانتخابات. ويرى د. عماد جاد نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن التعديلات التي أقرها مجلس الشورى في مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، والموافقة على عودة استخدام الشعارات الدينية تعد بمثابة "إفلاس سياسي" للنظام الإسلامي الحاكم، كما يعني عودة تيار الإسلام السياسي لوسائل ما قبل الثورة وعودة العنصرية في استخدام الشعارات الدينية من أجل دغدغة مشاعر البسطاء وإلصاق الدين بمشروعاتهم الواهية، مشيرًا إلى أن الإخوان والتيارات الدينية تحاول الانتهاء من مشروع قانون الانتخابات البرلمانية القادم بشكل سريع بوضع شروطهم الخاصة، ولكن قوى المعارضة لن تسمح بهذه "الهمجية السياسية" أو المشاركة في هذه المسرحية الانتخابية، كما أن عودة خلط الدين بالسياسة مرفوض ويعتبر إهدارًا لقيم الدين الإسلامي.