باتت مصر رأس الحربة عند الحديث عن مرض السمنة وتوابعها، على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط في نسبة إصابة النساء بالسمنة، حيث تعدت ستين بالمائة من النساء حسبما أكدت دراسة حديثة عن المعهد القومي للتغذية والسمنة؛ مما يعد مؤشرًا خطرًا يهدد النساء بالعديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة، إلى جانب العديد من المشكلات النفسية التي يتعرضن لها بسبب هذا الشبح المدمر لحياتهن، وترجع أسباب السمنة للعديد من العوامل والأساليب الحياتية التي تتبع في المجتمع الشرقي. وقال د. عبد الهادي عباس استشاري التغذية بالمعهد القومي للتغذية: إن السمنة هي مرض من أمراض سوء التغذية، فالزيادة في التغذية هي كالنقص، وقد تكون أشد خطرًا، ولها أسباب من أهمها عدم التوازن بين الوارد والصادر من الغذاء وقلة الحركة والتهيؤ البنيوي الوراثي أو العائلي، مشيرة إلى أهم الآثار المترتبة على زيادة الوزن والسمنة ومنها: ازدياد نسبة التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى والسكري، وحالات التهاب المفاصل، وإجهاد الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى نسبة حدوث المضاعفات عند التعرض للجراحة أو الحمل والولادة، بجانب أنها تعتبر معوقًا لحركة الجسم والشعور بالإجهاد والضيق في المناخ الحار وتولد السمنة بعض الآثار النفسية. ويؤكد د. عباس إلى أن المرأة تتعرض للسمنة في عدة مراحل، وهي في مرحلة المراهقة وعند الحمل والولادة، وعند انقطاع الطمث، أو قبل الدورة الشهرية؛ مما يفقد المرأة مظهرها الرشيق الأنيق ويعرضها لسخرية وتهكم المحيطين بها، بالإضافة إلى أنها تفتقر إلى الملابس المناسبة مما يكلفها من الناحية المادية، ويؤدي بها إلى حالة نفسية سيئة لافتة إلى تأثير السمنة على الجلد وما تسببه من التهاب ثنايا الجلد وتسلخها وانبعاث الروائح الكريهة منها، والعرضة للفطريات والإنتانات الجرثومية والخمائرية على حد سواء. ويرجع د. محمد أحمد عيسى، أستاذ الغدد الصماء والسكر والسمنة بكلية الطب القصر العيني جامعة القاهرة، أسباب السمنة إلى العادات الغذائية غير السليمة مع زيادة فترات الاسترخاء للمرأة العصرية، بالإضافة إلى عدم انتظام مواعيد النوم لها وغيرها من الممارسات التي تتطلب نسبة أقل من الطاقة التي تتطلبها، مشيرًا إلى دور العامل النفسي، حيث إن الحالة النفسية التي تمر بها المرأة تؤثر على العديد من سلوكياتها المختلفة بما في ذلك أسلوب التغذية، بجانب عامل الوراثة الذي يلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بالسمنة، علاوة على تناول بعض أنواع العقاقير الدوائية وحبوب منع الحمل، والتي يتداخل عملها مع بعضها البعض أو مع عمل عناصر الغذاء المختلفة وتؤدي لزيادة الوزن. ويشير د. عيسى إلى أن ضعف التوعية من أهم الأسباب الرئيسة لارتفاع نسبة الإصابة بالسمنة بين نساء مصر بجانب الأساليب العلاجية الخاطئة التي تعد أحد عوامل انتشار شبح السمنة، حيث يعتمد البعض على استخدام أدوية مرضى السكري كوسيلة لخفض الوزن واللجوء إلى العمليات الجراحية التي قد لا تتناسب مع كثير من حالات السمنة، محذرًا من تعاطي بعض عقاقير إنقاص الوزن التي قد تصيب المرأة بالاكتئاب. نظام صحي ويوضح د. طارق رضا، رئيس الجمعية المصرية للصحة العامة والتغذية العلاقة بين مرض السمنة وعمر الإنسان، فكلما كان الوزن الزائد أكبر قل متوسط عمر المرأة، مشيرًا إلى ضرورة الانتباه على توزيع الدهون في الجسم؛ لأنه بالنسبة للعمر يعتبر أهم بكثير من الوزن، فبالنسبة للسيدات الأصحاء، تمثل الدهون قرابة 25 % من وزن الجسم مع الانتباه إلى أن الجسم مهيأ لحمل كمية كافية من الأنسجة الدهنية، لإمداد الجسم بالوقود الكافي أثناء الحمل والرضاعة حتى مع قلة تناول الطعام. ويرى رضا، أن أفضل طرق إنقاص الوزن هي اختيار نظام حياة صحي يتضمن تناول غذاء صحي وممارسة الرياضة بصورة منتظمة مما يخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان، مشيرًا إلى الأسس التي وضعتها منظمة الصحة العالمية للوقاية من السمنة والتي تتضمن معرفة الوزن المناسب للطول، وتجنب استخدام الأنظمة الغذائية غير العلمية لتخفيف الوزن مع الحرص على تجنب ممارسة الرياضة قبل مرور ساعتين على تناول الوجبة الرئيسة، والإقلال من تناول الأغذية الدهنية والتي تحتوي على سكريات، وعدم استخدام الأدوية المخفضة للشهية التي تضر بالصحة وتسبب مخاطر عديدة للجسم.