وضع عدد من خبراء البنوك فى مصر خطة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد الوطنى بعنوان "لا صوت يعلو فوق صوت الإنتاج فى المرحلة الحالية".. وحدد مصرفيون وعلى رأسهم د. إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الأسبق أربعة محاور أساسية كمهمة عاجلة للحكومة الحالية لانتشال اقتصاد البلاد والعودة به إلى المسار السليم بعد أن تآكلت أدواته من نقص حاد فى السيولة وتراجع مخيف فى احتياطياتنا من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى من 36 مليار دولار إلى 22 مليار دولار ثم إلى 16 مليار والبقية تأتى، وخسائر دفترية هائلة فى رأس المال السوقى للشركات المتداولة فى البورصة المصرية وتراجع لقيمة الجنيه لأدنى مستوياته أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكى لتتجاوز قيمة الدولار الستة جنيهات لأول مرة منذ ثمانى سنوات بخلاف ارتفاع مخيف فى البطالة فى المجتمع. محافظ البنك المركزى الأسبق حدد أربعة متطلبات عاجلة أمام حكومة الإنقاذ الوطنى لإنقاذ الوطن، أبرزها سرعة مواجهة الانفلات الأمنى وعودة الهدوء والاستقرار فى البلاد فلا تنمية ولا استثمار ولا إنتاج ولا سياحة بدون استقرار أمنى، كما حدد مهاما وأهدافًا اقتصادية على الحكومة البدء بها بصورة عاجلة.. المهمة الاقتصادية الأولى مواجهة الانفلات الأمنى، فذلك هو مربط الفرس حاليًا، فهذا الأمر من شأنه عودة السياحة إلى البلاد وأيضًا البدء فى جذب الاستثمارات سواء أجنبية أو محلية فالبلاد ممتلئة بالفرص الاستثمارية العديدة ولا يعوق تنفيذها سوى عدم الاستقرار الأمنى. وربما القول: إن الحكومة من الضروري أن تقوم بالاستثمارات الضرورية التي يتردد قيام المستثمرين من القطاع الخاص فى الوقت الحالى بها سواء بزراعة ما يمكن زراعته من المحاصيل الرئيسية وأيضًا زيادة فترات العمل فنحن أحوج ما نكون إلى ذلك حاليًا وبدون شك يؤثر فى ذلك سلبًا التقاعس عن العمل وعدم التشغيل بكامل الطاقة الإنتاجية المتاحة. وهذا كله من شأنه زيادة إجمالى الناتج المحلى بما يؤدى إليه من توفير المزيد من فرص العمل لامتصاص قدر من البطالة وتقليل احتياجاتنا من الاستيراد من الخارج وزيادة صادراتنا من المنتجات المحلية الجيدة، وزيادة دخول الأفراد، وبالتالى زيادة الموارد السيادية من الضراب من هذه الدخول، ومن شأن ذلك كله تحسين مركز ميزان المدفوعات والتوقف عن استخدام جانب من الاحتياطى لمواجهة عجز ميزان المدفوعات، بل واستعادة جزء مما استخدمناه نتيجة الظروف التى مر بها الاقتصاد فى الشهور الماضية، ولا شك أن عنصر الوقت مهم جدًا وعلينا أن نسابق الزمن بما فى ذلك من مصلحة تعود على البلاد وعلى المواطنين. وسوف يؤدى اتباع ما تقدم إلى استقرار الأوضاع السياسية والالتفات إلى المصالح الاقتصادية للدولة، حيث إن مصر لديها الامكانيات الكافية لذلك ولا تحتاج فى الوقت الحالى إلا لتكاتف الجهود من أجل تحقيق هذه المصالح. فمصر لديها الإمكانيات المائية والمناخية وإمكانيات الموقع الفريد والإمكانيات المعدنية والبترول ولديها البشر الذين يخلقون السوق لاستيعاب المنتجات ولا يجب أن يعلو صوت حاليًا فوق صوت الإنتاج وزيادته وتحسينه وعدالة توزيع ما ينتج عنه من دخول. جدير بالذكر أن البنوك المصرية كانت قد اتجهت لتوظيف جزء من السيولة النقدية لديها فى السوق المحلية بعد تقليص استثماراتها في الخارج بنحو 9 مليارات جنيه (1.5 مليار دولار) لتراجع العائد والفائدة عليها، إضافة لتفادي أزمة نقص السيولة التي يعانيها الاقتصاد المصري منذ أحداث ثورة 25 يناير. وكان تقرير صادر عن البنك المركزي تنقالته وسائل الاعلام مؤخراً عن تراجع قيمة الأموال المصرفية المستثمرة في الخارج بنهاية سبتمبر الماضي لتصل إلى 82.467 مليار جنيه بعد أن كانت 91.268 مليار جنيه في الشهر الذي يسبقه، في خطوة تعيد وضع تلك الاستثمارات إلى ما كانت عليه إبان الأزمة المالية العالمية في 2008. فكيف تواجه مصر أزمة السيولة؟ دون شك أن البنك المركزى يعرف جيدًا مسئوليته لتحقيق التوازن المالى فى الدولة، ومن أهم عناصر هذا التوازن توفير السيولة الكافية لإحداثه ولزيادة الإنتاج فيه، وهو من أهم الأهداف الاقتصادية، كما أن الإسراع فى دوران عجلة النمو يزيد من معدل الدوران فى السيولة، وبالتالى يزيد من العوامل المؤثرة فى توفير الموارد اللازمة لنمو الإنتاج بما بمعنى أنه كلما زاد الإنتاج يؤدى إلى زيادة الدخول، وبالتالى زيادة الانفاق ومن ثم زيادة القوة الشرائية فى السوق، وبالتالى استمرار الدوران للمعدل الذى يحدث التنمية المطلوبة. الأولويتان الثانية والثالثة لدفع عجلة الاقتصاد المصرى زيادة الإنتاج وزيادة عدد ساعات العمل، بمعنى أننا نحتاج فى الوقت الحالى إلى أن يزيد العمال ساعات عملهم ساعة إضافية بدون مطالبة بمقابل نقدى اكتفاء بالأثر الإيجابى الذى سينجم عنها لصالح جميع أبناء الوطن. ثانيًا: البحث عن إمكانية زيادة الرقعة الزراعية الصالحة لذلك واستزراع السلع الغذائية الضرورية كالقمح بما يقلل من استيراده. ثالثًا: الكف عن التوقف عن العمل سواء بالمظاهرات أو الإعداد لهذه المظاهرات مع الاستمرار بالمطالبة بما يعتقد المتظاهرون أنه حق لهم ولكن يجب أن يتم ذلك بالأداة السلمية وفى الوقت المناسب وعلى الجهات السيادية الاهتمام بهذه المطالب وتحقيق المطالب العادلة منها. زيادة الإنتاج وتحسينه من شأنه معالجة جميع الأوضاع الاقتصادية التى نعانى منها حاليًا ويعيد وضعنا على مسار التقدم الطبيعى سواء فى زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبى أو عودة الثقة فى البورصة المصرية بزيادة أرباح الشركات المتداولة بها وغيرها.